تقرير أميركي يكشف عمق العلاقات والمصالح بين مليشيا الحوثي مع المصالح الروسية والصينية
اجتماع برئاسة العليمي يناقش إجراءات الحكومة للتعاطي مع قرار تصنيف الحوثيين ''منظمة إرهابية'' والتخفيف من آثاره المحتملة
بعيدا عن تل أبيب.. البيت الأبيض يقود محادثات مباشرة مع حركة حماس
حيث الانسان يصل أقاصي جبال ووديان حضرموت.. مدرسة بلقيس حلم الاباء وأمنية الأبناء يصبح واقعا ملموسا.. تفاصيل
تفاصيل لقاء الرئيس رشاد العليمي مع الرئيس المصري واهم ملفات اللقاء
وزارة الخارجية تناقش مع السفير الأمريكي دخول قرار تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية حيز التنفيذ
لغم حوثي يودي بحياة 4 مدنيين بينهم طفل في الحديدة
مئات الإنتهاكات الحوثية في صنعاء خلال العام الماضي.. تقرير
ترحيب يمني بقرار الخزانة الأمريكية معاقبة عدد من قادة الحوثيين أبرزهم المشاط وعبدالسلام ومحمد علي
رفض أمريكي للإجماع العربي حول غزة وخطة مصر بشأن إعادة إعمارها
تنتهي الحروب، يُدفن القتلى، ويُداوَى المصابون، وتُشيّد البيوت من جديد، ويعود الغائبون، لكن يبقى هناك ما لا يعود، وإن عاد فسيكون بعد جهدٍ مضنٍ وطول
إنها تلك النفوس التي أرهقتها ويلات الحروب، أولئك الذين عاينوا الموت مرارًا، وماتوا آلاف المرات وهم لا يزالون بعد في سجل الأحياء.
الأطفال الذين طارت أمام أعينهم الأشلاء، وودعوا أحبتهم إلى القبور، وناموا على أزيز الطائرات بدلا من حكايات الجدات.
الثكلى التي ترمّلت وغاب عنها جدار البيت التي تتكئ عليه إذا ما ألمت بها الملمات، أو فقدت ولدها في ريعان الشباب أو نعومة الأظفار فذهبت معه بهجتها في الحياة.
الشيخ الكبير الذي كان يتهيأ لبقية باقية من حياته يقضيها في سلام وسكون قبل أن يلاقي ربه ويشيعه أبناؤه وأحفاده، فإذا به يحمل على عاتقه أثقل حِمْل في الدنيا وهو نعش فلذة الكبد.
لا يسلم من آثار تلك الحروب أولئك المهجّرون ساكنو المخيمات بعيدًا عن أرض الوطن، أصحاب المعاناة اليومية، تتعاقب عليهم الفصول تلو الفصول وهم يكابدون الجوع والبرد والقيظ والأوبئة والأمراض والعزلة عن العالم، خرجوا إلى تلك الخيام مُحمَّلين بذكريات بيوتهم ودفء الأسرة وألوان الطعام والفراش الوثير وأحاديث التفاؤل عن المستقبل، كل هذه الصور ماثلة أمامهم فتزيدهم المقارنة معاناة فوق المعاناة.
اضطراب ما بعد الصدمة، شبح يطارد الناجين من الحروب، يهدد أمنهم النفسي، ويحول بينهم وبين التعايش السوي مع الآخرين، ويكون عاملًا هدامًا لنسيج الأسرة، فتكثر حينئذ حالات الانفصال بين الأزواج، وينعدم الانسجام بين أفراد الأسرة، وكثيرًا ما يؤول الأمر بالناشئة إلى الاتجاه لتعاطي المخدرات هربًا من هذا الضغط النفسي وصوت الحرب الذي لا يزال طنينه يُعبِّئ آذانهم.
تنجم عن الحروب آثار نفسية بالغة السوء تفرض نفسها على الأطفال، منها الشعور الدائم بالخوف، والقلق والاكتئاب، وتأخر النمو العقلي والبدني والعاطفي، وصعوبة الاندماج في المجتمع، وردود الفعل العدائية، والاضطرابات السلوكية.
الصحة النفسية شيء حيوي ومُلح في ظل أزمات العصر الذي نعيشه، فكيف بالذين عاشوا أهوال الحروب، هؤلاء كيف سيعيشون بقية حياتهم إن لم يكن هناك من ينتشلهم أو يعمل على إنقاذهم من جحيم ما بعد الحرب؟
نعم إننا مطالبون بدعم إخوتنا في غزة وسوريا بالمساعدات الإنسانية من طعام وشراب ودواء، وإعادة إعمار الخراب الذي خلفته الحروب، ومساندتهم في إعادة تشييد البنى التحتية، لكننا في الوقت نفسه مطالبون بدعمهم فيما لا يقل أهمية عن كل ما سبق، مطالبون بالعمل على تأهيلهم النفسي للحياة الجديدة، ورأب ما تصدع في نفوسهم من ويلات الحروب، وإعادتهم إلى الاتزان النفسي للاندماج في مجتمعاتهم بشكل طبيعي.
ولا يخفى ما لمجال الإرشاد النفسي من دور فعال في هذا الميدان، وطرق العلاج الحديثة التي ينتهجها وعلى رأسها العلاج السلوكي المعرفي، ومن ثم فإن العمل على فتح الطريق لهذا المجال، بمثابة طوق نجاة لكل المتضررين من الحروب، للتعافي من آثار صدمات الحروب والاعتقال والتعذيب والفقد والاغتراب والتهجير.
وانطلاقا من هذا التأصيل، فإنني أدعو أهلنا الكرام في قطر، لإطلاق مبادرة لإعداد كوادر في مجال الإرشاد النفسي، للقيام بدور فعال في هذا الميدان كمسعفين نفسيين، سواء من القطريين أو من مرافقي المصابين من أهل غزة وسوريا الذين احتضنتهم قطر، ليكونوا عناصر فاعلة في التأهيل النفسي للمتضررين من الحروب.
وإنما أوجه دعوتي لأهل قطر، لما لهم من السبق في مد يد العون لأهل هذه البلاد، فما رأينا من أهل قطر قيادة وشعبا سوى سواعد الخير الممتدة، والشعور بالمسؤولية تجاه إخوانهم.
إطلاق مثل هذه المبادرة سوف يسهم في إنقاذ الآلاف من متضرري الحروب وإعادة دمجهم في الحياة مرة أخرى، فلا ينبغي أن نتركهم مجرد أجساد تمشي على الأرض بينما نفوسهم مهترئة مُحطمة، فهل يُرتجى من مثل هؤلاء أن يكونوا عناصر فاعلة منتجة مؤثرة في أوطانهم؟
أتمنى من سويداء قلبي أن تجد هذه الدعوة صدى وقبولا لدى المسؤولين في دوحة الخير قطر، وهذا هو العهد والظن بهم، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون