هاكان من سوريا يتوعد : لا يمكن التسامح مع سلب إسرائيل للأراضي السورية شابة سعودية حذرت سلطات ألمانيا من منفذ حادثة الدهس العثور على أحد الضباط اليمنيين المفقودين من أصل سته آخرين بعد خروجه من معتقلات الاسد وهو في وضع شبه منهار عاجل : قوات المقاومة المشتركة تدك مواقع المليشيات الحوثية بالمدفعية وتسقط مسياراتها جنوب اليمن مليشيا الحوثي تتجاهل جثامين ضحايا القصف الإسرائيلي بميناء الحديدة دون انتشالهم وزير الأوقاف يرأس اجتماعا لمجلس المعهد العالي للتوجيه والإرشاد وفاة القيادي البارز في الإخوان المسلمين يوسف ندا ...مهندس استعادة جزر حنيش اليمنية هل ينجح أردوغان في حل الخلاف بين السودان والإمارات.. وماهي فرص نجاح الوساطة التركية؟ أول دولة أوروبية تتخلى عن ميليشيات قسد المدعومة امريكيا وتقف في صف تركيا الجمارك في سوريا تلغي 10 قرارات أرهقت المواطنين خلال نظام الأسد.. تعرف عليها
تمثل الدولة في المجتمعات التي أخذت طريقها نحو التطور والاستقرار جهازاً سياسياً قانونياً، ينظم المجتمعات، ويضبط إيقاع صراعاتها السياسية بصورة حضارية وبأدوات قانونية، بيد أن الدولة في اليمن كانت، ومازالت، هي التي يدور حولها الصراع السياسي، وهي نفسها التي ابتلعتها سلطة الأقلية العصبوية؛ بتحالفها مع القبيلة والعسكر؛ لتتحكم في الثروة والقوة؛ ولتسيّر الشعب اليمني، وفقا لمصلحة اللوبي المسيطر على مفاصل السلطة، كما أنها سعت جاهدة؛ للحيلولة دون انتقال اليمن من الدولة العسكرية القبلية الشمولية الخاضعة لسيطرة الفرد والأسرة والمنطقة إلى دولة المواطنة والديمقراطية التعددية، دولة لكل مواطنيها اليمنيين في الشمال والجنوب.
آمال اليمنيين اليوم في الخروج من دائرة التشرذم والتمزق إلى الوحدة والشراكة ذهبت أدراج الرياح، ويعزو ذلك لاستبدال الأقلية المغتصبة للحكم الدولة بذاتها، واختزالها بجيش وأمن يخدمان مصالحها، ضاربة عرض الحائط بوظائف الدولة المتسقة مع المفهوم السياسي الحديث لها، المتعلقة بدعم أسس الاستقرار السياسي والاجتماعي، وبالحفاظ على النظام العام، ووسيلتها في ذلك ضرب التكوينات الاجتماعية والسياسية الوطنية، وإثارة الهويات اللاوطنية؛ لتستقوي بها على المشاريع السياسية للدولة الديمقراطية المنشودة.
تجلت صورة الحكم العصبوي في اليمن، منذ تولي المخلوع علي عبدالله صالح السلطة عام 1978، وحتى تحالفه مع الحوثيين، والقيام بانقلاب 21 سبتمبر/ أيلول 2014، وجر اليمن إلى أتون حربٍ أهلية وتدخل عسكري خارجي، الأمر الذي أنتج سياساتٍ معاديةً لمصالح الشعب اليمني، وواقعا استبداديا تسلطيا، جعل الدولة في حالة تنازع بين العسكر والقبيلة، وحين صعد المخلوع علي عبدالله صالح إلى سدة الحكم، كان تعليمه محدودا، ولم يكن من خريجي الكليات العسكرية، أو منتميا لقوى الحداثة من الضباط العسكريين، كالشهيد المرحوم إبراهيم محمد الحمدي، والذين أرادوا بناء دولة، قد لا تكون ديمقراطية، لكنها تستحوذ على القوة، وتحتكر استخدامها، فيما مشائخ القبائل الذين دخلوا في صراعٍ معهم، أرادوا بقاء الدولة قبلية، يستطيعون من خلالها النفاذ إليها، وتحقيق مصالحهم والحفاظ عليها.
ولأن المخلوع صالح لم يكن يمثل طموح النخبة العسكرية التي واجهت النخبة القبلية، فقد أنشأ نظاماً طبقياً حاكماً، مركبا من كبار الضباط العائليين المنتمين لمنطقة جغرافية واحدة، وكبار مشائخ القبائل المنتمين للمنطقة الجغرافية نفسها، والذين منحهم صالح وسائل القوة والنفوذ، ومن خلالهم وعبرهم، استطاع توظيف القبيلة لصالحه، كتنظيم حربي ذي مهام سياسية واقتصادية واجتماعية، في مقابل عطايا وهبات مالية وعقارية، أو وظائف وأسلحة ورتب عسكرية، كما قاد، في الوقت نفسه، عملية تفكيك وإضعاف للقبيلة التي رآها تشكل خطرا عليه، من خلال إيجاد وتفريخ مراكز نفوذ لوجاهات قبلية مغمورة، ودعمها بإمكانيات الدولة؛ لتنافس شخصياتٍ قبلية عريقة؛ بغية إخضاعها وقبائلها لهيمنته. ولذلك، حرص صالح على تغذية الحروب القبلية، ومنع الدولة من التغلغل في المجتمع القبلي، فمؤسسات الدولة، كأقسام الشرطة والمحاكم وغيرها، ليس لها وجود في حوالي 70% من المديريات الريفية، وانحصر تواصل الدولة مع أبناء القبائل القاطنين فيها والعكس بمشائخ القبائل الذين حازوا على امتيازاتٍ من النظام، فاحتل بعضهم مواقع عليا في الجهاز الإداري للدولة، وانخرط آخرين في الشأن الاقتصادي، وقدم الدعم له بإعفائه من الضرائب أو الجمارك، فأصبحوا غير محتاجين لأفراد القبيلة، وسلطتهم معتمدة على النظام وليس على القبيلة.
كشف انقلاب 21 سبتمبر 2014 أن لدى اليمنيين وحدات عسكرية منشأة من قوتهم؛ لتحمي سلطة المخلوع صالح، متخمة بالعدد والعتاد، لا بولائها للوطن، وساهمت، بشكل كبير، بحكم تركيبتها الفئوية، وعقيدة ولائها للفرد والقبيلة، في إيصال اليمن إلى مصاف الدول الفاشلة، وقضت على حلم اليمنيين في إدارة صراعهم السياسي بطرق سلمية، وفجرت صراعا دمويا، الهدف منه ليس إعادتنا إلى التشطير الذي تجاوزناه بالوحدة اليمنية، بل لحكم دويلات المناطق والقبائل والمذاهب، التي ما فتئ الحكم العصبوي الفردي يهددنا بها، بعد أن قضى على ميراث دولة الشهيد إبراهيم الحمدي الذي بدأ في وضع المداميك الأولى لدولة المواطنة المتساوية، وقضى، بعد الوحدة، على ميراث الجنوب الذي كان قد أصاب تنظيمات ما قبل الدولة بالضعف، وبنى دولة تحتكر القوة والنظام السياسي، وها هم اليمنيون اليوم يدفعون من حياتهم ثمناً باهظاً، عاقدين العزم على ألا يستقر لهم بال، ويهدأ لهم حال، حتى يستعيدوا وطنهم المنهوب، ودولتهم المسلوبة.