اللواء الصبيحي انت املنا الوحيد بعد الله
بقلم/ محمد الحذيفي
نشر منذ: 9 سنوات و 9 أشهر و 18 يوماً
الإثنين 09 مارس - آذار 2015 03:25 ص
كتبت هذا المقال فور سماعي تشكيل الحكومة وفيها اسم اللواء محمود سالم الصبيحي وزيرا للدفاع لكني تحاشيت أن اتسرع في نشره , كي لا تجبرني الايام على الندم كما ندمت على مواقف كثيرة عولت فيها على مسؤولين فأثبتت الأيام عكس ما كنا نتوقع منهم , وظليت أؤخره من يوم لآخر حتى تولدت لدي القناعة المطلقة أنه حان الوقت لنشره بعد ان نجح اللواء الصبيحي من مغادرة العاصمة صنعاء المسجونة ووصوله الى عدن عبر طريق مأرب شبوه كما تشير المعلومات الأولية.
فلم يفرح اليمنيون معظمهم بسماع تشكيل الحكومة بقدر ما فرحوا بسماعهم تعيين اللواء محمود الصبيحي وزيرا لوزارة الدفاع الذي اصبح أمل كل اليمنيين , كما انهم لم يفرحوا مثل فرحهم عند سماعهم خبر وصول اللواء الصبيحي الى عدن ونجاحه من الخروج من العاصمة المأسورة والمسجونة بيد ميليشيات الحوثي , وانا احد هؤلاء اليمنيين لم اشعر بلذة الفرح كما هو الحال بعد خروج الصبيحي الى عدن , وفي مثل هذه الأوقات الحساسة , وفي هذا الضرف الصعب والمعقد الذي انتهى فيه دور الجيش والأمن وحل محله دور المليشيات المسلحة التي تعبث بأمن الوطن واستقراره واقتصاده , وتنتهك فيه حرمات المواطنين والمنازل والوزرات والمؤسسات الحكومية , وأصبحت هي صاحبة الكلمة الفصل في الأمر والنهي في المشهد برمته.
اليوم لا مكانة فيه لأحد الكل مستهدف من قبل هذه المليشيات , السياسي والشيخ القبلي والبرلماني والناشط السياسي , أو الحقوقي والقيادي الحزبي ومقار الأحزاب والتي هي عنوان وجود الديمقراطية والمدنية , وحتى رجل الأعمال والتاجر والمستثمر كلهم مستهدفون , وكلهم ملاحقون , وهو ما أثر على المشهد اليمني بمختلف تنوعاته السياسية , والاقتصادية , والاجتماعية , والتعليمية , والثقافية , وجعل البلد يسير من سيء إلى أسوأ , والكل فيه مستهدف , كما أن الكل فيه يترقب اللحظة التي سيبعث الله فيها رجلا شجاعا رشيدا يعيد للجيش هيبته ودوره الذي فقده في حماية الناس وممتلكاتهم.
وأضن أن اقدار الله بعثتك أيها الصبيحي مرتين الأولى عندما عينت وزيرا للدفاع والثانية عندما ساعدتك على الخروج من العاصمة المحتلة والمسجونة لتكون انت الرجل الشجاع الذي سيعيد للجيش هيبته واعتباره وكرامته وتحفظ لليمن وحدته وسمعته التي حضي به على مر التأريخ , وتكون انت الرمز الحقيقي للحكمة اليمانية , فالشعب كله يهتف باسمك من اصغره إلى اكبره ومن ذكره إلى انثاه , كلهم يتحدثون باسمك وعن شجاعتك ,فوطنيتك هي من ستحفر بل وستنحت لك مكانا خاصا في قلوبهم لن ينسى على مر التأريخ.
فلن نمجدك نحن وإنما ستمجدك اعمالك وتخلدك وطنيتك , نحن خائفون ان نمدحك ونبكي على مدحنا في قادم الأيام كما فعلنا مع غيرك.
معالي اللواء محمود سالم الصبيحي وزير الدفاع في الجمهورية اليمنية بعد ثورة الشباب الشعبية السلمية , سأذكرك أو سأنقل لك هنا بعض ما كتبه الروائي اليمني الكبير مروان الغفوري عنك عند تعيينك وزيرا للدفاع , فلا تخيب املنا وامل هذا الشعب , وكن حيث يريدك هذا الشعب معه وضد الميليشيات الحوثية او غير الحوثية , ومع النظام والقانون لا سواه , وهذه المقطوعة الصغيرة للغفوري التي ذكرك فيها في احد مقالته: - " فنحن في هذه الساعات التي امتلأت مثلنا بالوجل والكدر وفقدان الشهية لكل شيء خرج مواطن يمني شاءت الأقدار أن يكون اسمه الصبيحي، ثم شاءت مرّة أخرى أن يكون وزيراً للدفاع، ثم شاءت مرّة ثالثة أن تمنحه نوراً في القلب وقوة في الكلمات وشمساً في العينين. خرج هذا النهار، وكان يضرب صدره وقبضته "لقد سئمت كل هذا" ثم اقتحم وزارة الدفاع بجنود قليلي العدد وطرد الميليشيا كلها شر طردة ملحقاً بهم كلماته القليلة التي جلبها معه من الجنوب، من الجنوب حيث يتعلم المرء على الرجولة والبسالة وطيبة القلب وحب التراب. من الجنوب حيث يمجد الأطفال التراب والرجال البحر والكهول التاريخ.
منع الحوثيون رئيس الأركان من عمله، فاستحى فخامة الرئيس عبده ربه منصور هادي، صاحب أطول اسم لرئيس وأصغر عقل لمخلوق وأعرض جبين لعبد. استحى هادي من الميليشيا وطلب من رئيس الأركان ألا يفعل شيئاً. وعندما سأله رئيس الأركان الجديد عن هذا اللاشيء الذي عليه أن يفعله قال له هادي "انتظر". لكن الصبيحي اقتحم مكتب رئيس الأركان وخلق كرسياً وأجلس صاحبه عليه وطرد الميليشيا الدينية الإرهابية للمرة الثانية وجمع جنوده وضباطه وصرخ فيهم "من هنا، ومن هذه الساعة سنستعيد كرامة الوطن".
قرأت مدونات الضباط الصغار الذين حضروا اللقاء فكانت كلماتهم تتحدث عن الكرامة التي صعدت عمودهم الفقري والنشوة التي أوقفت شعرات صدورهم وأعناقهم، فوقفوا جميعاً وأدوا له التحية العسكرية بطريقة قالوا إنهم لم يجربوها قط، ولم يسبق أن تدربوا عليها.
الصبيحي مواطن يمني شجاع عاش جدّه في هذه الأرض قبل مائة ألف عام، مثلنا ومثل أجدادنا. وهو الآن في صنعاء يجر سفينة معطلة في المحيط اسمها اليمن، ومن العار أن يترك لوحده يجرها، والرياح تضربه بوحشية ومجون، ويحيطه الخونة أجمعين من الرئيس حتى إطار سيارته.
في هذه الليلة الباردة من ليل ديسمبر النبيل، والحقير في آن أرفع لك تحية خاصة أيها السيد المبجل اللواء محمود الصبيحي، تحيّة عسكرية لم أسبق أن أديتها قط.
لا أقول لك إنهم سيخرجون معك، ليعيدوا السفينة الغارقة إلى البر، أو يجنحوا بها إلى جزيرة
لكني أعدك بما هو أقل من ذلك"- هذا كان عندما عينت وزيرا للدفاع لكني لا اعرف ما سيقوله الروائي الكبير الذي نتعلم من كلماته وحروفه بعض ما نكتب وما ندرس في الصحافة عنك اليوم بعد خروجك الى عدن.
وأنا سأقول لك ما قاله هذا الكاتب والروائي الكبير الغفوري ذات مرة أنني انا الكاتب والصحفي والمواطن البسيط محمد الحذيفي ومثلي ملايين البسطاء الكالحين الشعث الغبر الممزقة ثيابهم والتي شاءت لنا الأقدار ان نفترش الأرض ونلتحف السماء ونتدثر بالبرد القارس سنقف معك بأرواحنا بدمائنا بأموالنا بكل ما أتانا الله من قوة من اجل ان نحيا حياة كريمة مستقرة لأننا عشاق حياة ولسنا مثل عشاق الموت وثق انك لست لوحدك فأنت بصيص املنا الوحيد بعد الله سبحانه وتعالى وأنت الضوء القادم من الشرق ليمحي ظلمة الليل , فكن من عظماء التأريخ , ولا تكن كما كان سابقوك.