زمن المتناقضات.... !!!
بقلم/ دكتور/ عباس محمد العزب
نشر منذ: 10 سنوات و 3 أسابيع و 6 أيام
الثلاثاء 02 ديسمبر-كانون الأول 2014 08:46 ص
بعد سنوات من الغربة والمعاناة في تحصيل العلم عاد أكثر من 300 دكتور أكاديمي إلى وطنهم ليجدوه أشبه ما يكون بقاعة مغلقة حُجزت معظم كراسيها لذوى النفوذ وأرباب الفساد وأغلب من فيها وقوفا أو يفترشون الأرض وتعرض فيها مسرحية هزلية عن الثورات والتغيير وبناء الوطن وهي اقرب ما تكون إلى التراجيكوميديا منها إلى الواقع. عادوا ليجدوا أن اليمن السعيد قد سُرقت سعادته وأصبح يعيش في مرحلة اللا دولة وحالة الضاحك الباكي.
وبعد معاناة طويلة (قرابة سنتين) لأكثر من 300 دكتور أكاديمي في الجامعات اليمنية والمطالبين بإعادة مرتباتهم ابتدأت من أروقة إدارات الجامعات والخدمة المدنية مرورا بالمالية ظلمات ثلاث من الروتين القاتل المُطَعَم بالحكمة اليمانية والتي لا تُنجز المعاملة بتلك الإدارات حتى تَحفظ عن ظهر قلب أسماء موظفيها من صغيرهم إلى كبيرهم الذي علمهم السحر. وانتهاءً بالبنك المركزي وما أدراك ما البنك فيه ما لا عين رأت ولا أُذنٌ سمعت عن أوامر الصرف الفردية بمئات الملايين التي تجعل الولدان شيبا أو تصيب سامعها بغيبوبة يغيب فيها عن واقعنا المرير ومعظمها لدعم القضايا الفردية تحت مسميات بدل سيارات وأثاث والتي وصل بعضها إلى 250 مليون ريال بدل أثاث لأصحاب السعادة والمعالي غير المبالغ التي تصرف لتهجير شيخ قبلي فهي قضية يتم البت فيها على وجه السرعة وتأخيرها قضية لا تغتفر أما قضيتنا بل قل ضحيتنا فيها نظر وانجازها رجع بعيييد , انه مبدأ ( قتل فرد في غابة جريمة لا تُغتفر.... وقتل شعبٍ كاملٍ قضيةٌ فيها نظر).
بعد كل هذا العناء والصبر والانتظار بانفراج الحال يرد علينا صناع القرار قي البنك المركزي ( بنك البنوك) انه لا توجد سيولة لصرف مستحقاتكم ( مرتبات لسنتين ) والتي تجمدت عند مرتباتنا فقط وأصبحت صخرة صلبة تعثرت عندها مطالبنا ولكنها تتفجر أو تُفَجر منها انهارٌ من عسل مصفى ولبن غير آسن لصرف مئات الملايين تحت بنود ومسميات ما انزل الله بها من سلطان. وكأنهم من وصفهم الشاعر بقوله \" أَسدٌ عَلَيَّ وَفي الحُروبِ نَعامَةٌ ** فتخاء تجفلُ مِن صَفيرِ الصافِر.
\" لا تقل لي إن البنك قد تجاوز الخط الأحمر بسحب تلك المليارات وأصبح على خطر كبير. لكننا أيضا نحن قد تجاوزنا كل الخطوط وبكل ألوان الطيف ماديا ومعنويا . وما ذنبنا ندفع أخطاء يرتكبها غيرنا تصيب طائفة بالتخمة وأخرى بسؤ التغذية.
لم يضعوا حلا لجوهر مشكلتنا ولكنهم وضعوا البدائل( حقن مهدئة) والتي تُعتبر من وجهة نظرهم حلاً جذرياً . انه التعامل ب \"رؤيـة مـاري\" نعم ماري أنطوانيت ملكة فرنسا ..عندما عرفت أن الشعب الفرنسي جائع ومتجمهر بغضب أمام قصرها قالت ( إذا لم يجدوا الخبز فليأكلوا البسكويت) . ولم يروق لهم التعامل ب \"رؤيـة مـيركل\" المستشارة الألمانية عندما طالب القضاة في ألمانيا مساواتهم بالمعلمين ردت عليهم \" كيف أساويكم بمن علموكم ؟؟ كيف نساويكم بمن علموكم\". وكنت أتمنى أن أقول لقد تعاملوا معنا بهدي رسول البشرية نبينا محمد (ص) \"أَعْطوا الأَجِيرَ أَجْرَهُ، قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ\"
وبسبب الفساد المالي الذي وصل حتى النخاع فقد صدرت في بلدنا حزمة متكاملة للعمل بمبدأ التقشف الاقتصادي بهدف تحديد وتقنين صرف السيارات و عدد السفريات والمرافقين و....... بأسم والينا المبجّل… قرروا شنق الذي اغتال أخي لكنه كان قصيراً فمضى الجلاد يسأل…: رأسه لا يصل الحبل فماذا سوف أفعل ؟… بعد تفكير عميق أمر الوالي بشنقي بدلاً منه لأني كنت أطول ,…” . ولأننا كنا أطول في المعاناة ( قرابة سنتين) واعلم في بلد يعشق الجهل حتى الثمالة وبعد تفكير عمييييق … قرروا تطبيق مبدأ التقشف الأكاديمي ومحاولة ترحيل مستحقاتنا( مرتباتنا ) ومعها آمالنا وطموحاتنا إلى ميزانية 2015م طبقا لأوامر محافظ البنك المبجل لأننا نعيش في بلد يزدهر اقتصاديا في كل عام ولسنا على شفير جرف هار ..
ما ندري ما الذنب الذي ارتكبناه , هل لأننا تعلمنا وأصبح سلاحنا هو القلم الذي سبب لنا في هذا البلد كثيرا من الألم ولا يسمع فيه غير أصوات أسلحة من نوع أخر..هل هي سياسة إذلال الأكاديميين والمبدعين والعلماء وتهجير تلك العقول لان هذا البلد لا يحتضن سوى العجول. أو ذنبنا أننا لا نجيد خطف السواح وتفجير أنابيب النفط وضرب أسلاك الكهرباء ونصب البراميل وتشكيل الحراك و المليشيات. نعم ذنبنا أن كثير من المخاضات كانت في زمن المتناقضات.
تمخضت آمالنا فولدت....... آلاماً , تمخضت ثورتنا فولدت .... تقاسماً , تمخضت جامعاتنا فولدت ...عجزاً , تمخضت نقاباتنا فولدت ....بياناً و تمخض البنك فولد..........فلساً.
دكتور/ عباس محمد العزب
أستاذ آفات الصحة العامة المساعد