جدل بشأن عودة السوريين اللاجئين في أوروبا إلى بلادهم بعد سقوط الأسد وزير الدفاع التركي يكشف عن عروض عسكرية مغرية قدمتها أنقرة للحكومة السورية الجديدة ماذا طلب الرئيس العليمي من واشنطن خلال اجتماع عقده مع مسئول كبير في مكافحة الإرهاب؟ عاجل: قرارات واسعة لمجلس القضاء الأعلى القائد أحمد الشرع يتحدث عن ترشحه لرئاسة سوريا أميركا تطلب من عُمان طرد الحوثيين من أراضيها مؤشرات على اقتراب ساعة الخلاص واسقاط الإنقلاب في اليمن.. القوات المسلحة تعلن الجاهزية وحديث عن دعم لتحرير الحديدة تعرف على ترتيب رونالدو في قائمة أفضل 100 لاعب في العالم قرار مفاجئ يفتح أبواب التحدي في كأس الخليج تقارير حقوقية تكشف عن انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية
كثيرة هي مظاهر وأوجه التشابه في نظام الحكم الإيراني واليهودي عبر التاريخ، وقد سردناها في دراسة مفصلة فيما مضى، وهنا فقط سأعطي القارئ الكريم أهم مظهر وتقليد إيراني لنظام الحكم من بني إسرائيل، مما يؤكد ويدلل على مدى التأثير الثقافي والسياسي اليهودي في التشيع بشكل عام، وبناء هيكل نظام الحكم لدى إيران بشكل خاص.
تحدث القرآن الكريم، في سورة البقرة، عن شكل نظام الحكم وهيكلته لدى بني إسرائيل كسلالة واليهودية كتشريع، يبدو أنه مستحدث كنظام سياسي بعد موسى ولم يشرعه موسى، أو بالأصح لم يكن في عهد موسى –عليه السلام.
كان نظام الحكم هذا قبل أن تتكون دولة لليهود بعد موسى ويتكون من سلطتين؛ روحية وسياسية؛ وكانت السلطة الروحية يمثلها النبي كأعلى سلطة في نظام الحكم لبني إسرائيل، بينما كان الملك يمثل السلطة السياسية التنفيذية ومرجعه الأعلى ومرشده هو النبي؛ صاحب الكلمة الأولى في النظام، قبل تكوين الدولة.
وهناك طبقة ثالثة من هذا الهيكل وهم (الملأ) أشراف القوم؛ ومن هنا أيضاً جاء ما يسمى عندهم بالأشراف أو السادة، وما أخذه عنهم فيما بعد الشيعة الذين زادوا تأكيد هذا الأمر في نسبتهم للسلالة الهاشمية.
ثم بعد أن تكونت الدولة تم دمج هذه الهيكلة في يد رجل واحد هو النبي الملك، ثم بعد ذلك صار مُلكاً دون نبوة، وتم الاستفراد السياسي وضياع السلطة الدينية، وعاد نظام النبوة كمعارضة تدعو لإصلاح الحكم.
هذه الهيكلة سردتها وأوضحتها الآيات من (246) إلى (251) من سورة البقرة؛ تبدأ من لحظة طلب بني إسرائيل من نبي لهم (قيل هو شمويل) أن يعين لهم ملكاً يقود معركتهم العسكرية والسياسية لاستعادة أرضهم التي هجروا منها، وإقامة دولة لهم.
تقول الآيات: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكاً نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ}البقرة246، وانظروا غاية التشريع في القتال الذي سموه قتالاً في سبيل الله؛ كون إخراجهم من بيوتهم والقتال من أجل العودة هو قتال في سبيل الله تكرر مرتين في الآية كتوكيد على الفعل والتشريع والغاية.
فالنبي هو شمويل كما قال المفسرون، وربما هو مصحف ومبدل إلى العربية وفي العبرية هو (صمويل)، وبحسب اللغات السامية القديمة فهو اسم مركب من (شمو) و(يل) ولأن السين ليست في العبرية وتبدل عندهم بالشين فهو (سمو) ولأن حروف العلة تسقط في هذه اللغات فهو يفسر أنه (سام) والواو للإطلاق، وأما (يل) فهو في الأساس (إله) (إيل) كما هو معروف في اللغات السامية، مضافاً إليه الإسم الأول.
تمت الاستجابة للطلب من قبل النبي شمويل مؤيداً بوحي الله من السماء فكتب عليهم القتال، كما في الآية، ثم نكث كثير منهم وبقي القليل، والقليل هؤلاء سيتخلف منهم جزء وسيبقى الأقل من القليل، كما هو منطوق الآيات، ثم كانت الاستجابة الثانية للطلب بأن أوضح لهم نبيهم أن الله اختار عليهم ملكاً رجلاً منهم اسمه طالوت بمواصفات محددة غير تلك المواصفات التي ألفها الناس وحددها المطالبون بأنفسهم.
{وَقَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طَالُوتَ مَلِكاً قَالُوَاْ أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ وَلَمْ يُؤْتَ سَعَةً مِّنَ الْمَالِ قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}البقرة247
عادة المقاييس البشرية تأخذ قشور المال والجاه والنسب، لكن مقاييس الحقيقة والواقع ومتطلبات المعركة ومقاييس الله تكون متسقة مع بعضها البعض؛ العلم والصلاح وهنا الحالة الجسمية للرجل؛ كون المعارك القديمة كانت تتطلب قوة بدنية لخوض المعركة بها إلى جانب السياسة وحسن التدبير والشجاعة، فضلاً عن تأييده ببعض المعجزات أو المؤهلات (التابوت).
{وَقَالَ لَهُمْ نِبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَن يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِّمَّا تَرَكَ آلُ مُوسَى وَآلُ هَارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلآئِكَةُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}البقرة248
ما هو التابوت، وما هي محتوياته؟ وأين انتهى به المطاف؟ وما دلالة رمزيته في الانتصار؟
{فَلَمَّا فَصَلَ طَالُوتُ بِالْجُنُودِ قَالَ إِنَّ اللّهَ مُبْتَلِيكُم بِنَهَرٍ فَمَن شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَن لَّمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلاَّ مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُواْ مِنْهُ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ فَلَمَّا جَاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ قَالُواْ لاَ طَاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجَالُوتَ وَجُنودِهِ قَالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو اللّهِ كَم مِّن فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللّهِ وَاللّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ}البقرة249
هنا تتجلى المهارات القيادية للملك المختار، ويحدد لهم بعض الاختبارات في السمع والطاعة ليكتشف جنوده في المعركة من سيثبت ومن سيتولى، وبقي القليل من القلة، ودائماً هي القلة المؤمنة الثابتة على المبدأ والحق وهي التي يفتح الله على أيديها وتقود للنصر، شريطة الثبات في المعركة، والدافع المعنوي (الغاية والإيمان).
بعد هذه المعركة التي عدت فاصلة بين العماليق (تاريخيا) وبني إسرائيل تم تكوين وتأسيس دولة لبني إسرائيل، بعد أن كانوا عبارة عن شعب بلا دولة ما زالوا مشتتين بحكم عدم امتثالهم لأوامر نبيهم موسى بدخول الأرض المقدسة (لم توضح هذه الأرض على وجه الدقة إن كانت القدس أو غيرها) فكتب عليهم التيه لأربعين عاماً.
لقد كانوا أشبه بالتكوين القبلي والحكم الذاتي يرعى شؤونهم النبي موسى -عليه السلام- ومن ثم من أتى بعده من الأنبياء وتغيير الجيل واستبداله بدأوا بتكوين شؤونهم مجدداً، وطلبوا هذا الطلب من نبيهم بتمليك عليهم ملكاً يقودهم لبناء دولة لهم والعودة إلى أراضيهم.
{فَهَزَمُوهُم بِإِذْنِ اللّهِ وَقَتَلَ دَاوُودُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ}البقرة251
جمع المُلك والحكم والنبوة والدولة للنبي داود -عليه السلام- بعد طالوت، ثم جمع مرة أخرى للنبي الملك سليمان –عليه السلام- وكون دولة عظمى لبني إسرائيل كانت هي السائدة على العالم القديم، وليس كما يتوهمه الإخباريون أنها سادت على الأرض كلها؛ كون دولة سليمان مع عظمتها لم تعلم بدولة سبأ في جنوب الجزيرة العربية إلا بعد استطلاع الهدهد، وكذا دول أخرى.
بالعودة إلى أخذ الشيعة هذا النموذج من بني إسرائيل؛ فقد مثل الخميني للشيعة هو السلطة الدينية والروحية وله القول الفصل في تسيير الدولة وتنظيم فكرها، وهو المرجعية النهائية المقدس عندهم الذي لا يخالفونه ولا ينطق عن الهوى بالنسبة لهم.
يعتبر هو الولي الفقيه النائب عن المهدي المنتظر، المخلص للشيعة من مأزق التسلسل الإمامي الإثني عشري؛ فقد كانت الشيعة الإمامية الاثنين عشرية بالمذهب الجعفري وقعت في مأزق انقطاع تسلسل الأئمة بعد قولهم واعتقادهم أن محمد بن الحسن العسكري آخر أئمتهم الذي دخل السرداب بعمر خمس سنين ولم يخرج، وكان هذا التخريج بالقول بالتغييب في حد ذاته حلاً لهم؛ إذ لا بد لهم من إمام، ولو مات ابن العسكري سيتجاوز الرقم 12، وبالتالي القول بإمام ثالث عشر وعشرين إلى اليوم سيصل إلى الخمسين، وهذا القول سينسف معتقدهم في أئمتهم الإثني عشرية، فكان المخرج الأول القول بالتغييب، والمخرج الثاني وضعه لهم الخميني أنه الولي الفقيه النائب عن المهدي المنتظر ولذلك يعظمونه ولا يخالفون له رأي ولا توجيه.
هذا الولي الفقيه يختار له نائباً مسيراً تنفيذياً للحكم كرئيس وزراء في النظام البرلماني، ولكنه يسمى رئيس، وهذا الرئيس يتم انتخابه صورياً بالاقتراع بينما من يرشحه ويدعمه ويختاره هو الولي الفقيه صاحب الأمر والنهي والتزكية، وهو بمقام النبي في نظام بني إسرائيل، بينما يأتي الرئيس في الدرجة الثانية ودون أية صلاحيات؛ فهو يرجع للولي الفقيه في كل صغيرة وكبيرة.
من هنا أخذ الشيعة فكرهم وثقافتهم، إلى جانب كثير من الثقافات والعادات الأخرى، تشابه حد التطابق، وبين اليهود والفرس الشيعة علاقة تاريخية وطيدة، وما يجري بينهم من صراع شكلي اليوم لا تعدو عن كونها مسرحيات مكشوفة، أكدها اليوم علي خامنائي وهو يغرد في منصة إكس أن المعركة هي بين الحسينيين واليزيديين، وهو يقصد بطبيعة الحال السنة من العرب والمسلمين عموماً.