إسرائيل تكشف عن 13 قياديا حوثيا وتنشر صورهم ضمن بنك أهدافها.. والمختبئون في الجبال من مقربي عبدالملك الحوثي تحت المراقبة دبلوماسية أمريكية تتحدث عن عملية اغتيالات لقيادات جماعة الحوثي وتكشف عن نقطة ضعف إسرائيل تجاه حوثة اليمن رئيس الأركان يدشن المرحلة النهائية من اختبارات القبول للدفعة 35 بكلية الطيران والدفاع الجوي هكذا تم إحياء الذكرى السنوية ال 17 لرحيل الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر بالعاصمة صنعاء مسيرات الجيش تفتك بقوات الدعم السريع والجيش السوداني يحقق تقدما في أم درمان محمد صلاح في طليعتها.. صفقات مجانية تلوح في أفق الميركاتو الشتوي حلف قبائل حضرموت يتحدى وزارة الدفاع والسلطة المحلية ويقر التجنيد لمليشيا حضرمية خارج سلطة الدولة مصابيح خلف القضبان.... تقرير حقوقي يوثق استهداف الأكاديميين والمعلمين في اليمن الإمارات تعلن تحطم طائرة قرب سواحل رأس الخيمة ومصرع قائدها ومرافقه بينهم صحفي.. أسماء 11 يمنيًا أعلن تنظيم القاعدة الإرهـ.ابي إعدامهم
كثيرا ما يتحدث الناس وكذلك الفقهاء عما يعرف بالزواج العرفي، ويفتي جمهور الفقهاء إن سئلوا عن الزواج العرفي بأن الزواج إن توافرت فيه شروطه وأركانه فهو زواج صحيح مع وجوب توثيق العقد؛ حفاظا على حقوق الزوجة، ولأن التوثيق واجب قانوني، وأنه لا تسمع دعوى من زوجة دون أن يكون معها وثيقة الزواج، باستثناء ثبوت النسب، فيمكن للزوجة أن ترفع دعوى بثبوت النسب، ولو كان الزواج عرفيا، كما هو معمول به في عدد من الدول العربية.
تغير أعراف الناس
ووجهة نظر الفقهاء بأن هذا الزواج المستوفي للشروط والأركان قد تعارف عليه الناس، وما زال الناس يتزوجون منذ زمن دون توثيق لعقد الزواج؛ لأن المجتمع كان يقوم بالتوثيق الاجتماعي؛ فيعرف الناس أن فلانا قد تزوج فلانة، ولا يمكن له الإنكار أمام الشهود والجمهرة من الناس، فكان القاضي يحكم لها بالزوجية بناء ع
ى الشهود الذين هم ركن من أركان العقد عند رفع دعوى، ولو مات الشهود فالجيران وأهل الزوج قبل أهل الزوجة يشهدون بصحة الزواج، ووجود الأولاد ووجود حياة بين الزوجين مشتهرة يعرفها القاصي والداني وتقديمها للمجتمع على أنها زوجته في المناسبات والاحتفاليات وفي الزيارات الاجتماعية وغيرها، كل ذلك كان يقوم مقام التوثيق، لأنه كان توثيقا اجتماعيا قبل أن يكون توثيقا قانونيا.
ولكن أظن أن الزواج الذي يعرف بأنه زواج عرفي يحتاج إلى إعادة نظر، فالعرف هو ما تعارف الناس عليه في بيئتهم وزمانهم، وعرف من أحوالهم، وكل بيئة لها عرفها الخاص بها، ومن هنا فإن أعراف من قبلنا ليست أعرافا لزماننا إن خالفها عرفنا القائم اليوم، وقد يكون الشيء عرفيا في منطقة دون أخرى، ولو كان في نفس الزمان، فمازالت هناك مناطق متعددة من العالم ليس فيها توثيق لعقد الزواج ومازال العرف القديم قائما فيها، وليس هذا هو الغالب في حياة الناس مع طبيعة الدولة المدنية.
وهذا يعني أن الزواج الذي يتم دون توثيق لا يعد زواجا عرفيا؛ لأن الناس تعارفوا في زماننا وغالب البيئات أن يتقدم الرجل ليخطب فتاة من أبيها، وأن العقد يوثق ثم يشهر، أو يشهر أمام الناس في المساجد أو النوادي أو في غيرها ثم يوثق، وهذا يعني أن توثيق عقد الزواج أضحى جزءا من العرف القائم، وكل عقد خالف عرف الناس ولم يوثق فلا يمكن اعتباره من العرف؛ بل هو مخالف مخالفة صريحة لما تعارف عليه الناس.
اجتهاد واجب
والمشكلة الأساسية في هذا أن الفقهاء المعاصرين أخذوا الأحكام التي سطرها الفقهاء القدامى وأنزلوها على واقع الناس الآن، مع كونها كانت ترتبط بزمانهم وليس بزماننا، ومع أن الفقهاء القدامى والأصوليين طالبوا بمراعاة الأعراف والانتباه إلى تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان والأحوال والأشخاص، وهي الجهات الأربع المتفق على أن الفتوى تتغير بتغيرها، وعلى هذا أرى أن على الفقهاء مراجعة اعتبار أن العقد غير الموثق يعد من العقود العرفية.
ويترتب على هذا مراجعة حكم ما يقال عنه إنه "زواج عرفي"، فمن المعلوم في قواعد الفقه أن العبرة في العقود بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني، فلا يهمنا التسمية، وخاصة أن المصطلحات تتغير وتتبدل وتتلون، وتسمى الأشياء بغير أسمائها، فيعتبر في العقد أمران: توافر شروطه وأركانه، مع اعتبار مقاصده وغاياته.
ويلاحظ أن كثيرا من الفقهاء إن سئلوا عن رجل تزوج امرأة مع وجود شاهدين مع رفض الوالد أو الولي، فيجيبون بأن الزواج إن توافرت فيه الشروط والأركان فهو زواج صحيح بعيدا عن مسماه، وهذه الإجابة في ظني ليست من باب الفتوى، لأنها لا تحمل إجابة مباشرة مفهومة، بالإضافة إلى أنها توقع الناس في الحيرة، فمن المعلوم أن رضا الولي شرط من شروط صحة الزواج عند الجمهور، وإن لم يكن شرطا عند أبي حنيفة وبعض الفقهاء، فإما أن يتبنى المفتي مذهب الأحناف ويحكم بصحة الزواج، أو يتبنى مذهب الجمهور ويفتي ببطلانه.
صور وأحكام
على أن ما يعرف بـ"الزواج العرفي" له صور متعددة لا يمكن أن نعطيها كلها حكما واحدا، وهذه الصور هي:
الحالة الأولى:
وصورتها أن يتوافر في الزواج الإيجاب والقبول والمهر والشهود والإشهار والولي مع عدم التوثيق، فهذه الحالة يصح فيها الزواج، لتوافر الشروط والأركان، ولأن هذه الشروط تدل على مقصود الزواج، وذلك من خلال الأعراف الاجتماعية من ذهاب الرجل إلى والد الفتاة وطلبه يدها للزواج وموافقة الأهل، وانتشار ذلك في المحيط الاجتماعي وإجراء العقد ولو شفهيا، فكل ما أحاط بالعقد مع توافر شروطه وأركانه لا يسع الفقيه إلا أن يفتي بحل العقد ديانة، مع اعتبار وجوب التوثيق، وإن لم يؤثر في صحة العقد.
الحالة الثانية:
وصورتها أن يتوافر في العقد الأركان والشروط كلها عدا موافقة الولي بنوع من التعسف مع توثيق العقد، يعني أن الرجل يطلب الفتاة من والدها لكنه يرفض، ويسعى بإدخال بعض أهلها ومعارفها لإقناع الوالد بالموافقة لكنه يرفض تعنتا، ومع هذا يتم الزواج ويوثق، وأرى أن هذه الحالة تجوز إن وجدت موافقة من العائلة، وأن يقوم أحد الأقارب بالولاية، فيكون العقد قد توافرت فيه شروطه وأركانه، ووجد الولي وإن لم يكن الوالد، بشرط أن تجاهله إنما هو نتيجة لتعسفه، لأن ولاية الوالد على ابنته مشروطة بالمصلحة لا بإضرارها، وأن الزواج حق للفتاة دون أبيها، وهذا ما عليه بعض قوانين الأحوال الشخصية في بعض الدول العربية، وهو أقرب إلى مقاصد الشريعة وقواعدها العامة.
الحالة الثالثة:
وصورتها أن يتوافر في هذه الحالة كل ما توافر في الحالة السابقة، مع تعسف الولي وعدم التوثيق، فيصح العقد إن كان هناك مبرر لعدم التوثيق مع الإثم على الزوجة في عدم التوثيق لما يترتب عليه من ضرر على الزوجة.
الحالة الرابعة:
وصورتها أن يتوافر في العقد الإيجاب والقبول والمهر مع وجود شاهدين، مع كون الأمر سرا، وكتابة ورقة عند محام أو فيما بينهما، ومثل هذا يمكن تسميته بـ"الزواج السري"، وأرى أن مثل هذا النوع يحرم ولا يجوز، لعدم توافر الولي والإشهار، ولأن الغالب هنا عدم توافر مقاصد الزواج، وإنما هو تسكين للضمير، وانفلات من تبعات الزواج.
الحالة الخامسة:
وصورتها أن يكون الزواج بين رجل وامرأة سرا، دون كتابة لورقة، أو كتابة ورقة فيما بينهما، وهو بلا شك حرام شرعا، وهو يدخل ضمن "الزواج السري"، كالذي يحدث بين الطلاب والطالبات في الجامعة، أو محاولة تحليل العلاقة المحرمة بشيء يسكن وخز الضمير.
هذا بخلاف بعض أنواع الزواج الأخرى التي ليس مجال الحديث عنها هنا، عما يعرف بالزواج العرفي أو السري.
وخلاصة القول أن اعتبار الأعراف هام في إعادة تعريف ما يعرف بـ"الزواج العرفي"، وأنه ليس له حكم واحد، فهو يختلف باختلاف أحواله، كما أنه من الأفضل أن تكون هناك تسميات متنوعة لكل حالة، فهناك "الزواج غير الموثق"، وهو ما توافرت فيه الشروط والأركان، لكن بلا توثيق قانوني، و"الزواج الموثق بلا ولي"، و"الزواج بلا ولي أو توثيق"، و"الزواج السري" بنوعيه.
كما أنه من المهم إبراز نتائج الدراسات الاجتماعية في دوافع هذا الزواج، وأن يقوم فريق عمل بطرح حلول لها، مبنيا على مراعاة الأحكام الشرعية، مصطحبا الأعراف والواقع، مدركا لمقاصد التشريع من الزواج، حتى يفرق بين الزواج الذي تقف أمامه العوائق، وبين البحث عن صورة يسكن بها الضمير، وتستحل بها الحرمات باسم الدين.
* عضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، ومستشار للنطاقات الاجتماعية بشبكة إسلام أون لاين.نت،
يمكنك التواصل معه عبر البريد الإلكتروني الخاص بالصفحة: adam@iolteam.com .