ضبط إيقاعات الجريمة
بقلم/ إبراهيم مجاهد
نشر منذ: 13 سنة و 11 شهراً
الإثنين 24 يناير-كانون الثاني 2011 04:46 م
  العثور على جثث "3" أشخاص بمنطقة الحبيلين في أقل من أسبوع تم قتلهم بالهوية.. مقتل وجرح عدد من الأشخاص إثر مواجهات قبلية مسلحة باليمن.. استشهاد عدد من الجنود على أيدي مسلحين في اليمن وفرار المنفذين إلى منطقة مجهولة.. اختطاف سيارة وشاحنة كانتا في طريقهما إلى صنعاء قادمتين من عدن والمنفذون يحتمون في منطقة جبلية.. اختطاف مجموعة من أبناء يافع على خلفية مقتل أحد أبناء ذمار.. وفاة شاب إثر تعرضه للحرق داخل سجن بأحد أقسام الشرطة بالأمانة.. العثور على فتاة في حالة غيبوبة جوار فندق بالعاصمة وعليها آثار تعذيب، ويبدو أنها تعرضت للاغتصاب وتم رميها من أحد طوابق الفندق..

قتل.. تقطع.. نهب.. إصابة.. اختطاف.. استشهاد جنود أثناء مرافقتهم لسجناء.. المنفذون يحررون السجناء ويلوذون بالفرار وأمن تعز يبحث عن الجناة الفارين.

هذه الوقائع والجرائم باتت تمثل لنا نحن كيمنيين مشهداً يومياً لزاماً علينا أن نسمعه ونشاهد جثث وأشلاء ضحاياه، حتى صرنا مع كثرة حدوث مثل هكذا جرائم نكتفي برصدها على صدر صحفنا وسجلات وبلاغات الجهات الأمنية، دونما أن تتحرك مشاعرنا وأحاسيسنا، وإن تحركت.. تحركت في الإتجاه الخاطئ.. أجهزتنا الأمنية التي يبدو أنها الفت التدوين وشيئاً قليلاً من المتابعة- حتى لا يقال أنني من الحاقدين- يبدو أنها تتعمد تسجيل غالبية تلك القضايا ضد أشباح ومجهولين، ليس عجزاً منها فحسب وإنما لكي تشعرنا نحن اليمنيين إلى أي حد أصبحت أرواحنا رخيصة وأجسادنا عرضة للانتهاك أو القتل، وإن بناتنا عرضة لما تعرض له جسد "ابتسام" الطاهر العفيف على أيدي وحوش بشرية بتواطؤ مندوب البحث الجنائي في أحد فنادق العاصمة قبل بضعة أسابيع..

يا الله ما هذا الواقع المخيف الذي يتلبس حياتنا اليومية.. يا الله إلى أي حد أصبحت أرواحنا رخيصة لدى أجهزتنا الأمنية.. أتدرون لماذا أصبحنا هكذا؟، لا نساوي حتى قيمة طلقة رصاصة، أو تكليف عقد مؤتمر صحفي يخرج علينا فيه وزير داخليتنا المبجل بتفسير لهذا الفلتان الأمني المريع، أو يحدثنا عن عدد مدراء الأمن والقيادات الأمنية التي تم إقالتهم وإعفائهم من مناصبهم نتيجة هذا الفلتان الأمني -الذي وصل إلى حد لا يمكن تصديقه؟.

 قطعاً لن يخرج علينا وزير الداخلية بهكذا معلومات، فإن حالة الإنفلات الأمني تستوجب ليس تغيير مدراء الأمن في معظم المديريات والمحافظات فحسب.. سيما تلك التي تنتشر فيها الأشباح المنفذة لتلك الجرائم ، وإنما تتطلب شجاعة من وزير الداخلية يعلن خلالها فشل الوزارة حتى في ضبط إيقاع الجريمة -المتزايد بشكل مخيف للمنظمات الدولية والحقوقية التي لا زالت تعتبرنا بشراً –وليس في ضبط الأمن، أو حتى توزيع الجرائم على المحافظات بالتساوي، ويخرج علينا كبشر سوي يعلن استقالته، علّ ذلك يسهم في تعيين شخصية تدرك معنى الحفاظ على الأمن والاستقرار وتسهم في إعادة ولو شيء من الأمان والاستقرار الذي نفتقده ،مثله كمثل أشياء ضرورية جعلتها حكومتنا الرشيدة بالنسبة لنا كمواطنين يمنيين أضغاث أحلام صعبة المنال..

طبعاً لا إقالة مدراء ولا استقالة وزير ستتم.. ليس لأن الوزير غير شجاع –حاشى وكلا- وإنما لشيء بسيط وتافه لا يستحق كتابته في هذه الأسطر، السبب هو أننا كيمنيين لم نعد نساوي شيئاً بالنسبة لهذه السلطة، حتى صوت انتخابي فثمة أشباح آخرون سيتم استخدامهم أيضاً للتصويت.. بقبولنا لهذا الواقع الموحش والجرائمي وتسييد قانون الغاب فينا وعلينا، تقبلنا التعايش مع واقع ملبد ومليء بالجريمة ومتلبس بمشاهد يومياتنا الحياتية.. بطريقة أجبرتنا على نسيان أننا بشر أو حتى حيوانات تتألم وتحس كالإنسان.

لكن لو أننا أدركنا أن الله خلقنا بشر لما تقبلنا هكذا حياة.. لهبينا إلى الشارع هبة رجل واحد –،دونما حاجة لدعوة المعارضة- ولا نعود إلى منازلنا إلا وقد نجحنا في إسقاط الحكومة بجميع تراكيبها وليس وزير الداخلية فحسب.