آخر الاخبار
تعز ... بين تفاؤل ينتهي وبصيص أمل مستمر
بقلم/ محمد الحذيفي
نشر منذ: 14 سنة و شهرين و 4 أيام
الإثنين 18 أكتوبر-تشرين الأول 2010 04:49 م

كان الناس في محافظة تعز متفائلين جدا بقدوم محافظ من أبناء محافظتهم يعرف همومهم ومشاكلهم ويتلمس معنا تهم ويعرف هذه المحافظة الحالمة بطبيعتها وتضاريسها وناسها وباحتياجاتها , وأنها أحوج ما تكون إلى شخص يعوضها على حرمانها المستمر في كافة المشاريع المختلفة التي حرمت منها والتي تجعلها محافظة نموذجية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى سواء في الجانب السكني , أوالجانب السياحي , أوالجانب الصحي , أوالجانب الخدمي والتعليمي ؛ محافظة نموذجية في المؤسسات الرسمية المختلفة نموذجية في التعامل الإداري النظيف والذي لن يأتي إلا بتعيين الأشخاص الأكفاء نظيفي السمعة نظيفي اليد .

أما من كانت سمعتهم في الحضيض ومن ضاقت بهم المحافظة ذرعا وأصبحت أبصار الناس شاخصة إلى من يخلصهم من أمثال هؤلاء فلن يجلبوا للمحافظة سوى التخلف والدمار , ولن يزرعوا في قلوب الناس غير الحقد والكراهية لكن شيئا من ذلك لم يحدث بل الذي حدث هو العكس .

 كل ما هو سيئ تطور وكل ما هو جميل تدهور لم يكن الناس يسمعون عن ظاهرة نهب الأراضي إلا نادرا لكنها اليوم أصبحت ظاهرة منتشرة بل ومنظمة وكثيرا ما يتداول الناس حكايات أشبه بأفلام هوليود , أو عصابات المافيا حتى لا تكاد تصدق أنك في محافظة اشتهرت بهدوء طبيعة سكانها ومسالمتهم للآخرين .

فالزائر لهذه المحافظة من غير أبنائها لن يصدق أنه في تعز المدينة التي يسمع عنها أنها مدينة مسالمة مدينة الثقافة والمثقفين , ومركز الإشعاع العلمي , والثقافي , والفني , والفكري في اليمن , وأنها مدينة سياحية بامتياز وخاصة إذا نزل بأحد أحياء أطراف المدينة وحل الليل وبدء يسمع أزيز الرصاص ودوي القنابل سيُخيل إليه أنه في أحد ضواحي كابول , أو احد ضواحي قندهار , أو أن قوات التحالف الدولي قد انتقلت من العراق إلى هذه المحافظة التي فقدت هدوءها ومسالمتها .

وكذلك لن يصدق هذا الزار أوالسائح أنه في المدينة التي تعتبر قلعة المدن الصناعية اليمنية عندما يراها بهذا التخلف ويشاهدها بهذا الركود , ولم يجد ما يميزها عن غيرها من المدن اليمنية الأخرى لا في المنتجعات السياحية , ولا في المخططات العمرانية , ولا في الشوارع المستحدثة لتوسعة المدينة , وكأنه لا يراد لنا المقارنة بها في أمانة العاصمة مثلا , أو حتى في مدينة عدن , ولا في المناظر الخلابة , والأصل أن تكون مزهرية من مزهريات المدن في العالم

وسيصاب باليأس والإحباط أكثر إذا نزل في أحد فنادق المدينة التي تسمى سياحية وبامتياز , والتي قد تكون لوكندات النوم للبسطاء في المدن الأخرى والصغير ة أفضل من هذه الفنادق نظافة وترتيبا ومنظرا .

وما ذا سيكون موقف هذا الزائر وهذا السائح إذا أراد التجوال في شوارع المدينة ومر على الشوارع المرصوفة والتي لم يمض على رصفها في أغلب الأحوال العام الواحد أو حتى العامين , وقد انخلع الرصف فعن أي عمل إداري سيتحدث وعن أي مواصفات في عمل المشاريع والمناقصات سيتكلم وعن أي تطور حضاري وتنموي سيدون في مشاهداته اليومية ومن سيصدق أن شارع وادي القاضي الذي لم يمض على إعادة إصلاحه سوى بضعة أشهر قد بدء بالتآكل .

أما إذا أراد هذا الزائر وهذا السائح زيارة المؤسسات الثقافية والصحفية في مدينة تعج بالمثقفين , والصحفيين , والأدباء , والمفكرين , ويطلق عليها مدينة الثقافة , ولم يجد سوى مؤسسة السعيد للعلوم والثقافة , أو مؤسسة صحيفة الجمهورية لا غير وخاصة إذا كان من متابعي الحراك الثقافي , والصحفي لأبناء هذه المدينة على واجهات الصحف وعناوين المقالات , وكذلك المناكفات الصحفية بين أبناء هذه المحافظة على صفحات الصحف اليومية , والأسبوعية , والإلكترونية وفي بيانات المكاتب الإعلامية للجهات الرسمية , وخاصة إذا كان يعرف عن محافظ محافظة تعز بأنه أديب , وشاعر , ومثقف ويشاهد صوره تتصدر المواقع الإخبارية والصحفية في المناسبات الثقافية , والوطنية , أو حتى الخلافات الشخصية , والسياسية وغيرها بحكم موقعه الأول على رأس هذه المحافظة ولم يجد هذا الزائر أو السائح سوى مؤسستين فقط إحداهما ثقافية , والأخرى صحفية ولا غير ذلك شيئا فماعساه أن يقول وما عساه أن يردد سوى (( ظلمتها يا حمود )) بدلا من (( شرعبتها يا حمود)) إذ لا عيب في الشرعبة إذا كانت ممن يحملون المؤهلات العلمية العالية , ويتميزون بالكفاءة العالية , وبمقدورهم تقديم ما هو جديد في كل الجوانب المختلفة لما فيه خدمة الناس وخدمة الوطن حيث سيتبادر إلى ذهن هذا الزائر قبل ولوجه هذه المحافظة أنه سيدخل مدينة أفلاطون الفاضلة للعلوم والثقافة وإذا به يجد غير ذلك .

ونحن هنا لسنا مع أو ضد هذا المحافظ أو ذاك المسئول بقدر ما نحن مع الحقيقة وتحييد المكاتب الإعلامية للجهات الرسمية , والوسائل الصحفية الرسمية والتي تمول من أموال هذا الشعب المسكين , ومن الخزينة العامة للدولة , ونربأ بها بأن تزج بنفسها بخلافات لا تخدم مهنيتها ولا حياديتها , وتقف مع طرف ضد آخر خلافا للقوانين المنظمة لها واللوائح المسيرة لها , وهذا لا يخدم الجهات الرسمية المختلفة , ولا حتى المؤتمر الشعبي العام والتي كل من يقف على رأس هذه الجهات الرسمية يمثله أو ينتمي إليه وهو الذي من أدبياته الوسطية , والاعتدال , والتسامح , وتقبل النقد , وإفساح المجال للرأي والرأي الآخر .

وإنه لحري بأي مسئول أن لا يستخدم المكاتب الإعلامية التابعة للجهات الرسمية في الدولة في المناكفات الشخصية , ويوظفها في غير محلها , والأجدر بهم أن يردوا ببيانات شخصية , أو بمقال مقابل مقال في نفس الصحيفة , أو برد يدحض كل الشائعات والأقاويل بالحجة والبرهان , عملا بنصوص القوانين المنظمة لذلك إن كانوا صادقين .

أما إذا ساقت الأقدار هذا الزائر, وهذا السائح إلى إحدى مستشفيات المدينة الأهلية والتي أصبحت تضاهي فنادق خمسة نجوم في الأسعار الباهظة الثمن , أو حتى الحكومية والتي وصل حد الإهمال فيها إلى أن يطلب منك مقابل ضرب الحقن التي ستضرب لمريضك فلن يملك إلا أن يقول الرحيل من هذه المدينة خير من البقاء فيها .

فبالله عليكم عن أي مدينة سيتحدث هذا الزائر وما نوعية الانطباعات التي سينقلها إلى مجتمعه محليا كان أو خارجيا , وبالله عليكم هل يليق هذا بمحافظة أنجبت الثوار , والأدباء , والشعراء , والمؤرخين , والعلماء , والعباقرة والتي لا يتسع المقام هنا لذكرهم ؟

وهل يقبل المحافظ الصوفي هذا على نفسه ؟ وهو الرجل الأول في هذه المحافظة والمعروف عنه الحيوية , والنشاط , والجدية والذي قد نختلف معه في أشياء ونقف معه في غيرها , وقد نؤيده في مواقف وننصفه فيها وهذا من حقه علينا ككتاب وكصحفيين ((ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى )) , وقد نختلف معه في مواقف وننقده فيها وهذا من واجبنا , وما عليه إلا سعة الصدر , وتقبل النقد , وإصلاح الخلل , فالكل معرض للخطأ , والقليلون هم من يتعرضون للنقد ((ولو كنت فظًّا غليظ القلب لانفضوا من حولك )) أم أنه سيسارع إلى معالجة الاختلال وإصلاح ما أفسده الماضي , وسيحاسب المخلون بأعمالهم والمقصرون بواجباتهم , وسيضع الرجل المناسب في المكان المناسب , وسيتخلص من طابور الأميين الذين يحاولون التزلف إليه والتقرب منه بالوشاية والكذب في حق الناس وهم في نفس الوقت يسيئون إليه , وسيرد لهذه المدينة اعتبارها ؟ إنه أمل يحدونا جميعا في هذه المحافظة الطيبة أهلها , وهو ما ستتحدث عنه الأعوام القادمة.