اغتيال السلم والوفاق بتعز
بقلم/ محمد الحذيفي
نشر منذ: 10 سنوات و شهر و 6 أيام
الأربعاء 19 نوفمبر-تشرين الثاني 2014 02:08 ص

لم استطع البكاء عليه كما بكاه محبوه إلا عند بداية كتابتي لهذه الأسطر وبدون مقدمات انهمرت عيناي بالبكاء , ولم استطع تمالك نفسي من شدة البكاء , ففزع من بجواري وفي مقدمتهم أم أولادي التي جاءت تهدئ من روعي وتتساءل ما الذي جرى , وعندما قرأت عنوان مقالي هذا فهمت سبب بكائي , رغم أني لم ابكي على أحد طلاقا حتى ولو كان من اقاربي ومعاريفي ليس لقساوة القلب ولكن هي طبيعة شخصية كما بكيت على هذا الرجل الذي اعتبره عملاقا وهو الأستاذ صادق منصور الحيدري الذي تعرفت عليه منذ عام 97م , وكان دائما يدعوا إلى التقارب والتآلف والمحبة والتسامح , كان داعية إلى التصالح والتسامح بالقضايا السياسية أو الحزبية أو حتى الشخصية , كان رجل وفاق بامتياز كسب القلوب قبل العقول بتواضعه ودماثة اخلاقه , كان ثائرا بين الثوار , وشابا بين الشباب , وعالما بين العلماء وسياسيا محنكا بين السياسيين .
كان دائما يدعوا إلى المحبة والوئام والتسامح والوفاق والتقارب ونبذ الكراهية والحقد , تعرفت عليه في عام 1997م في قضية شخصية سيست لأهداف انتقامية , فكنت أتوجه إليه وأنا أتوقع منه أن يتحرك معي على الفور لجلب خصومي إلى زنازين السجون , لكن كلما وصلت إليه هدأني إلى أدنى حد , وحثني على التسامح والتصالح والتقارب مع خصومي ابتغاء نيل الأجر والثواب من الله تعالى وحفاظا على التماسك الاجتماعي لأبناء المنطقة الواحدة تذمرت منه حينها , لكني لم اعرف القيم التي كان يدعو إليها إلا اليوم واليمن يعيش في احلك الظروف ويتهدد نسيجها الاجتماعي مخاطر جمة , والتي كان الشهيد كلما لقيته يحثني على التفاؤل ويؤكد لي أن المستقبل أفضل , ولكن يحتاج منا إلى قليل من التقارب والتفاهم والتسامح والتصالح مع الجميع.
آخر لقاء لي به كان في مبنى محافظة تعز بعد انتهاء العميد محمود الصبيحي قائد المنطقة العسكرية الرابعة من القاء كلمته متعهدا بحماية تعز من أي مليشيات مسلحة سألته ونحن في ساحة مبنى المحافظة على انفراد كيف تقييمك لكلمة الصبيحي فرد علي "يجب أن ندعم كل مسئول يعمل على وجود الدولة وقيامها بوظائفها الدستورية ووجباتها الأخلاقية , وأن نتعاون مع الجميع بدون استثناء فالرجل يبدو انه صادقا في كلامه - والكلام له - ويحتاج إلى مساندة شعبية".
فالمجرمون الذين استهدفوا الشهيد صادق منصور لم يستهدفوه لشخصه , بل استهدفوه لفكرة وسلميته ومدنيته استهدفوا قامة وطنية من دعاة السلم والتسامح والوئام , إن استهداف شخص بحجم الأستاذ صادق منصور إنما يهدف إلى إثارة الفتنة ويستدعي الثارات، ويخلط الأوراق في هذه الظروف الحرجة وغير الطبيعية التي تمر بها اليمن، وذلك يستوجب الحذر والحيطة، والتداعي لوأد الفتن، وتجنّب فساد ذات البين، ومحاصرة الدعوات العصبية؛ مذهبية كانت أو طائفية أو عنصرية أو سياسية هكذا قال أحد قادة الإصلاح وهو ما يجب أن يكون وخاصة في هذا الوقت الحرج والحساس.