اختيار السعودية لاستضافة بطولة كأس الخليج القادمة (خليجي27) إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار قتلى في كمين نصبه فلول نظام الأسد والادارة السورية الجديدة تعلن تحييد عددا منهم استمرار الأجواء شديدة البرودة على المرتفعات الجبلية ومعتدلة في المناطق الساحلية استبدال عملة السودان.. أهداف اقتصادية ومعوقات سياسية واتساب يطلق ميزة جديدة لمسح المستندات داخل التطبيق مقتل 14 عنصر أمن في كمين لفلول النظام السابق في طرطوس نتنياهو بين 50 ضيفاً دعاهم ترامب لحضور حفل تنصيبه.. تفاصيل إسرائيل تدخل معركة جديدة ..استهداف لأبناء قادة حماس في قطاع غزة أول دولة عربية تعلن عن عفو رئاسي يشمل نحو 2.5 ألف محكوم وسجين
ليس غريبا أن ترفع البغي شعار الطهر، وأن يرفع المنافق شعار الإيمان، و أن ترفع الطواغيت شعار الإصلاح، فهذا دأبهم وسجيتهم ومن المحال أن يغيرونها، فالسيء يحاول دائما تحسين صورته ولا بد مهما كان منهجه وطريقته. لكن الغريب هو إصرار كُتّابنا وقنواتنا وغيرهم من كتاب القلم على تسمية الحوثيين بـ (أنصار الله) أنموذجاً في واقعنا اليمني والإعلام العربي!
وكأني بهم قد بلعوا المقلب كما بلعوا قبولهم التوسعي على الأرض!
كان ( #الحوثيون ) يطلقون على أنفسهم لقب ( الشباب المؤمن ) في التسعينات، ثم هاجمهم إعلام المخلوع وكل الإعلام اليمني خلال الحروب الست ناعتاً لهم بالحوثيين، واستمر الحال كذلك إلى ما بعد سقوط صالح. ولأن الحوثيين بلا هيكل تنظيمي سوى قيادة مركزية تابعة للنفوذ الإيراني، وبعض التحالفات مع المخلوع والخارج، فإن الشعارات هي التي كانت توحدهم وتجمعهم حول الهدف لإستقطاب المزيد من الأتباع، ومن ذلك انتقلت فكرة شعار الصرخة إلى اليمن، ثم ما لبث أن احتاجوا إلى لقب فضفاض يضحكون به على الناس فكان أنصار الله ).
حدث هذا في 2012م. ولعل التدريب الإيراني الإعلامي والعسكري في بيروت لعناصر الحوثيين الذي كُشف عنه سابقا في الصحف اليمنية ومن وزير الخارجية والرئيس نفسه آتى أكله على رقاب اليمنيين وسذاجة إعلامنا. فقد تم تمرير هذا اللقب وأصبح يتلقفه كتابنا بلا ترّوي وتفكير في عواقبه ومآلاته، وبرأيي أن هذا خطأ جسيم وفادح من عدة وجوه :
الأوّل : من الناحية السياسية تُسمى هذه الحركة الإعلامية والتي تتخذها المنظمات والقنوات العالمية في الخطاب الإعلامي باستراتيجية ( تلطيف القبيح ) كما يقول الدكتور أحمد بن راشد بن سعيد أستاذ الإعلام السياسي بجامعة الملك سعود بالرياض. والذي يهدف بحسب تعريف خبير الاتصال السياسي دان نيمو إلى "جعل الحقيقة السيئة مقبولة لغوياً". كما ينقل الدكتور في مقال له في فضح الخطاب المتصهين وأدواته وأساليبه.
هذه الاستراتيجية في الخطاب الإعلامي من تطليف القبيح وكسوته بلباس ساتر حسن رغم أن سوءته بادية، هو نفسه الذي جعل من الحوثيين والإعلام الإيراني وسذاجة كتابنا ينعتونهم بـ ( أنصار الله )! وهذا يلطف قبح فعالهم من تشريد أكثر من 48 ألف نازح من #عمران وحدها حسب تقرير مكتب الأمم المتحدة باليمن، وأكثر من 13905 حالة انتهاك رصدتها منظمة وثاق فيما نقلته الشرق الأوسط عنها، ناهيك عن تدمير المساجد ودور القرآن والاختطاف والاعتقال التعسفي والاغتيالات ونهب المقّار الحزبية ومنظمات المجتمع المدني والمؤسسات العسكرية وسلاح الدفاع، والقائمة تطول!
إن كل ما يقومون به جرائم يستحقون عليها المحاكمة والإعدامات الجماعية حسب القانون والأعراق والأديان والعقول! ثم يأتي بعض الساسة والكتّاب فينعتونهم بما تتبرأ منه السماوات والأرض بـ ( أنصار الله ) !
كلا والله ماهو بالله الذي نعرفه ، إنما هو لاهوتٌ يقبع في أفكارهم الرافضية التي لا تعترف بالإنسان فضلا عن المجتمع اليمني والدولة المدنية الحديثة!
والوجه الثاني: من الناحية الاجتماعية، فإن كثرة إطلاق هذا اللفظ في وسائل الإعلام يغرس في لا شعور بسطاء الناس وعامتهم معاني براقة في الحوثيين هم منها براء ، كـ ( الديانة ) ، ( وحماة الدين )، و( رسل السلام )، ( مناصرة الإسلام )، و(الجهاد) وغير ذلك من الأوصاف التي لا يستحقون ولا عشر معشارها سوى ما أرادوا من اجتذاب النفوس إليها بحسن صياغتها وقبح آثارها على الأرض. لكن الحمدلله أنّ قبح فعالهم وسوء أعمالهم سبقتهم أصداءاً إلى قلوب الناس فوضع الله لهم الكراهية في الأرض، حتى قالت تلك العجوز على برائتها حين اقتحموا بيتها : ما هم هؤلاء ؟ من أين جووو ؟! ( مستعجبة كيف لبشر أن يفعل تلك الفعال بل هل يكونون بشرا، وإن أحسنت إطلاق لفظ التتار لأطلقته ).
ثم إنه يغرس كذلك معاني مثل ( التبعية والرضا )، و ( نسيان الجرائم والانتهاكات )، و ( القبول بالأمر الواقع ). ومثل هذه خطر على المجتمع اليمني لأنه سيحدث في أفراده ( إلف الانتهاك )، والتعوّد عليه، حتى تصير المنكرات الاجتماعية كالنهب والسرقات والاعتقالات للنشطاء أمورا طبيعية لا تُقاوم بالتغيير، وهو ما بدأ يسري فعلا للأسف!
الوجه الثالث: من الناحية الشرعية، فإن هذا معروف في شرعنا من السنة السيئة التي سنّها إبليس –لعنه الله- من تسمية المسميات بغير اسمها واستخدام الخداع اللفظي للكلمات لتنال مسحة قبول بين الناس، فلا يُتَحرّج من اقترافها، كما سمّى إبليس ( الشجرة الملعونة )، بـ(شجرة الخلد)، وكما يسمى العلمانيون والكفار وأبواق التصهين العربي الخمر بـ (المشروبات الروحية)، و(الزنا) بـ(الجنس)، و(الشذوذ واللواط) بـ(المثلية)، و(الربا) بـ(الفائدة). وقد أشار إلى هذا النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (ليشربن ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها). كل هذه السياسة لتلطيف القبيح والتمهيد لانتشاره وإلفته وقبوله في الواقع المعاش ثم لإرتاكبه بلا رقيب أو حسيب.
ثم إن هناك شيئا آخر، وهو أن السلف الصالح من الصحابة وآل البيت رضوان الله عليهم على جلالة قدرهم لم ينتسبوا إلى الله في الأحكام فضلا عن الألقاب والأسماء تحرّجا ألا تخالف أقوالُهم أفعالَهم، مع أنهم القدوات الحية للتشريع بعد المصطفى. وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح أميره بريدة أن ينزل عدوه إذا حاصرهم على حكم الله ، وقال : فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا ، ولكن أنزلهم على حكمك وحكم أصحابك . ومثله أبو بكر رضي الله عنه حين قالوا له: يا خليفة الله، قال: لست بخليفة الله، ولكني خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حسبي ذلك. ومن هذا لما كتب الكاتب بين يدي أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حكما حكم به فقال : هذا ما أرى الله أمير المؤمنين عمر ، فقال : لا تقل هكذا ولكن قل : هذا ما رأى أمير المؤمنين عمر بن الخطاب .
فانظر يا عبد الله كيف كانوا يتحاشون ويتحرجون من نسبة الحكم إلى الله في الأمور الاجتهادية مخافة ألا يصيبوا حكم الله فيخطئوا، هذا إن كان في الأحكام فكيف بالانتساب الإضافي الذي يعني تناسب النسبة بين المتناسبين! كأنصار الله وما هم بأنصاره!
ثم إن هناك شيء آخر وهو أن هذا اللقب يعكس منهجهم في التعاطي مع الدولة المدنية ومع الإسلام عموما، فهو يعني أنهم وكلاء الله في أرضه، فهم أوصياء الله في أرضه، ووكلاءه، ومن يحكمون الشعب بالحق الإلهي المقدّس، فأقوالهم عدلٌ، وحكومتهم فضل، إلى آخر ما يرد من الحكومات المطلقة الثيوقراطية، والتي ما عرفتها البشرية إلا في الكنيسة الأوروبية الكاثولوكية من رجال الدين أو الحكومة الدينية، والتي نطق بها رئيسهم عبدالملك صراحة : أنا الأحق بالحكم !!!
إن إضافة شيء إلى شيء تسلتزم تناسب الإضافتين أو أحدهما، أما هذه ( أنصار الله ) ، فما هم بالذين نصروا الله ولا دينه ولا شرعه ولا مساجده، ولا دموع من يتموا ورملوا وشردوا وقهروا ، وما بالله العدل المطلق، الفرد الصمد، الرحمن الرحيم، الذي يرضى بظلمهم وغطرستهم وتغولّهم في دماء اليمنيين ، والله منهم براء، وسألقى الله بها إن شاء الله تعالى.
والسؤال هو أين علماؤنا ليوضحوا لنا حكم الانتساب إلى الله إن كانت الأعمال تناقض الأفعال !
ثم ما بالهم كُتّابنا وصحافتنا وقنوتنا يشرعنون القبيح، وينعتونهم بألطف الأسماء ( أنصار الله ) وينسبون شر الناس على الساحة اليمنية الآن لأقدس ذات، الأجلّ الأعظم، ذي الملك والجبروت العزيز القهار!
أما إنه لا أبا لكم ، ولا فقه، ولا إعلام، ولا ديانة، ولا خُلُق إن شهدت عليهم أفعالهم بالطوام على الأرض، وأنتم ما زلتم تحسنون صورتهم بسذاجة وسماجة عبيطة ليس من ورائها إلا الضرر الديني والسياسي والإعلامي والاجتماعي والأخلاقي.
بل انعتوهم بحقيقتهم، ونادوهم بإسمهم ، وصفوهم بأفعالهم، ولا تنجسوا أحرف أطهر الأسماء بربطها بهم- تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا وتقدس وعلا - ...
بل هم الحوثيون ، أنصار إبليس، وطهران ، والمخلوع، وأعداء الدين واليمن والتاريخ والدنيا معاً.