بين الرئيس هادي والمخلوع صراعات الدهاء والمؤامرة على اليمن
بقلم/ علي بن ياسين البيضاني
نشر منذ: 10 سنوات و شهر و 15 يوماً
الإثنين 10 نوفمبر-تشرين الثاني 2014 12:27 ص
ليس مدحًا فى الرئيس المزعوم ( هادي ) أو تمجيدًا له ، لكننا نحاول تتبع بعض الأعمال التي كان لها مآسيها على مستوى اليمن من أقصاه إلى أقصاه لهذا الرجل الذي كان يوصف سابقًا ( عبد ربه مركوز ) لكننا في هذه العجالة ننفي عنه هذه التهمة إلى أبعد مدى لما رأيناه من كوارث كان سببًا رئيسًا فيها ، ولذلك نقول واهم من يظن أن الرئيس المزعوم هادي مسكين أو أنه بدوي غشيم ، لا وألف لا ، بل هو داهية الدواهي ، وليس كل الدهاء محمودًا كما يجب أن نعرف .
ولذلك استطاع أن يلعب بالأوراق كلها أفضل من سابقه ( عفاش ) وأهم ما يميزه أنه صبور إلى حد المهانة ، وعنده قدرة رهيبة في امتصاص الضربات سواء الكلامية أو التحركات المضادة ، استطاع بذكائه أن يعيش في ظل عفاش سنين عديدة ونائبًا للرئيس حوالي 18 عامًا ليس له أي دور سوى افتتاح المشاريع ، وقبل به دون امتعاض أو تذمر ، لكن استطاع أن يتعلًّم من الثعلب ( عفاش ) أساليب جديدة فى فنون المكر والبطش وأكل الثوم بأفواه الآخرين ربما لم تكن موجودة فيه من قبل ...
أثناء الثورة الشعبية الشبابية في 2011م لم ينجرف مثل كثير من أنصار عفاش ، بل ظل في وضع المراقب لما يدور ، ولذلك فهو لم يشهد مهرجانًا واحدًا من المهرجانات التي كان يحشد لها المخلوع في كل جمعة ، ولعلّه نسّق مع عفاش أن يبقى كذلك حتى يحتوي الأطراف الأخرى المعارضة له ، ونسّق مع الثوّار وأخص بالذكر علي محسن الأحمر والإصلاح وأوهمهم أنه معهم لكن لا يستطيع أن يصرّح بذلك لمصلحة تقتضيها هذه المرحلة الخطيرة ...
جاءت المبادرة الخليجية فأظهر نفسه لكلٍّ من الطرفين أنه لا يريد السلطة وهو مكره في استلامها منهم كي يتوّج فيما بعد عندهم أنه المنقذ الوحيد لليمن ، وانجرف الناس كلهم خلفه ، ولعل الإصلاح وقع في تصديقه إلى درجة أنهم رأوا أن بقاءه وحياته هو بقاء وحياة لليمن واليمنيين ... فتم الإنتخاب له بأصوات ما كان يحلم شخص غيره أبدًا بها ، وخذله أغلب أبناء المحافظات الجنوبية ومنهم أبناء منطقته ( أبين ) باعتبار أنه عندهم الوجه الآخر المظلم للنظام ، وكانوا محقين في ذلك وكنا نخطئهم للأسف .
أخذ بذكاء يتلاعب بأطراف فى الحراك الجنوبي ، ودفع بها عبر بعض القيادات لرفع سقف المطالبات بصورة ماكرة بغرض تمرير مخططاته التآمرية على الشمال ، ويوهم الأخيرين أنه الضامن الوحيد لبقاء اليمن موحدًا ، ومع الحراكيين أوهمهم أن مطالبهم هو كفيل بتنفيذها ، وعزّز ذلك بالرشاوى المالية لكثير من قياداتهم ...
استطاع أن يدمّر الجيش بنقل معداته الكبيرة إلى المحافظات الجنوبية تحت مسمى مكافحة الإرهاب ، وتدمير معنوياتهم بصورة مروعة ، والكل يعلم ما معنى المعنوية للجيش ، ثم قام بتغيير الكثير من القيادات التي لا تواليه ، وأوجد أشخاصًا ترتبط به مناطقيًا ( زمرة ) وجنوبية أخرى ، وأما القيادات العسكرية التي ارتبطت بتأييد الثورة فوضعها في المواقع الملتهبة بالأنشطة القاعدية فيحرقهم بمعارك طاحنة فإن نجحوا نسب النجاح له في قدرته كرئيس لمحاربة الإرهاب وإن حصلت أي انتكاسة ولو بسيطة قام بإقالته حتى مبرر الفشل ..
ثم جاءت هيكلة القوات المسلحة وانعقاد مؤتمر الحوار ، ثم قيامه بالإبطاء في التغيير واستكمال تنفيذ بنود المبادرة الخليجية لأجل التمديد وترتيب المؤامرات ، وغيرها من الأمور التي تم التلاعب بها بذكاء منقطع النظيـر ، ( نحتاج الى مئات الصفحات لسردها ) ، ولا أبالغ إن قلت : " نحن بحاجة فعلاً لدراسة هذه الظاهرة الذي استطاع أن يلعب مع الكل ويلعب بالكل ، ويجعلهم كلهم بمختلف فئاتهم ملاذ أمانه ضد خصومهم "، وفى الطرف الآخر ارتمى في أحضان المجتمع الدولي وأخص الدول العشر ليجعلهم في نفس الوقت أمانًا وعصا له ضد الخصوم ، مستخدمًا البند السابع لمن يفكر بأن يعارض أي قرار له بدلاً عن استخدامه ضد المعرقلين ، وكان الهدف من ذلك هو إبقاؤهم عصا بيده ضد الإصلاح وقوى الثورة الأخرى ، ولم يُقصِ قوى الثورة بصورة كاملة بل أعطاهم بعض الشيء على مضض ليس حبًا فيهم ، لكن ليوهمهم أنه معهم ، لكن الوضع لا يسمح له باتخاذ موقف حاسم ضد المعرقلين - كما كان يخبرهم - خوفًا من عدم السيطرة على الأمور فى البلاد ، وللأسف صدقوا أو لنقل قبلوا على مضض .. فاستطاع بدهاء إنهاء ثورة التغيير وضربها تحت الحزام حتى تستقر الأوضاع له وحده ، وليس لليمن ..
وفي قضية تسليم اليمن للحوثيين ، وهي أسوأ مؤامراته ، بل أسوأ مؤامرة اجتاحت اليمن على مدار التاريخ ، استطاع أن يلعب بالأطراف كلها ، فأوهم السعودية والإمارات بأنه سيقوم بتحجيم دور الإصلاح سياسيًا وينهي القيادات القبلية والعسكرية المؤيدة له ، وأوهم مشائخ حاشد وعمران أنه لا يمكن أن يقبل بأن يتركهم للحوثيين ليقضي عليهم ، وكان يردد " عمران خط أحمر " فصدقوا ، وأوهم الإصلاح بضرورة وقوفهم إلى جانب الجيش ورفع معنوياتهم ، ولمحاربة التمدد الشيعي بحجة أن الألوية الموجودة أغلبها لا تدين بالولاء للوطن ، وإنما تدين للنظام السابق ( عفاش ) ، واستطاع بدهائه أن يجمّد دور القوات المسلحة في تلك المناطق تحت مبرر الحياد ، وهذا بدعًا من القول لم يحصل في أي بلد بالعالم أن الجيش محايد في مهمة حماية الوطن ، وترك المزعـوم ( هادي ) ما يسمى بالزعيم ( صالح ) يعبث بالبلاد شرقًا وغربًا وشمالاً وجنوبًا ، ولم يفعل معه شيئًا ، سوى الشكاوى هنا وهناك ليبرر لنفسه أنه لم يستطع تحسين وضع البلد بسبب ( عفاش ) ، ومن ذلك أنه تركه يمزّق قبيلة حاشد ، والصراع بين قبائلها ، تحت مبرر ( حوالينا ولا علينا ) وتم إدخال الحوثيين إلى عمران ، وأقل ما يمكن قوله وكان واضحًا أنه ظل ينظر ما ستؤول إليه الصراعات القبلية لأنها تلبي المخطط الخارجي الدولي والخليجي والقضاء على أي قوة ستكون ضده مستقبلاً ..
تم إسقاط عمران بتآمر كبير من عفاش من جهة ، ووزير الدفاع محمد ناصر ومن ورائه هادي من جهة أخرى ، فكيف اتفق الخصمان على عملية الإسقاط ، نقول عدو عدوي صديقي إلى أن نقضي على عدوي الأول ، ثم يكون الثاني عدوي ، فظلت لعبة العبث بمقدرات الأمة من رجال وأموال وسلاح وامتهان للكرامة لتصفية الحسابات بين الأطراف المتصارعة إلى أن تم إسقاط العاصمة صنعاء ، ثم إسقاط كثير من المحافظات بتأييد ومباركة هادي ، لكن تظل الخيانة مهما استمرت تلتف وتحوم حول صاحبها ، مثل الحبل الذي يربطه الشخص المنتحر حول عنقه .. لقـول الله تعالى : " ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله " صدق الله فيما حصل وما سيحصل له ، حينها كشف الله هادي ، وتآمره وكيده ومكره ، واكتشف أهل اليمن قاطبة حجم ما كان يضخه المزعوم هادي من أكاذيب ومؤامرات قضت عليه وسمعته التي اكتسبها والدعم الشعبي اللا محدود الذي لم يحصل عليه رئيس يمني من قبل ، وبسقوط صنعاء نستطيع القول أنه انتهى شعبيًا إلى الأبد ، ولم يعد له أدنى احترام حتى من الذين تآمر معهم للأسف ,, وأصبح يستجر خطاباته الممجوجة والمكرورة لعله يجد من يصغي إليه ، لكن هيهات فكل أنصاره ومؤيديه انفضوا من حوله للأبد ، وبقي حوله المرتزقة وحملة المباخر والأقلام المأجورة التي تلفق الأكاذيب والأساطير الموهومة دون أي جدوى تذكر فالخيانة لها عرف تزكم الأنوف وتغلق القلوب والأبصار من صاحبها ..
أخيرًا فالمزعوم هادي لا شمال أبقى له يسنده ، ولا جنوب يرضى به البتة ، وربما يكون مصيره المنفى القسري في أي بلد ، وقد بلغ من الضعف أن تهاوت مكانته كما تتساقط أوراق الأشجار فى الخريف ، وآخر الطوام أن يقوم شخص أرعن يتوعده على الملإ بعشرة أيام للإنقلاب عليه ، قد يكون ذلك التهديد آخر مخططاته للهروب إلى عدن وإعلان الإنفصال بحجة أن الشماليين انقلبوا عليه أو الهروب الى غيرها ، نقول ربما ، وقد يصبح ما كان غير ممكن سابقًا ممكنًا حاليًا ، لكن هيهات هيهات أن يقبله الجنوب ، وفي نفوسهم ما زالت حرب 94م ماثلة أمامهم وهو قائد استباحة الجنوب ، وثأرات يناير 86م ما زالت جاثمة على نفوس الكثير منهم ، ويعلم كذلك يقينًا أنه خسر أبناء الشمال قاطبة ، ولذلك قد يصبح الرجل لا مكان يأويه في أرض هو خائنها .. ليكتب لنا التأريخ في أسود وأنتن صفحاته رجل اسمـه ( هادي ) ، حكم قليلا وخرّب كثيرًا ، وتمزقت اليمن على يديه ، فخان عهوده لليمنيين فعوقب شر عقوبة ، ونال من الجزاء ما يستحقه ، فانتكب بمكره شر نكبة ، فباع الأصحاب والأحبة ، ولم يُبقي له إلا أسوأهم وأنتنهم وأكذبهم ، ثم سيكتب التأريخ بإذن الله أن المؤامرة رُدًّت على صانعيها وأخرج الله اليمن إلى بر الأمان لا لشيء إلا لأن النبي صلى الله وعليه وسلّم قال فيها : " إني لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن " وحاشا على الله أن يجعل من يمن تنفيس الكروب ، إلى مبعث للكروب ..