ما المُنتظر من رئيس الحكومة القادم..؟
بقلم/ آفاق الحاج
نشر منذ: 10 سنوات و شهرين و 16 يوماً
الأربعاء 08 أكتوبر-تشرين الأول 2014 11:32 ص

أصبح الجميع يدرك حجم التحديات التي تواجه رئيس الحكومة القادم والطريق كما يبدوا  لن تكون مفروشة بالورد بقدر ما هي محفوفة بكثير من الأشواك ما يضع الحكومة الجديدة أمام اختبار حقيقي لكسب ثقة الشعب ومباشرة عملها على النحو الذي ينتظره اليمنيون  ويأملونه منها, فهي مطالبة بإيجاد حلول ومعالجات لكثير من الملفات المتراكمة والشائكة المطروحة اليوم على طاولة الحكومة المرتقبة التي استغرق إعلان تسمية رئيس لها أكثر من أسبوعين مرت فيه بمخاض عسير ليُعلن هادي بعدها بتكليف مدير مكتب رئاسته أحمد عوض بن مبارك تشكيل الحكومة الجديدة برفض من جماعة الحوثي التي تعد الطرف الأساسي واللاعب الفاعل في المعادلة الجديدة التي فرضتها على الأرض وبررت موقفها الرافض بأن شخصية بن مبارك لا تنطبق عليها معايير النزاهة والاستقلالية وبالمقابل تحفظ حزب المؤتمر الشعبي العام الذي يُحسب عليه الرئيس هادي على ترشيح بن مبارك وهو إن دل فإنما يدل على وجود نقاط مشتركة تتقاطع عندها مصالح الحوثي والمخلوع صالح وهذا ما لم يعد يجهله أحد . وقد كان قرار هادي بترشيح  أحمد بن مبارك لرئاسة الوزراء أمرا مفاجئا لكثير من المراقبين والمتابعين كون الرجل ليس سياسيا  ولم يبرز على الساحة إلا بعد ثورة فبراير وهو بذلك لا يملك باعا طويلا في العمل السياسي ولا الخبرة الكافية التي تؤهله  لتولي منصب كهذا, ولكن في المقابل يرى آخرون بأنه رجل إداري نجح في إدارة كثير من المواقع التي شغلها بما في ذلك مؤتمر الحوار الوطني الذي كان أمينا عاما له بالرغم من المحاولات المتكررة والمستميتة  لإفشال الحوار والنيل منه وهو بهذا قادر على إدارة الحكومة في هذه الظروف الاستثنائية إذا أُعطيت له الفرصة . 

ولعل أبرز تحدي يقف عائقا أمام تشكيل الحكومة الآن هو أن يحظى" بن مبارك" بتأييد وتوافق كل الأطراف بما فيها الحوثي وإذا لم يتم ذلك فسنظل ندور في دائرة مغلقة نعود فيها كل مرة إلى مربع الصفر دون تحقيق أي تقدم في تنفيذ بنود اتفاق السلم والشراكة وهذا الأمر لن يكون سوى لصالح جماعة الحوثي التي عملت على استغلال هذا الفراغ السياسي في توسعها وفي نظري ستحاول خلق المبررات من أجل عرقلة تشكيل الحكومة حتى تستكمل هي زحفها على بقية المحافظات من أجل أن تتحقق لها السيطرة على جميع المنافذ البحرية بما فيها مضيق باب المندب الذي بدأ الحوثي يصوب عينيه نحوه إضافة إلى محطات الوقود والكهرباء في مأرب حتى يكتمل سيناريو السيطرة والتحكم الكلي للحوثي في اليمن . ولذا فإن التأخير في تعيين رئيس للحكومة بتوافق كل القوى وبالمعايير المتفق عليها لن يكون محمود العواقب,فالوضع الذي يعيشه اليمن لم يعد يتحمل أي تأخير أو تسويف فالبلد أضحى على شفا حفرة من الانهيار والغرق في مستنقع الطائفية. وكما أسلفت في البداية فالملفات المطروحة شائكة ومعقدة إلا أن الأولوية الأولى التي ينتظر من الحكومة البت فيها هي استعادة هيبة الدولة التي مُرغت في التراب وهذا يستدعي من رئيس الحكومة أن يكون ذو شخصية قوية ومؤثرة تتمتع باستقلالية القرار, والمهمة الأولى الذي تتصدر أولويات الحكومة القادمة وضرورة البت فيها متعلقة بتطبيع الأوضاع الأمنية في العاصمة صنعاء وتسليم الحوثي لمقرات الدولة التي استولى عليها وكذلك المحافظات التي تقبع تحت رحمة سلاحه والعمل على إعادة الحياة إلى طبيعتها كالسابق. أضف إلى ذلك أن المنظومة الأمنية بما فيها وزارتي الداخلية والدفاع بحاجة إلى إعادة ترميم شامل لبنيتها العسكرية واختيار قيادات عسكرية وطنية وكفوءة لا تحمل ولاءاً حزبيا أو قبليا أو مناطقيا خصوصا بعدما وجهت كثير من الاتهامات إلى وزارة الدفاع والداخلية بالتواطؤ في حماية العاصمة وتسليمها لميليشيا الحوثي. وبالنظر إلى الوضع الاقتصادي الذي يعيش أسوأ حالاته فالحكومة مطالبة بالقيام بمعالجات اقتصادية سريعة تخفف من وطأة المعاناة المعيشية والحياة القاسية التي يعيشها المواطن اليمني نتيجة سياسات الفساد والنهب الممنهجة التي تديرها مراكز القوى والنفوذ في السلطة وهو أيضا ما يتطلب من الحكومة القادمة أن تضع في أولوياتها تطهير المؤسسات الحكومية من الفساد وتجفيف منابعه ومحاسبة كل من تثبت عليه عملية التورط في أي صفقة فساد من نوعها لإن الفساد هو من ظل ينخر في جسد هذا الوطن ويطعن في أبنائه كخنجر مسموم , وإذا أرادت الحكومة القادمة أن تسير على نفس الدرب الذي سارت عليه سابقتها فإن مآلها حتما سيكون السقوط المخزي ولعنات التاريخ تلاحقها.

 ولا ننسى أن أصوات الانفصال لا تزال مسموعة حتى اللحظة وتتعالى نبراتها كل يوم وهذا يطرح الحكومة أمام تحدّ آخر يدعوها إلى امتصاص غضب الشارع الجنوبي وكسبه تلك الأصوات المنادية بالانفصال وهذا لن يتأتي إلا بحل القضية الجنوبية وفقا لمخرجات الحوار الوطني التي كان مكون الحراك السلمي طرفا مشاركا فيه, كما أن استكمال مشروع الدستور القادم يبقى هو الآخر إحدى الملفات البارزة على مكتب رئاسة الحكومة وبإنجازه نكون قد خطونا فعلا خطوة كبيرة نحو الأمام,ويظل تنفيذ كل ما سبق مرتبطا ومرهونا بتوافق وإجماع من كل القوى والمكونات السياسية والحزبية على مرشح للحكومة يملك القدرة لإدارة هذه المرحلة الحرجة التي يشوبها الكثير من الضبابية وانسداد للأفق, وأن تخرج هذه الحكومة إلى النور بدون تشوهات قد تؤثر على أدائها بأي شكل من الأشكال.