عندما تنتقم الدولة من الشعب!
بقلم/ محمود الحرازي
نشر منذ: 10 سنوات و 3 أشهر و 17 يوماً
الأربعاء 10 سبتمبر-أيلول 2014 10:22 ص

Mahmoud.harazi@gmail.com

تظهر صنعاء اليوم مدينة شبه خاوية وبخاصة منذ الساعات الاولى التي يبدأ فيها المساء ليسدل ظلامه, ليجعلها كمدينة اشباح او شبه خاوية فيما عدا القليل الذين لا يزالون يجوبون شوارعها حتى وقت متأخر نسبيا.

يظهر ذلك حجم القلق وما يصاحبه من توتر يحمله الناس مع حالة من الترقب من مجهول شبح الحرب المتوقعة, في الوقت الذي تتزايد معه التصعيدات الحوثية المبطنة بقرب الحسم والمترافقة باستمرار الشجب من قبل الاعلام الرسمي لمثل تلك الاعمال الحوثية.

في الظاهر يبدو انه شبح حرب ليس الا, غير انه مقلق الى حد كبير جدا, اما في الباطن فانه يحمل في طياته مسرحية مرعبة تهدف من خلالها الى تحقيق اهداف وغايات اخرى كتصفية بعض الافراد او الاحزاب, مع وجود تساهل وربما تعاون رئاسي.

غير ان ما لا يدركه الناس ان هذه الازمة تبدو كأنها مفتعلة بل وبتخطيط مسبق بين طرفي النزاع اليوم. ما يظهر للعيان انهم على خلاف من اجل الزيادة التي صاحبت الجرعة, او من اجل اقالة الحكومة. في حين يستغل الطرفين الشعب في المظاهرات والتحشييد.

حتما فان ممارسات دولة بمثل هذه السياسة القذرة قد تصبح بمثابة شوكة في خاصرتها في المستقبل القريب والمنظور رغم ما يمثل ويعود عليها من مكاسب مؤقتة كاستبقائها في السلطة اطول فترة ممكنة. بمثل هذه الممارسات تماما كرجل شبه ميت ويستخدم الدواء من اجل منحه عمرا اطول في الحياة سرعان ما تنتهي حياته بموت مفاجئ, ومثلها كالدولة شبه الموجودة.

طبعا فماذا يفترض من دولة شبه معدومة او بمعنى اصح فاشلة ان تكون قادرة على ممارسة دور حقيقي كبقية الدول الاخرى؟ كونها شبه معدومة لم تجد او تفهم من اجل بقائها اكثر من تأجيج الصراعات المذهبية والطائفية في البلاد والاشراف عليها.

ويثبت ذلك المناكفات والخلافات المستمرة بين صناع القرار السياسي والفاعلين الرسميين في الحياة السياسية في الدولة عن مفتعل هذه الازمة او تلك ليظهر حجم الكارثة التي وقعت على الشعب والوطن نتيجة وجود مثل هذه الفئات ,في سابقة هي الاولى من نوعها في تاريخ اليمن ان تبدو السياسة الدولة غير واضحة ومفهومة.

ففي حين تعتمد الحركة الحوثية في تصعيدها على استفزاز افراد الجيش بواسطة الاعتصامات والعصيان المدني وقطع الشوارع ومحاولات نصب الخيام على مفرق الطرق الرئيسية وامام بوابات المؤسسات الحكومية, تكتفي الدولة بالمشاهدة والتنديدات لدول خارجية كايران مثلا.

فضلا عن مشاهد من مسرحية هزلية في تغييرات معدودة في صفوف عدد من قادة بعض الوية الجيش والتي كان المفترض ان تكون نوعا من الرد او الاستنفار العسكري تجاه التصعيدات المتزايدة من قبل الحوثي. غير ان هذه التنديدات والتغييرات لم تكن اكثر من سيناريو مزيف لتصديق محاولة الدولة لتهدئة تصعيدات الحوثي المتزايدة, وابقاء الوضع على ما عليه بدون حلول او مفاوضات.

كانت الدولة السعودية ولا تزال تشجب مثل تلك الممارسات التي تتخذها الدولة في تعاملها مع المليشيات المسلحة, ليتبع السعودية بعض تحليلات الصحف الاجنبية والباحثين عن قرب نهاية الدولة.

ان تعليق الازمة الحالية بين الحرب والسلم وبين الرفض او القبول في المفاوضات تؤكد احتمالية وجود اتفاق او تآمر او حتى انتقام يتجه نحو تحقيق اهداف تصفية لافراد واحزاب معينة, مما ينذر بانهيار الدولة والمجتمع نتيجة اتباع نفس السياسة.