الحراك الجنوبي بين الحقيقة ومتغيرات الواقع
بقلم/ نصيب الحارثي
نشر منذ: 11 سنة و 9 أشهر و 16 يوماً
الأربعاء 27 فبراير-شباط 2013 04:07 م

لعل المتغيرات التي تطرأ على الساحة اليمنية عامة وعلى الجنوب خاصة تحت نفوذ الحراك المسلح الذي أراد ألا أن يستخدم القوة ضد المواطنين سوا من الجنوب او الشمال

وهذا قد لا يشجعه أن يحقق أهدافه ولكن قد يستطيع الحراك بهذه الوسائل أن يزعزع الأمن والاستقرار وبالتأكيد لن يصل إلى ما يصبو إليه خاصة لو استطاعة الدولة بسط نفوذها ورفع هيبتها من خلال تطبيق النظام والقانون

وإرساء دعائم العدالة والمساواة وهذا وحده الكفيل في تخفيف ظاهرة انتشار واتساع رقعة الحراك المسلح وسوف يعود بعد إلى فراغ حماقته وإذا استمر فلن يكون له وجود إلا عبارة عن ظاهره صوتية كما كان يصفها النظام السابق قبل سنين...

فواقع اليمن السياسي والاقتصادي لا يسمح بان نمر مرور الكرام إذ لا بد ان نقوم بدراسة الواقع السياسي والاجتماعي في الجنوب ...

لقد عانى أبناء الجنوب الكثير من الصراعات الجهوية خلال الفترة السابقة والذاكرة لا تزال مثخنة بالجراح جراء تلك الصراعات الجهوية التي عانى منها أبناء الجنوب إبان الحزب الاشتراكي وعهد نظام صالح.

ثم إن خطاب فصيل الحراك الجنوبي جعله محصور أمام جماهير الحزب الاشتراكي ومناصريه.. والتي تدعوا إلى فك الارتباط واستعادة الدولة وهذه تعتبر مشكله في ذاتها..لان أبناء الجنوب بالأغلبية ليسوا من أنصار الدولة السابقة ما قبل 1990..وليسوا من أنصار الحراك المسلح الانفصالي وليسوا من أنصار النظام السابق مابعد1994ولنفرض أنهم استجابوا لدعواتهم بالتأكيد هذا ليس لاستعادة الدولة وإنما حسب منظورهم لبناء دولة جديدة يحكمها النظام والقانون لا على غرار الدولة السابقة وهنا تكمن المشكلة عبر الصراع بين قوى الماضي وقوى الحاضر والتي مازالت إلى الآن لم تثق بقيادة الحراك الجنوبي لاسيما اغلبه يعود إلى العهد الشمولي..

أضف إلى ذلك الموقف الدولي الذي يعد اكبر العراقيل أمام الحراك الجنوبي والذي لم يعترف به كممثل شرعي للجنوب وحتى هذه اللحظة فالموقف الدولي بأسره موقف موحد والذي ينص على وحدة اليمن وأمنه واستقراره كمنظومة متجانسة متكاملة

وقد اجتمع واتفق قيادة مجلس الأمن ودول الخليج والعالم على هذا الموقف بخلاف ما يحدث من خلافات بينهم على بعض الدول والبلدان فموقفهم تجاه اليمن موقف موحد ورؤية واحده..

هذا ما جعل الحراك يشعر بصعوبة بالغة في تحقيق أهدافه سيما أولئك الذين يمسكون بملف العلاقات الخارجية وهم قيادات الحراك العليا من العهد الشمولي والحزب الاشتراكي التي كانت في الدولة السابقة تحت سيادة ما كان يسمى الاتحاد السوفيتي ..وما تسمى حاليا بروسيا الاتحادية حتى روسيا حليفتهم بالسابق باتت الآن في موقفها الداعم لوحدة اليمن وأمنه واستقراره وقد خذلتهم وجعلتهم يتأمرون حول القضبان وخلف الكواليس الزائفة .

كذلك دول الخليج التى ترفضهم وترفض مشروعهم ومازالت إلى الآن ترفض التعامل معهم ولو أنها تلتقي معهم سريا غير معلن وهذا مازاد الطين بلة والأمر صعوبة في تحسين العلاقات بين قيادات الحراك ودول الخليج أضف الى ذلك الاتهامات التي توجهها قيادات خليجية للحراك وأنصاره أنهم يتلقون معونات من إيران وقد أبلغت دول الخليج قيادات حراكيه عدم ممارسة النشاط السياسي من داخل أراضيها مما اضطر بعضهم إلى التوجه إلى بلدان أخرى..

ومما يزيد الأمر صعوبة أمام الحراك الجنوبي هو حضرموت والمهره والتي لا تزال بعيدة جغرافيا وسياسيا عن الحضور اليومي المتواصل في التفاعلات التي يجريها الحراك يوميا ولكن لا تجدها إلا بعض الأحيان تقوم بدور ضئيل مع الحراك...

 

وعلى ذلك تنحصر القضية الانفصالية للحراك في مناطق هي الأشد تأثرا وانتماء للفكر الاشتراكي سابق وهي عدن والضالع وأبين ولحج وأجزاء من شبوة التي يغلب عليها الطابع القبلي ولهذا فانه من الممكن ان تستقيل حضرموت والمهرة وأجزاء من شبوة في مشروع خاص تحت مسمى دولة مستقلة سيادية لان هذه المحافظات لم تكن على علاقة جيدة مع نظام الحزب الاشتراكي سابقا..وكذلك مع دولة الوحدة في عهد النظام السابق .. وهنا تبرز مشكلة جديدة أمام قيادة الحراك الجنوبي الانفصالي وهي عقبة كبيره جدا والتي يبدوا من خلالها ان الحراك يقود الجنوب إلى التشظي والتفتت والتمزق...

إذا نقول للحراك الجنوبي وندعوه لان يفكر بعقلانية ويستغل الاعتراف الرسمي والدولي والثوري للقضية الجنوبية التي خلفها النظام السابق .

وعلى ذلك فقد عمل الرئيس هادي وحكومة الوفاق كل مجهودهم باعترافها كقضية وطنية عانة الكثير من الظلم إبان حكم النظام الفردي والأسري السابق..لهذا أصدرت قرارات وإغراءات وعروض لها من النظام الحالي بتأكيد ثورة 11فبراير الشبابية السلمية كرافد قوي للقضية الجنوبية تحت بساط الوحدة اليمنية..

وقد سعت نحو فرض رؤيتها بشرط التخلي عن فكرة الانفصال ولها سوف تعيد كل الحقوق والحريات التي كان قد تركها النظام السابق على اعتاق كل اليمنيين عامة والرئيس هادي وحكومته خاصة...

ومما يزيدها عظمه حضورها السياسي ودورها الفعال الذي سيدونها التاريخ في صفحات النضال السلمي من اجل قضية عادلة ذات مبدأ جذوره تعمقه بالكفاح السلمي للانتصار لها ..لكن ما إذا استمرت على ما هي عليه اليوم فبالتأكيد ستصل إلى طريق مسدودة