القائد أحمد الشرع يتحدث عن ترشحه لرئاسة سوريا أميركا تطلب من عُمان طرد الحوثيين من أراضيها مؤشرات على اقتراب ساعة الخلاص واسقاط الإنقلاب في اليمن.. القوات المسلحة تعلن الجاهزية وحديث عن دعم لتحرير الحديدة تعرف على ترتيب رونالدو في قائمة أفضل 100 لاعب في العالم قرار مفاجئ يفتح أبواب التحدي في كأس الخليج تقارير حقوقية تكشف عن انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية الكشف عن ودائع الأسد في البنوك البريطانية..و مطالبات بإعادتها للشعب السوري ماهر ومملوك والنمر وجزار داريا.. أين هرب أبرز و كبار قيادات نظام الأسد الجيش السوداني يُعلن مقتل قائد لقوات الدعم السريع في الفاشر إيران تطالب الحكومة السورية الجديدة بتسديد 30 مليار دولار ديون لإيران قدمتها لبشار
أثار إقدام جماعة الإخوان المسلمين المصرية على ترشيح نائب مرشدها العام خيرت الشاطر لمنصب رئيس الجمهورية جدلاً كبيراً لم يقتصر على الداخل المصري بل امتد ليشمل مختلف الأوساط المهتمة بالشؤون المصرية في الوطن العربي والعالم، فثقل مصر السياسي وموقعها الجغرافي الفريد وتأثيرها الكبير يجعل من شخصية القادم على رأس النظام فيها ليس مجرد شأن مصري داخلي بل شأن عربي وإسلامي ودولي بامتياز... وبالتأكيد فهو أمر صادم للغاية أن ينام الناس فيستيقظون على رئيس لمصر ينتمي لجماعة الإخوان المسلمين وهي الجماعة التي ظلت تناضل منذ عام 1928م من أجل أن يكون لها نفوذها وتأثيرها في الحياة العامة المصرية، بل ومن أجل أن تشارك في حكم مصر إن لم تحكم هي كما هو طموح أي حزب سياسي في الدنيا.. إنه أمر صادم بالفعل أن يجد المصريون يوماً ما شخصية مثل خيرت الشاطر رئيساً لجمهوريتهم، ليس لأنه لا يستحق ذلك أو لأنه أقل كفاءة من أن يتولاه لكن لأن أمراً كهذا كان أبعد من الخيال حتى شهور قليلة مضت، ولأن أمراً كهذا كان مقتصراً في الذهنية المصرية على العسكريين فما بالك بالمدنيين وما بالك أكثر إن كان هذا المدني ينتمي لجماعة ظلت ممنوعة لعقود طويلة من ممارسة العمل السياسي بشكل قانوني؟!.
ربما كان السقف الذي وضعه المصريون في أذهانهم لأي دور سياسي للإخوان هو سقف عضوية مجلس الشعب وهذا حدث أكثر من مرة في عهد الرئيس السابق حسني مبارك... وفي ظل ثورة يناير بدأوا يتقبلون توسع الدور السياسي للإخوان في الحياة العامة بل وأعطى كثير من المصريين أصواتهم لمرشحي الإخوان في انتخابات مجلسي الشعب والشورى الأخيرة في حالة تعبير واضح عن البحث عن أمل من خلال هذا التيار السياسي الكبير الممتد على أرجاء الأرض المصرية والذي لم تتمكن كل عمليات القمع التي ظل يتعرض لها طوال العقود الماضية من تحجيمه أو تدمير كيانه... إلا أن المصريين لم يعتادوا على رؤية شخصيات إخوانية تتولى حقائب وزارية فكيف والأمر يمكن أن يمتد ليروا شخصيتين إخوانيتين في منصبي رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء... إن مبعث القلق هنا يتمثل في أن الإخوان ليس لهم تجربة سابقة في إدارة شؤون الدولة على أي مستوى، كما أن مبعث القلق أيضاً يأتي من عدم وضوح الكيفية التي سيستقبل بها الوطن العربي والدول الكبرى هذا الزلزال السياسي الذي لن يقتصر تأثيره على مصر فقط بكل تأكيد، بل سيمتد تأثيره إلى مستويات يصعب توقعها في الظرف الراهن، فإن كان استقبالاً سلبياً فهذا سيعني تعرض مصر في ظل تفرد الإخوان بحكمها لمتاعب سياسية واقتصادية لا تنتهي، وهو ما لا تحتمله الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعاني منها حالياً.
ومن الأمور الملفتة للنظر عقب ترشيح الإخوان للشاطر لرئاسة مصر، أن كثيراً من الذين انتقدوا هذا الموقف لم يركزوا على التأثيرات السلبية العامة التي يمكن أن تنجم عن فوزه بالانتخابات، لكنهم ركزوا في انتقاداتهم على تراجع الإخوان عن وعودهم السابقة بعدم تقديم أي مرشح لمنصب الرئاسة وكأنهم – أي الإخوان – ارتكبوا خطيئة كبرى، رغم أن مثل هذه الأمور متعارف عليها في العمل السياسي في العالم كله، فهو أمر ليس مرتبطاً بالصدق والكذب بقدر ما هو متوقف على تقديرات الطرف السياسي المعني بطبيعة الموقف السياسي الراهن في تلك اللحظة... لقد ذهبت الانتقادات إلى تصوير الأمر وكأن الإخوان يكذبون رغم أنهم جماعة دينية، وبالمعايير السياسية البحتة فإن هذا الموقف لا يدخل في عداد الكذب، كما أن الإخوان في الأساس ليسوا جماعة دينية بالمعنى المتعارف عليه بقدر ما هم حزب سياسي له برنامجه السياسي المعروف والذي يعمل من أجل الوصول إلى السلطة وهذا حق مشروع لا يمكن حرمانهم منه... وبعض الانتقادات اتجهت نحو تصوير طموح الإخوان للسلطة وكأنه أمر معيب، وأنهم يريدون احتكار كل المواقع العليا في السلطة المصرية، رغم أن هذا يحدث في جميع الديمقراطيات عند حصول أي حزب أو ائتلاف سياسي على الأغلبية النيابية... وفي تصوري أن الانتقادات كان ينبغي أن تتجه صوب قضايا أعمق من هذه الانتقادات السطحية التي تتنافى مع أبسط المفاهيم السياسية المتعارف عليها في العالم كله.
بالتأكيد فإن لحركة الإخوان المسلمين تقديراتها التي دفعتها لترشيح خيرت الشاطر، لكن هذه التقديرات قد لا تكون صائبة تماماً بدليل أن الذين صوتوا لصالح ترشيحه 56 عضواً مقابل 52 صوتاً ضد هذا الترشيح من أعضاء مجلس شوراهم، ولاشك أن الفارق الضئيل في الأصوات يعني ببساطة أن خلافاً كبيراً ساد الاجتماع وأن القرار الذي صدر سيظل قراراً ضعيفاً بسبب ضآلة هذا الفارق رغم التزام الجميع بدعمه... وكأي مراقب سياسي عربي معني بما يحدث في هذا البلد العربي الأكبر والأهم لا أجد مطلقاً وجود أي مصلحة راجحة سواء لمصر أو جماعة الإخوان في قرار كهذا، وإن كان ولابد فقد كان يمكن أن يتخذوا قراراً شجاعاً بدعم الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح القيادي الإخواني الذي تم فصله من الجماعة بسبب مخالفته لقرارها بعدم الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية وهو ذات القرار الذي ارتأت لاحقاً نقضه... وهذا الموقف السلبي من أبوالفتوح تحديداً هو الأكثر إحراجاً لموقف الإخوان بسبب أن الرجل يحظى باحترام كبير في مختلف الأوساط المصرية ونجح في تقديم نفسه كنموذج للعقلانية الإسلامية المعتدلة... ورغم كل المبررات التي ساقها الإخوان لترشيح الشاطر فإنها قد لا تبدو كافية لإقناع الكثير من أنصارهم فما بالك بخصومهم الذين شعروا للمرة الأولى بوجود خطر حقيقي على مستقبل الديمقراطية في مصر في حال هيمنة الإخوان على كل مفاصل المشهد السياسي!.
يبدو الإخوان في وضع صعب بسبب هذا القرار، فلا هم الذين نجحوا في إقامة علاقات متماسكة مع المجلس العسكري الحاكم، ولا هم الذين حافظوا على الصورة الإيجابية التي اكتسبوها بسبب أدائهم المعتدل في مجلس الشعب بسبب هذا القرار، ولا هم الذين حافظوا على علاقاتهم الجيدة بمختلف الأطراف السياسية التي انتابها القلق نتيجة إحساسها بأن لدى الإخوان رغبة في تسيد الموقف السياسي على حساب باقي الأطراف... ناهيك عن أن تنافس الشاطر وأبو الفتوح قد يطيح بفرصتيهما كونهما يتنافسان على ذات القاعدة الشعبية العريضة، أما الاحتمال الأهم فيتمثل في أن الإحساس السياسي الفطري لدى المواطن المصري الذي أعطى الثقة للإخوان في مجلسي الشعب والشورى سيدفعه لإعطاء ثقته في انتخابات الرئاسة لمرشح من تيار سياسي آخر حتى لا يلقي بأوراقه كلها في سلة الإخوان!.