شاحن هاتف ينهي ويوجع حياة 7 أفراد من نفس العائلة في السعودية توافق دولي عربي على الوضع في سوريا جدل بشأن عودة السوريين اللاجئين في أوروبا إلى بلادهم بعد سقوط الأسد وزير الدفاع التركي يكشف عن عروض عسكرية مغرية قدمتها أنقرة للحكومة السورية الجديدة ماذا طلب الرئيس العليمي من واشنطن خلال اجتماع عقده مع مسئول كبير في مكافحة الإرهاب؟ قرارات واسعة لمجلس القضاء الأعلى القائد أحمد الشرع يتحدث عن ترشحه لرئاسة سوريا أميركا تطلب من عُمان طرد الحوثيين من أراضيها مؤشرات على اقتراب ساعة الخلاص واسقاط الإنقلاب في اليمن.. القوات المسلحة تعلن الجاهزية وحديث عن دعم لتحرير الحديدة تعرف على ترتيب رونالدو في قائمة أفضل 100 لاعب في العالم
مأرب برس - نبيل الصوفي
ألفا يمني، هي التقديرات شبه الرسمية لعدد المشاركين في «الجهاد» ضد الحكومة العراقية وقوات التحالف المحتلة للعراق. ومع أن نسبة كبيرة منهم تذهب الى العراق من مهاجرها خارج اليمن، وعلى رغم التشديدات الأمنية التي تمنع سفر من هم دون الخامسة والثلاثين الى سورية والأردن إلا بـ «إجراءات خاصة»، واعتقال من يشتبه بعلاقته بأحداث العراق بمجرد عودته للمنافذ الرسمية اليمنية، فإن مئات اليمنيين يلتحقون بالجهاد العراقي من داخل أراضي الجمهورية اليمنية.
خريطة الجهاد اليمني
على أثر إعلان أحد أعضاء ثالث مجموعة يمنية تحاكم لعلاقتها بالعنف المسلح في العراق، أن الرئيس علي عبدالله صالح «استقبل أول طائرة عائدة بمجاهدين من العراق في قاعدة الديلمي» وهي قاعدة القوات الجوية اليمنية، وقال مصدر في مكتب الرئيس صالح لـ «الحياة»: «هذه أكاذيب لا أساس لها من الصحة»، متسائلاً: «كيف يمكن الحديث عن طائرة خاصة بالمجاهدين»، فضلاً عن «استقبال لهم في قاعدة عسكرية واليمن بالأصل يعتقل كل من يثبت مشاركته بأعمال العنف» في العراق.
وأضاف: «نحن مع حق الشعب العراقي في مقاومة الاحتلال، وهذا موقف أعلنه الرئيس صالح مراراً، لكن اليمن أيضاً ضد تحويل العراق إلى أفغانستان جديدة تصدر العنف بخطاب ديني الى المجتمعات العربية والإسلامية»، لافتاً إلى ما يشكو منه اليمن – حالياً - في محافظة صعده الشمالية، من «إرهاب أتباع الحوثي الذين يعتبرون انهم يقاتلون الجيش اليمني بحجة مقاومة أميركا».
ويعيد حديث المسؤول التذكير بالتجربة اليمنية التي تعد من التجارب المهمة على الساحة العربية مع الجهاد «غير الوطني» الذي بدأ رسمياً في «أفغانستان».
فقد كان اليمن بلد تصدير رئيسياً لـ «المجاهدين» الى الأراضي الأفغانية، بل كان، موئلاً لخلايا المتدربين ليس فقط الأفغان اليمنيين بل والأفغان العرب. وبحسب مصدر قيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح، يتحدث عن الأمر للمرة الأولى، فإن «الإصلاح، – الذي يعد الشيخ عبدالمجيد أحد قياداته، حذر الأجهزة الأمنية مبكراً من خلايا المجاهدين العرب، بعد أن اكتشف حكم إعدام اتخذته إحدى الجماعات المصرية (من الأفغان العرب) ضد أحد أعضائها بحجة مخالفته قواعدها».
وكشف القيادي الذي شدد على عدم ذكر اسمه، عن «تعاون إصلاحي مع الحكومة في شأن ترحيل الأفغان العرب بعد رصد أنشطة مسلحة لهم في اليمن». واعتبر القيادي أن «أحد أهم مبررات الصمت الإصلاحي عن إلغاء المعاهد العلمية، وهي المؤسسة العلمية الرسمية التي كانت غالبية موظفيها من أعضاء الإصلاح، هو اكتشاف أعضاء نشطين من الجهاديين ضمن قوائمها الوظيفية».
وبحسب المصادر المصرية، فإن اليمن «شكَّل محطة أساسية للعناصر المصرية في طريق العودة، كما توَّرطت عناصر يمنية في نقل تكليفات من أيمن الظواهري إلى أتباعه في مصر من المتهمين في قضية «طلائع الفتح». كما شاركت عناصر مصرية في عدد من عمليات العنف التي حصلت في اليمن عام 1994، وحادث خطف السياح الأجانب في نهاية عام 1998 ومطلع عام 1999.
ولطالما أكد اليساريون وبخاصة أعضاء الحزب الاشتراكي اليمني منذ ما قبل حرب 1994، أن «غالبية القيادات الدولية للعنف المسلح باسم الدين، ومنها قيادات في تنظيم القاعدة، مرت على اليمن».
ولم يكن ممكناً التأكد من مصدر رسمي من صحة الحديث عن أن «أيمن الظواهري زار اليمن في محاولة للبقاء فيها». غير أن التقارير الإستخباراتية تحدثت عن «مرجان سالم» الذي كان يقيم في اليمن والتقى أكثر من مرة خليفة أبو مصعب الزرقاوي، ناقلاً مراسلات بينه وبين أيمن الظواهري.
كما أن غالبية مجموعات القاعدة التي نفذت عمليات في اليمن وخارجها، كان من بين عناصرها يمني على الأقل، وكان لهؤلاء علاقة مباشرة بمجموعات الجهاد الأفغاني.
من أفغانستان إلى العراق
وباستعادة خريطة الجهاد اليمني، بين أفغانستان والعراق، يمكن اكتشاف أنها لم تتغير كثيراً، إلا من حيث دخول مصادر مد بشري جديدة وانكفاء اخرى.
وبحسب الإحصاءات شبه الرسمية من خلال المعتقلين، حافظت محافظتا أبين الجنوبية، وحي مسيك في قلب مدينة صنعاء – وهي تجمع لمواطنين غالبيتهم من شمال العاصمة- على كونهما المصدر الأول للجهاد والجهاديين. وينتمي للأولى «جيش عدن أبين»، وطارق الفضلي، وللثانية قاتل الأطباء الأميركيين وسط اليمن مطلع عام 2003، وقاتل الأمين العام المساعد للحزب الاشتراكي اليمني أواخر 2002 في العاصمة صنعاء، بالإضافة الى خروج قيادات سابقة لجماعات «الهجرة والتكفير اليمنية» من هذا الحي أيضاً.
وفيما تراجعت إسهامات «شبوة» الشرقية، وهي المحافظة التي ينتمي اليها القائد الميداني السابق لتنظيم القاعدة «أبو علي الحارثي» الذي اغتالته طائرة أميركية من دون طيار في عام 2002، دخلت على خط حركة «الجهاديين» إلى العراق محافظات كانت تكتفي بالجهاد المحلي في مواجهة الحكومة لأسباب لا علاقة لها بالأيدلوجيات، كمحافظة مأرب والجوف. إلى محافظات القبائل في شمال الشمال (بأعداد قليلة)، والتي ظلت تنأى بأبنائها عن أي معارك مسلحة خارج اليمن، منذ عرف العالم الإسلامي موجات «الجهاد غير الوطني».
ومع أن محافظة إب كانت الأولى في تصدير المقاتلين إلى أفغانستان، فإن الإحصاءات تؤكد «تراجعاً» في عدد أبنائها الذين يقاتلون في العراق، غير أنها تبقى مع محافظة تعز أحد مصادر ارسال «المجاهدين» الى العراق.
آليات التعبئة والتنسيق
«الإنترنت» هو الأداة التي أجمع من تحدثوا إلى «الحياة» من أقارب يمنيين «جاهدوا» أو «يجاهدون» حالياً في العراق، على تسهيلها «التواصل» بين «المجاهدين» الجدد، والقدامى.
غير أن مصادر أمنية رسمية، قالت لـ «الحياة» إن «التحقيقات في كيفية التحاق الشباب اليمني – وجميعهم بين الـ 18 والـ 37 من أعمارهم - تظهر أن الإنترنت إنما يستخدم لمرحلة ثانية، إذ يسبقها التواصل المباشر، أو التعارف». غير أن المصادر ذاتها أقرت بأنه وعلى رغم الإحتراز الأمني، وتعقيدات ما بعد الـ 11 من ايلول (سبتمبر)، فإن «المجاهدين» يديرون أداءهم بـ «طبيعية» تكاد تكون قريبة من الإجراءات التي كان يسافر بها أقرانهم إلى أفغانستان، قبل أحداث 11 أيلول في أميركا. وبحسب المصادر نفسها فإن السفر إلى العراق يتم بظروف أقل حذراً حتى من السفر الى أفغانستان. وصادف أن كانت «الحياة» في جوار قيادي أمني أثناء تلقيه اتصالاً من «أسرة يمني خرج من سجن الأمن السياسي تبلغه بأن ابنها اتصل بعد أقل من أسبوع من خروجه من السجن قائلاً إنه وصل الى العراق».
وبتتبع بعض حالات السفر الى العراق، نكتشف ان «جامعة الإيمان الأهلية»، تعد واحدة من مناطق ربط المجاهدين الجدد، بالقدامى، في العراق، من دون ان يعني ذلك طبعاً دوراً لإدارتها في هذه الوظيفة.
ومع نفي إدارة الجامعة «قطعياً» هذا الامر، فإن عدداً كبير من الذين «وصلوا الى العراق» بدأت رحلتهم من على مقربة من تلك الجامعة، كما أكد لـ «الحياة» أحد أقرباء «ح. م.»، الذي اختفى بعد شهرين من زواجه، ولم يظهر إلا بعد ستة أشهر عبر رسالة إلكترونية ارسلها الى أهله وقال فيها انه في طريقه لتنفيذ «عملية استشهادية مع المجاهدين في العراق».
وأكدت مصادر أمنية لـ «الحياة» أن «هذه الأمور من دون علم ادارة الجامعة»، كما أن بعضاً من «المجاهدين يوجهون نقداً لرئيسها الشيخ عبدالمجيد الزنداني لعدم استمراره في الدفاع عن حقهم في «قتال النصارى الذين يحتلون العراق كما كان يفعل مع الشيوعيين في أفغانستان».
غير أن أهمية الجامعة تكمن في علاقة كثيرين من شخصياتها بـ «الجهاد في أفغانستان»، الذي يدير رموزه الأوائل «ميدان المعركة في الجزيرة العربية والخليج والعراق»، إضافة الى الأجواء العامة التي تعيشها الجامعة ككل مؤسسات التعليم والتعبئة الدينية ومنها المساجد، بحيث تمثل أرضية متماسكة لترتيب سفرة «جهادية» تنتهي بحصد مواطنين عراقيين أكثر مما تفعله بقوات التحالف.
ويمكن ملاحظة أن العلماء اليمنيين الذين على رغم التغير الكبير في احاديثهم عن «السعي إلى سد حاجة العراقيين للغذاء والدواء واللباس وضروريات الحياة»، وأن الواجب الشرعي «يلزم الشعب العراقي الدفاع عن نفسه»، فإن 15 من أصل 26 وقعوا على بيانات العلماء في شأن «الجهاد» في العراق هم من جامعة الإيمان.
السلفيون.. المتغير الجديد
ومع نفي جمعية الحكمة اليمانية، وهي ابرز مؤسسات السلفيين اليمنيين، بذلها أي «جهود لترحيل يمنيين إلى العراق» فإن مصادر امنية اكدت لـ «الحياة» أن عدداً من مساجد الجمعية في صنعاء وعدن كانت محطات لتسهيل اتصالات بين قدامى اليمنيين في العراق، وشباب جدد.
وفيما تصدرت شخصيات سلفية الدعوات إلى الجهاد، أمثال الشيخ عبدالمجيد الريمي، والشيخ مراد أحمد القدسي، وهما من الموقعين على البيان المذكور، كان الشيخ محمد بن موسى البيضاني أحد أبرز المشاركين في المؤتمر الذي استضافته العاصمة التركية لمناصرة الشعب العراقي ونظم في منتصف كانون الأول (ديسمبر) الماضي، حيث طالب «أهل السنة بدعم المجاهدين والمقاومين في العراق» لأنهم «يدافعون عن كل مسلم، وليس عن بلادهم وحدها».
الجهاديون والقبائل والعرب
وفيما يشارك أبناء حي مسيك من «منظور الدفاع عن عقدية الإسلام»، فإن أبناء «أبين» يعدون المخزون الأبرز للجماعات الجهادية التي تتحدث عن «أرض الإسلام».
وبهدوء استغرب خالد عبد النبي وهو قائد سابق في جيش عدن ابين الذي تم حله سؤال «الحياة» له عن «الموقف من الجهاد في العراق»، وقال: «هذه شريعة الله ومقاتلة محتلي العراق واجب على كل شاب قادر من اليمنيين قبل العراقيين». لكنه تحفظ في شأن «كيفية ارسال المجاهدين الى العراق»، وقال: «هذه جهود فردية للشباب الذي يلبي نداء الله ودعوة أرض ودولة مسلمة احتلت». وعبر عن أسفه لـ «عدم توافر إمكانات لمباشرة جهد معلن ومنظم لمساعدة هؤلاء الشباب للوصول إلى العراق».
واعتبر عبد النبي، وهو أبرز الشخصيات اليمنية التي ورثت ما تبقى من جيش عدن أبين (قتل سياح غربيين أواخر 1998)، أن خطاب الحكومة اليمنية «أمر يخص حساباتها السياسية»، وقال: «الجهاد أمر رب العالمين ولا نريد إذناً بأن نعبد ربنا».
ويتحفظ الأمن السياسي اليمني على عدد غير معروف من أبناء محافظة مأرب، بتهمة القتال في العراق. ويشكو أهال من محافظة حجة من «اختفاء أبنائهم» ويزور أحدهم المؤسسات المعنية في شكل دوري لعلها «تحمل له خبراً عن ابنه الذي كان عسكرياً في الجيش» ويعتقد أنه «ترك عمله واتجه الى العراق».
وكان أهالي شبان من قبائل مأرب خطفوا سياحاً نمسويين في كانون الأول (ديسمبر) 2005 للمطالبة بالإفراج عن أبنائهم المعتقلين على خلفية مشاركتهم في القتال في العراق.
والعلاقات بين حزب البعث العراقي وعدد من مشايخ القبائل والتي كانت تنعكس على توفير مصالح خاصة ليمنيين يقيمون في العراق ويتلقون تعليمهم على حساب حزب البعث، هي أحد روافد تصدير «المجاهدين» الى العراق. ويذكر أنه وبعد 14 يوماً من الاحتلال تناقلت وسائل الإعلام الدولية خبراً عن «مجموعة من 35 متطوعاً يمنياً في العراق يهددون بالقيام بهجمات فدائية».
ومثل إعلان الجيش الأميركي أن «فهد هلال العتيبي المعروف بفهد السعودي» الذي قتل في هجوم على الجيش هناك «سبق أن أقام في اليمن» كـ «مسؤول عن إرسال محاربين أجانب إلى العراق» اشارة اخرى عن طبيعة الدور اليمني في هذا السياق.
الخلل المنهجي للدولة اليمنية
وتكررت أسماء يمنيين كانوا ضمن من أفرج عنهم، بعد «تأكيدهم تراجعهم عن قناعاتهم بالعنف بخلفية دينية كوسيلة لفرض الآراء وتحقيق المصالح»، وعثر على عدد منهم في العراق بعد مدة بسيطة من خروجهم من السجن. وقد سبب ذلك أزمة بين اليمن وأميركا خلال العام قبل الماضي. ومن أهم من استخدموا هذه الآلية كان خلدون الحكيمي (29 عاماً) والذي اعتقل بتهمة العلاقة بالهجوم على كول، قبل أن يفرج عنه، ليعلن بعد ذلك «مقتله في العراق» إثر تنفيذه عملية ضد قوات التحالف.
وتعترف الأجهزة الأمنية اليمنية بأنها «لا تحاور المعتقلين لديها عن العراق» بل «عن المصالح في اليمن». وقال مسؤول أمني لـ «الحياة»: «قلنا للأميركيين اننا لا يمكن أن نعتقل اليمنيين لمجرد أنهم ضد احتلالهم العراق». وأضاف: «حوارنا مع المتهمين بالإرهاب يقتصر على إدانة المواجهة معنا كجنود ندافع عن اليمن ومصالحه، ونقول لأي واحد نتحاور معه أنه سيواجه الجنود اليمنيين حينما يستهدف أي منشأة أو شخص من أي جنسية داخل حدود الدولة اليمنية». وعن القتال في العراق، قال: «هذه ليست قضية الأجهزة الأمنية». وأضاف: «نحن نمنع السفر الى العراق، ونعتقل من يخالف هذا الأمر بعد ذلك»، ولكننا «لا نتحاور على أفكار مجردة كموضوع الجهاد، إلا إذا خص الداخل اليمني فقط».
ٍغير أن المسؤول كان يدافع بحماسة عن «عدم صواب أن يقيم الأمن في اليمن حوارات حول الجهاد قائلاً: «هذه قضية المجتمع»، لكنه انتقد بشدة «حكماً قضائياً يمنياً بتبرئة يمنيين قاتلوا في العراق بمبرر أن الدستور اليمني يعتبر من الواجب الدفاع عن الدول الإسلامية».
وقال: «نحن نعترف بقصور تشريعي ولكن القاضي كما يفعل خطباء المساجد، نسى أن الدستور يتعامل مع الدولة لا مع أفراد». معتبراً أن القاضي كان يمكنه «إلزام الحكومة اليمنية الإذن رسمياً لمواطنيها القتال في العرق بدلاً من تبرئة مواطنين يمنيين ذهبوا إلى العراق لممارسة العنف».
ومع أن اليمن هو الدولة العربية الوحيدة التي اجرت حتى الآن محاكمات لمجموعتين بتهمة السفر الى العراق، الا إن هذه المحاكمات كشفت أن الشباب، وبغض النظر إن كانوا سافروا افراداً أم مجموعات، يعودون «شبكات مدربة» وأعمارهم تتراوح بين الـ 19 والـ 35 عاماً.
عن / الحياة اللندنية