آخر الاخبار
مشترك الأزمة اليمنية .. الإدارة بالركلات
بقلم/ أحمد الزرقة
نشر منذ: 13 سنة و 11 شهراً و 17 يوماً
الأحد 02 يناير-كانون الثاني 2011 04:36 م

أثبتت الأحداث الأخيرة التي مرت بها اليمن خلال العامين الماضيين عدم جدوى الفعل السياسي للإطراف السياسية اليمنية في ضفتي السلطة والمعارضة ، وانسحاب الأداء السياسي وبهوته ، وفقدانه القدرة على حل الأزمات المتراكمة التي تعصف بالبلاد ، والتي من ملامحها الفشل في إجراء أي حوار سياسي على أي مستوى قد يفضي لإيجاد مخارج دائمة او معالجات ناجعة للمشاكل السياسية والاقتصادية التي باتت أشبه بجبل ثلج يلتهم كل ما يعترض طريقة .

ذلك الأداء الباهت كان هو بوابة الحاكم لفرض شروط اللعبة السياسية بما يتلاءم واحتياجاته هو ، وليس استجابة لاحتياجات الواقع السياسي الذي يصر الحاكم دوما على القفز عليه، بحثا عن ما يخدم تخليده على سدة الحكم أو كرسي النار كما يحلو له تسميته في محاولة منه لاستحضار مواهبه المتعددة في إزاحة خصومه السياسيين على امتداد سنوات حكمه التي تجاوزت الثلاثة عقود.

الرئيس صالح وخصومه في المعارضة يتشابهون كثيرا في تقليدية الأداء السياسي وتكرار استخدام نفس ادوات الصراع السياسي ، مع فارق بسيط هو ان الرئيس يستطيع ارباك خصومه ومفاجأتهم بنفس الادوات التي يجيد استخدامها منذ توليه السلطة ، معتمدا على الثقوب التي تصيب ذاكرة أولئك الخصوم ان جاز استخدام ذلك المصطلح ،مستفيدا من ضعف الذاكرة الجمعية للمعارضة، التي يبدو انها تعتمد عليه كثيرا في تخليصها من عجزها إزاء نقلاته في الملعب السياسي.

فهو على العكس من المعارضة التي تستخدم مصطلحات سياسية أكبر من قدرتها على تنفيذها، يستخدم مصطلحات وتكتيكات تقليدية وبسيطة في أدائه السياسي اليومي معتمدا على طاقته الذهنية المتقده وقدرته المتكررة في ايصال صوته وخطابه للمواطنين بكلمات دارجة واستدعاء الذاكرة الجمعية للناس التي تخدم خطابه وتبرر تصرفاته،فهو دائما ما يسبق المعارضة في النزول للشارع والالتقاء بمختلف النخب الشعبية كلما احتاج لذلك من اجل تحقيق أهدافه المرحلية التي تستحضره كشخصية ملهمه وملاذ أبدي لخلاص جموع اليمنيين.

لا شك ان غياب الدور الفعال للمعارضة اليمنية عن التفاصيل المتعلقة بحياة الناس اليومية البسيطة، وفشلها عن المشاركة في الاهتمام بما يجلب الفرح والتفاؤل واكتفائها بالنواح والبكاء وشد الشعر وإلقاء مسئولية هشاشة أدائها واهما لها لصوت الأغلبية الصامتة،جعلت الرئيس يتلذذ بتوجيه الركلات المتتالية لها لاخراجها نهائيا من المشهد السياسي ،ويدشن بذلك مرحلة الادارة بالركلات التي بدأها مع بداية صافرة بطولة خليجي 20 التي ظهر فيها الرئيس اللاعب الاكثر قدرة على المناورة وتسجيل الاهداف في المرمى الداخلي لخصومه السياسيين ، وحصد الجوائز الدولية على ذلك الاداء الذي اثبت للاطراف الخارجية انه هو الطرف الاكثر قدرة على لعب أدوار البطولة في الساحة اليمنية.

وعلى العكس فإن المعارضة وتكتل اللقاء المشترك التي تبنت منذ الانتخابات النيابية في 2003م شعارات فضفاضة وبراقة مثل النضال السلمي والنزول للشارع وتبني شعارات التغيير، وصولا لدعوة الهبة الشعبية التي دعت اليها في شهر ديسمبر المنصرم ، التي كشف تعامل المعارضة معها أنها مصطلحات اكبر من قدرتها على تحقيقها ، ولم تتوصل لاتفاق فيما بينها على ماهيتها او السبل الكفيلة بتحقيقها،كما انها لم تنجح يوما في الخروج بتلك المصطلحات والدعاوى لحيز التنفيذ خارج اطار الخطابة السياسية والتصريحات الاعلامية التي تزين صفحات صحف اللقاء المشترك وخطابات القيادات العليا والوسطى لتحالف اللقاء المشترك ، وقد ادى كثرة استخدام تلك المصطلحات لافراغها من معانيها، وتحوليها لمصطلحات لا تصلح لاكثر من المناكفات السياسية ، فلا هي التي نزلت للشارع بل على العكس زادت المسافة التي تفصلها عن الشارع اليمني ، ولا هي التي ناضلت خارج الندوات ووسائل الاعلام ، لتتبنى قضايا الشارع وما أكثرها، ولم تنفذ تهديداتها بالهبة الشعبية التي لوحت بها وتطالب الشارع اليمني بالخروج بدلا عنها.

ذلك الاداء افقدها ثقة الناس بتلك الأحزاب وخطاباتها الفضفاضة ، وتسبب في اصابة الناس بحالة عارمة من الإحباط ،واصبحوا يروا فيها الوجه الآخر للسلطة التي لم تجد تهديدا حقيقا يواجهها ، وهو ما جعل الأخيرة تستمرء ذلك العجز والضعف عندما اقدم الرئيس وحزبه في إجراءات تشكيل اللجنة العليا للانتخابات ، والمضي في تقديم مشروعها للتعديلات الدستورية الأخيرة التي تعكس أيضا حالة من الضعف السياسي للحزب الحاكم والمعارضة على حد سواء.

تحالف أحزاب اللقاء المشترك المعارض الذي كان قسم كبير من اليمنيين يعول على قدرته في إحداث تحول ولو طفيف في مواجهة تغول ظاهرة الاستبداد السياسي ، لم ينجح في الوقوف امام تنامي شغف الرئيس علي عبد الله صالح بإقصاء كل الإطراف السياسية الفاعلة والانفراد بادارة شئون البلاد بمعزل حتى عن حزبه وحكومته، معتمدا على خبرته السياسية الواسعة وتعزيز القبضة الامنية والعسكرية في مواجهة الأطراف السياسية الداخلية ، ومستفيدا من قدرته على إثارة مخاوف الاطراف الدولية الاقليمية والدولية بخصوص تحديات الاخطار التي تواجه حكمه ، وانعكاساتها على مصالح تلك الاطراف التي حددها الرئيس صالح في لقاءاته المتعددة مع المسئولين الأمريكيين وكشفت عنها وثائق ويكليكس ، والتي على رأسها تنظيم القاعدة ودور ايران في دعم الحوثيين ، والمزاعم عن وجود تحالف بين الحراك الجنوبي وتنظيم القاعدة ،وهو بذلك الطرح يدغدغ مشاعر أمريكا وحلفائها الأوربيين بالاضافة لمخاوف دول الجوار الاقليمي والشقيقة الكبرى تحديدا.

وبالتأكيد ان امريكا وحلفائها يتعاملون بنفعية كبيرة انطلاقا من "فوبيا" القاعدة و تزايد النفوذ الايراني في المنطقة ،ووجود تضمينات وتعهدات من الرئيس صالح لهم بالانضمام للحلف الامريكي في حربه مع تنظيم القاعدة وتقديم تسهيلات لملاحقة تنظيم القاعدة في اليمن وغض الطرف عن تنفيذ عمليات عسكرية ضد اهداف مطلوبة لأمريكا على الأراضي اليمنية بل والتغطية عليها وتحمل مسئولية تلك العمليات أمام الرأي العام المحلي نيابة عن الجانب الامريكي كما كشفت وثائق ويكليكيس عن ذلك، تلك امور تجعل امريكا وحلفائها تقف الى صف الرئيس صالح الذي تقول عنه الوثائق الرسمية الأمريكية أنه هو الطرف اليمني الاكثر قدرة على تحقيق أهداف امريكا في الحرب على القاعدة ، كما انه مازال الطرف الاكثر قدرة على الساحة اليمنية بحكم سيطرته على المؤسستين العسكرية والقبلية في اليمن ،كما أن عدم فاعلية المعارضة اليمنية سواء في الداخل او الخارج يبرر دعم الرئيس صالح وبقائه كحليف قوي ، على حساب دعم الديمقراطية في اليمن وهو ما كشف عنه الرئيس الامريكي أوباما عندما قال انه ليس من شأن الإدارة الأمريكية فرض الديمقراطية في العالم ، او اسقاط الديكتاتوريات.

ولذلك كان واضحا تركيز الادارة الامريكية وحلفائها الأوربيين على تعزيز التعاون الأمني ولاستخباراتي ودعم قدرات المؤسسة العسكرية وقوات مكافحة الإرهاب وجهاز الامن القومي ، لمواجهة تنظيم القاعدة ، بعد ذلك كان يأتي الحديث عن ضرورة اجراء حوار سياسي بين الاطراف السياسية في اليمن وايجاد انفراج في الانسداد السياسي دون وجود أي ضغوط او توجهات واضحة وجادة لجعل الاطراف السياسية تجلس على طاولة الحوار والخروج باتفاق سياسي ينجم عنه إصلاح النظام السياسي في اليمن وتعزيز الحريات المدنية ومحاربة الفساد ،وإجراء انتخابات نيابية شفافة.

في مواجهة تحركات الرئيس صالح النشط والدءوب على كافة الجبهات الاقليمية والدولية لتحسين صورته والتأكيد على استمرار قدرته في السيطرة على الاوضاع في اليمن ومحاربته لتنظيم القاعدة والتعهد بإجراء إصلاحات (شكلية) ديكورية على المستويين السياسي والاقتصادي ،كان هناك عجز واضح للمعارضة اليمنية على المستوى الدولي والاقليمي ، وفشلت في تقديم صورة ايجابية عنها من خلال التزامها بالحياد السلبي او التعبير الخجول عن مواقفها تجاه الازمات في اليمن التي كانت تعتبرها من نتاج الرئيس ونظامه ، دون ان تحاول الوقوف صراحة في مواجهة الرئيس أو المساعدة في تقديم حلول تجعلها جزء من المعادلة السياسية وغالبا ما كانت المعارضة تقول انها ليست طفاية حريق ، وان على الرئيس ونظامه حل الأزمات التي أدخل فيها اليمن.

كان أقصى ما قدمته المعارضة خلال الحروب الستة التي دارت في محافظة صعده شمالي اليمن هو اصدار بيانات تنديد خجولة باستمرار المواجهات لستة اعوام والتي راح ضحيتها الآف الضحايا وأكثر من 250 الف نازح ، ولم تتحمل المعارضة أي مسؤليه سياسية او تقدم مبادرة حقيقية تتضمن رؤيتها لحل تلك المشكلة الكبرى.

تكرر نفس السيناريو تجاه قضية الحراك الجنوبي الدائر في عدد من المحافظات الجنوبية والذي تطور كثيرا وشهد تحولات سياسية واجتماعية خطيرة وصلت لاستخدام العنف المفرط من قبل الدولة في مواجهة عنف التيار المسلح في الحراك الجنوبي ، وتحول في كثير من الاحيان من حركة مطلبية حقوقية الى حركة تطالب بالانفصال والعودة لما قبل 22 مايو 1990م ، وتصاعد خطابه تطرفا ردا على الحل الامني والعسكري.

فشلت المعارضة هذه المرة ايضا في وقف التداعيات او تقديم رؤية شاملة لايجاد مخرج وطني أو تبني مطالب المحتجين سواء عندما كان في بداياته الحقوقية عبر جمعيات المتقاعدين العسكريين أو في حالته الراهنة التي تحولت لمطالب سياسية متطرفة ، ولم تفلح المعارضة في طريقتها المفضلة القائمة على إمساك العصا من الوسط ، وانتظار فشل الرئيس في ادارة ذلك الملف ، ولم تنجح في اقامة حوار حتى مع أطراف الحراك الجنوبي ، واكتفت بالاستخدام السياسي في أدنى مستوياته تجاه تلك الاحداث ، وغالبا ما كانت تقول ان تلك مشكلة الرئيس وممارسات النظام السياسي منذ ما بعد حرب صيف 1994م ، متناسية انها كانت جزء من النظام السياسي الذي افرز تلك التداعيات ، وغالبا ما كانت تكتفي عبر بياناتها ومواقفها بالدعوة لاجراء اصلاحات سياسية واصلاح الملعب السياسي وضرورة تقديم الرئيس وحزبه ضمانات لاجراء تلك الاصلاحات ، منشغلة في اهدار وقتها في محاولة الدخول في حوار سياسي مع الرئيس يضمن بقائها في الواجهة السياسية في البرلمان واصلاح المنظومة الانتخابية، وكأن تلك المشكلة بوابة الازمات التي تمر بها اليمن ،لذا رفعت شعار اصلاح المنظومة السياسية هو بوابة الاصلاحات السياسية للخروج من ازمات اليمن.

استفرد الرئيس صالح بالملعب السياسي كاملا في ظل ذلك الغياب الصارخ لدور المعارضة ، وعمل على معالجة تلك الازمات وفق رؤيته الخاصة سواء في صعدة التي نجح عبر وسطاء دوليين في وقف تداعياتها بشكل مؤقت ، لتظل مخزنا للبارود قابل للانفجار في أي وقت ، نتيجة لعدم حل تلك الازمة في الاطار الوطني العام . كما انه مستمر في العمل على تفكيك بعض أجزاء ومكونات الحراك عبر الترغيب احيانا وشراء الولاءات او عبر اللجوء لتعزيز القبضة الامنية والحل العسكري ، ولجأ ايضا لعزل الحراك عن المحيط الخارجي الاقليمي عبر الربط بينه وبين تنظيم القاعدة في اليمن ، وتصويره بأنه احد الحاضنات الخطيرة للتنظيم.

إستسلام المعارضة اليمنية لواقعها وسطوة الرئيس صالح ، وفشلها في تطوير تحالفها السياسي والاسهام في تقديم حلول واضحة لازمات اليمن جعلت ادائها يتراجع ويؤثر سلبا على الحالة اليمنية وبدلا من أن تكون رافعة للأداء السياسي تحولت الى ما يشبه نادي للمحبطين، وقاطرة معطلة تعيق حركة التغيير في اليمن.

المتأمل لاداء احزاب المعارضة ضمن ما يعرف بتحالف اللقاء المشترك يلحظ بسهوله ويسر التداعيات السلبية والعمل وفق رؤى مليئة بالهواجس السلبية المثقلة بالمخاوف ، والعوارض المرضية للتحالفات الفضفاضة التي تفتقد للحيوية والتجدد ، وبات من الضروري والحيوي للعملية السياسية إعادة تفكيك اللقاء المشترك ،وإعادة صياغة شكل التحالف المعارض بحيث يعطي جميع الأطراف السياسية المنتمية لذلك التكتل مرونة ومساحة من الحرية تستطيع التحرك خلالها بأريحية بعيدا عن الوصاية من بعض أطراف اللقاء المشترك الذي لا تتساوى أضلاعه ويبدو في حالة من عدم الانسجام بسبب تباين مواقف أطرافه من بعض القضايا السياسية على الساحة الوطنية.

فالتحالف الذي ظهر للسطح في عام 2003م بهدف التنسيق في ما بين مكوناته في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في 27 أبريل 2003، والعمل المشترك لضمان وصول جميع الأحزاب الستة الموقعة على الاتفاق للمشاركة في المجلس النيابي وصولا لتقديمها مرشح موحد لانتخابات الرئاسة التي جرت في سبتمبر 2006م ،يبدو اليوم عاجزا عن تطوير فكره وطريقة عمله بشكل لا يؤثر على خصوصية الأحزاب التي تشكل أطراف المعادلة ، ولعل الحزب الاشتراكي اليمني الذي يعد المعادل الأساسي في تكوين التحالف والدعوة إليه في إطار ما كان يعرف بمجلس التنسيق الأعلى للمعارضة عام 1999م لم يستفد من تواجده داخل اللقاء المشترك ،بل إن وجوده فيه كان عامل إرباك للحزب خاصة فيما يخص المواقف التي كان يجب أن يتبناها الحزب في قضيتي الحراك الجنوبي وحرب صعده،ففي الاولى اجبر على التزام الحياد وتبنى مواقف اللقاء المشترك التي تختلف مصالحها وتتقاطع مع الحزب الاشتراكي في هذه القضية بسبب الإرث التاريخي للحزب كون المحافظات الجنوبية هي الساحة السياسية الأساسية للحزب ،وما يحدث فيها يعد جزءا من المسئولية الأخلاقية والسياسية للحزب باعتباره الطرف الذي كان يحكم تلك المحافظات قبل الوحدة وهو الشريك السياسي الجنوبي الوحيد للمؤتمر الشعبي العام وحلفائه في الشمال في موضوع إعادة تحقيق الوحدة ،وكان لموقف الحزب المرتبط بموقف اللقاء المشترك الذي يهيمن على مفاصله الاخ الاكبر (التجمع اليمني للاصلاح) مرتبكا وغير متناسبا مع ماكانت تتوقعه قواعد الحزب في تلك المحافظات ، وهو أداء مشدود ومخنوق بالالتزام بموقف اللقاء المشترك الذي اربكته حركة الشارع في المحافظات الجنوبية وأفزعه سقف الخطاب السياسي المستخدم في الاحتجاجات فبات يمارس نفس دور السلطة في البحث عن شماعة يتخفى خلفها وليس من الانسب سوى القاء اللوم على المؤتمر الحاكم واداء مؤسساته الباهت والفساد ،....الخ.

وفي الوقت الذي كان الحزب الحاكم يقود هجوما شرسا على الحزب الاشتراكي اليمني ويحمله مسئولية ما يجري في الجنوب ،كان الأول يمد يده لإطراف سياسية بارزة في التجمع اليمني للإصلاح ويعيد صياغة تحالفاته القديمة التي واجه بها الحزب الاشتراكي منذ اليوم الأول للوحدة اليمنية في 1990م (تحالف الإسلاميين والقبائل) وكان إنشاء هيئة الفضيلة التي ضمت في عضويتها أسماء بارزة من قيادات الإصلاح والشخصيات القبلية ،وإصدارها لبيان يعتبر ما يعتبر في الجنوب مرفوضا وأن الوحدة مقدسة سيتم الدفاع عنها ولو سالت الدماء للركب ،وهو نفس الخطاب الذي مورس في حرب صيف 1994م تحت شعار الوحدة أو الموت ،كما أن عقد مؤتمر موسع للجماعات السلفية في اليمن والتي تضم أيضا شخصيات قيادية في تجمع الإصلاح وإصدارها بيان يكفر الخروج على ولي أمر المسلمين ويدعو للجهاد للحفاظ على الوحدة إن لزم الأمر،ولم يصدر عن تجمع الإصلاح أي توضيح فيما يخص مشاركة قياداته في تلك الاجتماعات السياسية التي تعني بوضوح تام أن هناك تكتلا جديدا وتحالفا بين المؤتمر الحاكم والإصلاح بهدف إخماد الأصوات الأخرى ،وهي دلالة واضحة على أن حلفاء 1994م قد عادوا للعمل معا،وان وجود الاشتراكي داخل اللقاء المشترك ومثله بقية الأحزاب الأخرى لم يعد له من مبرر،وما يؤكد ذلك أيضا موقف حميد الأحمر رئيس التشاور الوطني خلال اليوم الثاني من فعاليات المؤتمر الذي عقد في 22مايو الماضي عندما وصل متأخرا لقاعة ابولو وبدون استئذان من رئيس الجلسة الدكتور ياسين سعيد نعمان قام بإلقاء مداخلة طويلة عريضة ختمها باقتراح أن يتم إرسال رسالة لرئيس الجمهورية تدعوه للحوار،وقرأ نصها ،وهو مااعترض عليه الدكتور ياسين وجعله يغادر المنصة بعد ان رد على حميد بأن تكون ضمن التوصيات بعدها تسلم إدارة الجلسة عبد الوهاب الآنسي أمين عام التجمع اليمني للإصلاح وقيل وقتها ان حميد ربما كان قبلها التقى بالرئيس صالح.

ولعل حكاية التشاور الوطني الذي ترأسه حميد الأحمر بحاجة جادة للوقوف أمامها فكيف تتحول هيئة منبثقة عن تكتل اللقاء المشترك إلى كيان يفوق التكتل وتتحول إلى مركز استقطاب سياسي وإعلامي لصالح رئيس التشاور،وتفرض قراراتها على المكون الرئيس.

منذ أكثر من عامين واللقاء المشترك يدور في حلقات مفرغة ويكرر أخطائه التي يعرفها الرئيس صالح جيدا ،ولست ارى هناك مبررا حقيقا لاستمرار مسميات اللجان التحضيرية للحوار و التشاور الوطني ، بل يجب تغيير نمط التحالفات السياسية بشكلها الراهن ، نظرا لعدم تطوير أساليب أدائها السياسي ، الامر الذي جعلها أدوات فاقده للتأثير والفاعلية السياسية على الواقع العملي.

وإيكال قضية إدارة حوار مع الفاعلين الأساسيين على الساحة الذين بالتأكيد هم اكثر من ان يكونوا ممثلين في الحزب الحاكم ، او أحزاب اللقاء المشترك ، وايجاد وسائل اكثر فاعلية لالزام الحزب الحاكم للعودة لطاولة الحوار السياسي بمفهومه الواسع الذي يفضي لحلول واقعية ، بدلا من الهروب من التحاور الجاد وتعطيل الحوار السياسي الذي يفترض ان يكون بين السلطة والمعارضة وكافة الاطراف الاخرى بما فيهم الحوثيين والحراك الجنوبي ومعارضة الخارج ، وليس بين الرئيس واللقاء المشترك ،حيث ان الأخيرة مقيدة باتفاقات مسبقة تعيق أدائها ، ولا تمنح كل الاطراف فيها المرونة الكافية للقدرة على التحرك بأريحية وفاعلية أمام التزامها لقواعدها والتغيرات السياسية الطارئة.

فطاولة الحوار ليست مثلثة الشكل بل هي دائرية وذات حركة مستمرة ، ترتفع حدة استدارتها وتنخفض استجابة لما تفرضة تلك المتغيرات.

Alzorqa11@hotmail.com