أحسنوا الظن بالمملكة
بقلم/ مشعل المهدي
نشر منذ: 14 سنة و 6 أشهر و 17 يوماً
الأحد 06 يونيو-حزيران 2010 06:25 م

ليس من الإنصاف أن نتساءل عن الدور السعودي الغائب في أسطول الحرية، ويكفي منها مشكورة أنها لوحدها تقوم بحماية وخدمة حرمين اثنين، وبعد ذلك ليس من باب العدل ولا الإنصاف أن يطلب منها المشاركة في الدفاع عن الحرم الثالث أعني الحرم القدسي. ألا تستطيع الدول العربية مجتمعة بغض النظر حتى عن الإسلامية أن تحمي حمى الأقصى بفك الحصار ؟

وقد يتساءل متسائل وما شأن القدس والأقصى؛ فالأسطول كان ماض ومقصده غزة والمرضى والجوعى لا القدس ولا الأقصى ؟؟؟

دعونا نقول ابتداء إن حصار (غزة / حماس) هو بسبب عناد الثانية، وتمسكها بالثوابت الوطنية والدينية، وعلى رأسها أهمية القدس؛ حيث تريدها أن تكون عاصمة للدولة الفلسطينية، واليهود يصرون على أن تكون القدس بما فيها الحرم القدسي عاصمة لهم.

إذا فلب الموضوع هو الدفاع عن القدس؛ ولولا صمود الغزاويين لتمكن اليهود من القدس منذ زمن، وعليه فإن الذي يسعى لكسر الحصار عن غزة هو يسعى من باب أولى للدفاع عن القدس من أن يدنسه اليهود، فليس ثمة شك أن تجويع شعب غزة يجعلهم يصرفون كل شغلهم وهمهم في توفير لقمة العيش للجوعى والدواء للمرضى وحينها سيكون ذلك على حساب القدس والحرم القدسي، وتبقى القدس إذا هي السبب الرئيس في الحصار على المليون والنصف المليون في غزة. 

المطلوب من العرب الباقين – باستثناء السعودية حامية الحرمين - وفي مقدمتهم دول الطوق أن يحمون الحرم الثالث، وقبلة المسلمين الأولى. ودعونا نحسب الآن حسابات منطقية السعودية دولة واحدة في عدد (24) دولة عربية. والسعودية لوحدها تتكفل بحماية وخدمة حرمين (البيت الحرام والمسجد النبوي)، وأظن هذا يكفيها، وبالمصري: (عداها العيب). ولا يكون من المنطق والعدل والعقل والنقل أن نطلب من المملكة أن تحمي أو حتى المساهمة في حماية القدس/الأقصى، وهي تحمي حمى حرمين.

والسؤال: أين بقية الدول العربية وأولها مسئولية دول الطوق: مصر، والأردن وسوريا ولبنان هذه الدول الأربعة باستطاعتها لوحدها حماية القدس وفك الحصار عن غزة لو أرادت وعزمت على ذلك، فلن يستطيع أحد أن يقف أمام إرادة هذه الدول الأربع فيكف لو اجتمعت بقية الدول العربية، وكيف لو اجتمعت كل الدول الإسلامية ؟؟ فلماذا إذا نلوم السعودية وهي تحمي حماها، ولعل بقية الدول ومن فيهم المملكة لسان حالها يقول: (للقدس رب يحميه)

قد كان عبد المطلب - الذي مات مشركا - تنازل عن المسجد الحرام، واقتصر على حماية إبله، وقال قولته المشهورة - لأنه كان يمتلك القدر الكافي من الشجاعة - (أنا رب إبلي وللبيت رب يحميه). والسعودية لم تقل كذلك بل هي تحمي حمى الحرمين الشريفين، وعندما يطلب منها أن تبادر بحماية الأقصى نكون هنا قد ظلمناها وأهنا بقية الدول العربية، وكذلك الإسلامية، بحيث اتهمناها بالعجز والشلل الكامل تجاه قضية فلسطين/ غزة/ القدس / الأقصى. فهل بقية الدول عاجزة عن ذلك حتى نطالب المملكة بالمساهمة بأسطول الحرية. إن ذلك الطلب ليس عدلا ولا منطقا أن تخاطب المملكة بتلك اللهجة.

والمفروض منا أن نتوجه بهذا الخطاب لمصر أولا؛ لأنها هي من حيث مكانها الجغرافي تعد قلب الوطن العربي النابض، ولا شك أنه إذا صلح القلب صلح سائر الجسد، وليس لهذا القلب أن يصلح إلا إذا بادرت مصر بفتح معبر رفح حتى تساهم في حماية القدس من أن يدسنه اليهود؛ لأن الغزاويين إن انشغلوا بتوفير لقمة العيش وحبة الدواء حتى لا يموت أهل غزة جوعا ومرضا، وهم الآن أي أهلنا في غزة سوف ينشغلون عن القدس وهذا ما يريده اليهود، والمفروض من مصر أن تعفي الغزاويين من هذا الشاغل فتوفر لهم الأمن من الجوع والمرض فقط، وهم من سوف يتكفلون بتوفير الأمن من الخوف.

إن المطلوب من مصر حتى يكون لها دور مشرف ومميز في حماية الأقصى أن تفتح معبر رفح على الدوام، وإذا ما ترددت مصر في ذلك فأظن أن على جميع الدول العربية - نستثني منها السعودية - أن تلزم مصر بفتح المعبر.

والسؤال الذي يفرض نفسه هنا : إذا كانت الدول العربية مجتمعة غير قادرة على أن تلزم مصر بفك الحصار فكيف تستطيع هذه الدول مجتمعة أن تلزم مجلس الأمن بذلك ؟ يا جماعة قولوا كلاما منطقيا وعاقلا، حتى لا تسخر منكم الأمم بمن فيهم دول مجلس الأمن، كيف تطالبون مجلس الأمن أن يفك الحصار ؟ وكيف يطلب مجلس الأمن من إسرائيل أن تفك الحصار ؟ والدول العربية هي من بادر بذلك الحصار.