الوحدة في غرفة الإنعاش
بقلم/ محمد قاسم نعمان
نشر منذ: 14 سنة و 6 أشهر و 26 يوماً
السبت 22 مايو 2010 10:36 م

22 مايو 1990م كانت النتيجة.. وكانت البداية.. كانت نتيجة وتتويج لنضال دؤوب خاضه المناضلون اليمنيون شمالاً وجنوبـًا من أجل الحرية والاستقلال والوحدة.

امتزجت دماء المناضلين اليمنيين في مرحلة الكفاح والتحرير في مدن وجبال وقرى الجنوب وكانت خيوط دمائهم المسالة تدون شعار كفاحهم "تحرير الجنوب اليمني المحتل وتحقيق الوحدة اليمنية", هكذا سجل هؤلاء بدمائهم وأقلام نضالهم وثيقة "الميثاق" ميثاق الجبهة القومية.

وبعد التحرير وتحقيق الاستقلال الوطني وانتقال المناضلين لمواصلة كفاحهم في حماية ذلك الانتصار العظيم كانت الوحدة اليمنية بارزة وفي مقدمة أهداف أولئك المناضلين وكان الشعب في الجنوب فاعلاً وحاضرًا مؤيدًا ومساندًا وداعمـًا.. وتبلورت تلك المهمات والأهداف من خلال شعار "لنناضل من أجل الدفاع عن الثورة اليمنية وتنفيذ الخطة الخمسية وتحقيق الوحدة اليمنية".

كانت أبرز مهمات أولئك المناضلين ليس الدفاع عن النظام في الجنوب فحسب بل "الدفاع عن الثورة اليمنية" وهو تعبير عن قناعتهم الكاملة والحقيقية عن الترابط العميق في جذور التاريخ والحاضر والمستقبل بين الثورة اليمنية شمالاً وجنوبـًا، والثورة هنا تعني في أجندة المناضلين "التحرر والتغيير نحو التقدم والازدهار ولم يكتف أولئك المناضلين بتأكيد الترابط الجدلي بين ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر من خلال رفعهم شعار "الدفاع عن الثورة اليمنية" ولكنهم زادوها وضوحـًا وتأكيدًا من خلال هذا الشعار الذي أصبح برنامجـًا للعمل الوطني للجبهة القومية ثم التنظيم السياسي الموحد ثم للحزب الاشتراكي اليمني.. فأكدوا على تحقيق الوحدة اليمنية".

وظل هذا الشعار الحامل لعنوان برنامج العمل الوطني في اليمن الديمقراطية الشعبية "لنناضل من أجل الدفاع عن الثورة اليمنية وتنفيذ الخطة الخمسية وتحقيق الوحدة اليمنية" هو مفتاح ومدخل ومبرر ذلك الإصرار الذي عبر عنه الحزب الاشتراكي اليمني من خلال الأخ المناضل علي سالم البيض أثناء حواراته مع أخيه الرئيس علي عبد الله صالح قبل وأثناء وبعد اتفاقية 22 مايو 1990م.

وها نحن اليوم بعد مرور (20 عامـًا) على تلك الاتفاقية وهناك من أولئك المناضلين الذين شاركوا في بلورة ذلك "البرنامج الوطني" وفي وضع ذلك الشعار الوطني المجيد والعظيم من ناضلوا ومن تفاعلوا ومن ساهموا في الدفاع عن فحوى ذلك "الشعار العظيم".

بين هؤلاء من وصلوا اليوم – بعد هذه السنين العشرين – إلى مرحلة الاقتناع بأن الوحدة التي أعلنت في 22 مايو 1990م قد أصبحت في عداد الأموات..! وهؤلاء بالطبع بما وصلوا إليه إنما يعبرون بذلك عن ألمهم الشديد لما وصلت إليه "الوحدة" هدف نضالهم وتضحيات الأماجد من الوطنيين وحلمهم العظيم والجميل.. يعبرون عن ألمهم الشديد كذاك الذي ينعي محبوبته المفقودة، مع بقاء أمنيته في عودة هذه الحبيبة المفقودة إلى الحضور وممارسة حياتها الطبيعية.

المحبوبة – الوحدة اليمنية.. هي اليوم إن لم تكن قد أصيبت بمقتل كامل فهي حاليـًا في غرفة الإنعاش تطلب من يعالجها ويعيد إليها أوكسجين الحياة.

هي اليوم بالمفهوم السياسي في أزمة شديدة.. وفي منعطف خطير أن تبقى أو لا تبقى.. أن تبقى فإننا نعني بها أن تبقى قناعة وحضورًا في حياة ووجدان الشعب وبالذات في المحافظات الجنوبية والشرقية.

أن تبقى نعني هنا أنه لابد من إعادة المراجعة الكاملة الحقيقية والجادة لمسارها الممتد من 22 مايو 1990م حتى اليوم وإعادة بنيانها المحطم وجسمها المجروح النازف باستيعاب كل محتويات الـ 20 عامـًا من مظالم وانتهاكات للحقوق ابسطها وعظيمها .

أن تبقى.. نعني بذلك احترام كل الشروط والمكونات والأهداف الحقيقية للوحدة لا نريد وحدة تتجسد في وحدة الأرض فقط بينما تخلق شروخـًا بينما تبقي الجسم والمجتمع ممزق ومشروخ كما نحن عليه اليوم.

الحاجة ماسة وضرورية اليوم قبل الغد لخطوات حقيقية وجادة لإسعاف "الوحدة" من خطر مرضها المميت الذي تسبب لوضعها حاليـًا في غرفة الإنعاش.

فهل يمكن إنقاذها أو تترك للموت.. وحينها لن يرحم الشعب من سبب لها كل تلك المعاناة وتركها تصرخ مستغيثة حتى الموت..!!