من يدفع للحرب.. قد لا يدفع للتعويضات!!
بقلم/ علي الجرادي
نشر منذ: 14 سنة و 8 أشهر و 10 أيام
الأربعاء 07 إبريل-نيسان 2010 06:58 م

توقفت حرب صعدة فيما أسبابها تعمل بنفس وتيرتها السابقة فالدمار والخراب لا يزال حافزا لمزيد من التوتر والأسلحة والأسرى والتعويضات عناوين المفارقات الحاضرة.

الأسرى والمعتقلون

لا يمكن إغفال الجوانب الإنسانية المتعلقة بهذا الملف فهناك أقارب «آباء، أبناء، إخوة» تتعلق حياتهم بوجود قريبهم في المعتقل وبعضهم لا يزال في دائرة الاشتباه والتحفظ وتم اعتقاله من مقار عمله أو من بيته في أمانة العاصمة.

والشق الآخر يتعلق بأسرى الحرب وتتخوف الحكومة من إطلاق سراحهم وتكرار خمس تجارب سابقة عادوا معها إلى ساحة القتال. ووجاهة هذه الشكوك ترتكز على مدى جدية الطرفين في تحقيق السلام وترتبط بالبرامج «الهشة» للحكومة من الناحية الفكرية التي لم تستطع تحقيق نتائج ملموسة طوال فترة بقائهم في السجون أما أولئك الذين تعرضوا لمحاكمات وصدرت بهم أحكام قضائية فإن العفو السياسي مخرج للتناقض الحاصل بين إبرام اتفاق سياسي وإيقاف الحرب واستمرار المحاكمات.

إعادة الإعمار والتعويضات

وعلى افتراض حُسن النوايا فإن الحكومة لا تستطيع وحدها التكفل بكلفة إعادةالإعمار والتعويضات بالقياس لحجم الدمار طوال ستة حروب، فوق كونها لا ترغب بذلك ربما.

وخلال الحرب السادسة مارست الحكومة اليمنية «لعبة الغماية» فتغاضت عن تدخل الطيران السعودي وقصفه في عمق الأراضي اليمنية، ولم يكن أمامها من خيار سوى ذلك فهي عاجزة أو غير متحمسة لحماية حدودها الشمالية مع المملكة ومن شأن معارضتها لضربة سعودية في عمق الأراضي اليمنية استصدار قرار دولي بأنها دولة فاشلة لا تستطيع حماية حدودها وسيكون التدخل حينئذ «بتشريع دولي» وهو أخطر، ومن زاوية أخرى فإن الحكومة اليمنية قد ادخرت هذا الكرت لحين حاجتها اليوم لمطالبة

المملكة العربية السعودية بدفع التعويضات وإعمار ما دمره الطيران السعودي وفي حالة امتنعت المملكة عن ذلك فلا أحد يضمن عدم عودة الحوثيين إلى جبل الدخان مرة أخرى!!

وإذا كان الطيران السعودي قد لقن الحوثي درسا بليغا في تصويب الأهداف فإن الحوثي قد وجه نفس الدرس على مستوى الكمائن والقنص البري.

ويضاف لعدة عوامل قد تدفع بالتوتر من جديد فإن الوضع الداخلي للمملكة وتحميل جناح في السلطة مسئولية الإخفاق في عدم إحراز نصر حاسم مع الحوثي مبررا لمحاولة جولة أخرى. محتاطا بخبرة الجولة الأولى ومتحسبا للتكتيك العسكري الذي اتبعه الحوثي في المرة السابقة مع إدخال تحسينات جديدة من قبيل «تخفيف الوزن» لدى الجنود في المملكة!!

وهذا الطرف هو من يعارض دفع التعويضات ويرى في ذلك «ابتزازاً» أشبه بدفع «الجزية» وسيضع المملكة تحت رحمة أعدائها مستقبلا، وربط الجانب السعودي لتعويضات بإفراغ عشرة كيلو متر على طول الحدود اليمنية مخالفا لاتفاقية ترسيم الحدود تعسف لا أظن الرئيس يستسيغه!!

الأسلحة الثقيلة والألغام.. الأمر المريب

تزامن إعفاء أعضاء البرلمان من لجان الوساطة من مهمتهم وإعادة تشكيلها من أعضاء الشورى فقط مع استحقاق البند الثاني من الاتفاقية المتعلق بتسليم الأسلحة وهو ما أثار تكهنات عن وجود اتفاقات غير معلنة يتعلق بعضها بتسليم الأسلحة الثقيلة والألغام التي تم نزعها وعادت لمخازن الحوثي وبند الأسلحة يثير قلق المملكة التي سبق أن فوجئت بتسليح لدى الحوثي لا يتوفر إلا لدى الجيوش النظامية كما قالها خالد بن سلطان.

اشتراط الحوثيين تسليم الأسلحة الثقيلة والألغام عبر اللجنة الأمنية العليا وتغير أعضاء البرلمان في اللجان ومن قبل ألغت السلطة اللجنة الخامسة المكلفة باستلام الأسلحة الثقيلة يخلق بيئة مناسبة لتنصل كل الأطراف الداخلية والإقليمية من التزاماتها.إذا كان الحوثي جادا في البحث عن السلام فليس مقبولا التمسك بذرائع واهية، وإذا كانت السلطة اليمنية جادة في تطمين جيرانها وهي أحوج ما تكون إليها فما جدوى إقصاء أعضاء البرلمان من قائمة «شهود» السلام، ما لم يكن هناك أمر مريب تود التستر عنه!!

الجنوب.. العمل بالسيف والذهب

مخاوف تكرار سيناريو حرب صعدة في الضالع كما ورد على لسان د. عيدروس النقيب رئيس كتلة الاشتراكي بمجلس النواب أقرب التوصيفات إلى الحقيقة.

فالقضية الجنوبية تتعرض للتصفية بالذهب والسيف معا وهناك مخاوف من شرارات عنف حقيقية طرفاها السلطة وتيار سري مسلح داخل الحراك يدفع بطريقة مدروسة للعنف عن طريق تنفيذ عمليات محدودة الزمان والمكان بوتيرة تصاعدية تفضي إلى مواجهات عنيفة بين السلطة والمواطنين وتتشابك فيها قيم «السياسة بالثأر والواقع الاجتماعي».

وهناك سلطة تتحسس زناد المدافع كلما سمعت صوت معارضيها ومن وسط الثكنات العسكرية أعلنت معظم القرارات السياسية وأخطرها، ومن مجلس الدفاع تمت الدعوة للحوار وفرض الرسوم الجمركية على واردات السلع وعدم التدخل في شئون القضاء.

القضية الجنوبية تعرضت لنكسة دعم دولي وإقليمي وهمي وصراع الزعامات في الداخل والخارج حتى لا يكاد يخلو بيان منسوب للبيض أو العطاس أو علي ناصر من لقب «الرئيس» إلى الحد الذي دفع دبلوماسيا عربيا للسؤال عن «من فيهم الرئيس»!؟ وفي الداخل أيضا لا تعرف من هو «الزعيم» و»السلطان» ومؤدى الانتكاسة خطير في حالة الاتجاه للعنف أو العودة للصمت الذي لن يطول أيضا وحين ينفجر قد لا يكون حراكا سلميا. مغامرة السلطة في الجنوب ومراهنتها على القوة كما لو أنها لم تخض ست حروب في صعدة أهلكت الحرث والنسل وأكلت «الأخضر» من الإقليم و»اليابس» بالريال اليمني وتوقفت الحرب والخزينة على وشك الإفلاس والضحايا يئنون من كل بيت.

وحتى منطق الحروب لا يستقيم مع مواجهة «جيش تم تسريحه» من المتقاعدين قسريا ويحظون بعمق اجتماعي وقضية سياسية أيضا وبداعمين «في جنح الظلام» يعملون تحت شعار «ليس لدينا ما نخسره»،لا يكفي أن العالم يتمنى لليمن كدولة أمنا واستقرارا والسلطة في الداخل لا تشعر بالطمأنينة إلا على أزيز الرصاص وهدير المدافع!!.

ولن يستطيع المانحون الاستمرار بدفع مال لسلطة لا تشبع، ويكفي اليمنيين ذلا وهم يمدون أيديهم من لندن إلى الرياض إلى أبو ظبي إلى الرياض ثم إلى ألمانيا ونيويورك.. إنهم يبحلقون في وجوهنا ويتمتمون: الله كريم، ساعدوا أنفسكم قبل أن يساعدكم الآخرون!!.

aligradee@hotmail.com