رجم الشيطان بشروط خالد بن سلطان
بقلم/ د.كمال البعداني
نشر منذ: 14 سنة و 10 أشهر و 13 يوماً
الثلاثاء 02 فبراير-شباط 2010 07:08 م

ما إن أعلن قائد التمرد الحوثي عن ما أسماه مبادرة للانسحاب من الأراضي السعودية) المحررة) ثم تلاه إعلان المملكة بأنها ستدرس الرد على ذلك. ما إن حصل هذا حتى شرع الكثير من المحللين والمتابعين يناقشون هذا الأمر ويجتهدون في تفسيره وتحليله، فمنهم من قال: إن هناك اتفاقا سريا بين المملكة وبين المتمردين. وآخر يقول: إن هناك وسيط ثالث في العملية. وكان أكثرهم تشاؤماً هو من ذهب إلى القول بأن رد المملكة سيكون الترحيب الفوري بمبادرة الحوثي ثم يعقبه مفاوضات مباشرة في دوحة قطر (الوكيل السياسي الحصري لإيران في المنطقة). خاصة وأن بيان الحوثي قد صاحبه التهديد والوعد والوعيد ضد السعودية وبينما كان الجميع منشغلين ما بين التحليل والترقب فإذا بتصريحات الأمير خالد بن سلطان وشروطه الثلاثة تأتي واضحة كفلق الصبح الذي يبدد الظلام. نعم كانت واضحة وضوح الشمس لا ترى فيها عوجاً ولا أمتا: (1- سحب القناصة. 2- إطلاق المحتجزين. 3- تمركز الجيش اليمني على الحدود بين البلدين). الله أكبر. إنها شروط دولة ورب الكعبة، شروط دولة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، شروط دولة تنظر إلى المستقبل وتستفيد من التاريخ. كان بمقدور السعودية الاكتفاء بالشرطين الأول والثاني وهو ما كان يأمله الحوثي ومن معه ولكنها كما قلنا دولة تنظر إلى المستقبل وتستفيد من التاريخ فالدول التي لا تستفيد من التاريخ والتجارب لا مستقبل لها. فقد أوضح ذلك الأمير خالد بن سلطان بقوله: إن الحوثي له خمس اتفاقيات مع الحكومة اليمنية وفي كل مرة يرتد على عقبيه وينقض العهد ولكن بعد أن يصبح أكثر عدداً وعدة . فهاهو يحاول المراوغة مع صنعاء كما حاول مع الرياض فقد اعلن التزامه بالشروط الخمسة وتعمد اغفال الشرط السادس الخاص بالسعودية وقد كان الرد حازماً من صنعاء ايضاً بل وطالبته بالافراج عن المعتقلين اليمنيين والسعوديين . وغنياً عن القول ان هذه مناورة وليست مبادرة في محاولة لالتقاط الأنفاس كما يحصل في كل مرة .الحقيقة أن السعودية تعلم كما اليمن كذلك بأن بقاء هؤلاء بهذا الوضع المسلح يشكل خطراً على اليمن والسعودية معاً وإن لم يتداركا الوضع فسيندم البلدان في المستقبل، ولكن في وقت لا ينفع فيه الندم. وفي يقيني أن التنسيق السياسي والعسكري بهذه الصورة بين البلدين لم يحصل في تاريخهما على الإطلاق إلا بعد أن هاجم الحوثي الأراضي السعودية؛ ومن الطبيعي القول إن هذا التنسيق ليس في مواجهة الحوثي وإنما لمواجهة المشروع الصفوي الذي يمثله الحوثي، هذا المشروع الذي ينظر إلى اليمن والسعودية بكبرهما الجغرافي والسكاني بالإضافة إلى عمقهما الثقافي ينظر إليهما على أنهما يمثلان عقبة كؤود أمام هذا المشروع في المنطقة. فالجميع يعلم بأن شعار (الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل) قادم في الأصل من إيران، فهي تريد أن تحارب الشيطان الأكبر في اليمن والسعودية، بينما الدوريات مشتركة مع هذا الشيطان على الحدود العراقية الإيرانية والتنسيق السياسي مشترك مع هذا الشيطان في المنطقة الخضراء ببغداد . بل أن الرئيس الإيراني نجاد ما كان ليحلم بزيارة بغداد لولا وجود الشيطان الأكبر هناك والذي وفر له الحماية اللازمة وهذا دليل على أن للشيطان فوائد في بعض الأحيان .

إذاً: فإيران تريد أن تأكل الثوم بأفواه أبناء اليمن والسعودية. وقد أعدت للأمر عدته على كافة الأصعدة منذ فترة ليست بالقصيرة بما فيه إيجاد الطابور الخامس (اللوبي) وما أدراك ما الطابور الخامس . هذا الطابور شوه كل جميل وجمل كل قبيح في بلادنا . فهو الذي عمل على تأخير القبض على تجار الأسلحة لمدة خمس سنوات كاملة منذ اندلاع التمرد عام 2004م وحتى الأسبوع المنصرم رغم سقوط الكثير والكثير من القادة والضباط والأفراد والمواطنين بأسلحة وذخائر أولئك التجار والذين منحوها لقادة التمرد بثمناً غير بخس وبدراهم غير معدودة .هذا الطابور هو الذي يحاول إيجاد صراع بين قادة وحدات الجيش وهذا الطابور هو الذي زين للسلطة إيقاف الحرب لخمسة مرات متتالية حتى وصلنا إلى هذا الحال وهاهو يسعى للمحاولة السادسة هذا الطابور هو الذي أغرى السلطة بالقبض على الأستاذ سيف الحاضري رئيس مؤسسة الشموع للصحافة والتي أخذت على عاتقها منذ تأسيسها فضح المخطط الصفوي في المنطقة وأخذت تحاربه بكافة الطرق والأشكال . هذا الطابور يا سادة هو الذي سيقنع السلطة مستقبلاً وربما حاضراً بالقبض على كاتب هذه السطور! باعتباره يشكل خطراً على الأمن القومي للبلاد! . وغنياً عن القول انه ومنذ اللحظة الأولى التي هاجم فيها الحوثي الأراضي السعودية انقسم الطابور الخامس إلى قسمين كل منهما يؤدي المهمة المكلف بها فالقسم الأول روج هنا في اليمن بأن السعودية تعتدي على الأراضي اليمنية ولا بد من رص الصفوف لمواجهة العدوان السعودي. وعندما فشل هذا القسم من الطابور الخامس بإثارة الشارع اليمني اتجه إلى الخطة الثانية يسانده طابور خامس داخل المملكة وهو القول بأن السعودية قد تم استدراجها لهذه الحرب ومن الأفضل لها أن تلجأ إلى الطرق الدبلوماسية لحل هذا الإشكال. وهذا القسم أيضاً فشل في خطته بسبب أن كل من صنعاء والرياض تدركان تماماً مرامي طهران التي تسعى مستقبلاً إلى التأثير على القرار السياسي في البلدين من خلال الأوراق الإيرانية التي تحلم بامتلاكها في كلا البلدين كما هو حاصل مع بعض البلدان. ولكني أعتقد بأن سياستها هذه المرّة قد باءت بالفشل رغم محاولة استعانتها بالشيطان الأكبر بالضغط على صنعاء والرياض للإبقاء على الحوثيين ومحاولة إنقاذهم بكافة الطرق والأشكال (الشيطان الأصغر يستعين بالشيطان الأكبر). فهل نحن أمام الفصل الأخير من هذا التمرد؟ وهل أقترب اليوم الذي يقول فيه البلدان لكلٍ من طهران وأعوانها في المنطقة سواء من الدول أو من عصابات التمرد: انتهى الدرس يا أغبياء فلا مكان لنار فارس في جزيرة العرب ؟! أتمنى أن لا يتأخر هذا اليوم وان لم يفعلا ذلك فستكون فتنة في الأرض وفساد كبير ...

اللهم هل بلغت .......اللهم فأشهد