الناس متفائلون..
بقلم/ عارف الدوش
نشر منذ: 12 سنة و 10 أشهر
الإثنين 27 فبراير-شباط 2012 04:31 م

تدفق الناس بمختلف انتماءاتهم السياسية ومشاربهم الفكرية وأعمارهم ومستوياتهم التعليمية والوظيفية إلى صناديق الاقتراع أو الإستفتاء أو التوافق - سموها كما تشاءون- لانتخاب أو اختيار الأخ عبدربه منصور هادي رئيساً جديداً للبلاد يعكس تعطش اليمنيين للتغيير برغم غياب التنافس في هذه الانتخابات، فقد لمس الناس الحماس في وجوه بعضهم البعض في المراكز الانتخابية وتبادلوا الأحاديث فيما بينهم بعفوية وصدق بعيداً عن ملتقيات الأحزاب والندوات ووسائل الإعلام وذلك هو نبض الشارع الحقيقي بعيداً عن المكياج والمحسنات البديعية للعبارات والكتابات أو البهارات للمواقف والأفكار وخاصة في ندوات منظمات المجتمع المدني وتقارير مراكز الأبحاث ووسائل الإعلام، ولو أن كل واحد منا شارك في التصويت حاول كتابة ما شاهده وسمعه في مراكز الاقتراع ستكون المحصلة الأخيرة عملاً كبيراً ستخرج منه مراكز الأبحاث والجامعات والأحزاب بخلاصة مفيدة ستنفع صانعي القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي، كون نبض الشارع وحديث الناس العفوي يعكس مطالبهم وما يريدونه بدون رتوش وتكلف.

اليمنيون بإقبالهم غير المتوقع على صناديق الاقتراع برغم غياب التنافس يرون أن انتخاب الرئيس التوافقي عبدربه منصور هادي يستجيب في جانب منه لمتطلبات تطبيع الأوضاع في البلاد التي كانت على وشك الانفجار وأن ذلك أيضاً يعد تعزيزاً للوحدة الوطنية والسلم الأهلي وأنه بإمكانهم أن يصنعوا الحياة وأن يتمسكوا بحريتهم وحقوقهم وكرامتهم ويدافعون عنها وعن أهداف ثورتهم السلمية الشعبية من خلال مشاركتهم في تحقيق أهدافها واحداً بعد الآخر ولا يعني تغيير رأس النظام بالنسبة لهم سوى البدء في التغيير الحقيقي باعتباره خطوة أولى تؤشر لحتمية بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة المنشودة وستتبع هذه الخطوة خطوات والفعل الثوري مستمر بأشكال وأساليب جديدة. وعلى النخب والحكام الإدراك بأن الزمن تغير وأن الثورة فعل يقوم به الناس لتغيير حياتهم الى الأفضل، ونحن الآن أمام لحظة تاريخية ومفصلية هامة إما أن نلتقطها ونبدأ في التأسيس لمستقبل يلمس الناس نتائجه أو ستجرفنا ثورة قادمة لا محالة قد لا تكون سلمية.

يختلف السياسيون والفلاسفة والمنظرون وقادة الأحزاب وكوادرها في قناعاتهم وتصوراتهم حول التوافق الذي توصل إليه اليمنيون بضغوط إقليمية ودولية فمنهم من يرفض هذا التوافق شكلاً ومضموناً ويرى أنه وصاية إقليمية ودولية على اليمن وشعبها ومنهم من يراه مخرجاً آمناً لليمن من محنتها التي كادت توصلها الى الاحتراب، لكن احتشاد الناس وإقبالهم على صناديق الاقتراع وجه رسالة واضحة وقوية مفادها أن اليمنيين يختارون التغيير سلمياً ويرفضون العنف ومهما قيل عن مؤامرة إقليمية ودولية لإجهاض الثورة الشبابية السلمية اليمنية أو عن سرقة الثورة من قوى كانت جزءا من النظام السابق وأن التغيير المطلوب كان هو تغيير النظام بالكامل وان ما وصلنا إليه بانتخاب عبدربه منصور هادي هو تغيير رأس النظام فقط بينما النظام السابق لازال بكل قوامه سواء من بقى في السلطة أو من قفز إلى الثورة، لكننا في الأخير نرى أن التغيير يرسم معالم جديدة ولو بالحد الأدنى من تطلعات الكثير منا وأحلامهم الثورية والمدنية وهذا يعني أن النضال السلمي والمدني لابد أن يستمر وعلى كافة المستويات والأصعدة.

لا يكفي أن نرفض فقط ما تحقق بل لابد من المشاركة في تعزيز ما تحقق والدفع باتجاه تحقيق المزيد على قاعدة تحقيق أهداف الثورة الشبابية السلمية الشعبية فالاستبداد والطغيان له صور وأنماط ونماذج لا زالت تسيطر على المشهد ولن تتزحزح إلا بمواصلة النضال السلمي، فالوطن مرهق وجماهير البسطاء المستفيدون الحقيقيون من التغيير تطحنهم يومياً مظاهر الاستبداد والطغيان والغلاء وانعدام الخدمات وغياب العدل والقانون وليس منطقياً ومبرراً أن نموت ونقدم الشهداء باستمرار حتى نصنع الحياة الكريمة نريد مرة واحدة أن نصنع الحياة الكريمة بدون موت ونزيف الدماء والأيام القادمة كفيلة بالإجابة على كثير من التساؤلات وهي تحتاج أكثر ما تحتاج إلى إنجاح التوافق والنظر إليه بمنظار الوطن لا بمنظار الحزبية والتقاسم المقيت، كما تحتاج أيضاً للحزم والحسم في قضايا كثيرة تتطلب ذلك لأن شياطين الإنس سيحاولون جس النبض واختبار النوايا فإن مرت على يديهم قضايا كانت تتطلب الحزم والحسم ولم يتم ذلك فسوف تفتتح شهيتهم وهم كثر وقادرون على تحويل الفترة الانتقالية إلى انتقامية إن وجدوا التراخي وغياب الحزم والحسم، والتوافق لا يعني التراخي أو التمييع للقضايا وعدم التعامل معها بحزم وحسم، والرئيس التوافقي الجديد مدعوم شعبياً وإقليمياً ودولياً فلا مجال للمراضاة والحذر، فكل شيء واضح، أما الحزم والحسم منذ البداية أو سنظل ندور في حلقة مفرغة لن نخرج منها وهذا يقودنا إلى القول إن كل ما نحتاجه خلال الأيام القادمة هو رئاسة وحكومة تضع الحقائق أمام الناس بشفافية دون مواربة أو خداع وتجميل أو كذب، فلا شيء أفضل من الشفافية والمكاشفة ولا شيء أفضل من الحزم والحسم ليستقوي الرئيس التوافقي ولتستقوي حكومة الوفاق بالتأييد الشعبي والإقليمي والدولي ضد كل من يحاول عرقلة التسوية السياسية أو تأخير التغيير أو الالتفاف عليه وليس صحيحاً أن التوافق سيصبح عائقاً أمام مكاشفة الشعب بالحقائق، بالعكس المكاشفة ستمكن الشعب من الرقابة على التنفيذ وستكون دعماً قوياً باتجاه تحقيق بقية أهداف الثورة الشبابية.

وأخير نصيحة لأبناء الرئيس السابق وأبناء أخيه أوجهها إليهم وأعلم أنهم لا يعرفونني ولكنها من مواطن يمني كما وجهها إليهم زميل مهنة التعب اللذيذ "الصحافة" عبدالرحمن بجاش قبلي في شهقة الفجر بصحيفة الجمهورية ليوم الخميس الماضي 23 فبراير ملخصها أن الزمن تغير وعليهم أن يكونوا مع قرارات اللجنة العسكرية أياً كانت هذه القرارات وأن لا يسمعوا أو يصدقوا رابطة الخلصاء وأوجه إليهم نفس سؤال الزميل بجاش: هل تقبلون أن تكونوا مواطنين مثلكم مثل غيركم؟ أو ستصدقون الأخوة الأعضاء - أعضاء رابطة الخلصاء- الذين يحاولون خداعكم الآن بأنهم قادرون على (بلف) الشعب وفرضكم, فالزمن تغير ولا تصدقوهم, ومن باع صاحبه الأول يكون مستعداً لبيع الكون كله والكرة في ملعبكم!! أما اللواء علي محسن صالح قائد المنطقة الشمالية الغربية قائد الفرقة الأولى مدرع فقد وعد الشعب والثوار أنه لا يطمع بسلطة وسوف يستقيل بعد الثورة منتظرون تنفيذ وعده وليس لدينا شك في أنه سيخلف الوعد، ويبقى أولاد الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر فمن مصلحتهم دولة النظام والقانون وأي تدخل من قبلهم في قضايا الدولة والحكومة بدون وجه حق سيجعلهم هدفاً للثوار، فالثورة مستمرة ولن تتوقف وستأخذ أشكالا مختلفة.. والله من وراء القصد