شغلات منتهي الصلاحية
بقلم/ وليد البكس
نشر منذ: 12 سنة و 10 أشهر و 18 يوماً
الثلاثاء 07 فبراير-شباط 2012 08:08 م

اندلعت الثورة فتقلبات الأحداث بشكل غير مسبوق، ولا يعني هذا أنها كانت مستقرة إذا كانت كذا فلماذا أصلاً خرج الناس للساحات وقرروها ثورة؟.

ولا يهمنا إن كانت هذه التقلبات دراماتيكية او غيرها،الأهم هو أن الشعب ثار وهاهو ماض في طريقه إلي انجاز التغيير.

هناك من يقول صحيح بأن (اليمن) واحد ولكن أصبح مع - رحيل صالح- تتشاطره عدة ملفات تتناسب طردياً بآلات شخصيات داخلية واذرع خارجية،لكننا ونحن نستمع إلي مثل هذا الرأي،نؤكد بأن ذلك لن يكون مبعثا للقلق،بعد كل هذه التضحيات،وعلى العكس أرست هذه الثورة المجيدة أساساً متينا؛يجعل من هذا البلد بملفاته محفز اهتمام لكافة ألوان الطيف الثقافي و السياسي المتباين،و استشعار مدى ما يحدث على الساحة الداخلية؛على انه أمر طبيعي،و يعمل على تنضيج المسؤولية كاملة لدى الجميع.

ومع عدم إغفال الأذرع الخارجية التي تتخذ من هذا البلد ملعب لتصفية حساباتها تعد البرامج وتمول عملائها من المرتزقة والأتباع.

إن المستوى الملاحظ الآن لهذه البرامج الصغيرة في شمال الشمال " صعده" او إقليم الجنوب بما يخص قضية الوحدة والانفصال او من في المنتصف " تعز اب" وما جاورها يجب ان ( تأقلم) وفقا لترديد البعض مثل هذا الكلام:التصويت في الانتخابات يجب ان تتم بحسب من يعمل،و ينتج ويدفع الضرائب للدولة،بالإضافة إلي المناديين بإقليم " تهامة".

و كل ذلك مكشوف بالنسبة للمواطن البسيط الذي خرج ثائرا ويدرك ما الذي يجري من حوله.فالشعب اليمني اليوم غير شعب الأمس ولا يمكن ان تنطوي عليه هذه المؤامرات الحقيرة، او يستثمر حماسه باسم العوز والحاجة لتمرير مثل هذه المخططات الدنيئة.

جميع هذه المتناقضات،تستدعي تداعيات الأحداث في البلد بشكل تلقائي او(وفق النزعات الغوغائية) ويتطلب نشر الغسيل السياسي والغسيل المضاد لكل طرف على حده بفعل ألازمة القائمة فعلا او بمخططات المتأزمين سياسياً.كما يظهرون مستفحلين على نسق متصاعد الوتيرة،يستقطبون حتى جزءاً من ذهنية تهادنية غير وطنية لا تمحص عن قرب الواقع كما ولا تبدو بارعة في قراءة المستقبل،وهذا يظهر حقيقة فشل اغلب هذه الأطراف،وتأخرها في اللحاق بإيقاع صخب الثورة المتصاعد.والتغيير المستمر او بمحاولة تسخير المزاج الثوري في صفها وذلك مالم تطاله حتى اللحظة.

إن الثورة في خامتها ماضية إلي نسف الأسانيد التبريرية للأزمة التي يطمح البعض إلي خلقها في كل الاتجاهات بما فيها تلك التي يحاول أصحابها(الحراك،الحوثيين)مثلا إذكائها بارتكازها على قاعدة موروث استحقاقي عفا عليه الزمن ووحدة أسست لسنوات قهر وغبن تلوح بمشروع تناحري - غير تقليدي- شمالي جنوبي على مقومات الماء والمرعى،فيما جوهره يتمثل بالثروة المسلوبة.وهو ما لا ينكره احد.

 كما أضفى عليها الزمن طابع الكرة الثلجية التي تشبعت بمخزون من أخطاء نظام الشرعية المشبوهة،التي تناولت الحلول من جانب سلطة نظام مركزي ومن ثم نزوات جاذبة لمنجز اتفاقية هشة مبرمة من طرف نظام صنعاء بينها و بين أيديها المتغلغلة في الحراك الجنوبي وأجنحتها داخل الحوثيين ليصبح الطعم السياسي السائد في هذه اللحظة هو أزمة طائفية شديدة السخيف ومطلب انفصال وقح مغلف بما تبقى من خبائث سياسة حزب صالح و قد يصبح شائك التعقيد لو نجح. 

في واحد من أحاديثه،أشار علي عبد الله صالح،حينما كان يوح بيده بشكل دائري وهو يتحدث أمام الكاميرا"سأتنحى عن السلطة وأبقي في البلاد أسوي لهم شغلات"قال.

كان هذا الطموح غير بريء، يسعى خلف عنوان عريض لصناعة الأزمات،يخلق في قوالبه الصدامات المناطقية في الجنوب والقبلية المسلحة في الشمال،في ظل تحسر أتباعه في الداخل،وتنامي الأيادي الخبيثة في الخارج؛التي تضخ الأموال القذرة، لدعم سلطة القيادات العسكرية الباقية من نظام صالح،وها هي اليوم تطمح إلي ان تجنح بالأمر برمته إلى دائرة العنف وإفشال الانتخابات القادمة،إنها تستنفر على نحو سافر كافة الجماعات الطائفية و المناطقية؛المشكلة لبعض مناطق خارطة الوطن الواحد، ووضعه فوق برميل من البارود ،فضلاً عن ان التسخين القذر الذي تقدم عليها هذه الأطراف، يتعين أن يقابله ولو تخدير موضعي مؤقت لحين إجراء الانتخابات الرئاسية للخروج بحسم نهائي خلال السنتين المقبلة لـ(الفترة الانتقالية) و مع صعود عبد ربه منصور هادي،لا شك يسهم ذلك في ميلاد أحزاب و تكتلات سياسية غير مسلحة تمثل هذان الطرفان وتحول لب هذه النزعات الغبية.من دعواتها الطائفية والانفصالية إلى مشاريع سياسية مطلبيه تساهم في استئصال هذه الدعاوى الشيطانية.