بشرى وتوكل أين الخلل وأين الحل ؟
بقلم/ عمرو محمد الرياشي
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً و يومين
الثلاثاء 24 يناير-كانون الثاني 2012 01:33 ص

لم تمر فترة طويلة من صدمة تصريحات الكاتبة (بشرى المقطري) والتي أساءت الأدب مع الذات الإلهية في مقالها الأخير حتى لحقت بها الحاصلة على جائزة نوبل للسلام (توكل كرمان) وركبت بقطار الصدمات .... لو كانت تلك التصريحات والكتابات صدرت من غيرهن سيكون الأمر اخف وطاءه .. لكن الأمر كان كبير لأن كثير من اليمنيين وغير اليمنيين كانت لهم نظرة إعجاب وتقدير ووصلت إلى مرحلة القدوة لهاتين الشخصيتين (بشرى(و (توكل).

فهل النقاب وان اختلف العلماء على وجوبه برئي توكل كرمان يعيق المرأة عن ممارسة دورها ورسالتها في هذه الحياة ومن متى كان النقاب عازلا للعقل البشري عن أداء دوره المناط بالمرأة المسلمة حتى من الناحية العلمية ... ربما سيثبت لنا العلم أن مصافحة الأجانب وربما لبس الجينز للمرأة لاحقا سيكون ذو فاعلية في زيادة عملية الإنتاج الفكري والثقافي ...لكن ماذا عن الأفكار المستوردة من الخارج مثل (أن الإسلام ليس مصدر تشريع بل مصدر إلهام)

يقول الله عز وجل في سورة الشورى (شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك)

وفي سورة المائدة (وأن أحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهوائهم عما جاءك من الحق لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا).

عموما لنترك العصيبة ورائنا لأن الأولوية تكون في كيفية معالجة الإشكال الذي أنتج لنا محصلة من العقليات غير منسجمة مع النسيج اليمني المسلم ولنناقش الأمر بشكل موضوعي باحثين عن تلك الأسباب التي قد يكون لها نتيجة للتأثير لتخرج لنا بين الحين والأخر مفردات وجمل تسيء لحقيقة ديننا الإسلامي وقيمه كاشفة عن خلل حقيقي وكبير في طريقة التعليم الذي نتلقاه في مجتمعنا اليمني ليس فقط في اليمن ولكن في غالبية مجتمعاتنا العربية والإسلامية .

فلا تتعجبوا إخواني الأعزاء من التعدي على الذات الإلهية وتحريف كثير من أصول قيم الإسلام ومعانيه فتفشي مثل هذه الحالات أصبحت ظاهرة خطيرة تنتشر حتى في صغار السن وفئة الشباب على مستوى العالم الإسلامي والعربي ...وهذا ناتج أولا من خلل منبعه البيئة الحاضنة التي أخرجت لنا مجتمع يمثل دور تكوين أي أمة بشعبها ولبنته الأولى هو البيت الذي يقوم على عمودان همـــا (الأب و الأم) حيث من خلالهما يكمن أول مدخل لفساد وصلاح العقيدة للنشء والجيل الذي تبني عليه الأمم كثير من تطلعات المستقبل ليكون صافي ومعافى من شوائب و أمراض الانحلال الفكري الذي يلحقه انحلال وانحطاط أخلاقي التي تؤدي إلى هلاك الأمة واندثارها فتصبح مجتمعات بلا روابط قوية مجرد روابط مادية لا تحمل أي قيم إنسانية وحتى اعتبارية لما حولها من قدسية للخالق عز وجل وتكريم للمخلوق .. فإذا أساء المخلوق الأدب مع الخالق فلن تثنيه أي مبادئ من أي نوع عن الإساءة وانتهاك حرمة المخلوق .

فالخوف من سخط الله عز وجل والعياذ بالله أن يصيبنا بسبب التلوث الفكري وتشوهه ... وكم هي العبر من تاريخنا من قصص الانحلال الفكري و الأخلاقي وكيف كانت نهاية تلك الأمم وما قصة قوم لوط وغيرهم من الأمم الغابرة إلا تاريخ لأخذ العظة لنا نحن البشر فهل مازال لنا عقل كي نعتبر؟

بالرغم من نسبة التعليم المتدنية والأمية المرتفعة في اليمن إلى أن التشوهات التي تحصل كالتعدي على الذات الإلهي في اليمن أخف وطاءه مقارنة ببعض الدول ... لكن لا يمنع أن تكون الخطورة تكمن في عملية التمدد وتوسع لتصبح ثقافة قد تطال مجتمعنا الإسلامي في اليمن ويكون مصدرها بعض من يحسبون على فئة المثقفين والمتعلمين من المجتمع اليمني أو ما يحسبون على الثورة .

وما أريد توضيحه إننا يجب أن نعرفه أن نتيجة هذه الظواهر الصوتية هو الصدمة الكبيرة نتيجة الانتقال خلال فترة وجيزة من فترة الانغلاق على النفس وعلى العالم والدخول إلى ما يمسى الحداثة وهي كسر كل الأطر القديمة ليتم قبولها في النظام المجتمعي الجديد من أجل إفراز فكر ونهج لجعل الدين معزول عن الدولة أولا ومن ثم عزله ومحاربته في حياة البشر والمجتمعات لإظهار الشك في جدوى الدين وبث القلق في حياة الناس ونرى مصطلحات كثير يتم إبدالها من مفهوم الجهاد في الدين إلى مفهوم الإرهاب وأيضا تحول الخمر إلى ما يسمى مشروب روحي وهكذا .

وهذا جعل كثير من المسلمين يقومون بالتنازل عن قيمهم وخلقهم وفكرهم الإسلامي في أسلوب الحياة المادية والاجتماعية لتحقيق هدف ما يصب في الدرجة الأولى لمصلحة أعداء الحضارة الإسلامية كون أن الإسلام يفقد كثير من الإمبراطوريات العالمية مصالحه والتي تعتمد على التعامل مع البشر وبالأخص النساء كسلعة مادية لا قيمة لها ... فيبدوا أن الكثير من مثقفينا وكتابنا يريد ركوب موجة الحداثة وما نراه من معزوفات نسمعها من خلال التصريحات والكتابات المخالفة لنهج الإسلام ليست سوى إحدى الإعراض وكل هذا يصب في صنع هوية مصدرها أفكار مستوردة من فكر البشر وليس من رب البشر ... وأكثر ما يركز الغرب لترويج ونشر هذه المشاريع تكون من بوابة المرأة والتأثير على فكرها وإدخال مفاهيم شيطانية في الباطن ظاهرها الإنسانية والحفاظ على حقوق المرأة وتحرر ها و تطور المجتمع والخروج من التخلف الفكري والخ ...

وهذه جزء من الأسباب الرئيسية لتأثر كثير من مثقفينا وكتابنا لسبب بسيط جدا هو أننا نعيش حاليا في فتره زمنية تعاني حضارتنا من الضعف والوهن وفقدانها لأبسط مقومات القوة والبقاء مستقلة ...ولذا الحضارات القوية هي من تنتج المصطلحات وتصدرها لنا ونبقي في مستوى الانحطاط ونخضع لسلطات الغير ... ولذلك نرى الغرب يهيمن علينا كمسلمين عسكريا واقتصاديا وسياسيا ويفرض علينا كثير من الثقافات لننسى كثير من صميم هويتنا الإسلامية .

فلو أخذنا مثال بسيط مسألة الحجاب ما نسبة النساء في مجتمعاتنا التي يرتدين الحجاب نتيجة اقتناع ديني وليست نتيجة عادة مجتمعية فرضت عليهن ؟

ستكون نسبة القناعة الدينية ضعيفة جدا .... خاصة في ظل التأثر الإخلاقي السلبي بسبب الغزو الثقافي ابتداء من شبكة النت و القنوات الفضائية والجوالات وغيرها من وسائل أخرى أصبحت تشكل هاجس وخطر يهدد كيان الثقافة والهوية الأسلامية .....

أخيرا

رسالتي إلى رجال الدين أن أمر التكفير وإباحة الدم لن يجدي نفعا وقد يقول قائل لماذا ؟ وهو موجود في الشرع؟

نقول له نعم ..لكن لا يمكن تطبيع حد السرقة على شخص و لم يوفر له ابسط مقومات العيش التي تسد رمق عيشه ونفس القياس على من يصاب بانحرافات في الدين والوقاية خير من العلاج ... فيجب أن نبني نهجا تعليميا يعتمد على نقش مقومات وأساسيات الدين في الجيل الجديد بأسلوب وأدوات جديدة تلاءم العصر ليكون محصنا من الثقافات الهدامة الدخيلة المصدرة لنا من الحضارات الأخرى... طبعا هذا لن يأتي إلى بعد خروج معلمين مؤهلين لهذا المشروع الذي سيحمل أيضا بناء الإنسان اليمني حضاريا ودينيا وعلميا بما يتماشى مع تطور العصر والعالم وبأدوات وطرق حديثه تحمل نفس القيم الإسلامية .

amr19782010@hotmail.com

عودة إلى كتابات
الأكثر قراءة منذ أسبوع
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
علي محمود يامن
الفضول … شاعر الخلود الوطني
علي محمود يامن
الأكثر قراءة منذ 24 ساعة
د. محمد جميح
سوريا: علمانية بمواصفات ذقن حليق
د. محمد جميح
كتابات
محمد سعيد كلشاتالسياسي والقرار الصحيح
محمد سعيد كلشات
سلطان الذيبالقاعدة الذهبية
سلطان الذيب
م. عبدالرحمن العوذليالحمدي وعلي صالح عند اليمنيين
م. عبدالرحمن العوذلي
مشاهدة المزيد