26سبتمبر..انكسركوب الليمون يا" شاطر"
بقلم/ وليد البكس
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً و 10 أيام
الأحد 15 يناير-كانون الثاني 2012 08:11 م

لم يكن يتوقع علي حسن الشاطر قسوة الدورة التاريخية ضده،أو انها ستتسارع إلي أقصى حدودها،إن كانت في حساباته الشخصية،من المؤكد انها لم تشمل هذه النهائية؛و عندما تكر الأيام الثقال،ستنصف حتى أحد حراسه الشخصين،وهو يقول لزملائه في التوجيه بعد سماعه الخبر"رفعتم رؤوسنا"فيما زميلهم الآخر" حامل أكواب الليمون؛الذي كان يقدم لعلي حسن الشاطر طلبات فطوره.عبر عن سعادته بطريقته الخاصة.

حينما أقدم هذا الموظف البسيط على كسر(كوب زجاج كان يقدم للشاطر فيه الليمون كل صباح) محاولا التعبير عن سروره البالغ برحيل مدير متأفف على الدوام،مبديا في الوقت نفسه ارتياحه،ورغبته عن عدم عودة المدير إلي التوجيه المعنوي.فعل ذلك وهو يستمع إلي مكالمة تلفونية بين علي عبد الله صالح و"علي محمد صلاح".

يقول زملاءه أثناء تلقي علي صلاح عدة مكالمات من صالح،بخصوص إمكانية إعادة الشاطر إلي عمله، يتحدث علي صلاح بصوت مسموع في ساحة التوجيه المعنوي،ويستمع جميع المتواجدون من حوله لما يدور. إذ لم تجدي اغلب المكالمات التلفونية في الأيام الأولى من جدوى،وصبت جميعها في الترحيب برحيل الشاطر بهكذا طريقة وسط صحافيين وموظفين التوجيه المعنوي.

كان الشاطر واحد من شخصيات رجال علي عبد الله صالح المخلصين،ولذلك أثار ترحيلة عن دائرة التوجيه ضغينة صالح تجاه عبد ربه منصور هادي.إلي جانب مايجري الآن من شطب فاسدين المؤسسات على رأسها التوجيه المعنوي،وشركة طيران اليمنية،وآخرين لا حصر لهم،وهو ما كاد يفجر الوضع بين صالح المنتهية ولايته وهادي الرئيس بالإنابة،ما يجعل من ألاتفاقية المزمنة في الطريق إلي الفشل. 

انتزع صحافيون وموظفون صحيفة 26 سبتمبر إحدى عيون النظام،إن لم تكن مجهره الأول و ربما الأدق،بين كل أجهزته الاعلامية،صفعة شديدة غير متوقعة وجهة للنظام المترنح على حين غفلة،وبالأمس فقط طفت حقيقتها على السطح،وطافت في الأرجاء:مدير دائرة التوجيه المعنوي،ممنوع من الدخول قلعته المحصنة.او بالأصح ممنوع الاقتراب من المقر برمته.قالوا انه عاد من منتصف الطريق،حيث كان يسلكه كل صباح،إلي مبناه العتيق،لطالما منحه كثيرآ كالقوة والثراء،وذلك ما يبقيه في مأمنه.المنيع طيلة ثلاثة عقود ونصف العقد.

نفذ الزملاء هناك ما كانوا يحلمون به منذ عقود.وتضامن معهم جميع الصحافيين في البلد،نقابتنا في فعاليتها منتصف الأسبوع شاركت منتسبوها هدفهم المنشود،أقامة وقفتها الاحتجاجية التضامنية مع زملاء 26سبتمبر.التقينا بأكثر من صحافي من هذه المؤسسة العريقة.

في ساحة النقابة استمعنا لمعاناة الزملاء،ألقاء الزميل عبد الحكيم طاهر كلمة مخنوقة بالحزن،ممتلئة بحقيقة التطلع للمهنة الحرة.بترحيل قيادة التوجيه المعنوي.قدم طاهر كلمته بتفاصيل مؤلمة عن وضع زملاءه في المؤسسة؛وعن حالة الصحافة في سبتمبر المخطوفة،حيث ظل الزملاء هناك يرزحون تحت وطأة جلاد التوجيه.لم يكن الاضطهاد والتجويع أكثر من مكافأة مجزية لمن عمل في مملكة الشاطر الموحشة. ولم نكن نحن نتعامل معهم كزملاء مهنة،ليس لأنهم لا يستحقون ذلك،ولكن لأننا مقصرون في مساندتهم في لحظات عصيبة،تجرعوا الغصة،مع الحبر،وتبادلوا بردهم بالخوف؛غالبوا الصبر عاما اثر آخر،وفي مجمل سنين الشاطر العجاف تعرض صحافيون سبتمبر لإهانة بالغة،كان السجن نصيب بعضهم،لم يعامل منتسبون هذه المؤسسة كغيرهم من المؤسسات الصحافية الرسمية وفقا للعمل الصحافي،بل ظل الشاطر يحاسب ويعاقب بموجب القانون العسكري.وذلك السياج المنيع الحائل بين العالم الداخلي بمنتسبين وموظفين التوجيه والخارجي من حولهم. 

ومع ان مهنة الصحافة كقيمة مضافة -هنا- لعمل هذه الدائرة التي تعد في الأساس إحدى المؤسسات التابعة للجيش،تعلم الزملاء فيها كيف يؤدون مهامهم الصحافية تحت كل ممارسات إدارة باطشة؛كما ظلت هذه الإدارة تتفنن في اختلاق آلامهم وسلخهم عن مجتمعهم الصحافي الحر،مع ان اغلب زملاءنا جاءوا من مقاعد الدراسة في كلية الإعلام.نالوا وثائقهم التعليمية العليا كغيرهم من الصحافيين،فظل سوط التوجيه يلفح حياتهم صباح مساء.ويقدمهم على أنهم مجرد عسكر ليس إلا،و يجب ان يخضعوا للأمر العسكري.وهو مالم يستمر طويلا.ليتحقق لهم ما انتظروه.