التوسعات الحوثية وخطرها على الوحدة الوطنية
بقلم/ محمد مصطفى العمراني
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً و 11 يوماً
السبت 14 يناير-كانون الثاني 2012 04:42 م

تفيد الأخبار الواردة من محافظة حجة أن المواجهات قد تجددت من جديد بين الحوثيين والقبائل عقب خرق الحوثيين للهدنة المبرمة بين الطرفين بإفتعال الحوثيين للمشاكل في سوق عاهم وتواصل سعي الحوثيين للسيطرة على ميناء ميدي للحصول على منفذ بحري يستقبلون من خلاله الأسلحة والدعم الإيراني تاتي هذه التطورات وقد أكملت إعدادقراءة متوازنة عن أهداف التوسعات الحوثية وخطرها على الوحدة الوطنية متخذا من محاولات التوسع الحوثي في حجة نموذجا لهذه القراءة ..

خلال العام الماضي عمل الحوثيين على جبهات متعددة حيث انخرطوا في الثورة الشبابية السلمية وفي الوقت نفسه شرعوا يتوسعون بقوة السلاح في المناطق المجاورة لصعده كالجوف وعمران وحجة وكانت أحدث الجبهات العسكرية للحوثيين هي جبهة دماج وما قاموا به من حصار جائر على أهالي تلك المنطقة وقصفها بالأسلحة الثقيلة وقد توقفت الأعمال العسكرية في دماج كثمرة للوساطة التي قام مشايخ حاشد وبكيل يتقدمهم الشيخ حسين بن عبد الله الأحمر لكن جبهة دماج التي هدأت الآن تمخضت عنها جبهة جديدة وجدت كردة فعل لها وهي جبهة كتاف فبعد أن استشعرت القبائل المجاورة الخطر الذي يمثله الحوثيين على المجتمع تحركت لإيقاف الحوثيين عند حدهم وكسر شوكتهم العسكرية وإعادتهم كمواطنين عاديين وإعادة النازحين والمشردين إلى بيوتهم في صعده وهي المطالب التي اشترطتها القبائل على لقبول الصلح مع الحوثيين تلبية لمبادرة الشيخ حسين الأحمر ولكن الحوثيين رفضوها بعد أن قبلوها وقاموا بالهجوم وقصفوا تجمعات القبائل فجنوا على أنفسهم حيث تشير كل المعلومات الواردة من جبهة كتاف إلى تقدم القبائل في المعركة وتلقي الحوثيين الضربات الموجعة والتي ستؤدي بحسب المتابعين إلى كسر شوكة الحوثيين العسكرية وإضعافهم وإعادتهم على مربع الصفر إن لم تؤدي إلى فرار قادة الحوثيين من صعده وزوال دويلتهم تماما..

قلنا سابقا أن الحوثيين عملوا خلال العام الماضي على أكثر من جبهة ومن أهم الجبهات التي عمل الحوثيين من خلالها جبة التوسع في المحافظات المجاورة لصعدة كحجة وعمران والجوف في محاولة للسيطرة على اكبر قدر ممكن من المساحة وتوسيع رقعة الدويلة الحوثية كل ذلك تحت مبررات وأعذار لا تقنع أحدا مثل الدفاع عن النفس لأبناء أمة لها ثقافة وتأريخ.

 ويرى مركز الجزيرة للدراسات في تقرير له نشر مؤخرا أن توسع الحوثيين على الأرض يهدف إلى محاولة كسب أوراق جديدة وهامة استعدادا لمرحلة ما بعد صالح حيث يعمل الحوثيين على جعل وجودهم أمرا واقعا بحيث لا يكون أمام القوى الداخلية والخارجية المناوئة لهم إلا القبول بهذا الواقع والتعامل معه.

ولعل هذا "الأمر الواقع" المنشود للحوثيين يفسر قول المرتضى المحطوري في حوار صحفي نشر مؤخرا " أن الحوثيين أمر واقع وعليكم التعامل معه شئتم أم أبيتم " وهو تصريح لا يخلو من استعراض للقوة ونوع من الفخر بالجماعة التي يعتبر المحطوري أحد المحسوبين عليها والموالين لها .

ويرى محللون أن الحوثيين كانوا يدركون مستجدات الوضع الراهن وهم يواصلون تحركاتهم التوسعية واضعين في حسابهم كل الاحتمالات فإن ساءت الأوضاع أكثر وتعثرت جهود نقل السلطة وضاعت فرصة غياب الدولة وأنعدم الاستقرار فقد قطعوا شوطا في طريقهم وسيواصلونه حينها بوتيرة أسرع مستغلين كل الظروف والأوضاع التي تخدمهم بما يحقق توسعهم على كافة الأراضي اليمنية وإن نجحت جهود نقل السلطة وقامت الدولة الجديدة والتفتت إدارة الدولة لمشكلة صعده فهذا التوسع سيضمن لهم ـ بحسب تفكيرهم ـ حكم ذاتي على الأقل في صعده وسوف ينسحبون من بعض المناطق التي سيطروا عليها مقابل مزايا ومكاسب يحصلون عليها من السلطة تتجاوز الاحتفاظ بصعده التي يرونها معقل الهادوية في اليمن وأنهم صاروا يمثلونها رغم تبرؤ العلماء الهادويين منهم ومن أفعالهم.

 البعد الإقليمي في التوسعات الحوثية

لا يغيب البعد الإقليمي عن محاولات التوسع التي قام بها الحوثيين مؤخرا فالمخاوف الإيرانية من السقوط الحتمي للنظام السوري الحليف الأهم والأبرز في المنطقة جعلها تولي الحوثيين أهمية كبيرة رغبة منها في تقوية حليفها اليمني في صعده ليكون بمثابة بديل للسوري وورقة ضغط على المملكة العربية السعودية التي تعمل إيران على محاصرتها بالكيانات الشيعية في شمالها بالعراق وفي شرقها بالمنطقة الشرقية وشيعة البحرين والكويت إلى الحوثيين في اليمن في جنوب المملكة .

كما أن الحوثيين برفضهم للمبادرة الخليجية عملهم مع عائلة صالح وبقايا النظام على إفشال المبادرة الخليجية وعرقلة حكومة الوفاق الوطني يهدفون بهذا التحرك التي يأتي بإيعاز من إيران إلى الضغط على المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة الأمريكية ومحاولة إفشال جهودهما السياسية في اليمن خاصة بعد توتر علاقات الدولتين الهامتين بإيران وتزايد العقوبات الأمريكية الاقتصادية على إيران وتهديد الأخيرة بإغلاق مضيق هرمز وقيامها بمناورات بحرية بالقرب منه وكذلك قيام طهران بمناورات على الحدود مع أفغانستان وبالقرب من القواعد الأمريكية .

كل هذه التحركات والتوترات في العلاقات بين الغرب ودول الخليج وفي مقدمتها السعودية مع إيران جعل الأخيرة تدعم الجهود التوسعية للحوثيين وتوجه أنظارهم كذلك إلى محافظات أخرى كتعز وعدن وغيرها لشراء ولاء شخصيات فاعلة من أبناء هذه المناطق ومحاولة إيجاد نفوذ من نوع ما للحوثيين في تلك المناطق وتوسيع دائرة الرفض للمبادرة الخليجية وحكومة الوفاق الوطني والعمل على عرقلتها وإفشالها كل هذا مسنودا بدعم مالي ضخم واهتمام إعلامي ملفت للنظر خلال هذه الفترة مما يلقي الضوء على ملامح المخطط الإيراني في اليمن.

 مبررات واهية للقتل

في إحدى المرات اعترفت مليشيات الحوثيين بقتل قيادي في الحزب الاشتراكي اليمني لكنها بررت قتلها لهذا الرجل بمبرر غريب ويكشف تفكير الحوثيين عندما قال الناطق باسمهم غنهم لم يكونوا يعرفون بأنه قيادي في الاشتراكي مما يعني أن الحوثيين يقتلون من شق يا طرف وان أي شخص غير قيادي في الاشتراكي وغير مشهور فدمه هدر وقتله مباح وحلال ومذبوح بحسب الشريعة الحوثية.!!

محاولة التوسع بحجة

في محاولتهم التوسعية بحجة تحركت في التوسعات الماضية عشرات الأطقم العسكرية بعد أن عقد السيد لواء الحرب وأعطى الراية ليوسف المداني ( الصديق المقرب لأحمد علي صالح) فتحرك القوم وباشروا قتل كل من يقف في طريقهم ويعترض توسعهم كما قاموا بحسب رواية بعض أبناء المنطقة بشراء بعض ضعاف النفوس من الذي سيسهلون لهم مهامهم بثمن بخس وبعدها قصفوا مدارس تحفيظ القرآن الكريم والمساجد كما سنذكره بتوسع لاحقا.. 

لقد انفتحت شهية السيد الحوثي لالتهام مزيدا من المناطق والقرى والمديريات وضمها لدويلته كاستغلال سيئ للأوضاع الراهنة التي تمر بها اليمن حيث رأى السيد أن الفرصة مواتية ومشجعة للتوسع وبسط سيطرته على عدد من المناطق في محافظة حجة ومناطق أخرى في وقت غابت فيه السلطة ناهيك عن الدولة وانشغال اليمنيين بالثورة الشعبية، المطالبة بإسقاط نظام الرئيس علي عبد الله صالح.

المواطنون الأبرياء يدفعون الثمن

كل هذا التوسع وتداعياته وتأثيراته قد يكون نجح جزئيا في ضم أجزاء من بعض المناطق لدويلة الحوثية لفترة لكن الكارثة التي لم يحسب لها الحوثيين حسابا أن هذا التوسع يأتي على حساب حياة الناس وأرواحهم وبيتهم وممتلكاتهم والسلم الاجتماعي عموما وهذا بدوره يكشف طريقة تفكير الحوثي الانتهازية ومخططاته وأهدافه .

رفض شعبي عارم للتوسع الحوثي

لقد أثارت هذه التحركات الحوثية التوسعية استياء عارما لدى الرأي العام اليمني وتداعت القبائل في المناطق المستهدفة وتعاهدوا على التصدي لهذا التوسع والدفاع عن أنفسهم ممتلكاتهم بكل الطرق والوسائل المشروعة وهو ما عمل على إفشال مخططات الحوثي التوسعية وإحباطها. 

من جرائم الحوثيين في حجة

في الجوف اصطدم التوسع الحوثي بالقبائل التي خاضت حربا شرسة مع الحوثي انتهت بصلح مرحلي وتركزت محاولات الحوثيين التوسعية في حجة وهنا سنورد بعض الأفعال والجرائم والتي أرتكبها الحوثيين في حجة وهي جرائم ممكن تتكرر في أي منطقة سيتوسع فيها الحوثي إن واتته الظروف وحالفته الفرص .

اقتحم الحوثيين دار القرآن الكريم والعلوم الشرعية بعاهم كشر حجة، وعبثوا بكل محتوياته، كما وحولوه إلى مجلس للمقيل والقات، وقاموا بترك القمامة في أروقته وتمزيق إذاعته وإطلاق الأعيرة النارية على شبابيكه وجدرانه والمراوح التابعة له وإطلاق النار على صومعة الجامع.

كما قام الحوثيين بإحراق 3000 نسخة من المصحف الشريف، مطبوعة على نفقة الملك عبد الله بن عبد العزيز، وشوهدت المئات من المصاحب التي كانت بكل غرفة ومرفق من مرافق الدار ممزقة على الأرض كما أظهرت الصور التي نشرها موقع " مأرب برس " وصحيفة "أخبار اليوم" وغيرها.

كما قام الحوثيين خلال مكوثهم وإقامتهم بدار القرآن بعاهم بنهب كافة محتويات الدار فقد أخذوا المولد الكهربائي الذي تقدر قيمته بأكثر من مليون ريال، والعبث بمحتويات الدار وإتلافها ونهب ما أمكن منها كمحتويات مطبخ الدار والتي تبلغ قيمتها بأكثر من نصف مليون ريال كما قاموا بإضرام النار في المطبخ بعد نهبه.

أما جامع الدار فلم يراعوا له حرمة فبدلا من استخدامه للصلاة وذكر الله فقد استخدموه للمقيل ومضغ القات والشمة والدخان وتركوه متسخا قذرا وكأنه زريبة مواشي.

تواطؤ بقايا النظام مع الحوثيين 

وتشير المعلومات إلى بقايا النظام في صنعاء ليسوا بعيدين عما يجري فهناك دعم كبير وتواطؤ فاضح بين عائلة صالح والحوثيين وقد كشفت مصادر مطلعة في الفترة الماضية أن صالح أصدر توجيهات صريحة لمحافظ حجة السابق فريد مجور أمرا إياه بتسهيل استيلاء الحوثيين على المحافظة وتسليمهم وتمكينهم من المرافق الحيوية والمؤسسات والمواقع الهامة فيها ..

أسباب توقف التوسع الحوثي

ورغم أن هذه التحركات الحوثية المحمومة والمدعومة من صالح وبقايا نظامه ومن إيران كمحاولة لفرض واقع جديدة على الأرض يربك الثوار وحكومة الوفاق إلا أن إرادة الله ثم يقظة أهالي الناطق المستهدفة ووقوفهم صفا واحد أفشلت مخططات النظام وتحركات الحوثيين التوسعية العسكرية والتي كانت تسعى للحصول على نصر سريع وحاسم وهناك أمرا آخر كان سببا في توقف تلك الحملات الحوثية التوسعية وهو انشغال الحوثيين في جبهات جديدة كجبهة دماج وبعدها جبهة كتاف وهذه الجبهات استنزفت قوة الحوثيين العسكرية وجعلتهم يسحبون قواتهم ومقاتليهم من مكان إلى آخر فهم لا يستطيعون إشعال أكثر من معركة في وقت واحد ..

التوسع وضرب الوحدة الوطنية

والخطورة الكبرى التي تمثلها هذه التحركات الحوثية التوسعية أنها تضرب الوحدة الوطنية في مقتل وتعمل على اقتطاع مساحات من البلد لصالح دويلة مذهبية تسعى للانفصال والتوسع على حساب الوطن عموما كما أنها تشجع وتشرعن في الواقع العملي لمثل هذه التجزئات والانقسامات الطائفية والمذهبية بقوة السلاح وبمساعدة ظروف طارئة في البلد وبقايا النظام التي تريد الانتقام من الشعب وزرع الفتن والمؤامرات فيه بعد أن ثار عليها وجردها من السلطة.