الثورة السورية تكشف زيف الكربلائية الشيعية
بقلم/ عبد العزيز محمد السقاف
نشر منذ: 13 سنة و 3 أسابيع و يومين
الأربعاء 30 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 07:55 م

منذ واقعة كربلاء وما جرى فيها على أيدي الطغاة والمجرمين من مجزرة دموية استشهد فيها الحسين وأهل بيته عليهم السلام والرضوان؛ منذ تلك الواقعة وآل البيت وشيعتهم الصادقين يتبنون مبدأ التغيير والإصلاح ومقاومة الظلم والاستبداد والعدوان والفساد.. وقد روت لنا كتب السير والتاريخ مواقف مشرفة للأئمة الأطهار من آل بيت النبوة عليهم السلام في مواجهة الطغيان وحزبه والظلم وأهله.. يقول العلامة أبو الحسن الندوي في سياق كلامه عن ثورات العلويين ومحاولات الإصلاح التي قاموا بها بدءاً من ثورة الحسين عليه السلام: «ولولا هذه الجهود وهذه المحاولات حيناً بعد حين لكان التاريخ الإسلامي قصة متصلة للأنانية والنفعية، قصة الملوك الذين يتسلَّطون، وقصة أصحاب الأغراض والأطماع الذين يخضعون، ولكن هؤلاء الأبطال المجاهدين وهؤلاء المؤمنين المغامرين، قد نصبوا للأجيال منارات للنور تضيء في غياهب التاريخ من بعيد، وتنير لهم السبيل، وتلهِم بالفروسية السامقة، والثورة على الأوضاع الفاسدة، والغضب لنظام الإسلام المظلوم ولكرامته المُهدَرة. إنه تراث مجيد يعتز به الإسلام، وثروة غالية تتجمل بها الأجيال، وسلسلة متصلة من المجاهدين تبعث على الثقة والإيمان واليقين».[المرتضى، ص253- 254].

ولم يزل أئمة أهل السنة والشيعة يدينون يزيد بن معاوية،ويستنكرون أفعاله الشنيعة، وجرائمه الفظيعة،وكانت أعظم هذه الجرائم التي هزَّت نفوس المسلمين من الأعماق هي قتل ريحانة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وسيد شباب أهل الجنة الحسين بن علي وأهل بيته عليهم السلام.

لقد كانت ثورة الحسين عليه السلام ضد اغتصاب أمر الأمة وسلب حقها في اختيار حاكمها وفرض التوريث بالقوة عليها، وفي سبيل ذلك استشهد وضحى بنفسه وأبنائه وأقاربه وشيعته المخلصين. لكن الشيعة الإمامية خصّوا يوم ذكرى استشهاد الحسين عليه السلام(يوم عاشوراء) بالإحياء والاحتفاء السنوي بطريقة بدعية مخالفة للشرع؛ فجعلوا من اسم الحسين وذكرى استشهاده مجرَّد مناسبة لما يسمونه( مظلومية آل البيت) والتي اُختزلت بمراسيم العزاء والبكاء الحزين، وضرب الرؤوس والأجساد بالسواطير والسلاسل وإسالة الدِّماء في مناظر مقززة ومنفرة، وكذلك إنشاء الزيارات والأدعية المختلقة، وتمثيل مشهد مأساة كربلاء، والتذكير بأحداث مضت منذ قرون، كل ذلك لا لأخذ العظة والعبرة من الحدث ومن رمزية الحسين الثورية، ولكن لترسيخ نظرية الإمامة في نفوس الأتباع،وتوفير مصادر تمويل،وإحياء مشاعر الكراهية وإذكاء التوتر الطائفي، والأحقاد العاطفية الشخصية.

فقد كان أهم ما رمزت إليه ثورة الإمام الحسين عليه السلام إنها ثورة الحق ضد الباطل، ثورة الكرامة والحرية ضد الاستبداد والاستعباد والتوريث السياسي.. وفي السنوات الأخيرة حاول بعض الشيعة كحزب الله التذكير بهذه الرمزية الثورية وتسليط الضوء عليها في ذكرى عاشوراء، وكم سمعنا من خطابات حماسية لحسن نصر الله- خصوصاً بعد صدِّ الحزب للعدوان الإسرائيلي على لبنان- عن وجوب المقاومة وإقامة الحق والعدل وإزالة البغي والظلم، ولهذا أبدت كثير من الشعوب الإسلامية السنية تعاطفاً كبيراً مع حزب الله ومع البكاء الحزين للشيعة الإمامية الذي يُعرض على عشرات القنوات الفضائية الشيعية يوم عاشوراء وأيام أخرى قبله وبعده..

لكن سرعان ما سقط القناع عن حزب الله مع اندلاع الثورة السورية، وكانت مفارقة عجيبة أن يأتي شخص يدَّعي حب الحسين ونصرة آل البيت الأطهار ليقف مع الطاغية بشار( يزيد العصر)!!

إنَّ طغيان النظام السوري اليوم لا يخفى على أحد فضلاً عن حسن نصر الله وحزبه المقرَّب من آل الأسد فإراقة الدِّماء وعسكرة المدن السورية وشوارعها ظاهرة للعيان وآلة القتل ما تزال تعمل بكل قسوة ووحشية في الشعب السوري الأعزل رجالاً ونساءً وأطفالاً وشيوخاً، كما لا يخفى أيضاً ما فعله الأسد الأب في الأمس القريب من اضطهاد واستعباد للشعب السوري؛ فقتل الآلاف منهم بالطائرات والدبابات في حماة وغيرها، و زج بعشرات الألوف في السجون وسامهم سوء العذاب،وشرَّد من شرَّد منهم إلى أصقاع الدنيا، وحارب كل المظاهر الإسلامية في سورية ..

إنه نظام استبدادي وراثي تصدَّى لمثله الإمام الحسين عليه السلام في عصره بكل شجاعة وتضحية، فلا تقية في مبادئه وعقيدته،بينما جاءت مواقف الشيعة الذين يتشدَّقون بموالاة آل البيت واتباع طريقتهم مناقضة تماماً لمنهج أئمة آل البيت في التصدِّي للظلم والطغيان ومحاولة الإصلاح، وكم بذلوا عليهم السلام في سبيل ذلك من جهد وكم سالت من دماء زكية لنصرة المظلوم ومواجهة الظالم وأعوانه..

إنَّ الإسلام لا يسمح أو يسهِّل أبداً مهمة الأنظمة الظالمة الفاسدة، أو الديكتاتوريات الوراثية الغاشمة، أو اضطهاد الشعوب المستضعفة، بل إن الإسلام يوجب التزام العدل والإصلاح وإقامة نظام الحكم على أساس الشورى والمشاركة في القرار السياسي، كما يوجب مقاومة الظلم والفساد والقهر والاستبداد، ولهذا فإن المسلم الحق أيَّاً كان هذا المسلم سنيَّاً أو شيعيَّاً لن يسعه إلا إدانة الفظائع والجرائم التي يرتكبها نظام بشار الأسد في حق الشعب السوري الذي انتفض من أجل حقه في الشورى والحرية والكرامة الإنسانية.

لقد كشف الموقف الشيعي المساند مادياً ومعنوياً للنظام السوري بشكل واضح وفاضح بأن هؤلاء ليسوا شيعة وأتباع آل البيت، وإنما هم شيعة آل الأسد الطغاة! إنهم شيعة ملالي إيران، لا شيعة الحسنين عليهما السلام والرضوان.

إنَّ هذا الموقف الشيعي لا يمت بصلة إلى فكر وثقافة أهل البيت وتراثهم الحقيقي، وبعيد كل البعد عن روح التشيع الأول وتاريخ الشيعة الأوائل، فيا شيعة العالم استيقظوا من سباتكم واعرضوا عقائدكم وأعمالكم ومواقفكم على منهج صاحب البيت النبي المختار وسيرة العترة الأطهار وشيعتهم الصادقين الأخيار..

برقيات:

- يجب القول هنا بأنني لا أشكك بالمحبة الصادقة والعاطفة الجياشة لعموم الشيعة لآل البيت عليهم السلام، ولكن على هؤلاء وغيرهم أن يعرفوا بأن هناك من يرفع شعار(مظلومية آل البيت) لتأزيم المشاعر والعواطف وتعميق الجراح بين الأمة الإسلامية وإذكاء الصراعات السياسية، ولتحقيق مطامح شخصية ومطامع طائفية ومغانم مالية.

- ويجب الاعتراف هنا بأن هناك طوائف تنتسب لأهل السنة وتتشدق باتباع السنة النبوية،لكنها في الحقيقة تتبع السنة الأموية، فهي تنتقص وتقلل من حب العترة الطاهرة ولو من طرفٍ خفي، وتُعرض الأحداث من منظور أموي لا نبوي، وتستميت في الدفاع عن يزيد والحجاج وأمثالهما وتقوم بتبرير أفعال القتلة وإيجاد المسوغات للقتل، وما دروا أنهم بذلك قد ضيعوا القرآن والسنة، وإنما أوقعهم في ذلك مناكفة الشيعة، وتغليب الشرعية التاريخية على الشرعية الدينية.

- أرى أن لا تستمر بعض طوائف أهل السنة بمسلسل التضييع لأهل البيت عليهم السلام،لأن هذا حتماً سيؤدي إلى أثر عكسي، فمثلاً لماذا يتغافل هؤلاء في يوم عاشوراء عن مأساة كربلاء وما حدث فيها، وكان الأفضل تناول هذا الحدث بعيداً عن التهريج والحرب الإعلامية التي يصنعها التشيع الممسوخ، ومن ثم أخذ العبرة وتوظيف الحدث في واقعنا المعاصر بدلاً من تركه لمن يتاجر من الشيعة بدماء الحسين عليه السلام، ويجب التنبيه هنا إلى أنه لم يعد اليوم يجدي ما يبرِّر به البعض ذلك التغافل والإعراض بذريعة (الكف عن الخوض في الفتنة) فنحن في عصر تكنولوجيا الاتصال وثورة المعلومات، والشيعة يمتلكون مئات المواقع الإلكترونية والقنوات الفضائية التي تتعرَّض دون كلل أو ملل لهذه الأحداث من منظور الشيعة الروافض.