التوقيع .. فن الممكن بين دكتاتوريتين !!
بقلم/ احمد طه خليفة
نشر منذ: 13 سنة و 3 أسابيع و 6 أيام
السبت 26 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 10:50 م

لعل من الصعب على الواحد منا أن يتخيل استمرار الوضع هكذا دون حل آني دائم أو مرحلي بعد أن عانى الشعبلمن الويلات وتدهور الخدمات وتآكل الأرزاق وتلاشي المدخرات ووصول الناس إلى مرحلة من انسداد الأفق لم يكن أحد يتصور أننا سنصل إليها..

ومع انعدام فرص الحسم الثوري لما كانت ستجره على الوطن من آلاف الضحايا ومع انعدام السيطرة على بقايا النظام خارج أو داخل العاصمة وتوقع السقوط في دوامة الحرب الأهلية القصيرة أو الطويلة كان لابد للتسوية السياسية التي تؤدي الى تحقيق متدرج لمطالب الثورة أن تكون هي الحل الذي فرضه الواقع المحلي والدولي والذي يبدو أنه أصبح هو الممكن الذي يفي بالحدود الدنيا مبدئيا لكل الأطراف وهو الفن الذي يجب أن يمارس من الآن فصاعدا جنبا إلى جنب مع الاستمرار في الزخم الثوري الضاغط لصالح تحقيق كل مراحل وأهداف الآلية المزمنة والتي هي عمليا تلغي شيئا اسمه مبادرة خليجية أو تجمده ويبدو أن المبادرة هي هدية من المجتمع الدولي لدول الخليج حتى يقال أن دورها هو الذي ساهم في إيجاد حل في اليمن وهذا شيء يعجب الأخوة في دول الجوار.!!

لقد كنا نحن المدونون منذ بداية الكتابة على المنتديات الالكترونية منذ 2003 ونحن نكتب بأسماء مستعارة ثم بأسمائنا نعتقد أننا نحن الثورة العربية القادمة على الرغم من أن مطالبنا كانت في أشدها جرأة خجولة ومتواضعة جدا بجانب ما طالب به الثوار وأدنى ما حققوه .. ولقد حققوا في بلدنا اليمن شيئا عظيما وعلينا جميعا أن ندرك أن الوضع عندنا غير الوضع عند غيرنا وأن أهمية بلدنا ليست بأهمية غيرنا فلا نفط ولا مكانة علمية أو اقتصادية أو سياحية يمكن أن تحرك العالم وربما إخواننا العرب معنا..

لذلك علينا أن نعمل على تحقيق بنود هذه الآلية ونسبقها بمراحل إعداد .. ويجب أن تتحول ائتلافات الشباب والتي هي بالعشرات - وربما كل مجموعة خيام كونت ائتلافا – إلى تيارات واسعة وكبيرة فشباب الأحزاب الذين أصبحوا على خلافات مع أحزابهم عليهم تشكيل تيارات جديدة وأحزاب ذات عقلية مستنيرة كما فعل كثير من شباب الإخوان والوفد وغيرهم في مصر الشقيقة .. أما الذين مازالوا على وفاق مع أحزابهم عليهم أن يضغطوا لإحداث تغيرات حقيقية في أفكار وتكوينات أحزابهم .. والشباب المستقل عليه أن يساهم في تشكيل تلك التيارات والأحزاب الجديدة حتى لا يكونوا على هامش الحياة السياسية والاجتماعية والفكرية في قادم الأيام ..

على الجميع والثوار الشباب خصوصا المساهمة في تقديم تصوراتهم للمرحلة القادمة والتعديلات الدستورية فيقدمون رؤاهم لشكل الدولة القادمة - فدرالي مركب أم دولة بسيطة مركزية – أو نظام الدولة – برلماني أو رئاسي أم مختلط - ورؤيتهم في النظم الاقتصادية والقوانين الرئيسية وغير ذلك مما يجب أن لا يتركوا حقهم بل وواجبهم في المشاركة فيه وهذا المعول عليه فيهم..

ما دفعني للكتابة اليوم هو هذا الكم الهائل من التعليقات والمقالات في الفيسبوك والمواقع الإلكترونية والرافضة للآلية والمبادرة والتي امتلأت بعبارات الهجوم على المعارضة وكل من يؤيد التوقيع بألفاظ التخوين وأحيانا الشتائم والسباب.. وهذا شيء مؤسف جدا لكن يبدو أن نفوسنا تشربت بالدكتاتورية التي تعلمناها من تلك الأنظمة الدكتاتورية التي ثرنا عليها نحن العرب وتشبعنا بها حتى النخاع وأصبحنا نعتبر من ليس معنا فهو ضدنا بل هو الشيطان الرجيم ..

يبدو أننا نتحدث عن الديمقراطية كمن يتحدث عن أكلة صينية لا يعرف عنها إلا اسمها وإذا حصل على وصفتها ووجد أن بعض مكوناتها غير موجودة استعاض عنها بمكونات أخرى ثم دفع بها ‘إلى طباخ عصيد في مطعم شعبي فخرجت عصيدا أيضا ..

 لعل أهم مكونات الديمقراطية القبول بحق المخالف في إبداء رأيه وليس من حقه علي القبول برأيه إن كان يخالف ما أظنه صوابا ..لكن هذا لا يدفعني إلى شتمه أو تخوينه مطلقا.. لكننا نمارس الديمقراطية بدكتاتورية ولعل الألفاظ التي نستخدمها حتى ربما في حياتنا العادية تدل على ذلك مثل كل الناس ضد أو كل الناس مع أو كل الشعب ضد أو كل الشعب مع أو كل أبناء الوطن ضد أو كل أبناء الوطن مع وهذه الألفاظ يستخدمها أيضا الحراكيون من مثل كل أبناء الجنوب يطالبون بالانفصال أو الوحدويون كل أبناء الجنوب مع الوحدة .. نردد هذه الألفاظ دون أن يكون لنا سند من دراسات أو أبحاث أو إحصاءات علمية أو استبيانات .. بل لعل كلامي في هذه المقالة يفيض بمثل تلك الألفاظ غير الديمقراطية..

وحتى نتعلم الديمقراطية والقبول بالآخر يجب أن نحي حياة اجتماعية وفكرية وسياسية صحيحة لعلها تأتي بعد تلك التسوية السياسية..

أما مسألة الحصانات فحسب علمي لم تعطِ الآلية الأممية أي حصانة لأي شخص كما أن حقوق الأفراد لا يمكن التنازل عنها إلا من أصحابها ولا يحرمهم من حقهم هذا لا قرارات عفو ولا تسويات سياسية ولا مهرجانات تصالح وتسامح لأن التصالح والتسامح من حق أولياء الدم والحقوق وحدهم ولو تنازل العالم كله ولم يتنازل واحد منهم لا يسقط حقه فهو مكفول شرعا وقانونا وعرفا..

إذن ..

نبقى في الساحات ..

نستمر في الثورة ..

نقبل المبادرة والآلية ونتحفظ على أي حصانة قضائية ممنوحة ونجهز الملفات للمقاضاة المستقبلية ..

نراقب تطبيق الآلية ونضغط من أجل التنفيذ السليم ..

نشارك في النقاشات للمستقبل ..

نكون كيانات جديدة تنقذ العمل السياسي وتقدم البديل..

نشكل منظمات محلية لمراقبة حماية حقوق الإنسان ومحاربة الفساد ومراقبة أداء القضاء والأمن والجيش للمستقبل..

نشارك في كل الانتخابات النقابية والطلابية والمحلية والبرلمانية القادمة ..

وسنجد أننا حققنا كل أو جل ما كنا نصبو إليه والله معنا..

وعلى قادة المعارضة أن يستعيدوا ثقة من فققدها فيهم وأن يعززوا ثقة من مازال يثق بهم وأن يتعاملوا بروح الشراكة مع الخصوم وروح التفهم مع الشباب وأن يتعاملوا مع الناس بمنتهى الصدق والشفافية وأن يعلموا اليمنيين والعالم بكل مايحدث من تنفيذ سليم للآلية وعن أية خروقات أو تجاوزات حتى لا تتكرر أخطاء الماضي القريب..

نوفمبر بين أوصياء الثورة والوحدة

وبعد أيام قليلة تأتي الذكرى الرابعة والأربعون للاستقلال في وقت نتذكر فيه أنه بعد الاستقلال قاد الجنوب مجموعات قبلية حكمت باسم الاشتراكية شكلا لكنها في الحقيقة حكمت بالمناطقية والقبلية والجهوية واحتلت المدن وقتلت الناس وهجرت المتعلمين وسرحت الشباب من وظائفهم واحتلوا بيوت ومحلات المواطنين والتي لم يغادرها الكثير منهم حتى الآن ..وتسببوا بالمآسي لمئات الآلاف من اليمنيين الجنوبيين .. وجعلوا من أنفسهم أوصياء عل الثورة ومارسوا ضد الناس أبشع مما مارسه ضدهم نظام صالح .. ثم هاهم يعيدون أنفسهم للحياة فدعوا لمهرجانات التصالح والتسامح فكان الجلاد يسامح نفسه ثم تغاضوا عن كل ما ارتكبوه وتذكروا فقط ما ارتكب في حقهم وهاهم يأتون بالمشاريع لتمزيق الوطن كفك الارتباط أو الفدرالية بإقليمين وهذه لم يسمع بمثله في الوقت المعاصر..

أقول لهم لقد جربنا الدولة معكم وجربنا الوحدة مع صالح ولكننا لم نجرب الدولة والوحدة مع الديمقراطية وحتى الفيدرالية التي يتحدث الكثير عنها.. الفيدرالية التي تجعل كل محافظات الجمهورية أقاليم ويكون للمواطن حق المواطنة في الإقليم لا يتعدى عليه وحق مواطنة في الدولة لا ينتقص منه.. أقول لقد جربناكم فدعونا نجرب أنفسنا وأخواننا ونبذر الأمل لأبنائنا .. لقد أفسدتم الحياة على أجدادنا وآبائنا وعلينا في جزء منها فدعوا الباقي لنا ولأبنائنا كي نحي في سلام ونحقق ما نصبو إليه لمستقبل أفضل.. ولا يجب أن نقرأ جزء من التاريخ يحلو لنا ونترك أجزاء كبيرة تكشف سؤتنا .. نقرأ سطر ونترك اسطر .. بل يجب أن نترك التاريخ كله وننظر للمستقبل أو نفتح الملفات كلها ونبدأ في الحساب .. هذا إن كنا فعلا نريد الصدق والعدل والحق للجميع..