إيران و أبعاد التهديدات الإسرائيلية
بقلم/ جمال محمد الدويري
نشر منذ: 13 سنة و شهر و 12 يوماً
الثلاثاء 08 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 06:23 م

  تتشابه المواقف الإسرائيلية في المواقف السياسية وتسعى نحو تحقيق أمنها القومي في ظل تصاعد الثورات العربية وترابطها وهو ما تخشاه من هذا التغيير الذي سيهدد مكانتها السياسية و العسكرية في منطقة الشرق الأوسط.. ففي ظل التحالف الأمريكي الأوربي لضرب العراق كانت اسرائيل منشغلة بقضيتها مع فلسطين ولبنان وايران وماذا سيكون غدا في ظل توقعات الدارسات المستقبلية الإسرائيلية مما حدا بها نحو تفعيل دورها في فلسطين وتقوية الرابطة الأمنية السياسية مع منظمة التحرير لضرب الحركة الاسلامية حماس غير أن هذا التصرف الاسرائيلي لم يدرس أبعاده السياسية والإعلامية لتصبح قضية انسانية عالمية برزت دلالاته في اتساع الوعي الشعبي الأوربي والامريكي حول قضية فلسطين ودور اسرائيل .

ومن قبله وضعت استراتيجية تامين حدودها مع لبنان وذلك بضرب حزب الله ولم يكن ليحصل هذا لولا الابعاد العقائدية التى حكمت السياسة العربية الاسلامية تجاه بعضها وهو ما حدا بكثير من الدعاة السنة لممارسة الدور التعبوي حول نجاح حزب الله على اسرائيل بالتشويه تحت شعارات هل فرحت بنصر حزب الله على إسرائيل ، وكانت اسرائيل تعي حقيقة معاداة النظم العربية للتيار الشيعي عقائديا فاستغلت هذه الرؤية العقائدية من خلال الوسيط الامريكي مع بعض دول الخليج والسعودية ومصر مبارك والحكومة اللبنانية ومنظمة التحرير في تحقيق دورها العسكري في جنوب لبنان، ومع هذا لم تكن تتوقع فشلها في هذا الحرب وانكشافها أمام الراي العام الاسرائيلي والعربي والعالمي.

كما لم تكن تتوقع الدراسات المستقبلية الاسرائيلية قيام الثورات العربية في محاور الارتكاز القطبية في الوطن العربي لاسيما مصر وليبيا ومن ثم فإن تخبط السياسية الإسرائيلية وتهديدها لإيران واستغلال حوادث التغيير العربية بهدف نقل الوعي الشعبي العالمي من متابعة الثورات العربية الى قضية المفاعل النووية الايرانية من جهة و تعطيل الراي العام في الخليج العربي والسعودية تحديدا عن متابعة الثورات العربية الى مواجهة المد الايراني في منطقة الثورات العربية. ومن ثم فإن الدعم السعودي عبر الوسيط الامريكي لضرب اسرائيل سيكون متواجد لا سيما في قضية اختلاق اكذوبة اغتيال السفير السعودي الذي تعلم حقيقة صناعته وتزييفه القيادة السعودية والامريكية بهدف تجفيف التعاطف الشيعي في الخليج العربي مع ايران وتغييب الدور الايراني في مناطق التشيع في الخليج العربي ولبنان والعراق و دوره تحديدا مع مصر واليمن وسوريا واشغاله بقضيته مع اسرائيل.

ان تزييف العقيدة في السياسة هو ما ترفضه المقاصد الكلية وهو ما تتخذه السعودية تجاه المد الإيراني في مناطق الثورات العربية .

ومن ثم فإن اسرائيل تريد ابعاد الدور الايراني في مناطق الثورات العربية تحديدا وتخشى تواجدها وتوافق سياستها مع مصر و ليبيا و تونس لا سيما ان امداد الغاز من مصر الى اسرائيل كان يمثل أحد المجالات الحيوية للاقتصاد الاسرائيلي كما أن لها نصيبا من الثروات النفطية في الخليج وليبيا بعد غياب البترول الايراني في أيام الشاه وخسارتها مع قيام الثورة الايرانية الاسلامية.

ومن ثم فإن مخاطر التواجد الامريكي الغربي المباشر للوطن العربي له دلائل مستقبلية تستدعي دراسة التطورات في منطقة الشرق الأوسط و العقبات المانعة التى تحول دون تحقيق ذلك ومن ثم وضع الخطوات السياسية التى تستوجب تحقيق المكانة السياسية للثورات العربية.

لذا فإن مأزق ايران في منطقة الشرق الاوسط يعود الى مواقفها المتهالكة لدعم النظام السوري كحليف استراتيجي لها مما يعني غياب موقفها من الثورة السورية ومن ثم غياب دورها في المستقبل السياسي مع سوريا في الايام القادمة. ومع أن القيادة الايرانية على وعي من نجاح الثورات العربية إلا أنها تجاهلت سنن التغيير في سوريا و هو ما يعني غياب البعد الاستراتيجي لها في سوريا ، ومن خلال لقائي بأحد الدبلوماسيين الغربين قائلا: إن الغرب وامريكا ليسوا مع التغيير في سوريا لخطورة ذلك على الأمن القومي الاسرائيلي بعد سقوط النظام المصري، ومن ثم استطاعت الدول الغربية حرق الموقف الايراني في سوريا التى تجاهلت ابعاد السياسة الامريكية فيها والتى جعلت من الثوار يستغيثون بالقوى الدولية وكبداية أولية تمهد لإبعاد الدور الايراني وخسارته الحتمية بسقوط النظام ومن ثم لا يصلح الندم السياسي ما افسدته المواقف الايرانية في سوريا إذا لم تتدارك ذلك في الايام القادمة وتغير من سياستها مسايرة لسنن الاستدعاء الإلهي.

وفي المقابل فإن الأزمة الاقتصادية التى تهدد الولايات المتحدة و أوربا تستدعي الحضور السياسي والعسكري في منطقة الشرق الاوسط وسيكون احتمالية التواجد الاجنبي في اليمن وسوريا وليبيا له أهمية كبرى في تطورات السياسة المستقبلية للنواجد الامريكي مع حلفائه الدوليين غير أن هذا التواجد سيكون له صورتان أحداهما حكومة موالية عميلة وهو ما تستدعيه المبادرة الخليجية في اليمن والحوار في سوريا وتمديد ذلك وتعطيل الحلول السريعة له أهمية في اضعاف الاطراف الفاعلة في الثورة والنظام ومن ثم ستكون الاملاءات الامريكية سهلة التحقيق.

ومن جهة أخرى تسعى الولايات المتحدة الى تعميق الخلاف العقائدي بين السعودية وإيران و تحجيم السياسة الايرانية بالتحركات السعودية و تضييق السعودية بالمواقف الايرانية و العمل على توسيع الفجوة بينهما مما يعني اضعاف الحضور الايراني في المنطقة العربية وتعطيل قوتها السياسية والعسكرية حتى يتحقق الهدف الدولي من توسيع القواعد الغربية الامريكية في سوريا والخليج والسعودية واليمن ومن ثم سيكون للقوى الاجنبية في المنطقة دورا فاعلا في ضرب اي تحركات قادمة يهدد المصالح الامريكية الغربية الاسرائيلية في المنطقة وفي المقال القادم سنتابع ما يجب تحقيقه وما المستوجب تعطيله لبناء استراتيجية التغيير الثوري وتحقيق المكانة السياسة للثورات العربية

*باحث وكاتب سياسي