مواجهات في تعز والجيش يعلن احباط هجمات للحوثيين قرار اتخذته أميركا مؤخراً يتعلق بمواجهة الحوثيين واتساب يوقف دعم هذه الهواتف بدءًا من 2025.. القائمة الكاملة صلاح يكتب التاريخ برقم قياسي ويتفوق على أساطير الدوري الإنجليزي أسطورة ليفربول يخضع لمحمد صلاح اعتراف الحوثيين بخسائر فادحة نتيجة الغارات على صنعاء الموساد يكشف تفاصيل صادمة حول عملية البيجر المفخخة ضد حزب الله ترامب يتعهد بإنهاء حروب أوكرانيا ومنع اندلاع حرب عالمية ثالثة ترمب يثير الجدل بشأن استعادة قناة بنما ويكشف عن لقاء مع بوتين مواجهات وتطورات خطيرة في مخيم جنين بالضفة الغربية
في إطار الخلاف السياسي الموجود على الساحة اليوم، ظهر الخلاف بين من ينتسبون إلى العلم، ومال كل طرف إلى رأي بدعوى أن هذا هو الرأي الشرعي، وادعى كل طرف أنه العالم الحق، وأن غيره جاهل، مما يجعلنا نطرح هذا الموضوع الهام في معرفة صفة من يحق له الإفتاء.
ومن المهم بيان أن الفتيا بلاغ عن الله سبحانه وتعالى، وإخبار بما حكم به الله عز وجل، ينبني عليها تحريم الدماء والأموال وهدرها، وهي الفاصل بين الحلال والحرام من الأقوال والأعمال، وقول العالم هذا حلال وهذا حرام، يعني أن الله تعالى أحل هذا وحرّم هذا، فهو يخبر عن الله تعالى، بل هو توقيع عن رب العالمين، كما سمى ذلك ابن القيم رحمه الله.
ومن أخطر القول الفتيا بغير ما شرع الله، والقول على الله بغير علم، قال سبحانه: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب، إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون) [النحل 116]، فدل على أن تحليل ما حرم الله، أو تحريم ما أحل الله هو كذب وافتراء على الله تعالى توعد الله فاعله بالعذاب الأليم.
وقد أخذ الله سبحانه الميثاق على العلماء أن يبينوا للخلق أحكام الشرع، وهذا البيان ليس رأيا للعالم أو المفتي، بل هو قول مستنبط من النصوص الشرعية من القرآن والسنة، ومن أقوال العلماء وإجماع الأمة، فهو خلاصة ما أدى إليه علم العالم واجتهاده فيما يعتقد أنه حكم الله تعالى.
ولقد ابتليت الأمة الإسلامية ببعض المنتسبين إلى العلم الشرعي، الذين يفتون في عدد من القضايا الهامة، وهم ليسوا أهلا للفتوى، وإنما يفتون بغير علم، أو يفتون وفق هوى أنفسهم، أو وفق هوى الحاكم، منتصرين في فتواهم لشخص أو حزب أو جماعة، فيقلبون الحقائق، وينصرون الظالم على المظلوم، ويلبسون على العامة بأنهم علماء، وهم أبعد ما يكون عن ذلك، بلا ورع ولا تقوى، ولا أمانة علمية، فشوهوا صورة العلم والعلماء بل وتلاعبوا بالشريعة الغراء وفق مصالحهم.
وهذه جرأة مذمومة، يتحمل هؤلاء المفتون وزر من عمل بهذه الفتيا، ولا شك أنهم شركاء في المعصية، ولقد كان السلف – رحمهم الله - يتحرجون من الفتوى، ويعلمون أن الجرأة على الفتيا جرأة على النار.
ولهذا وجب ألا يتصدر الإفتاء إلا أولوا العلم، المؤهلون للفتوى، ومن أهم صفات المفتي:
1 – أن يكون عالما بما يفتي فيه، ملما بالنصوص الشرعية المتعلقة بالفتوى، عارفا بأقوال الفقهاء، واقفا على أقوال السلف وطريقتهم في التعامل مع هذه النصوص، فقيها بالنص وملابساته والمخاطب به وظروفه وأسبابه؛ فليس كل من حفظ نصا يعد عالما، بل لا بد من فقه النص ومعرفة الأصول التي تبنى عليها الأحكام.
2 – أن ينظر إلى جميع أقوال أهل العلم من سلف الأمة بإجلال، وأن يميز بين ما هو مجمع عليه بين الأمة، وما هو مختلف فيه، فلا يقتصر على مذهب واحد، زاعما أنه الحق الذي لا يصح سواه، بل يقبل أقوال مخالفيه إذا كان لهم دليل، وكان الخلاف سائغا، مع ضرورة لزوم الأدب مع المخالفين، وعدم تجهيلهم أو اتهامهم بالضلالة والابتداع.
3 – أن يكون تقيا ورعا عدلا، قائما بما أوجب الله تعالى عليه، مبتعدا عن المحرمات، لا يخشى سوى الله تعالى، فلا تؤخذ الفتوى من المجاهر بالمعصية، ولا ممن يكذب في حديثه، ولا ممن يقصر في أداء الواجبات تقصيرا ظاهرا، ولا ممن يتناول المال الحرام، ولا ممن يتجرأ على حقوق الناس، ولا ممن لا يحترم حقوق المسلمين ولا يحمي أعراضهم، ولا ممن لا يتورع عن السب والشتم والغيبة وغيرها من الخصال، إذ يجب أن يكون المفتي عف اللسان، ملتزما بأحكام الشريعة الإسلامية.
4 – أن يجمع بين النصوص المختلفة، فلا ينبغي للمفتي أن يأخذ ببعض النصوص ويترك بعضها، وقد ذم الله سبحانه أهل الكتاب بقوله: (أفتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض فما جزاء من يفعل ذلك منكم إلا خزي في الحياة الدنيا ويوم القيامة يردون إلى أشد العذاب) [البقرة: 85].
فعلى سبيل المثال يقف كثير من علماء السلطة اليوم عند النصوص التي تأمر بطاعة ولي الأمر، كقوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، ويرون أن هذه الطاعة مطلقة، ويهملون بقية الآية وهو قوله: (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) [النساء: 59].
كما نجدهم يأخذون بالنصوص الدالة على طاعة ولي الأمر، ويهملون النصوص الأخرى التي تأمر بالأخذ على يد الظالم، وردعه عن الظلم، وما ورد من الوعيد على ترك الظالم وعدم الأخذ على يديه كقوله : "إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه".
5 – أن يكون المفتي كيّسا فطنا، بحيث لا يستغفله المستفتي، فإن كثيرا من الفتاوى اليوم يمكن أن يقال بأنها كلمة حق يراد بها باطل، ويجب أن يسمع من جميع الأطراف، وأن يعلم إن كان هدف المستفتي تطبيق أحكام الشريعة، أو استغلال الفتوى لمصلحة شخصية، فلا يكون المفتي أداة من أدوات الظلم دون أن يشعر، فعلى سبيل المثال قد يفتي إنسان بضلال فئة ما ووجوب قتالهم، مع أن المقاتل لهم أسوأ منهم، أو أن المستفتي يريد ذريعة لقتلهم أو قتالهم، ولا يريد بذلك نصرة الحق، فلا يجوز إصدار مثل هذه الفتاوى.
6 – أن يكون عالما بالواقع؛ لأن الحكم على الشيء فرع عن تصوره، سواء كان هذا الواقع سياسيا، أو حربيا، أو اجتماعيا، أو إعلاميا، أو غير ذلك من الأمور، فلا بد أن يعرف العالم حقيقة الأمر، لكي تكون الفتوى صحيحة، فإن عجز عن معرفة ذلك رجع إلى المتخصصين في تلك المجالات، حتى لا يرتكب جريمة في حق الأمة، أو في حق بعض أفرادها، فقد يصور له الباطل حقا، فيبني عليه الحكم وهو جاهل بالواقع، وهذا من أكبر الجهل.
7 – أن يكون المفتي متجردا عن التبعية – في فتواه – لحزب أو جماعة أو حاكم أو جهة ما، فهذه أمانة يجب أن تؤدى كما أمر الله عز وجل بها، كما قال سبحانه: (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل) [النساء: 58]، ولا ينبغي أن يتعصب لجهة ضد جهة، أو أن يحمل على جهة ما لشيء في نفسه، فقد قال سبحانه: (ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا، اعدلوا هو أقرب للتقوى) [المائدة: 2].
8 – أن يتجرد عن الهوى والمصلحة الشخصية؛ سواء كانت مالا، أو جاها، أو سمعة، أو انتصارا للنفس أو غير ذلك، فإن كثيرا من الناس اليوم يبحث عن الشهرة من جهة الفتوى، فيفتي بما يؤدي إلى شهرته، أو بما يراه مناسبا لحاله وحال من حوله، ويبحث عن النصوص والأدلة التي تؤيد هذا الرأي دون النظر إلى النصوص الأخرى التي تخالف هواه.
9 – أن يطبق الحكم على جميع الأفراد على حد سواء، وذلك أن بعض المنتسبين إلى العلم، قد يفتي بجواز أمر في بلد ما، أو في حق شخص ما، لكنه لا يجيزه للآخرين، فقد يفتي بحرمة عزل حاكم ما، لكنه يفتي بجواز ذلك مع حكام آخرين، وقد يجيز الدعاء على حاكم ويعين من طالبوا بعزله في بلد، بينما يقف مع الحاكم في بلد آخر، وهكذا.
10 – مراعاة الزمان والمكان، فإن الفتوى تختلف باختلاف الزمان والمكان، ولكن في إطار الأدلة الشرعية، فقد تكون هناك حاجة، وقد تكون هناك ضرورة أحيانا، فيأخذ المفتي بالأدلة التي يجد فيها فسحة شرعية، وقد يأخذ بالعزيمة أحيانا لعدم الحاجة إلى الرخصة وسدا للذريعة.
هذه ضوابط هامة يجب تطبيقها في الواقع، والتزام المفتي بها، ويجب على المستفتي أن يبحث عمن يثق في فتواه؛ لأن الفتوى الصادرة ممن ليس أهلا لها ضلال وتضليل للأمة.
هذه ضوابط هامة يجب تطبيقها في الواقع، والتزام المفتي بها، ويجب على المستفتي أن يبحث عمن يثق في فتواه؛ لأن تصدر الإفتاء من غير أهله ضلال وتضليل للأمة.
وينبغي على وسائل الإعلام أن تتحمل مسؤوليتها في اختيار من يصلح للفتوى، فلا يؤتى إلا بمن اكتملت فيه شروط الإفتاء، فإذا علم أنه ليس أهلا لذلك فهو نوع من التدليس على الأمة والكذب عليها، كما هو الحاصل في بعض القنوات الفضائية، التي تستبعد المؤهلين وتأتي بغيرهم لحاجة في نفوسهم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
*جامعة صنعاء
salehsawab@hotmail.com
http://www.facebook.com/salehsawab