صلاح يكتب التاريخ برقم قياسي ويتفوق على أساطير الدوري الإنجليزي أسطورة ليفربول يخضع لمحمد صلاح اعتراف الحوثيين بخسائر فادحة نتيجة الغارات على صنعاء الموساد يكشف تفاصيل صادمة حول عملية البيجر المفخخة ضد حزب الله ترامب يتعهد بإنهاء حروب أوكرانيا ومنع اندلاع حرب عالمية ثالثة ترمب يثير الجدل بشأن استعادة قناة بنما ويكشف عن لقاء مع بوتين مواجهات وتطورات خطيرة في مخيم جنين بالضفة الغربية هاكان من سوريا يتوعد : لا يمكن التسامح مع سلب إسرائيل للأراضي السورية شابة سعودية حذرت سلطات ألمانيا من منفذ حادثة الدهس العثور على أحد الضباط اليمنيين المفقودين من أصل سته آخرين بعد خروجه من معتقلات الاسد وهو في وضع شبه منهار
منذ بداية الثورة وكان هنالك قلق واضح بادي على ملامح الكثيرون من انحراف مسار الثورة اليمنية من عملية تغييرية شاملة إلى شيء يشبه الانقلاب العسكري يقوم بتدوير قسري لكراسي الحكم لا يفيد الوطن و لا حتى الشعب الذي يأمل أن يرى شيء مختلف جذريا عما كان قائم.
وهذا القلق السائد في بداية الثورة كانت تكبح جماحة رؤية الزخم الهائل من الشباب اليمني الذي رفع راية التغيير وأنه لا يمكن بحال مصادرة هذه الثورة لصالح قوى رجعية تسللت إلى الثورة، كما أن مجرد طرح هذه المخاوف أمام العلن تواجه بردة فعل عنيفة واتهامات بشق الصف الثوري وأنه من غير المناسب طرح مثل هذه المخاوف والتساؤلات في هذا الوقت، حتى انقضى نصف عام على الثورة ولم يئن الوقت المناسب لطرح أسئلة ملحة تتعلق مباشرة في مصير الوطن القادم وكيف سيكون وما هو النظام الذي سيسير عليه وإلى أي مدى سيكون التغيير الحقيقي لأننا سئمنا تلك التطمينات التي هي في الغالب تصاريح من أشخاص تناقض شخصياتهم وتصرفاتهم في الماضي وانتماءاتهم السياسية والفكرية.
فمثلا حين يصرح صادق الأحمر بأنه لا يرغب في السلطة ثم نجد ثلاثة من أشقاؤه هم أعضاء في المجلس الوطني فهذه علامة غير مريحة، أو عندما يتحدث تنظيم الإصلاح بمختلف تشكيلاته الحزبية سواء كانت اشتراكية أو ناصرية عن القضية الجنوبية وأنها قضية عادلة ثم يتم التعامل معها بذلك الشكل المهين في المجلس سيء الصيت فهذا أيضا شيء يثير الريبة والخوف بأنه وخلف الكواليس تحدث أشياء مختلفة نهائيا عما هو أمامها، ناهيك أنه لا يمكن التصديق بأنه اليمن القادم سيكون يمنا مدنيا تحت هيمنة تيارات دينية وقبلية لأنهم وان فعلوا فهذا يعني تنازلهم عن مبادئهم التي هي في نظرهم مبادئ سماوية لا تقبل التشكيك أو التنازل عنها.
المجلس الوطني جاء كمحاولة لشرعنة القبيلة والإسلام السياسي كقيادات وحيدة لهذه الثورة _ هذا أن اعتبرنا فعلا بان هذه المجلس ليس لحكم البلاد وإنما لقيادة الثورة _ وأنه ورغم أن المجلس سقط بشكل مدوي إلا أن زمام الثورة مازال ممسك بتلابيبها أولئك الذين كانوا ضمن مصفوفة الفساد منذ أكثر من ثلاثون عاما مضت، وأنهم هم من بيدهم تصعيد الثورة أو إخمادها حسب مصالحهم.
أعترف أن اليمن وثورته هي عملية معقدة للغاية، لكنها ما كان لها أن تكون أقل فاعلية من الثورة الليبية التي وأن قارنها بثورتنا سنجد أن ثوارهم أقل إمكانيات بكثير من ثوارنا وأن نظام القذاقي يمتلك ما لا يمتلكه نظام علي صالح، ومع ذلك أحتفل الليبيون بعيد الفطر بدون طاغية أو مستبد، أما نحن فمازلنا نراوح مكاننا كأننا مربوطين بساقية.
وأيضا أعترف بأن التركيبة الاجتماعية في شمال اليمن تساهم بشكل أو بآخر بإنتاج أكثر من طاغية كون أنها مكونة من نظام طبقي صارم لا يقبل التفكيك أو الإصلاح، حيث أنها تقر بالتفوق السلالي والعرقي وتخضع لصاحب القوة والنفوذ، فابن الشيخ هو شيخ بالضرورة، وترى في هذا الخضوع جزء من التراث الذي كان عليه الآباء والأجداد، لذا كان من الطبيعي أن تتقافز تلك الوجوه من مشائخ قبيلة ورجال دين على ظهر الثورة وان نجد من يبارك تواجدهم ويمجد حضورهم على اعتبار أنهم المنقذين الجدد متناسين أنهم ذاتهم كانوا في الصحف الرسمية وفي المناصب الوزارية وفي قيادات الجيش في النظام السابق، وهذا يعني أن الثورة لم تأتي بجديد أبدا بل ربما قد يكونوا الأسوأ من سابقيهم.
لذا لا يجب أن نجمل القبح وان ندعي أننا أصحاب ثورة، فالوجوه القديمة والأفكار القديمة لا تحمل وعيا ثوريا في داخلها لأن هذا يعني القضاء على أنفسهم وتهميشهم ، كما أن استمرار هذا الوضع وأعني وضع الثورة المسروقة يعني خراب للوطن مرة أخرى، لأن تجريب المجرب دلالة على قلة وعي وبلاهة جسدية وعقلية لا تليق بالمواطن اليمني، ومن ناحية أخرى لم نعد نستطيع أن نعيد للثورة عذريتها من جديد كون أن تنظيم الإصلاح وتشكيلاته الملحقة من اشتراكي وناصري قد بسطوا هيمنتهم في وقت مبكر عليها، فهنالك حل واحد لكل مواطن يمني سواء كان جنوبيا أو شماليا وهو كالتالي:
الجنوب في كونه منفذ هرب من كل هذه الفوضى
وأنا هنا أروج لمشروع جنوبي كإقليم أو حتى كدولة منفصلة عن شمال اليمن المعقد بتركيبته الاجتماعية والسياسية وأيضا الدينية، وهذا لا يعني أن الجنوب خالي من تلك المشاكل، فتجربة عشرون عاما من الوحدة تركت أثرها، لكن الجنوب كمنطقة مازالت حتى الآن تستطيع أن تستوعب النظام والقانون وأن تخضع له على أساس أنها تجربة وسبق وان مارستها وتعايشت معها، ناهيك عن الانسجام المذهبي والرفض المبدئي للطبقية القائمة على العرق أو الدين وأيضا المنادين بالقضية الجنوبية هم تقريبا يحملون فكرا مدنيا واضحا لا خلاف عليه، وأن المناداة بالقضية الجنوبية هو أمر لا يجب أن يتعلق بالجنوبيين فقط بل يجب أن يشمل كل شمالي يريد أن يجد له متنفس في هذه الحياة ويعيشها بكرامة ومساواة وهنا أعني الشباب الثوري الذي قام بالثورة في البداية وكل مثقفي وأحرار هذا الوطن من المهرة حتى صعدة، فالجنوب سيكون مفتوحا وملاذا آمنا ومكانا نستحق أن نقضي فيه بقية حياتنا ونبنيه من جديد على أسس مدنية وعصرية تاركين خلفنا كل أحزان وإحباطات الماضي.
وتذكروا أنه لا الوطن ولا الوحدة مقدسة بقدر قداسة الإنسان المقيم عليها وانه هو الأهم والأول وهو من يجب أن يكيف الوضع وبما يتلاءم مع أفضل الخيارات في حياته.