جامع قصر الرئاسة
بقلم/ د. معروف أبوبكر باذيب
نشر منذ: 13 سنة و 4 أشهر و 19 يوماً
الأربعاء 03 أغسطس-آب 2011 09:51 م

في البداية، أستهّل مقالي هذا بالحمد والشكر لله العلي القدير بأن بلّغنا رمضان، وأسأله جلّ في علاه أن يتقبل منا ومنكم الصيام والقيام وسائر الأعمال الصالحة، وكل عام والجميع ومن يحبّون في أطيب حال.

من عنوان المقال، ربما سيعتقد البعض بأنني سأتناول ما حدث في جامع الرئاسة.. وهذا غير صحيح. لسبب أن لا أحد (تقريباً) من عامة الناس أمثالنا يعرفون حقيقة ما جرى، ولأن الكثير من الإخوة قد تناولوا هذا الموضوع من زوايا عديدة. ولذا سأتناول في مقالي هذا موضوع التسميات. نعم، التسميات التي نطلقها على بعض الأماكن مثل الشوارع والحارات والمساجد وغيرها.

لاحظت أن بعض من كتبوا عن حادث جامع دار أو قصر الرئاسة، كانوا يذكرونه بـ "جامع النهدين"، بينما ذكره البعض الآخر بـ "جامع الرئاسة" أو ما شابه. وقبل أن أتحدّث عن هذه التسمية، أود أن أذكر قصة سمعتها قبل سنوات.

يُقال (والعهدة على الراوي) أن هناك شارع في مكة المكرمة، يُقال أن دار (منزل) "أبو لهب" قديماً كان يقع في ذلك الشارع. ولصعوبة حفظ أسماء الشوارع التي تضعها الدولة، تدارج على ألسنة الناس "شارع أبو لهب" لسهولة الإشارة إلى ذلك الشارع، وعدم حصول أي (لخبطة) بينه وبين شارع آخر.

ومع توسع العمران في مكة المكرمة، وصعوبة وصول العديد من الساكنين في هذا الشارع إلى الحرم المكي وخاصة أيام الحج ومواسم العمرة، فقد بنى أهل ذلك الحي مسجداً في ذلك الشارع. طبعاً أطلقوا على ذلك المسجد اسم يليق ببيت من بيوت الله. إلا أن مشكلة حفظ الأسماء تكررت عند بعض الناس، فكان الواحد منهم يقول لصاحبه، سأصلي العصر في مسجد (...) الكائن بشارع "أبو لهب". ثم تطوّر الأمر بعد ذلك فأصبح يقُال "مسجد أبو لهب" للاختصار، ودون إدراك لمعنى هذه التسمية، مع أن الجميع يعلم بأن "أبا لهب" لم يكن له مسجد، ولم يعرف الإسلام، بل ووقف في طريقه.

نعود إلى موضوعنا، جميعنا يعرف أن ميدان أو منطقة السبعين سُميّت بهذا الاسم بعد حصار السبعين يوم الذي شهدته العاصمة صنعاء. ويقع في هذه المنطقة جبلين متقاربين إلى درجة أنهما يشبهان "النهدين" أو "الثديين". وكلمة النهدين أو الثديين هما مثنى كلمة "نهد" أو "ثدي"، وهو عضو أنثوي بارز في صدر كل امرأة. ولذلك أطلق على هذين الجبلين اختصاراً بـ "جبل النهدين" كونهما متلاصقين، ويُشبهان إلى حد ما نهدي المرأة.

وكما نعرف جميعاً، فإن القصر الرئاسي في تلك المنطقة، ويقع في داخل محيط القصر الرئاسي جامع، وأنا على يقين بأن ذلك الجامع يحمل اسماً يليق ببيت من بيوت الله، وربما كان الناس يقولون "الجامع الذي بداخل قصر الرئاسة"، وبما أنه يوجد في صنعاء العديد من القصور الرئاسية، فقد أضاف الناس "الجامع الذي بداخل قصر الرئاسة في منطقة النهدين"، وبعد أن أصبح ذلك الجامع أشهر من نار على علم، فقد أختزل العديد من الناس الاسم إلى "جامع النهدين"، دون وعي أو إدراك ربما لمعنى الكلمة، وهذا ما يجب أن نصححه، ونتجنّب إطلاق هذا المسمّى على بيت من بيوت الله.

إنني أشعر بالحرج الشديد في كل مرة أسمع فيها كلمة "جامع النهدين"، وأتساءل لو أن مذيعاً في التلفاز قرأ خطاءً أو كاتباً مرموقاً كتب خطاءً "جامع الثديين"، فهل سيكون ذلك الاسم مقبولاً؟ كلا الكلمتين لهما نفس المعنى!

لا يختلف اثنان في أن كل واحد منا يُحب أن يسمّي ولده أو ابنته بأحب وأحسن الأسماء، وبيوت الله في نفوسنا وقلوبنا أحب إلينا من أي شيء في الدنيا، ولذا لابد أن نحرص عليها وعلى الأسماء التي نطلقها على هذه الأماكن الروحانية. يقول تعالى (ذلك ومن يعظّم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) صدق الله العظيم. لذا أتمنى أن يُسمّى هذا الجامع بالاسم الذي يليق ببيت الله.

ختاماً، صوماً مقبولاً وذنباً مغفوراً للجميع. وإلى لقاء قريب مع مقال آخر إن شاء الله. والله من وراء القصد.

mbyemen@gmail.com