المثيل كاتباً سياسياً (لوكان الفقر صنماً لأكله الإرياني)
بقلم/ د.عبدالمنعم الشيباني
نشر منذ: 13 سنة و 6 أشهر و 8 أيام
الإثنين 13 يونيو-حزيران 2011 09:44 م

في حلقتين سابقتين، قبل ستة اشهر، كتبت مقالة من جزئين بعنوان :( المثيل كاتباً سياسياً).. وهنا استدرك علي احد القراء الكرام الذي تفضل مشكوراً بملاحظة نحوية قال: كيف تكون تلميذاً للمعاهد العلمية وأتيت بكلمة "كاتب" منصوبة وحقها الرفع هنا.. اقول للصديق القارئ الجواب هو: (المثيل ادرسه كاتباً سياسياً)... "كاتبا"ً مفعول به لفعل محذوف تقديره "ادرسه" .. وبالمناسبة قدوتي في النحو استاذ اللغة العربية محمد بن محمد قحطان(ناطق المشترك اليوم) ابان العصر الذهبي للمعاهد العلمية..

في الحلقتين السابقتين- عودوا اليهما ان شئتم وتفضلتم مشكورين- درسنا بالأمثلة عبد الملك المثيل كاتباً سياسياً..، وابرز خصائص الكتابة السياسية عند المثيل اعيدها من جديد كما يلي:-

العنوان المثيروالمدهش

الحضـور السيـاسي للمفـكر الناضج والكـاتب المســؤول

المعـارضة السياسـية الواضحة

السـخريـة الـنقديـة اللاذعـة

جـاهزيـة الرد على الخطـاب السـلطـوي وأدواته

ومن الأهمية بمكان التنبيه الى ان المثيل ليس كاتباً فحسب بل رجلاً وإنساناً يجسد في الواقع السياسي والإجتماعي معاني الكاتب الرجل والكاتب الإنسان وهي صفات لا تتوفر لكل من نقرأ لهم الا قليلاً، ولم ازل اكرر (ليس كل اديب او شاعر اوكاتب رجلاً) قد يكون مبدعاً لكن ليس بالضرورة انساناً ولارجلاً ولا حتى (من بني آدم)..

عبد الملك المثيل هو قائد المظاهرات والفعاليات الشعبية الثورية في الخارج وصولاً الى ساحة البيت الأبيض وهو احد ثلة من رجالات اليمن الذين حركوا ملفات جرائم حرب ضد الإنسانية ارتكبها رئيس مخلوع يكرهه الشعب، ليس المثيل غنياً كـ الدكتور السفيرعبد الولي الشميري، المليونير الثري والأديب المتكلم والمثقف الناقد والشاعر العظيم الذي لم ير الناس لتلك العظمة -حتى هذه اللحظة- اثراً في مقارعة النظام او التحرك للإنقاذ او لعمل شيئ لمصلحة الثورة السلمية الشعبية..

  وعبد الملك المثيل هو الأول محتفلاً بالرئيس المدني المحبوب الذي فاز بانتخابات 2006 الإنتخابات التي سرقها الرئيس المخلوع، كان المثيل يجسد للناس احتفالات بمعان انسانية نبيلة لشخص عظيم بصرف النظر عن نتائج الانتخابات لهذا الإنسان فيصل بن شملان..

الإنسانية العالمية للمثيل صفة لا تتوفر لمئات الكتبة في بلاد العرب وهي منحة خاصة بالمثيل الكاتب والناشط والباحث الذي اوصل رسالة الشعب اليمني لكبار صناع السياسة بإمريكا، هذه الصفة الغالية (الإنسانية العالمية) تحثه ابداً على كشف اعداء الإنسانية واعداء الشعوب ممن ضمن لهم اسيادهم موقع الصدارة واغدقوا عليهم بالهالات الإعلامية الضخمة والألقاب الطنانة الرنانة لتمكنهم من مخادعة البسطاء من اولاد الشعوب لغرض تمكينهم من سدة السلطة والتنفذ والحكم..

رائعة عبد الملك المثيل مقالته (لوكان الفقر صنماً لأكله الإرياني) هي محل دراسة هذه الحلقة وهذه مقدمتها.. كم سمعنا من دعايات وشائعات واعلام تحركه اصابع سرية يقول ((ان عبد الكريم الإرياني طحطوح ومتعلم ويتكلم عشر لغات وداهية وحكيم يماني لم تنجب اليمن مثله))..

دراستي لرائعة المثيل( لوكان الفقر صنماً لأكله الإرياني) ليس للنيل من مقام احد من الناس ولا من الدكتور ارياني بل الهدف الواضح عندي من الدراسة ابراز شيئين اساسين: الأول الإنسانية العالمية كما تجسدها شخصية الكاتب والناشط المعارض المثيل والثانية دراسة الخصائص الإبداعية الفنية لمقالته آنفة الذكر ليس الا..

في الحلقة القادمة سنعيش بالتحليل النقدي والعلمي الموضوعي سر عظمة المثيل كاتباً وإنساناً في هذه المقالة (النص) التي حوت ثلاث خصائص جمالية بارزة ..

***** 

النص

(لوكان الفقر صنماً لأكله الإرياني) لـ عبد الملك المثيل

في حواره الأخير مع قناة الحرة,آثر الدكتور عبدالكريم الإرياني مواصلة رحلته السياسية,ناسفا بكلماته التي عبر من خلالها عن مواقفه من الأحداث,كلّ الآمال المعقودة في تحسن أدائه ولو في نهاية الخدمة,سيرا على الدعاء المأثور(اللهم اجعل خير أعمارنا خواتيمها),كما كان أيضا يواصل هجومه المدمر على تاريخه الشخصي,ملحقا دمارا شاملا بكل النظريات الإعلامية التي تفننت في منحه الألقاب والصفات"التاريخية",فهو الشخصية الوطنية النادرة,وهو الهامة والقامة العليا,وهو صانع السياسة الخارجية وهو العبقري والداهية.....الخ

لقد مثل حوار الحرة الأخير مع الدكتور الإرياني مدخلا لكتابة هذا الموضوع,لنحاول من خلاله طرح بعض الأفكار عبر القراءة المختصرة لأبرز المحطات في رحلة الأرياني السياسية,بدون التجني عليه في القول كاتهامه ووصفه بتهم دأب الكثير في استخدامها مع أنها لا تخدم الحديث أو الوضع في شيء,أو منحه ألقاب وصفات ترفعه وتضعه في خانة"التنزيه",كما يحدث في أعلام الحزب الحاكم,المعروف بدفاعه عن الإرياني أمام كل نقد يوجه إليه,حتى ولو كان ذلك النقد صحيحا وواقعيا جاء في أغلبه ردا على تصريحات ولقاءات إعلامية قال فيها الدكتور الإرياني عبارات تستحق بالفعل أن يرد عليها ,كما حدث في حواره الأخير

كان يجب على الدكتور الإرياني بعد رحلته السياسية الطويلة أن يصل إلى مرحلة الحكمة,ليقدم من خلالها حلولا ناجحة لمشاكل الوطن المعقدة,مستغلا نفوذه الكبير كأحد أهم مراكز القوى في نظام الرئيس علي عبدالله صالح,كما كان عليه أيضا أن يقول الكلمة الطيبة على الأقل,هادفا من خلالها إلى لملمة الجراح المنتشرة اليوم في الجسد اليمني,غير أن شيئا من ذلك لم يحدث,إذ كان الدكتور الإرياني أحد الأسماء القوية في صناعة مشاكل اليمن المعقدة,من خلال خطواته وقراراته الكارثية,كما كان أيضا أحد الأسماء التي ساهمت في توسيع الشرخ الوطني,عبر كلماته التي استخدم فيها ألفاظ ومسميات جارحة لا تليق بتاريخه"النزيه"حسب إعلام حزبه ألمؤتمري,ولا تتوافق مع قيم وأخلاقيات مجتمعنا اليمني المحافظ على أصالته وموروثة الأخلاقي الخالد.

في حواراته الكثيرة,وضع الإرياني نفسه في موضع سلبي ما كان يجب عليه أبدا الصعود أو الهبوط إليه,ويبدوا أنه بذلك الموضع أراد أن يوضح حقيقة إمكانياته المتواضعة فاضحا في نفس الوقت حجم الكذب والتزييف في الإعلام الحكومي,أو أنه تأثر كثيرا بالمواقف والأقوال الصبيانية لسلطان البركاني وطارق الشامي ,وربما يكون الدكتور قد وقع فريسة بسبب المدح البغيض والنفاق المذموم ,من قبل المحيطين به بمختلف مسمياتهم,والذين وصفوا ويصفون كلامه بالحقيقة المطلقة التي تطيح الخصوم وتشتت الأعداء,ولا عجب إن كانوا بعد كل حوار قد إلتموا حوله مصورين كلماته بالنارية والقاتلة’وهي بالفعل كذلك لكن بشكل معكوس تماما ,شوه الإرياني بها نفسه وحزبه,وأساء لشخصه وتاريخه,وبدا كمدافع يسجل بنفسه أهدافا في مرمى فريقه.

البداية....إنجاز غير مسبوق أو معهود

خلال سنوات قليلة لا تتجاوز العشر أو السبع,حصل الدكتور الإرياني على العديد من الشهادات الدراسية,بدئها بالإعدادية ثم الثانوية من جمهورية مصر العربية,ثم حصل على البكالوريوس في الزراعة,والدكتوراه في الأحياء,مع ملاحظة عدم تطرقه لشهادة الماجستير وهل حصل عليها أم لا ,فهو حسب تعريفه لنفسه في حواراته يقدم تاريخه الدراسي بالصورة التالية:

درس اللغة العربية والعلوم الإسلامية والتاريخ والأدب في قرية إريان محافظة إب حتى بلغ التاسعة عشر من العمر,ليغادر بعد ذلك في الخمسينيات تقريبا إلى جمهورية مصر وهناك درس الإعدادية في مدرسة ليلية هي مدرسة الجيزة النموذجية,لينتقل بعدها إلى المدرسة الإبراهيمية بالقاهرة وفي (جاردن سيتي)والثانوية في مدرسة طنطا,لينهي دراسته الثانوية في مصر حسب قوله,وبعد ذلك سافر إلى الولايات المتحدة الأمريكية وحصل هناك على شهادتي البكالوريوس والدكتوراه من جامعة إسمها (بيردي كنتكل)في عام 1962م.

أربعون عاما من الفشل

في عام 1968م عاد الدكتور الإرياني إلى أرض الوطن,ومنذ ذلك العام حتى العام اليوم2008م ,قضى الإرياني أربعين سنة كاملة في الحكومات المتعاقبة وتبوأ العديد من المناصب الهامة,حيث بدأ مشواره الوظيفي كمدير مساعدا لمشروع وادي زبيد من عام 1968م حتى العام1972م,ليشغل بعد ذلك مركزا في جهاز التخطيط,ثم وزيرا للتربية والتعليم,ليصبح بعد ذلك رئيسا للوزراء في عهد الرئيس علي عبدالله صالح,وظل الإرياني بعدها حاضرا في كل الحكومات كرئيس للوزراء أو وزيرا للخارجية وبعد ذلك أمينا عاما للحزب الحاكم(المؤتمر الشعبي العام)ليحط رحاله في منصب مستشار رئيس الجمهورية كما هو اليوم

عندما نصف الخدمة الطويلة للدكتور الإرياني بالفشل,فنحن نقصد ما نقول,استنادا إلى الواقع المعاش في وطننا اليوم ,الناتج الطبيعي للممارسة الخاطئة في الحكم وإدارة البلاد طوال سنوات طويلة,وبإمكان كل من يحاول المجادلة في ذلك أن ينظر إلى الواقع اليمني بحياد وأمانة ومسؤولية,مما سيدفعه إلى التفكير بحيرة وتعجب في العقليات التي قيل أنها تعلمت وتخرجت من الولايات المتحدة الأمريكية كالدكتور الإرياني,حيث عجزت تلك العقليات عن تقديم أي شيء مما تعلمته في هذه الدولة التي تعتبر نموذجا حقيقيا لدولة القانون والمؤسسات بكل ما تحمله الكلمات من معنى,ونعتقد أن هنالك سرا في الموضوع قد تتضح معالمه وحقائقه بعد رحيل النظام القائم اليوم.

بإمكان كل من سيهب للدفاع عن الدكتور الإرياني أن يستعين بكل الكلمات والجمل,مستعين أيضا بأي أمثلة ومواقف لمحاولة إثبات خطأ ما قلناه,لكنه لن ينجح في ذلك أبدا,و سيبدو كمن يحاول حجب ضوء الشمس بالمنخل,لأن الدكتور الإرياني فشل حقيقة في استخدام مؤهلاته العلمية في تطوير البلاد,كما فشل في الاستفادة من تجربته الطويلة في السلطة,بل على العكس من ذلك خرج لنا بعد تلك الرحلة بكارثة الجرع التي أوصلت الفقر إلى كل قرية في الوطن ,لأنه من خلالها حمل المواطن ما لا طاقة له به,وهو بتلك الكارثة الجرعية واصل أدائه السلبي الذي بدأه عام 1968م,حيث عجز تماما من يومها حتى اليوم في المساهمة في بناء دولة النظام والقانون ,رغم أن الوطن في ذلك التاريخ كان وطنا خام من السهل نقله إلى مرحلة الدولة الحقيقية التي توفر لسكانها أبسط متطلبات الحياة من الخدمات العامة كالكهرباء والمياه والصحة والتعليم ..الخ

كان بإمكان الإرياني عمل الكثير مستفيدا من علاقاته الدولية الكبيرة ,وأسمه الرنان المعروف في كل مكان,لكنه للأسف الشديد لم يقدم سوى ما يتوافق مع مصلحته وأهدافه الشخصية,لذلك لا غرابة أبدا أن تتراجع اليمن في ثروتها الزراعية عاما بعد عام(تخصص الإرياني)والأغرب من ذلك تدفق السموم الزراعية التي دخلت البلاد من كل المنافذ لتقضي على الإنسان والشجر تحت سمع الإرياني وبصره,كما أنه في تخصصه أيضا تعامى عن النظر إلى مأساة القات التي دمرت الزراعة والمياه ,ولو أنه أيه المدافعون قدم شيئا لكان نجح أولا في تخصصه وصميم عمله,فكيف عندما نتحدث عن الحكومات التي ترأسها,وكان دائما يبشر بنمو وتحسن الاقتصاد وتطور البلاد,لنستيقظ بعد تلك البشارات على فاجعة الفقر المصاحب للإرياني في حواراته وزياراته الخارجية,وكيف عندما نتحدث عن أمانته العامة لحزب المؤتمر الشعبي العام ,متسائلين عن خطواته في بناء حزب حقيقي يمارس عملا سياسيا متعارفا عليه في العالم ,وهو بالطبع ما يفتقده المؤتمر الحاكم الفاقد لكل أنواع العمل السياسي والحزبي,فأين إذاهي منجزات الدكتور الإرياني ولمساته الساحرة في بناء اليمن الحديث؟.

لو كان الفقر صنماً

في كل فرصة متاحة,لا يتردد الإرياني لحظة في إظهار تفننه في استحضار ورسم كل معالم ومآسي الفقر,محملا الأشقاء في دول الخليج المسؤولية في التصدي لتلك الظاهرة المسيطرة على اليمن,محذرا إياهم من أن التساهل في ذلك سيدفع أبناء اليمن إلى استخدام كافة الطرق والوسائل للدخول إلى الخليج,خاصة المملكة العربية السعودية,وكأن لسان حاله يقول أننا كحكومة لليمن نصنع وسنصنع الفقر مع سبق الإصرار والتردد,وأنتم أيه الخليجيون ما عليكم سوى تحمل مسؤوليتكم في مكافحته عبر التصدق علينا ومد يد المساعدة لنا,ومن أجل دعم كلامه بدليل شرعي لا يجد الإرياني حرجا في الاستشهاد بقول سيدنا أمير المؤمنين/علي إبن أبي طالب كرم الله وجهه(لو كان الفقر رجلا لقتلته),مع أن الدكتور الإرياني عاجز عن ذلك القتال,ولو أنه صور الفقر كصنم صنعه بمشاركة حزبه مهددا بأكله,لكنا استشعرنا الأمل بالقضاء على الفقر عبر أكله لا مقاتلته,استنادا إلى تاريخ السلطة المشهورة بالتهام الأخضر واليابس,وأكل كل الغنائم والأموال والمساعدات والأراضي...الخ.وللتذكير فقط,كان الإرياني في حوار مع قناة الجزيرة الفضائية قد أعترف بمساهمته الكبيرة في صناعة الفقر عبر اتخاذ قرار الجرع التي توالت على المواطن المعدم سنوات طويلة,وفشلت نتيجة فشل صاحبها في تحسين الإقتصاد اليمني وأدت فيما بعد إلى وصول الإقتصاد الوطني إلى طريق مسدود.

وطن للبيع

يعتقد حكامنا أنهم على قدر كبير من الذكاء,مكنهم ويمكنهم من الضحك على العالم إقليميا ودوليا,لكنهم بسبب جشعهم وطمعهم لا يعلمون حجم العار الذي لحق بسمعة وطننا اليمني بفعل ذكائهم,إذ يقومون بتسويق بلادنا على أنها دولة فقيرة محدودة الموارد من أجل الحصول على المساعدات من دول الجوار ودول العالم الأخرى,لذلك يكثر الإرياني من استخدام كلمة الفقر عشرات المرات في حواراته,بغية لفت نظر تلك الدول لعلها تسارع في تحويل الأموال بالدولار طبعا,وذلك أيضا كان سببا في إدراجها في قائمة البلدان الأكثر تخلفا من أجل الحصول على الدعم الدولي المخصص لمكافحة التخلف,مثلما كان أيضا سببا في تسويق الشعب اليمني كشعب إرهابي ليضاف النظام إلى قائمة(شركاء في مكافحة الإرهاب).

سنقتسم الخبزة نصفين

في عام 1990م وقف الدكتور الإرياني خطيبا في محافظة الحديدة أمام عشرات الآلاف من المغتربين اليمنيين العائدين من الخليج,وألقى على مسامعهم كلمات الترحيب والتطمين,قائلا لهم أنه وحكومته لن يتخلوا عنهم أبدا,وسيقتسمون الخبزة نصفين بالتساوي في مواجهة الأزمة يومها,ومع مرور الأيام نسي الإرياني ما قاله تماما,تاركا هو وحكومته ملايين من المغتربين بدون مساعدة أو حل.

الشر الذي يحبه الإرياني

فتح النظام القائم اليوم,أبواب اليمن كلها أمام الهيئات والمنظمات والمؤسسات الدولية,فارشا الأرض بالورد لوفودها وعمالها,من دون التأكد من الأفكار والمشاريع التي تحملها,كما لم يتم مراعاة البيئة اليمنية المعروفة بعاداتها وتقاليها الخاصة,الرافضة تماما لأنشطة تلك المسميات المتعددة,لهذا انتشرت الكثير من الممارسات الدخيلة على قيم المواطن اليمني,ويتهم الدكتور الإرياني بأنه أحد المسهلين لتلك المسميات,إيمانا منه بأن(العولمة شر لا بد منه)كما قال في حوار مع مجلة شهيرة,وهو بذلك القول وبجانبه التسهيل خالف الكثير من الدول حتى الغير عربية وإسلامية في سعيها لمواجهة العولمة لأنها حسب رؤيتها(شر لا بد من رفضه)والواضح هنا أن تلك الدول تمتلك عقليات قيادية تستطيع أن تميز بين المفيد والضار,بين الخبيث والطيب,أما عقليات قياداتنا فالأمر لا يحتاج إلى تعليق.

عظم العطاس......إنفصالي

بصفة جماعية وصف الإرياني معارضة الخارج,وصفا لا يليق أبدا قوله,مهما بلغت درجة الخلاف معهم,خاصة في ظروف صعبة ومعقدة تمر بها الوحدة الوطنية,المحتاجة اليوم لكل كلمة طيبة تهدأ من الجراح,يتبعها عمل جاد يلملم الشرخ الواضح في جدارها,لكن الإرياني بكلماته وأفعاله طبعا كان يحمل ملحا يذره على الجرح,وسكينا يوسع به الشرخ,ولو أنه أظهر غير ذلك لتجنب تلك الكلمات القاسية,التي وصلت عظم العطاس لتكتشف أنه انفصالي,حتى أن السامع يومها الإرياني ظنه طبيب عظام وطني,وحقيقة يتساءل العاقل ما فائدة تلك الكلمات في هذه الظروف بالذات؟وسواء كان العطاس انفصالي العظم أو الرجل,ما الذي يمكن أن تقدمه تلك العبارات في سبيل معالجة القضية الجنوبية العادلة,والحق يقال هنا للإرياني وكل من في السلطة,فهم من يتحملون مسؤولية ما يدور في الجنوب على وجه التحديد,وعليهم أن يتذكروا أن تلك القيادات غادرت الوطن بعد نكبة94م,تاركة لهم كل شيء,ولحظة فشلهم في ترسيخ معاني وقيم الوحدة بفعل فسادهم,لعنوا الناس وشتموهم ثم في مشهد تعيس يدعونهم ويطالبونهم بالعودة إلى الوطن,فبالله أيه الإرياني كيف تحكمون.

ختاما...هل من كلمة حق

بما أن الدكتور عبدالكريم الإرياني يتفنن في التعبير عن الفقر المسيطر على اليمن,ويحاول جاهدا مغالطة نفسه قبل الآخرين بمحدودية الثروة الوطنية,فلماذا إذا لا يوضح للناس تلك الثروة المحدودة.

هنالك دول لا تمتلك ربع ثروات اليمن,يتجاوز سكانها عدد سكان اليمن,ومع ذلك لم تصل إلى ما وصل إليه وطننا اليمني,لأن حكوماتها تحملت مسؤوليتها وقامت بواجباتها,فهل نسمع من الدكتور أرقاما حقيقية عن مواردنا النفطية والمعدنية,عن ثروتنا السمكية,هل نسمع منه أرقاما لمدخول الجمارك والضرايب والزكاة,وهل يمكن له أن يوضح لنا كم من المساعدات قدمت وتقدم لليمن,ثم هل يعلم الدكتور أن المغتربين اليمنيين بحسب اعتراف رسمي يحولون سنويا أثنين مليار ونصف مليار دولار,هل له أن يكشف الحقائق عن أرصدة المسؤولين في الخارج,ومن منهم تعرض للخسارة في الأزمة المالية الأخيرة؟؟.

على الدكتور الإرياني أن يراجع ضميره,فلعله يسمعنا كلمة الحق المفروضة عليه شرعا وقانونا,وإن رفض ذلك فعليه أن يسأل نفسه,أين هي اليمن اليوم,ماذا أخذ منها وماذا قدم لها طوال أربعين سنة؟الإجابة بأمانة ستضعه في موقف صعب ومحرج ؟

وبما أنه درس في أمريكا ونراه يخرج دوما إلى العالم,فعليه أن يستجيب لدعوتنا الصريحة,بضرورة التفكير والنظر إلى تلك الدول وأين وصلت حتى العربية منها,فيما بلادنا تعاني ليس من الفقر فحسب,بل ومن غياب أسس الحياة,فبالله يا دكتور هل وجدت عاصمة في العالم غير صنعاء تغرق في الظلام,وهل رأيت دولا تعاني من نقص العلاج مثلنا ,وهل هنالك طائرات إسعاف تطير من دول أخرى كما عندنا,وهل رأيت وطنا تحكمه الشهادات المزورة؟هل وهل وهل.....

على إثر ذلك كله,ماذا لو كان شخصا آخر في مكان الإرياني ,ماذا سيعمل وكيف سيصحح من وضعه الخطير خاصة وأن اللقاء بالمولى عز وجل صار وشيكا ولم يبق من العمر بقية.

****

شاعر وناقد

a.monim@gmail.com