الحوثيون يجبرون المشايخ والوجهاء جنوب اليمن على توقيع وثيقة تقودهم للجبهات وترغمهم على التحشيد المالي والعسكري خيارات محدودة أمام عبدالملك الحوثي بعد استسلام ايران لهزيمتها في سوريا ...نهاية الحوثيين البشعة عاجل : الحرس الثوري الإيراني يقر بالهزيمة في سوريا ويدعو إيران الى التعامل وفق هذه التكتيكات أول اعتراف رسمي بعلم الثورة السورية في محفل عالمي كبير (صورة) تفاصيل لقاء وزير الدفاع بالملحق العسكري بالسفارة الامريكية في الرياض عاجل : استئناف 8 دول عمل بعثاتها الدبلوماسية في دمشق وأول تعليق يصدر للحكومة الإنقاذ السورية ماذا طلبت الحكومة اليمنية أمام مجلس الأمن وما الدعوة التي خاطبت بها إيران؟ 8 دول بينها السعودية تعلن استئناف عمل بعثتها الدبلوماسية في دمشق رئاسة هيئة الأركان تنظم حفلا تأبينيا بمناسبة الذكرى الثالثة لاستشهاد الفريق ناصر الذيباني. تصعيد عسكري حوثي في تعز.. القوات الحكومية تعلن مقتل وإصابة عدد من عناصر المليشيات واحباط محاولات تسلل
سأكون واضحا من الوهلة الأولى. لستُ إسلاميا ولا علمانيا. لستُ ضد الرياضة بل أنا من عشاق كرة القدم (التونسية والعربية) ومن روّاد الملاعب. كما أني أكنّ مودة ثابتة لشعوب الخليج العربي وحنينا مطبوعا إلى ربوع بلدانهم الحالمة وأحمل في نفسي أشواقا إلى البقاع التي قضيت فيها سنتين كاملتين من عمري.
أمّا حدث إعلان "فوز" قطر الشقيق بقرار احتضان دورة كأس العالم لكرة القدم في سنة 2022 فلم يخطر لي بالبال ولم يثبت لي في النفس. ففي ذلك اليوم، الخميس 2-12-2010، كنتُ صحبة نجلي في صالون الحلاقة بالحي مسقط رأسي بالعاصمة لمّا تفطنتُ أنّ ربما كل الناس عدا أنا كانوا بانتظار ما كنتُ جاهله. وقد نزل عليّ الخبر المُعلن (على شاشة التلفزيون) على التوّ في دفعة من الشحنات المتحَدية لإحساسي بالأصالة العربية الإسلامية، والمتجاوزة لطموحاتي في الإسهام في إعداد جيل عربي جديد يعرف نفسه بنفسه وواثق بها، والمحبطة لكثير من آمالي وأحلامي بأمة تعمل لآخرتها كأنها تموت غدا مع عملها لدنياها كأنها تعيش أبدا.
لقد تزامن خبر قطر محتضنا لكأس العالم في سنة 2022 مع غصّ أحد الحلاقين الاثنين بالأكل وشرقه بسائل من الشراب. وهو الذي كان متفرغا في تلك اللحظة و مغروسا في كرسي الزبون، مشرئبّ العنق قبالة الشاشة المعلقة في أعلى الحائط، يلتهم حلوى "المقروض" القيرواني القطعة تلو القطعة، و يسقيها بين الفينة والأخرى، وبين كلمة لجوزيف بلاتر وأخرى، بسائل الياغرط.
لقد غصّ الحلاق العاطل وقد غصّت ربما من ورائه ملايين البلاعيم العربية الصامتة والمشتاقة لِما يسدّ الرمق و يحلو للذوق. سارع الحضور بمدّ يد المساعدة والإغاثة للحلاق 'عبد الله الفرحان' حتى استرجع أنفاسه ونفض الغبار عن عينية ليتأمل على نحو أفضل صورة الزعيم العالمي جوزيف بلاتر وهو يعرب عن ارتياحٍ غير مسبوق لنجاحه في أن يضمن، الآن وقبل 8 أعوام و 12 سنة من موعدها، السيل الهائل من الدفوعات الذي سيتدفق من عند البلدين المضيفين على التوالي (روسيا وقطر).
وما فتئ أن أتمّ الحضور تراتيب الإغاثة حتى شرع كل واحد منهم، وكذلك بعض المارة المستأنسين بالصالون ذي الباب المفتوح للجميع، في أداء بعض الحسابات الغريبة التي أثارها الخبر المُعَولِم. وكانت المُساءلات تحوم، كلّ حسب عمره وما تسمح له به طموحاته، حول مَن سيعمّر إلى ذلك الحين ومَن سيقصد وجه ربّه قبل أوان اللحظة الحاسمة للموعد الكروي العالمي؛ حول ما إذا كان أكبر شيوخ الحي سيلحق بركب 2022 أم لا، وحول ما إذا كان الفتى زيد سيتوفاه الأجل المحتوم قبل الشيخ عمرو، وحول ما إذا كان الرضيع فلان ستأخذه يد المَنون قبل المعمّر علاّن.
في الأثناء كنتُ أراجع حسابات وأثبّتُ حسابات.ولاحظتُ أنّ للعرب والمسلمين مشكلة أخرى كانت كامنة وإذا بالحدث الرياضي الاستباقي يخرجها إلى السطح: إننا نأخذ عن العالم السياسات باسم العلم (علم الاستشراف وعلم التخطيط وعلم الاستراتيجيا، على المدى القصير والمتوسط والبعيد) وباسم تكافؤ الفرص وباسم التضامن وباسم التسامح والإخاء وباسم التقدم وباسم الحرية، وبعناوين عديدة أخرى، بينما لا نشارك في تصميم تلك السياسات، لا بالارتكاز على فلسفتنا في الحياة، ولا بالإدلاء بدلونا في مجال الحقيقة حسب ما تُمليه علينا أصالتنا، ولا بتحيين تلكم البرامج والسياسات حسب متطلبات الفكر المعاصر لدينا وبإرادة مستمدة من حقيقة كونية نكون قد ساهمنا في تشكلها. وبهذا النقصان في المهارات الوجودية نكون قد حوّلنا، من حيثُ لا نشعر، كلمة الخير إلى كلمة أريد بها شرّ، والنعمة إلى نقمة والعياذ بالله.
بالتأكيد، المطلوب أن نعمل على أن يكون بالإمكان الانتظار إلى غاية 2021 لأخذ القرار حول من سيستضيف دورة العام الموالي. إذ حين يكون عاما واحدا كافيا لتحضير دورة في كأس العالم، يكون الفكر (العربي، المساهم فعليا في القرار) مبرهنا على أنه صار قادرا على أن يكون غير مسبوقٍ بإرادة الآخر، ولا مطبوعٍ بالعولمة ولا منفصلٍ عن الحداثة.
لست ممّن يُحوّلون النعمة إلى نقمة لكني من هؤلاء الذين يعتبرون الرياضة نعمة فقط لمّا لا تؤثر فينا إلى درجة تقلّب الحقيقة لدينا رأسا على عقب، ولمّا نكرّس واقعا غير الواقع الذي ينبغي أن يتولّد من الإرادة الذاتية، ولمّا لا نعمل لدنيانا كأننا نعيش أبدا بل نعمل لآخرتنا كأننا نموت بعد سنة 2022.
محمد الحمّار
*كاتب تونسي