آخر الاخبار

مليشيات الحوثي تُدرج مادة دراسية طائفية في الجامعات الخاصة. اللواء سلطان العرادة: القيادة السياسية تسعى لتعزيز حضور الدولة ومؤسساتها المختلفة نائب وزير التربية يتفقد سير اختبارات الفصل الدراسي الأول بمحافظة مأرب. تقرير : فساد مدير مكتب الصناعة والتجارة بمحافظة إب.. هامور يدمر الاقتصاد المحلي ويدفع التجار نحو هاوية الإفلاس مصدر حكومي: رئاسة الوزراء ملتزمة بقرار نقل السلطة وليس لديها أي معارك جانبية او خلافات مع المستويات القيادية وزير الداخلية يحيل مدير الأحوال المدنية بعدن للتحقيق بسبب تورطه بإصدار بطائق شخصية لجنسيات اجنبية والمجلس الانتقالي يعترض إدارة العمليات العسكرية تحقق انتصارات واسعة باتجاه مدينة حماةو القوات الروسية تبدا الانسحاب المعارضة في كوريا الجنوبية تبدأ إجراءات لعزل رئيس الدولة أبعاد التقارب السعودي الإيراني على اليمن .. تقرير بريطاني يناقش أبعاد الصراع المتطور الأمم المتحدة تكشف عن عدد المليارات التي تحتاجها لدعم خطتها الإنسانية في اليمن للعام 2025

الحوثيون والسباق ضد الزمن
بقلم/ مصطفى أحمد النعمان
نشر منذ: 6 سنوات و 5 أشهر و 25 يوماً
الأحد 10 يونيو-حزيران 2018 02:34 م
 

صار الحديث عن أسباب الحرب في اليمن مكررا ولم يعد ما يمكن إضافته، كما أن عوامل استمرارها صارت معروفة للجميع، ولكن العقدة التي ما تمكن أحد -حتى الآن- من التوصل لتفكيكها هي صعوبة إقناع الأطراف اليمنية -وبالذات الطرف الحوثي- بأن التهرب والعناد من تقديم التنازلات التاريخية سيطيل أمدها ولن يساهم في لملمة الجراح الغائرة.

لقد وجهت في السابق انتقادات مباشرة للجهاز التنفيذي للشرعية، ولم يكن ذلك تشكيكا في رمزيتها ولا تخليا عن قناعتي بأنها الوعاء الطبيعي الذي يجب أن يلتف حوله اليمنيون، ولكني كنت أبدي رأيي على أدائها الذي لم يكن مناسباً للحظة التاريخية التي تمر بها البلاد، وواقع الحال أن هذه الملاحظات لم تبدأ مع الرضوخ لرغبات الحوثيين في ٢١ سبتمبر ٢٠١٤ (أعني اتفاق السلم والشراكة الوطنية)، ولكنها كانت سابقة لذلك التاريخ الذي صار العنوان الزمني الذي حينه بدأ الانطلاق نحو الاستيلاء على مؤسسات الدولة كاملة في ٢١ يناير، ثم احتجاز رئيس الدولة ورئيس حكومته وعدد من الوزراء، لكن العجيب في الأمر هو تصور الكثيرين أن انتقاد الجهاز التنفيذي للشرعية يصب في مصلحة الحوثيين، رغم أني مقتنع أن ما لا يعيه البعض أنني لم أنصب نفسي معارضا لها وإنما كنت ناقدا لتصرفاتها حريصا على تصحيح مسارها الذي يسرع من عملية استعادة الدولة ومؤسساتها، كما لم أكن طامحا -ومازلت كذلك- لموقع رسمي لا أستطيع الانسجام مع محيطه.

لقد أدت بعض الأخطاء التي ارتكبتها مؤسسة الشرعية ونتائجها في التسبب بتأخر استعادة الدولة، كما أن الخلافات بين أركانها والتي طفت على السطح ساهمت في إضعاف أدائها، ولكن هذا لا يعني أبدا الموافقة أو الصمت أو التغاضي عما يرتكبه الحوثيون تجاه المجتمع بأكمله والإفرازات التي أحدثتها تصرفات قياداتهم بضيق أفق وعقم تفكير وابتعاد عن الروح الوطنية الجامعة، والطامة الكبرى هي عدم إدراكهم بالكارثة الوطنية التي تسببوا بها، ويقينا أنهم برعونتهم وتعصبهم وقسوتهم المفرطة تجاه خصومهم قد أفسحوا المجال واسعا لعمليات انتقام ستطالهم ومناصريهم، وأخاف أن يتجاوز الأمر فيصيب كل الهاشميين في اليمن رغم أن عددا كبيرا التزم الصمت إما خشية الانتقام من الحوثيين وإما لأنهم صاروا -ظلماً- محل شك وريبة من بقية الفئات الاجتماعية اليمنية.

تنطلق القيادات الحوثية في تعاملها مع الأحداث بأنهم لم يخطئوا في تصرفاتهم، وأنهم يقومون بعمل ديني هم مكلفون به وحدهم، وأنهم يحملون «رسالة قرآنية» تفرض عليهم وحدهم مسؤولية تنفيذها، ولكن الأكثر خطورة هي قضية «الاصطفاء السلالي» الذي حددوا نصوصه في وثيقة وقع عليها عدد من كبار علماء المذهب الزيدي ومنحت فئة اجتماعية واحدة حق تولي ما أطلقوا عليه «الإمامة»، ورغم إنكار وجود مثل هذا النص التاريخي إلا أنهم يمارسونه في أسلوب الحكم في المناطق التي يسيطرون عليها، ويكفي للتدليل على هذا الأمر أن جماعة الحوثيين تتعامل مع زعيمها (السيد) عبدالملك الحوثي على أنه (القائد) تاركة له حرية التصرف في كل القضايا الكبرى، وبلغ الأمر حد تنزيهه عن الخطأ والارتفاع به إلى درجة القداسة، وتتجنب الجماعة إضفاء لقب (الإمام) تفاديا لحساسيته أمام اتهامها بأنها تريد عودة حكم (الأئمة) للبلاد بعد أن انتهى في ٢٦ سبتمبر ١٩٦٢.

خلال السنتين الأخيرتين ارتفعت النبرة التي تتناول الحرب اليمنية من زاوية مذهبية فتحول الأمر إلى سباق محموم حول تكفير كل طرف لخصمه، وفِي مجتمعات يتدنى التعليم فيها صار الناس يتناولون الأمر كمسلمات وحقائق ثابتة، وهذا لا شك سيترك جروحا أكثر عمقا وتأثيرا على المدى الطويل وسيكون من الصعب استعادة السلم الاجتماعي دون إرادة قوية واستقرار نسبي، والأهم من كل هذا نمو اقتصادي يتيح للناس الانشغال بحياتهم اليومية وتأمين حاضرهم ومستقبلهم، ولعلنا نستفيد من تجربة رواندا التي تناولتها هنا في شهر مارس الماضي بمقالة بعنوان (رواندا بين التصفية العرقية والمصالحة الوطنية)، فقد تمكنت الحكومة الجديدة -هناك- بالتركيز على التنمية من استعادة تدريجية للتعايش داخل البلاد، وهي تجربة ملهمة للمجتمعات التي تتعرض لحرب أهلية تحت غطاء عرقي. صحيح أن تجربة رواندا تمر بمرحلة حرجة ولكن الأسباب ليست سياسية وإنما ترتبط بانخفاض النمو بسبب الأوضاع الاقتصادية العالمية، وقد منعت الولايات المتحدة مؤخرا استيراد العديد من المنتوجات المحلية فحرمت رواندا من دخل اقتصادي هام.

رغم استمرار جماعة الحوثي في الإصرار على مظلوميتها وتوهمها أنهم إنما يدافعون عن الوطن، فإن ما يغيب عنهم هو أن الأغلبية اليمنية والإقليم والمجتمع الدولي لا يمكن أن يتقبلوا -تحت أي ظرف كان- القبول باستيلاء أي جماعة تعتمد السلاح لغة تفاهم، ولعل ثلاث سنوات مرت قد أفقدت الحوثيين كل البريق الكاذب الذي اكتسبوه قبل اقتحام عمران ثم صنعاء، وأنهم جلبوا بابتعادهم عن العمل السياسي الكوارث للوطن، والكثير من المخاطر الداخلية، وعلى القيادات الحوثية الاقتناع بأنهم جزء من نسيج هذا الوطن لا يتميزون عن بقية المواطنين بأفضلية ولا أحقية بحكم انتماء سلالي وهو ما سيحفظ لهم الحاضر ولأبنائهم وبناتهم المستقبل كغيرهم من اليمنيين.