رؤساء اليمن الحديث
بقلم/ ناس برس
نشر منذ: 16 سنة و 4 أشهر و 7 أيام
الثلاثاء 22 يوليو-تموز 2008 09:32 م

مأرب برس - عامر الدميني

خاضت اليمن بشطريها أحداثا كثيرة في سبيل الوصول للثورة والتحرر من الحكم الإمامي والاستعمار البريطاني وتوجت تلك الجهود بنجاح ثورتي السادس والعشرين من سبتمبر والرابع عشر من اكتوبر.. ولكن تلك الثورتين كانتا بداية لنضال جديد وعهد آخر امتلأ بالصراعات السياسية والفوضى الأمنية وصدقت نبوءة الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناص ر عندما قال بعد سماعه بنجاح ثورة 26 سبتمبر أن اليمن انتقلت من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر.

ويمكن القول أن حقبة الصراع التي نشأت بعد الثورتين كانت أخطر بكثير من تلك التي قبلها خاصة وأن الثورتين كانتا الأسبق في المنطقة وسط أنظمة حكم مختلفة لا تعرف الثورات وتخاف من توسع مداها وتسرب الأفكار إليها وهو ما أدى إلى وجود قوى خارجية ساهمت بقوة في محاولة إجهاض نجاح الثورتين وإبقاء شطري اليمن في وضع احتراب دائم الأمر الذي أدى إلى اشتداد وتيرة الصراع بين أحرار ثورة سبتمبر من جهة وبين رفاق ثورة اكتوبر من جهة أخرى وبين الطرفين جميعا.

وفي هذه المادة نستعرض الأحداث السياسية التي عاشتها اليمن خلال الحقب الرئيسة للرؤساء الذين تعاقبوا على رئاسة الشطرين محاولة لتسليط الضوء على فترة حكم كل رئيس وصولا إلى يوم الثاني والعشرين من مايو 1990 حين تم تحقيق وإعادة الوحدة اليمنية.

الرئيس عبدالله السلال

لم يكن المشير عبدالله السلال عضوا في تنظيم الضباط الأحرار الذي كان مؤلفا من أربعمائة ضابط واسسه الشهيد الملازم علي عبدالمغني فهو كان يشغل منصب قائد فوج البدر والحرس الملكي ولكن كانت له علاقاته الخاصة مع الضباط خصوصا مع علي عبدالمغني الذي رشحه لأن يكون رئيسا للجمهورية وقد استطاع الحفاظ على الركيزة الأساسية للعمل الثوري عندما أقنع الإمام البدر بإيقاف إغلاق الكليات الحربية والشرطة ومدرسة ضباط الصف والتي كان البدر يريد إغلاقها باعتبار أنها تخرج كوادر تحررية فاستغل السلال منصبه كرئيس لحرس البدر وعضويته في اللجنة العليا لشؤون القوات المسلحة وأقنع البدر بصرف الإعاشة الشهرية المقررة.

وكانت فكرة اختيار السلال لقيادة الثورة قد صرح بها علي عبدالمغني للأستاذ عبدالعزيز المقالح قبل شهرين من الثورة وذلك بعد رفض حمود الجائفي قيادة الثورة خصوصا بعد الرسالة التي كان قد بعث بها السلال من سجنه في حجة للضباط والتي كانت مؤلفة من خمس نقاط سماها بالخطوط الرئيسية لتحقيق الحلم الرائع وهو ما جعل الشهيد علي عبدالمغني يقنع الضباط والقوى السياسية بدعم السلال وتعيينه قائدا للثورة والتي أجمعت في نهاية المطاف على اختياره لرئاسة مجلس قيادة الثورة ورئاسة الجمهورية وهو ما يعني أن الديمقراطية والتعددية الحزبية كانت في صميم الإعداد والتنفيذ للثورة خاصة وأن التوافق بين تلك القوى تم في شروق فجر الثورة والجمهورية.

وأثناء زيارة الرئيس السلال للعراق وقعت حركة 5 نوفمبر الانقلابية في صنعاء وتم تكوين مجلس جمهوري برئاسة القاضي عبدالرحمن الإرياني الذي كان نائبا للسلال وانتهى بذلك عهد الرئيس السلال.

القاضي عبدالرحمن الإرياني

استطاع الإرياني الحفاظ على اسم الجمهورية وتصالح مع محاربيها وعاكس التشكيل الجمهوري الأول فشكل مجلس جمهوري بدلا عن رئيس الجمهورية تحت مبدأ الحكم الجماعي وقد ضم المجلس أربعة أعضاء عبدالرحمن الإرياني والفريق حسن العمري وأحمد محمد نعمان ومحمد علي عثمان على أن تكون الرئاسة دورية بين الأربعة لكن انشقاقات وصراعات شهدها النظام أدت لاستقالة النعمان وأدت سلسلة احداث إلى انفجار الصدام ووقعت معارك دامية بين القوات المسلحة في صنعاء (أحداث اغسطس) وتم في مارس 1969م تعيين المجلس الوطني كسلطة تشريعية برئاسة الشيخ عبدالله الأحمر وجدد المجلس الوطني اختيار القاضي عبدالرحمن الإرياني رئيساً للمجلس الجمهوري.

واجه الإرياني أثناء حكمه كثيرا من المصاعب حيث عاد الملكيون إلى تكثيف نشاطهم المسنود من الخارج وسيطروا على صعدة في 17 نوفمبر 1969م وقاموا بعملية اختراق ووصلوا إلى بعض مناطق حجة وإلى مشارف صنعاء في 27 نوفمبر وبدأ بذلك حصار السبعين يوما فتلاحمت القوى والعناصر الوطنية وتصدت للمعارك.

وفي عهد الإرياني وتحديدا في صيف 1970م أجريت أول مباحثات وحدوية بين نظام الحكم في الشمال الذي كان يمثله الإرياني ونظام الحكم في الجنوب الذي كان يمثله سالم ربيع علي حين تم الاتفاق في مدينة تعز على تكوين لجان مشتركة للعمل الوحدوي غير أن الفترة التالية شهدت حروبا واقتتالا بين الشطرين.

عمل الإرياني كثيرا على إصدار الدستور الدائم للجمهورية العربية اليمنية والذي صدر في أواخر عام 1970م وتم تشكيل مجلس الشورى برئاسة الشيخ الأحمر وهو ما اعتبر انجازا وتوجها ديمقراطيا لكن الدستور كان يحرم الحزبية وانشاء التنظيمات السياسية وقال الإرياني قولته المشهورة "نرفض الحزبية سواء أطلت علينا بمسوح الرهبان أو بقرون الشياطين.. الحزبية تبدأ بالتأثر وتنتهي بالعمالة".

وفي أواخر عهده نشبت المواجهات المسلحة بين نظامي الحكم وتصاعد التوتر ووصل إلى حرب 1972م وبعد انتهاء الحرب وقع الجانبان اتفاقية القاهرة لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية بين الشطرين التي وقع عليها بتاريخ 28/10/1972 كل من الرئيس عبدالرحمن الإرياني عن الشمال وسالم ربيع علي عن الجنوب.

وبعد استفحال الصراع بين شخصيات الدولة في صنعاء تقدم الرئيس الإرياني باستقالته إلى مجلس الشورى الذي كان يرأسه الشيخ الأحمر وقام الأخير بتقديم استقالته هو أيضا وسلمها إلى العقيد إبراهيم الحمدي الذي كان نائبا للقائد العام للقوات المسلحة وقاد الجيش في 13 يونيو وبدأ في ذلك عهد جمهوري جديد.

الرئيس قحطان الشعبي:

بعدما تأكد نجاح الثورة في الجنوب في 30 نوفمبر 1967م تولى قحطان الشعبي رئاسة الشطر الجنوبي والذي كان ينتمي لجيل الثورة وإلى الجبهة القومية.. لكن نظام وتنظيم الجبهة مالبث أن انقسم إلى تيارين أحدهما برئاسة قحطان الشعبي ورئيس الوزراء فيصل عبداللطيف. وتيار تم وصفه باليسار كان من أبرز رموزه سالم ربيع علي وعبدالفتاح اسماعيل وكانت قوة التيار الأول تتمثل في السلطة بينما قوة الثاني تتركز في التنظيم السياسي للجبهة القومية فقام التيار الأول باعتقال عناصر من التيار الثاني في 20 مارس 1978م ثم عولج الموقف وفي مايو 1978م قام تيار اليسار بحركة فاشلة بغرض السيطرة على السلطة وبعد عملية وفاق بين التيارين والتقاء الوسط مع التيار تمكن اليساريون من الإطاحة بقحطان الشعبي ومن معه في حركة 22 مايو 1969م وتم اعتقال قحطان الشعبي ومكث بقية حياته في السجن بينما أصبح سالم ربيع علي رئيسا لمجلس الرئاسة.

الرئيس الحمدي

جاء الحمدي الى الحكم بعد تقديم استقالة الرئيس الإرياني والشيخ الأحمر وعدد من المشائخ إلى العقيد الحمدي محملين إياه مسئولية الحفاظ على الاستقرار والأمن في البلاد والسير بها نحو الأفضل ويمكن القول أن الحمدي لم يتول السلطة عن طريق الانقلاب أو الاحتيال ولكن جاء اختياره برضا السلطة التي كانت تحكم البلاد ويقول البردوني هنا أن حركة 13 يونيو أعادت الدورة الدموية إلى عروق ثورة سبتمبر.

كان الحمدي قائدا عسكريا ومثقفا وحدويا تلقى تعليمه بالمدرسة التحضيرية بصنعاء مستوى ثاني والتحق بكلية الطيران التي كان مديرها الزعيم عبدالله السلال عام 1951م وساهم في الدفاع عن الثورة والجمهورية وملحمة السبعين يوما وتولى منصب وكيل وزارة الداخلية عام 1967م ثم عين قائدا لمعسكر العاصفة عام 69م ثم أصبح نائبا لرئيس الوزراء للشئون الداخلية في 18 سبتمبر 1971م مما جعله أكثر التصاقا بالمؤسسات والحياة المدنية فساهم بدور أساسي في تأسيس الحركة التعاونية وانعقاد مؤتمر تأسيس الاتحاد العام لهيئات التعاون الأهلي للتطوير كما تقدم الحمدي بمشروع القوات المسلحة للتصحيح المالي والإداري إلى المجلس الجمهوري باسم القوات المسلحة وهو ما اعتبر اعترافا بالفساد والانفلات ومؤشرا على بروز قوة جديدة معارضة للنظام من داخل النظام نفسه وعندما تم تعيين حكومة القاضي عبدالله الحجري 7 مارس 74م لم يعد الحمدي نائبا لرئيس الوزراء للشؤون الداخلية وذلك بسبب تعيينه نائب القائد العام للقوات المسلحة.

حقق الرئيس الحمدي انجازا كبيرا في بناء الدولة المركزية الحديثة وفي مجال النهضة التنموية والاقتصادية ولكن الأحزاب والتنظيمات السياسية كانت لا زالت محظورة وإن كانت تمارس العمل الحزبي بشكل غير علني فعمل الحمدي على تشكيل لجنة لصياغة برنامج وطني على غرار الميثاق الوطني لمصر واصدر الحمدي قرار

مجلس القيادة رقم 86 بتشكيل لجنة قومية لإعداد مشروع برنامج العمل الوطني على أن تتولى عمل استعراض متجرد لكل تجارب الماضي سلبياتها وإيجابياتها وصولا إلى تشكيل لجنة للإعداد للمؤتمر الشعبي العام الذي كان يرى فيه الحمدي تنظيما سياسيا يشمل كافة القوى السياسية في البلاد وتم تشكيل اللجنة العليا للتصحيح ولجان التصحيح الأساسية والفرعية وتشكيل اللجنة التحضيرية للمؤتمر الشعبي العام وتم تحديد 15 نوفمبر 1977م موعدا لانعقاد المؤتمر الشعبي العام الأول بالحديدة.

وعلى صعيد الإصلاحات التشريعية قام الحمدي بحل مجلس الشورى في 22/10/1975م بعد انتهاء فترته القانونية وتم إجراء التعداد السكاني لأول مرة في البلاد وأصدر قانون انتخابات مجلس الشورى وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات فانتهت مراكز النفوذ وأضحى الطريق مفتوحا لإجراء انتخابات نيابية سليمة ووجود برلمان يمثل الشعب وكان ذلك من أسباب اقتناع الشيخ عبدالله الأحمر وعودته من قريته إلى صنعاء. أجرى الحمدي مباحثات مع سالم ربيع علي في ديسمبر 1974م على هامش مؤتمر القمة العربي السابع في المغرب واتفقا على عدة مسائل من ضمنها تحسين العلاقات مع دول الجوار وتوفير المناخ الملائم لإعادة تحقيق الوحدة اليمنية كما كان للرئيسين موقف موحد في مؤتمر قمة عدم الانحياز بكوالا لامبور عام 1976م ثم في مؤتمر القمة الرباعي في تعز بين رؤساء الشطرين والسودان والصومال بشأن أمن البحر الأحمر.

وفي سبيل تحقيق الوحدة اليمنية أدت الخطوات الداخلية والخارجية التي قام بها الرئيسان إلى توفير مناخ ملائم لإعادة تحقيق الوحدة وتم الاتفاق على توحيد المناهج التعليمية وتم تشكيل المجلس اليمني الأعلى في 15 فبراير 1977م كما تم الاتفاق على خطوات وحدوية هامة يتم الاعلان عنها أثناء زيارة الحمدي لعدن والتي تم تحديد موعدها يوم 13/اكتوبر/1977م.

وفي يوم 11/10/1977م تناول الرئيس الحمدي وأخوه المقدم عبدالله الحمدي قائد قوات العمالقة طعام الغداء في منزل عضو مجلس القيادة نائب القائد العام المقدم أحمد الغشمي بين الساعة 2.30 و 3 ظهراً وتم إبلاغ حرس الحمدي في الساعة الثالثة وخمس دقائق بأن ينصرفوا لأن الرئيس قد خرج من الباب الآخر فانصرفوا وبعد وصولهم للمنزل اتضح أن الحمدي لم يصل، وفي الساعة السادسة مساءا اتصل الغشمي بوزير الداخلية محسن اليوسفي وأبلغه أن الرئيس قد اختفى وطلب منه التعاون معه في البحث وعند الثامنة والنصف مساءا تم الاتصال بالمقدم عبدالله عبدالعالم وعبدالعزيز عبد الغني عضوا مجلس القيادة بأنه تم العثور على الرئيس إبراهيم الحمدي قتيلا في أحد المنازل إضافة إلى ثلاثة جانبه وكان ذلك مؤامرة انقلابية تم التخطيط لها وتنفيذها بدقة.

الرئيس سالم ربيع علي

في نفس الشهر الذي تولى فيه الحمدي الحكم في الشمال إثر حركة 13 يونيو شهد الجنوب تحولا إيجابيا حيث وقعت حركة 22 يونيو وتم إعلان سالم ربيع علي رئيسا لمجلس الرئاسة.

اتسمت الفترة الأولى للرئيس سالمين بالاندفاع في اتجاه الاشتراكية العلمية فصدر قانون تأميم الشركات والمصارف ثم قانون الإصلاح الزراعي وقامت حكومة محمد علي هيثم بوضع خطة ثلاثية للتنمية 71-74م لكن منذ عام 74/75م بدأ نوع من التحول الجذري في فكر سالم ربيع علي ووصفه أمريكي بول فندلي في كتابه من يجرؤ على الكلام بأنه أقل زمرة الحاكمين الثلاثة جنوحا نحو الماركسية.

كان لدى سالم ربيع علي تفكيرا جديدا وقناعة مختلفة فقد اقتنع بأن إقامة العلاقة مع البلدان الاشتراكية لم يجلب سوى مزيدا من المعاناة والتخلف فبدأ بتحسين علاقاته مع دول الجوار والشطر الشمالي وتطلع كثيرا إلى إقامة علاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية مستغلا فرصة إطلاق سراح سجين أمريكي كان محتجزا في عدن وذلك في عهد الرئيس الامريكي جيمي كارتر.

أجرى سالم ربيع علي مباحثات كثيرة مع الرئيس إبراهيم الحمدي وكان للزيارة التي قام بها الحمدي للسعودية في ديسمبر 1975م تأثيرا في إقامة علاقات أخوية بين السعودية والشطر الجنوبي وعلى إثرها زار سالم ربيع علي السعودية في 10 مارس 1976م.

ونظرا لأن اغتيال الحمدي في صنعاء قبل يوم واحد من اليوم المقرر لزيارته لعدن والإعلان عن خطوات وحدوية حاسمة تم الاتفاق عليها بين الحمدي وسالم ربيع فقد مثل اغتيال الحمدي ضربة كبيرة لتوجهات الرئيس سالم وللخطوات الداخلية والخارجية التي أنجزها في ظل التوافق مع الحمدي.

الرئيس الغشمي

بعد تشييع جثمان الرئيس ابراهيم الحمدي بدأت رئاسة المقدم أحمد حسين الغشمي وذلك بإعلان تشكيل مجلس القيادة برئاسة الغشمي وعضوية كل من المقدم عبدالله عبدالعالم وعبدالعزيز عبدالغني وكان الغشمي الرجل الثاني بصفته نائب القائد العام للقوات المسلحة وأصبح الغشمي رئيسا للجمهورية في 23/4/1978م.

حرص الغشمي على استمرار المعالم الرئيسية لعهد الحمدي وحركة 13 يونيو من خلال استمرار مجلس القيادة إلى إبريل 78م واستمرار اللجنة العليا للتصحيح ولجان التصحيح واستمرار الحكومة برئاسة عبدالعزيز عبدالغني كما استمرت السياسة الخارجية المتوازنة وفقا لنهج عهد الحمدي كما استمرت مسيرة هيئات التعاون بإشراف وزارة الشؤون الاجتماعية وعقد المؤتمر الثالث لهيئات التعاون في نوفمبر 1977م وتم تأسيس العديد من الجمعيات والمنظمات الجماهيرية.

أما التنظيم السياسي والمؤتمر الشعبي العام الذي كان مقررا عقده في الحديدة في 15 نوفمبر 1977م فقد قام الغشمي بإلغائه وصدر إعلان دستوري من مجلس القيادة بتشكيل مجلس الشعب التأسيسي كبديل للانتخابات البرلمانية لمجلس الشورى التي كان قد تم الترتيب لها في عهد الحمدي بإصدار قانون انتخابات مجلس الشورى وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات وهو ما رفضه الشيخ عبدالله الأحمر معتبرا ذلك خرقا لما تم الاتفاق عليه مع الحمدي.

وفي صبيحة الرابع والعشرين من يونيو 1978م وصلت طائرة (اليمدا) من عدن إلى مطار صنعاء وكان في استقبالها مسؤولين كبار في الأمن الوطني والداخلية والرئاسة وبناءً على تعليمات الغشمي توجه مبعوث الرئيس سالم ربيع فور وصوله لمقابلة الغشمي وتسليمه الرسالة السرية ودخل المبعوث إلى مكتب الغشمي ومالبث ان سمع دوي انفجار هائل في مكتب الغشمي فهرع عدد من الضباط والجنود ليجدوا أشلاء الرئيس الغشمي بين ركام مكتبه إضافة لرسول سالم ربيع علي.

الرئيس عبدالفتاح إسماعيل

في البيان الصادر في عدن مساء 26 يونيو عن إعدام سالم ربيع واتهامه بقتل الغشمي أعلن أن عبدالفتاح إسماعيل أصبح رئيساً للشطر الجنوبي إضافة لهيئة مجلس الشعب وتم تثبيت علي ناصر محمد رئيساً للحكومة.

عمل عبدالفتاح إسماعيل على مواصلة الجهود الوحدوية والتقارب مع نظام صنعاء وحصلت كثير من الحروب والنزاعات على المناطق الحدودية وساهم التدخل الخارجي في إشعال جذوتها وتوصل الطرفان بعد ذلك الى اتفاقيات عدة انتهت بلقاء القمة الذي شهدته دولة الكويت والذي نتج عنه توقف النشاط المسلح للجبهة الوطنية الديمقراطية ذات الاتجاه الماركسي في الشمال بشكل كامل.

لكن الصراع السياسي في عدن مالبث أن ظهر من جديد على شكل تكتل ضد عبدالفتاح إسماعيل بدءاً بالتباين بينه وبين وزير الدفاع علي عنتر شمل فيما بعد رئيس الوزراء علي ناصر محمد وتم إعفاء محمد سعيد عبدالله من منصبه كوزير أمن الدولة بهدف اضعاف عبدالفتاح إسماعيل.

حافظ الرئيس عبدالفتاح إسماعيل على الاتفاقيات الوحدوية السابقة كما أجرى مباحثات مستمرة مع الرئيس علي عبدالله صالح وعمل على تحسين العلاقة مع دول الجوار.

وفي 22 إبريل 1980م تم الإعلان في عدن عن اجتماع وقرار المكتب السياسي للحزب الاشتراكي اليمني بقبول استقالة عبدالفتاح إسماعيل من رئاسة الدولة والأمانة العامة للحزب وصيرورة علي ناصر محمد رئيساً للدولة وأميناً عاماً والذي أصبح فيما بعد رئيساً للوزراء إضافة إلى المنصبين السابقين.

الرئيس علي ناصر محمد

تولى علي ناصر الحكم في 22/ 4/ 1980م وأعلن عن استمراره في نهج الاشتراكية العلمية وتقوية الارتباط بالاتحاد السوفيتي والالتزام بمعاهدة التعاون معها وكذلك الاستمرار في دعم نشاط الجبهة الوطنية اليسارية الشمالية ضد نظام الشمال وشهدت فترة علي ناصر تحقيق إنجازات تنموية وعمرانية عديدة تزامنت مع تنفيذ الخطة الخمسية الثانية في الشطر الشمالي وبدأ أول تنقيب عن النفط في الجنوب في عهد علي ناصر محمد.

وبعد زيارة رسمية قام بها علي ناصر محمد إلى صنعاء وتباحث خلالها مع صالح وأبدى رغبته في انتهاء التوتر تفجرت أحداث 13 يناير 1986م عندما استدعى علي ناصر محمد أعضاء المكتب السياسي للحزب الاشتراكي في مقر الحزب وبينما كان الحاضرون منتظرين وصوله باشرت مجموعة تابعة لعلي ناصر بإطلاق النار على المجتمعين وقتل عدد من أعضاء المكتب وكبار رجال الدولة وعلى رأسهم عبدالفتاح إسماعيل ونائب رئيس الجمهورية علي عنتر ووزير الداخلية صالح مصلح والوزير علي شائع هادي واندلعت حرب عنيفة استمرت لأسبوع أسفرت عن انتصار المعارضين ولجأ علي ناصر إلى أثيوبيا ثم عاد إلى صنعاء واستقر فيها.

المهندس حيد أبو بكر العطاس

بعد أحداث يناير وانتصار المعارضين تم اسناد رئاسة الدولة إلى المهندس حيدر أبو بكر العطاس والذي أصبح رئيساً لهيئة رئاسة مجلس الشعب الأعلى وهو المنصب الذي يرادف رئيس الجمهورية بينما أصبح علي سالم البيض أميناً عاماً للحزب الاشتراكي وتولى د. ياسين سعيد نعمان رئاسة الحكومة.

وواصل المهندس العطاس إدارة شؤون الدولة واتمام الخطوات الوحدوية والتقى في يوليو 1986م مع الرئيس علي عبدالله صالح في ليبيا وكان ذلك أول لقاء بين رؤساء الشطرين بعد أحداث 13 يناير، وفي نوفمبر 1987م التقى الرئيسان في مؤتمر القمة العربية في عمان بالأردن وتم تقديم ورقة عمل مشتركة من الشطرين إلى القمة.

وكان واضحاً خلال هذه الفترة أن علي سالم البيض لم يتول مطلقاً رئاسة الشطر الجنوبي بل كان أميناً عاماً للحزب الاشتراكي وعندما التقى بالرئيس صالح في تعز 16- 17 / 4/ 1988م كان بمثابة أمين عام للحزب.

واستمر الوضع كما هو عليه (العطاس رئيساً والبيض أميناً عاماً للحزب) حتى تاريخ 30 نوفمبر 1989م عندما قام الرئيس علي عبدالله صالح بزيارة تاريخية لعدن تم فيها التوقيع والمصادقة على مشروع دستور دولة الوحدة وتلت ذلك لقاءات ومباحثات بين صالح والبيض في صنعاء 26 – 28/ 12/ 89م وتصاعدت وتيرة العمل الوحدوي وتم استكمال المهام المناطة بمجلس الوزراء ولجنة التنظيم السياسي 8 يناير – 5 مايو 1990م ووافق مجلس الشورى والشعب على إقامة الوحدة اليمنية والتي تمت في الـ 22 مايو 1990م.

الرئيس علي عبدالله صالح

بعد اغتيال الرئيس أحمد الغشمي أعلن في صنعاء 24 يونيو 1978م عن تشكيل مجلس رئاسة الجمهورية برئاسة القاضي عبدالكريم عبدالله العرشي رئيس مجلس الشعب التأسيسي وعضوية عبدالعزيز عبدالغني رئيس الوزراء والمقدم علي الشيبة رئيس الأركان الذي أصبح قائداً عاماً للقوات المسلحة والرائد علي عبدالله صالح قائد لواء تعز الذي تمت ترقيته إلى رتبة مقدم وعين نائباً للقائد العام للقوات المسلحة ورئيساً لهيئة الأركان العامة بموجب القرار رقم (3) لمجلس رئاسة الجمهورية الصادر مساء 24 يونيو وأصبح القاضي العرشي رئيساً لمجلس الرئاسة بمثابة رئيس مجلس الشعب التأسيسي إلى حين انتخاب رئيس الجمهورية خلال أربعين يوماً من مجلس الشعب لكن القاضي العرشي أكد عدم استعداده لتولي الرئاسة ولهم يكن هذا الأمر وارداً لدى عبدالعزيز عبدالغني والمقدم الشيبة وكان رأي الشيبة أن يكون رئيس الجمهورية من المدنيين وأنه لا يوجد من العسكريين من هو على استعداد لتولي هذا المنصب وهنا ظهر علي عبدالله صالح مؤكداً وجود من هو على استعداد ليقود البلاد وأخذ يمسك بدقة القيادة العسكرية وفي 17 يوليو 1978م قام مجلس الشعب التأسيسي بانتخاب علي عبدالله صالح رئيساً للجمهورية وقائداً عاماً للقوات المسلحة حتى اللحظة.