آخر الاخبار
نهاية الحزب الاشتراكي
بقلم/ ريما الشامي
نشر منذ: 16 سنة و 11 شهراً و يوم واحد
الجمعة 28 ديسمبر-كانون الأول 2007 06:12 ص

مأرب برس – خاص

حرب صيف 94 لم تستطع ان تضع نهاية للحزب الاشتراكي اليمني على الساحة الوطنية في اليمن شمالا وجنوبا لانها ببساطة كانت حرب باطلة ظالمة اصطدمت بحزبا حقيقيا ظل طوال تأريخه معبرا عن هموم الناس وحاملا لقضاياهم لذلك فبمجرد ان اقصي الحزب الاشتراكي من السلطة اثر تلك الحرب حتى احتضنته قلوب وأفكار الناس الذين ظل يعمل لأجلهم والا لكانت ذكرى 07/07 مناسبة سنوية لتأبين الحزب ورثاؤه

الاشتراكي حزبا حقيقيا

عموما أظهرت كل التجارب القاسية التي يتعرض لها الحزب من قبل السلطة منذ نهاية حرب صيف94 لضربه وانهاؤه أو على الأقل تحجيمه أظهرت كل تلك المحاولات السلطوية فشلها وقوة الحزب ورصيده في اوساط الناس ولايزال الاشتراكيون يتلقون الضربات تلو الضربات ويواجهون كل أساليب التفريخ والشق وخلق الانقسامات ومنها مثلا تلك ( اللجنة التحضيرية ) التي صنعتها السلطة لاستنساخ الحزب بعيد انتهاء تلك الحرب المشؤمة ولكن يبدو اليوم أن نهاية الحزب الاشتراكي ستكون من داخله لأنه بحسب المثل العربي ( لا تفسد الثمرة الا من داخلها ) .

يبدو أنه يجب التذكير بأن الحزب الاشتراكي ظل على الدوام مشروعا حضاريا وتحديثيا في نظر شرائح متعددة في المجتمع تعتبره حاملا لقضاياها وتطلعاتها وهذا هو رصيد الحزب الحقيقي و الذي حفظ له موقعه وتواجده برغم كل التجارب القاسية التي مرت به منذ تأسيسه ، ولكن اليوم توجد قيادات في الحزب تسعى لنسف الحزب وتدميره وازالته من الوجود عن طريق النفاذ الى مركز قوة الحزب وضربها والتي هي الناس ، نعم ان هذه القيادات تعمل على خلق حالة انفصام وقطيعة بين الحزب وقضايا الناس و معاناتهم وهذه السياسة هي التي ستصيب الحزب في مقتل وستضع له نهاية مجانية .

الحزب . . . أين موقعه اليوم ؟

ما يحدث اليوم في الحزب الاشتراكي لا يبشر بخير مطلقا ففي وسط الحراك الشعبي المتصاعد في الوطن وعلى وجه الخصوص في الجنوب نجد الحزب منقسما على نفسه وصفوفه متفرقة الى تيارات ومسارات متضادة منشغلة بصراعات مختلقة عقيمة والهدف منها هو شل الحزب وفصله عن واقع الناس وقضاياهم وهذا ببساطة ماهو حاصل اليوم .

بدلا من وقوف الحزب الاشتراكي وتفعيل نفسه وانشطته في أوساط الناس والانخراط في اطار الحراك الوطني والتصدي لمهام النضال السلمي في الجنوب بحكم خصوصية الحزب هناك حيث حكم 40 عاما مايتحتم عليه بالضروررة التواجد المؤثر في فلب الساحة الجنوبية الا أن قيادات في الحزب استطاعت أن تشغل الحزب عن مهامه الحقيقية في هذه المرحلة وعوضا عن دور الحزب المفترض في الاسهام في تفعيل المطالب الشعبية والنضال لاجلها راجت تلك القيادات تجر الحزب الى صراعات وانقسامات في أوساطه متكئة على خطاب السلطة الذي يواجه به الشعب وعلى وجه الخصوص الاحتجاجات والمطالب في الجنوب التي يرميها بالانفصال والعداء للوحدة.

انه من المؤلم حقا أن نجد الحزب الاشتراكي اليوم هامشيا على ساحة الحراك الشعبي الثائر في الجنوب في واقع يفرض عليه أن يكون له دوره الرئيسي في الدفاع عن حقوق الناس وتبني القضية الجنوبية بحكم مسؤليته الوطنية والاخلاقية والأدبية ازاء معاناة أبناء الجنوب التي كانت نتاجا لحرب صيف 94 التي أقصي فيها الحزب من السلطة ومعه تعرض الجنوب كله للنهب والتدمير واللالغاء

 وفي مثل هذه الظروف التي اعتاد الناس أن يكون الحزب في مقدمة الصفوف للتصدي للقضايا الوطنية الا أن هذه المرة رفضت قيادات في الحزب الا أن تشق صفوفه وتخلق انقسام في موقفه بناءا على تنظيرات وشعارات السلطة التي تصف معارضيها بالانفصال وهذا الخطاب هو السائد اليوم في اوساط الحزب حتى وصل الحال الى ان هذه القيادت استطاعت أن تفرض وجهة نظرها على الموقف العام للحزب فيما يخص قضية هامة الحزب معني بها قبل غيره وهي القضية الجنوبية

انه من المعيب حقا على الحزب وتأريخه هذا الانقسام في الحزب الاشتراكي حول القضية الجنوبية التي ينبغي ان تكون قضية الحزب المركزية والجوهرية خاصة في هذا الظرف الراهن بدلا من ان يتم توجيه الحزب الى موقف سلبي وعدمي من هذه القضية يقوم بتهميشها وانكارها ويعتمد على خطاب السلطة الذي يستأثر بالوحدة وكل شئ لنفسه ويرمي الأخرين بالانفصال وهذا الوضع الذي يعيشه الحزب الاشتراكي اليوم هو الذي سيدمره ويستأصله من أوساط الناس

القضية الجنوبية . . . لماذا ؟

 نقول للقيادات في الحزب الاشتراكي المنخرطة في خطاب السلطة (الوحدة والانفصال) ومنهم الأستاذ محمد المقالح بأن تبني القضية الجنوبية ليس مطلقا دعوة للانفصال كما تروج لذلك السلطة وخطابها الذي يرهب كثيرين لأن خطاب السلطة المتدثر بالوحدة هو أصلا هروب من استحقاقات سياساتها الفاشلة التي سببت لوطننا كل هذه الكوراث والمأسي وهذا الخطاب الذي تديره السلطة اليوم ضد القصية الجنوبية هو جزءا أصيلا من سياسات خلق الأزمات وترحيلها و استخدام الكروت ضد بعضها ثم احراقها ، أما القضية الجنوبية فهي جزءا أساسيا في النضال الوطني على مستوى الساحة اليمينة شمالا وجنوبا وتقع في صلب القضايا الوطنية لليمن لان اي نجاحات او اخفاقات ستحققها القضية الجنوبية سينسحب الأمر برمته على القضية الوطنية لكل أبناء اليمن الذين يسعون لتخليص وطنهم من استبداد الحكم الفردي الذي عاث في الأرض الفساد وعلى هذا فان القضية الجنوبية ونجاحها يصبان أصلا في مواجهة حكم الاستبداد وبالتالي فنجاحها يشكل انتصارا وطريقا للشعب للحرية والحياة وكذا فان نجاحها سيعطي دعما ورصيدا اضافيا للحركة الوطنية التي تناضل من أجل تخليص الوطن من سلطة الاستبداد والفساد والعكس كذلك فانه اذا ما استطاعت السلطة وكما هو معروفا عنها بمختلف وسائلها التقليدية أن تنجح في احتواء وافشال القضية الجنوبية فهذا يعني أنها امتلكت وأضافت لنفسها المزيد من مصادر القوة التي تمكنها من الاستمرار في الاستبداد وفرض مشاريع التوريث وممارسة المزيد من سياسات الفساد والنهب و تدمير الوطن كله شمالا وجنوبا

الوحدة والاستبداد لايجتمعان

ان ما حدث ويحدث للجنوب منذ 13 عاما من نهب واقصاء والغاء ليس ممارسات وحدوية بل هو الانفصال بعينه الذي فرضته السلطة بالقوة في واقع حياة الناس وبالتالي فان مهام ومسؤليات الحزب الاشتراكي و غيره من القوى السياسية والوطنية الوقوف الى صف أبناء الجنوب وتبني قضيتهم من أجل الوطن والحياة و حفاظا على وحدته وردا لاعتبارها واعادة الحياة الى مشروعها السلمي الديمقراطي القائم على العدالة والمواطنة المتساوية ودولة المؤسسات بناءا على دستور دولة الوحدة وهذا هو مايحفظ اليمن شماله وجنوبه ووحدته وحياة أبنائه ومستقبل أجيالهم اما خطاب السلطة والانسياق ورائه بوعي أو بدون وعي فهذا شئ كارثي ولايصب الا في مصلحة الفساد والاستبداد واطالة أمدهما في حكم اليمن

دعوة لانقاذ الحزب

وباختصار فان تقييم الحزب الاشتراكي في موضوع القضية الجنوبية نجد دوره هامشيا وبعيدا عن واقع الحراك الشعبي ويتم توجيهه حاليا واستخدامه كرأس حربة في ضرب القضية الجنوبية وافشال الالتفاف الوطني الواسع حولها ما يعنياعاقة وفرملة حركة المد الجماهيري ضد حكم الفساد والاستبداد والتي بدأت تتبلور وتنتظم حاليا ، وهذا الموقف ينسف الحزب ورصيده في الجنوب حيث تجربته وحيث انطلق ومن ثم ستكون النتائج سلبية على مستوى الوطن كله وهنا نضع الحزب الاشتراكي وما يتعرض له من تدمير من أوساطه في ذمة قياداته التي وقفت وتقف دائما في صف حزبها وفي اصعب المراحل وامام كل الاشتراكيين ليبادروا لانقاذ حزبهم العريق من هذه النهاية المخزية