تطورات مفاجئة… الجيش الروسي يطوق قوات أوكرانيا بلينكن يحدد شروط اعتراف الولايات المتحدة بالحكومة السورية الجديدة دعوة إلي عقد مؤتمر مانحين عاجل لدعم اليمن وقف النار في غزة واتصالات سرية لإنجاز الصفقة شرطة كوريا الجنوبية تدهم مكتب الرئيس... ووزير الدفاع السابق يحاول الانتحار دول عربية تبدأ بإرسال مساعدات لدعم الشعب السوري بعد سقوط الأسد روسيا تطلق تصريحات جديدة حول الاسد وتجيب عن إمكانية تسليمه للمحاكم الجيش السودانى يجبر قوات الدعم السريع على الانسحاب من شمال الخرطوم رسائل نارية من الرئيس أردوغان بخصوص سوريا وأراضيها وسيادتها خلال لقائه بقيادات حزب العدالة والتنمية عاجل: إدارة العمليات العسكرية تكشف قائمة تضم 160 قائدا عسكريا من نظام الأسد وصفتهم بمجرمي الحرب .. مارب برس يعيد نشر قائمة اسمائهم
تبدو المسافة بين إبريل 2003 وسبتمبر 2007 في عمر الأمم والشعوب مسافة بسيطة غير بعيدة غير أنها لم تكن كذلك بالنسبة للقوات البريطانية التي كانت تسيطر علي مدينة البصرة وجنوب العراق في تلك الفترة ، فالفارق شاسع بين مشهد إبريل 2004 حينما نجحت القوات الأمريكية والبريطانية في السيطرة علي قصر صدام حسين في المدينة ، ومن ثم التوجه شمالا إلي بغداد وإنهاء صدام حسين بها في 9 إبريل 2003 ، وبين مشهد الجنود البريطانيين وهم ينسحبون من قصر صدام حسين فى البصرة إلي المطار آخر معقل لهم ، بعدما تحولت إقامتهم وسط المدينة إلي جحيم حيث كانوا يتعرضون لأكثر من ستين قذيفة وصاروخ كل يوم ..
، وقد وصف مراسل صحيفة الأنبدنت البريطانية فى العراق الصحفي البريطاني باتريك كوكبورن الأنسحاب البريطاني من البصرة ومن ثم الاستعداد للانسحاب النهائي من العراق بأنه يعتبر " إحدى المهمات الأكثر فشلا في تاريخ الجيش البريطاني "
وأضاف كوكبورن فى تقريره الذي نشره في 3 سبتمبر الماضي تحت عنوان " نهاية مخزية لعملية عسكرية أودت بحياة 168 بريطانيا " نقلا عن مجموعة الأزمات الدولية في بروكسيل " "إن سكان البصرة ورجال المليشيا لا ينظرون إلى هذا الانسحاب على أنه انسحاب منظم وإنما على أنه فشل مخز. فالمدينة اليوم خاضعة لسيطرة المليشيا والتي يبدو أنها صارت أكثر قوة وانفلاتا مقارنة بما كان عليه وضعها فيما مضى."
وهكذا تحولت المهمة التي أعلنت بريطانيا وأمريكا أنها من أجل نشر الديمقراطية فى العراق واستبدال النظام الديكتاتوري في العراق بنظام يلتزم بالمواصفات الأمريكية والبريطانية إلي واحدة من أكثر العمليات فشلا وفوضي فى التاريخ المعاصر ، وسيطرت علي البريطانيين روح " سايغون " عاصمة فئيتنام حينما انسحبوا من آخر معقل لهم داخل المدينة إلي المطار تمهيدا للهروب الكبير من مطار البصرة فى الشهر القادم ، مخلفين وراءهم فوضي عارمة لا يعلم أحد إلا الله إلي أين يمكن أن يصل مداها ، وكانت صحيفة صنداي تايمز البريطانية قد نشرت تقريرا فى عددها الصادر في 19 أغسطس نقلت فيه عن ستيفن بيدل أحد المستشارين العسكريين لدي الرئيس الِأمريكي جورج بوش حذر فيه من أن القوات البريطانية فى العراق سوف تجبر علي الانسحاب " بطريقة بشعة ومحرجة " ، وربما هذا ما تم جانب منه في الأسبوع الماضي غير أن الجميع يترقب الفصل الأخير من عملية الانسحاب الكاملة المتوقعة في الشهر القادم لخمسة آلاف وخمسمائة جندي بريطاني يعيشون الآن بين الخوف والأمل فى مطار البصرة ، ويصحبون وكل ينظر إلي وجه الآخر ويفكر من الذي سيعود علي قدميه ومن الذي سيعود في نعش ملفوف بالعلم البريطاني ، وقد أشار بعض العسكريين البريطانيين إلي النهاية المخزية للجيش البريطاني في العراق في عدد 19 أغسطس من صحيفة " صنداي تايمز قائلا " إن التاريخ العسكري سوف يحكم علي ما يجري في البصرة علي أنه خطأ فادح إذا ستؤدي هجمات المسلحين إلي طرد البريطانيين من جنوب العراق " أما أحد الضباط الآخرين فقد قال لبي بي سي في استطلاع نشرته في 24 أغسطس " لا أظن أننا نستطيع أن نحقق الكثير ، إنه مأزق أخلاقي صعب " ، أما غلاف صحيفة الأند بندنت فى 3 سبتمبر فقد كان لجنود بريطانيين منبطحين أرضا وهم في وضع قتالي وفوقهم عنوان كبير يتساءل " قضينا أربع سنوات في البصرة .. فماذا حققنا ؟
هذا التساؤل يعود بنا إلي الوراء إلي نهاية مارس 2003 ونضع صور الجنود البريطانيين الذين كانوا يتحدثون عن النصر المؤزر إلي جوار تلك الصورة للجنود البريطانيين المذعورين المهزومين بعد أقل من خمس سنوات ، قد تبدوا الخمس سنوات طويلة في عمر الناس لكنها ليست كذلك في عمر الأمم كما أنها العلامة الفارقة بين النصر والهزيمة ، إنه الصبر .. صبر ساعة في عمر الزمن يمثل الفارق الكبير بين النصر المزيف والهزيمة الحقيقية