القائد أحمد الشرع يتحدث عن ترشحه لرئاسة سوريا أميركا تطلب من عُمان طرد الحوثيين من أراضيها مؤشرات على اقتراب ساعة الخلاص واسقاط الإنقلاب في اليمن.. القوات المسلحة تعلن الجاهزية وحديث عن دعم لتحرير الحديدة تعرف على ترتيب رونالدو في قائمة أفضل 100 لاعب في العالم قرار مفاجئ يفتح أبواب التحدي في كأس الخليج تقارير حقوقية تكشف عن انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية الكشف عن ودائع الأسد في البنوك البريطانية..و مطالبات بإعادتها للشعب السوري ماهر ومملوك والنمر وجزار داريا.. أين هرب أبرز و كبار قيادات نظام الأسد الجيش السوداني يُعلن مقتل قائد لقوات الدعم السريع في الفاشر إيران تطالب الحكومة السورية الجديدة بتسديد 30 مليار دولار ديون لإيران قدمتها لبشار
عظيم أن نتفق، وأعظم من ذلك أن نختلف، فمجرد الاتفاق إنما هو مطلب المراهقين، أما الاختلاف الواعي فمطلب الراشدين. ذلك أن المراهقين فكريا وسياسيا هم من يجزعون من وجود تعددية في الرأي، ومن ثم يسعون إلى عقد الاتفاقات المختلفة لردم الهوة بزعمهم!!
إن تطورنا أو نهضتنا أو حوزتنا على صك الدخول إلى عالم متقدم – كل ذلك لا يقف على اتفاق طوائف ما، أو اختلافها. فما أكثر تلك الاتفاقات التي لم تضف درهما واحدا في قيمتها!!
ليست المشكلة أن نختلف، ولكن المشكلة تكمن في عدم معرفتنا: كيف نختلف؟ وكيف نجعل من اختلافنا عامل قوة لا ضعف؟ وكيف يصبح اختلافنا منبعا ثريا لتنوع الجهود وتكاملها؟
إن ثقافة الاختلاف الشائعة بيننا اليوم تقوم على مجموعة من الأسس، أدت إلى أن يصبح الاختلاف عامل ضعف وتناحر، وهذه الأسس هي:
أولا: مفهوم الآخر، فيقوم الاختلاف على أن هناك آخرين يختلفون معنا، وما داموا آخرين إذن فهم يقفون في مواجهتنا، ويسعون إلى الاصطدام بنا، ويكون ردة الفعل هي إيجاد حدود وهمية، رسمتها تصوراتنا الخاطئة، تفصل بيننا وبين الناس الذين نعتبرهم آخرين!!
ثانيا: الآخر يأكلني ولا يأكل معي، وهذا هو الأساس الثاني لثقافة الاختلاف الشائعة اليوم، حيث ننظر إلى الآخرين على أنهم يسعون إلى افتراسنا، ونهب الفرص للنيل منا، والتربص بنا.
ثالثا: مبدأ إلغاء الآخر، فلا يقف الحد عند تكون مفهوم الآخر، وإنما يتعداه إلى محاولة إلغاء الآخر، والسعي إلى تحطيمه، وربط تقدم (س) ونهضته وبنائه - بهدم (ص) وتحطيمه، وبعثرته. فهنا يتحول المفهوم المجرد إلى ممارسة واقعية.
هذه الأسس الثلاثة – في نظري – تمثل بؤرة أزمة الاختلاف، والخوف منه، ومن ثم محاولة السعي إلى الاتفاق (مطلب المراهقين)، بدلا من السعي إلى تكريس الثقافة الصحيحة للاختلاف (مطلب الراشدين).
أعتقد أننا لسنا بحاجة إلى كثير من الاتفاقات وعقد المحاضر والاجتماعات، لإثبات أننا متفقون، وأننا في طريقنا إلى الشراكة، فالحقيقة أننا بهذا نقدم دليلا ناصعا على أننا ما زلنا في طور المراهقة الوطنية – لا أكثر!
ليس هناك مجتمع تنقصه اتفاقيات ولقاءات بين علية قومه، لينطلق بعدها إلى عالم النهضة والرقي... فالمجتمع بحاجة إلى أعظم من ذلك، إنه بحاجة إلى أناس مخلصين صادقين، يجعلون مصلحته هي الأساس الأول، الذي ينطلقون منه.
إن ثقافة الاختلاف التي نريد أن تشيع فينا، تسمح بتعددية الفكر والرأي، ولكنها لا تسمح بتعددية القيم. تختلف رؤانا، وانتماءاتنا الصغيرة، واتجاهاتنا، ولكن الخطر كل الخطر أن تختلف قيمنا، وتتعدد نظراتنا إليها، فالصدق والإخلاص والثقة ومصلحة الوطن قيم لا تقبل التعددية.
ومن هذه القيم التي لا تقبل التعددية ثقافة الاختلاف، فلا بد من نبذ مفهوم (الآخر) مع ظلاله السلبية، التي تعني اطراحه والسعي إلى إلغائه.
علينا أن نحسن الظن في جميع الشخصيات التي يعرفها المجتمع بأكمله، وأن نظن بأنها تسعى إلى خير البلد، فلا يوجد عاقل يسعى في إيذاء مجتمعه، أو في تجويعه، أو استعباده...إنما الشيء المهم أن يتوفر لها تجسيد عملي لقيم ثقافة الاختلاف، فنرى ذلك واقعا لا مجرد شعارات...
أعود بما بدأت به، فأقول: الاتفاق قد يكون مصدر بوار، كما قد يكون الاختلاف كذلك، ولكن أهم من ذلك كله أن نعرف: كيف نتفق؟ وكيف نختلف؟
abdmajidyemen@hotmail.com