الاضطرار السياسي من أجل الوطن كفى عبثا
بقلم/ د.فيصل الحذيفي
نشر منذ: 16 سنة و أسبوعين و يومين
الجمعة 28 نوفمبر-تشرين الثاني 2008 10:11 م

مارب برس – خاص

هذه خلاصة دراسة أكاديمية علمية نقوم بها ولم ننته منها بعد، وقد استبقنا تقديم بعض خلاصتها لأطراف الصراع السياسي في اليمن بشكل موضوعي ومحايد لخطورة المرحلة التي يتعامل معها أطراف الصراع بصيغتين متناقضتين متمثلتين بصيغة التضخيم للأزمة ( لدى المعارضة) أو صيغة التهوين منها ( لدى الحزب الحاكم).

لنتفق أولا على أن الحد الأعلى للسقف الديمقراطي يسمح لسيطرة أي حزب على السلطة بشكل كامل وهذا حقه دستوريا، ولكن التداول السلمي على السلطة يخفف من عبء هذه السيطرة الكلية إما بتكرار منح الثقة للحزب الحاكم مؤقتا إن أحسن الأداء، أو نقلها إلى حزب آخر إذا أخفق ، بينما يبقى الجميع شركاء في الدولة والنظام السياسي وتحت هذا السقف.

لكن أي ديمقراطية حقيقة لا تسمح بأي حال من الأحوال بالهيمنة الكلية الشاملة على: 1- الدولة 2- والسلطة 3- والنظام السياسي ) لأن هذه السيطرة تعد نفيا للديمقراطية أو نقيضا لها حتى وان تم ذلك عبر آليات وأدوات ديمقراطية.

ما الهدف المعلن للسياسة العامة لأي سلطة، ولأي نظام سياسي، وفي أي دولة ؟

الهدف العام هو الحفاظ على الوطن والأمن والسلم الاجتماعي وخدمة المواطنين والدفع بذلك نحو التقدم والتطور والنمو. فإذا لم تحقق أي سلطة أو أي نظام سياسي في أي دولة هذه الأهداف فذلك يكون مما هو مقدور اجتماعيا على تحمله والتعايش معه والصبر عليه، لكن أن يتعرض الوطن والمواطنين إلى التهديد والخطر فذلك نذير خطر يعود وبالا على الجميع، سواء أولئك الذين أحسنوا، أو أولئك الذين أخطئوا، أو الذين أساؤوا.

وكل صراع سياسي يحمل أهدافا معلنة يتضمنها الخطاب السياسي للأحزاب السياسية في السلطة والمعارضة، وكلها تتغنى بهذه الأهداف البراقة، لكن الأزمة السياسية والصراع السياسي عادة ما تخفي وراءها أهدافا ثانوية ملحة مسكوت عنها (غير معلنة) لأنها نقيض للأهداف المثالية الجاذبة والمعلنة.

المطلوب منا لتقديم رؤية تساعد على التفكير أن نبحث في تلك الأهداف السياسية المسكوت عنها لنتمكن من سبرها ومناقشتها في سبيل تحقيق الهدف العام ،وهو الحفاظ على الوطن والمواطنين، أي دولة الجمهورية اليمنية أمة ووطنا وتاريخا وعيشا مشتركا.

إن الوطن الذي نعلن استعدادنا للدفاع عنه بأرواحنا، ونقدم دماءنا قربانا له، هو بالمعنى البسيط والمباشر هو الإنسان والجغرافيا التي نعيش فيها والتاريخ والهوية التي ننتجها. والوطن بما يمثله من أمة وجغرافيا (= اليمنيون الذين لهم دولة يمنية معلومة الحدود) مفهومه أسبق على الدولة وأسبق على الأحزاب، والوطن يحيل إلى الاستقرار، وحط الرحال في بقعة ما يتوفر فيها الأمن والطمأنينة والسلم الاجتماعي ، فإذا غابت هذه الشروط يسقط مفهوم الوطن ليبدأ مشوار البحث عن وطن جديد.

الوطن بما هو لصيق بمفهوم الاستقرار والسلم الاجتماعي ينبغي أن لا يكون ساحة للصراع العنيف بين الفرقاء السياسيين الشركاء في هذا الوطن، إذ أن الصراع العنيف هو نقض للوطن ونفي لحقيقته ووجوده وتهديد لبقائه.

- إن السلطة بما تملك من وسائل القوة والعنف المشروع لا يكون مشروعا إلا إذا خصص لحماية جميع المواطنين صالحين وطالحين أسوياء ومنحرفين موالين ومعارضين، فإذا انحرفت السلطة باستعمال القوة لحماية نفسها أو لفئة على أخرى فقدت السلطة مشروعية استعمالها.

- والمعارضة بما تملك من حقوق التعبير والتجمع والتظاهر والمسيرات والاعتصامات والمشاركة السياسية لن تكون لها هذه الحقوق إلا إذا طرحت مطالبها في سياق سلمي لا تتجاوزه إلى العنف، وإن الانجرار إلى العنف هو دمار للوطن بما فيه من مواطنين ووحدة الجغرافيا والحفاظ على مقومات العيش المشترك.

إن ما نراه اليوم في بلادنا من تطور في الصراع السياسي الحاد يوسع الهوة بين الفرقاء الفاعلين (السلطة= المؤتمر الشعبي، والمعارضة= اللقاء المشترك) لتتسع الهوة بينهما إلى حيث اللارجعة إلى الحوار، وهذا التوجه سيؤدي إلى خسران الطرفين لكيانهما السياسي قبل غيرهما وخسران مؤسسة الدولة كإطار للعمل السياسي، وسيتحول المجتمع إلى عصابات متحاربة في كل زقاق، إن الصومال بدءا من العام 1991هي المثال الحي لما يمكن أن ينحدر إليه تطور الصراع السياسي في بلد فقير ومتخلف، أو الحرب الأهلية في لبنان 1975- 1992 كمثال عربي لمجتمع متقدم بالوعي والفكر والتنوع والتعايش، ونحن في اليمن إلى الأولى أقرب.

إننا نطالب - من جميع الأطراف - أن يبقى الصراع السياسي في سياقه السلمي ، والعودة إلى طاولة الحوار، فالوطن ليس ملكا للسلطة ولا للمعارضة وإن توهما ذلك من موقعهما المتغايرين، سواء بما تملك السلطة من الهيمنة على المؤسسات الرسمية، أو بما تملك المعارضة من أتباع وحشود شعبية ومتعاطفون.

إن استعداد أطراف الفعل الاجتماعي للبقاء في مربع الصراع السياسي السلمي الذي يحترم قواعد الصراع المقبولة مجتمعيا يحتم على الجميع العودة إلى الحوار والاتفاق على أجندة سياسية يتراضى عليها الجميع لإجراء انتخابات مقبولة ومتفق عليها، وإن السعي للانفراد بالملعب السياسي يدفع إلى الانحراف السياسي نحو التصعيد، وبالتالي إلى العنف، وهنا نكون قد نقضنا شروط العمل السياسي السلمي كقاعدة ضامنة لبقاء الصراع تحت السيطرة ببقائه صراعا سلميا، وعرَّضنا الوطن والمواطنين إلى الخطر، وأوجدنا بواعث وأسبابا تهدد الأمن والسلم الاجتماعيين.

الإفراط الدوغمائي في الرؤية السياسية للطرفين:

1- سعي السلطة نحو الانفراد السياسي في ظل توجه ديمقراطي يبرر العصيان المدني.

2- وسعي المعارضة نحو العصيان المدني يبرر عنف السلطة ونقض الديمقراطية.

البدائل الممكنة: سياسة الاضطرار السياسي حفاظا على الوطن والمكتسبات. كيف ذلك؟

الاضطرار السياسي يقتضي تنازل الطرفين المتصارعين عن الأهداف المسكوت عنها وهي الأهداف المختبئة وراء الخطاب السياسي المتعشق للوطن زورا وبهتانا وطرحها علنا للنقاش، وهذا هو دور السياسة الواقعية.

ما هي الأهداف المسكوت عنها لدى السلطة والمعارضة ؟ وكيف يمكن تنازل الطرفين عن بعض هذه الأهداف ؟

أولا: أهداف المعارضة: تريد تنمية رصيدها في المشاركة السياسية عبر زيادة حضورها في مجلس النواب إلى عدد من النواب الذين يتمكنون من استجواب الحكومة ومساءلتها والمشاركة في سن التشريعات القانونية التي لا تكون نافذة دون موافقتها، وهذا مرحليا جل طموحها - وهذا حقها - وذلك لأنها تعلم أنها لا تستطيع الحصول على أغلبية مطلقة في البرلمان حتى ولو صاغت هي قانون الانتخابات بنفسها وكانت لجنة الانتخابات من ملائكة أرحم الراحمين، لأن ميزان القوة والوعي الاجتماعي حاليا لا يمكِنها أكثر من هذا، وتصلبها السياسي اليوم سببه أنها لا تريد المزيد من الخسارة أو البقاء محلك سر.

ثانيا: أهداف الحزب الحاكم: يريد الاستمرار في السيطرة عبر الأغلبية النيابية الخاصة المتمثلة في ثلاثة أرباع مجلس النواب للهيمنة على:( 1- الدولة 2- والسلطة 3- والنظام السياسي ) ليتمكن من تعديل النظام السياسي لصالحه متى شاء وكيفما شاء، وهذا لا يساعد حاليا على الاستقرار السياسي خاصة إذا علمنا أن تهرب الحزب الحاكم من قانون الانتخابات المعدل ليس سببه تأخير أسماء أعضاء اللجنة العليا للانتخابات من المعارضة، ولكن خشيته من أن يفقد هذه النسبة الخاصة التي يمتلكها على الدوام منذ انتخابات 1997.

في حين أن مظاهر الفوز السياسي عبر البرلمان يمكن أن يتجلى ضمن ثلاثة أنماط من الفوز:

1- الفوز بالأغلبية النسبية حث يظل الحزب الرئيسي متقدما على غيره من الأحزاب ولكنه لا يستطيع تشكيل الحكومة منفردا (نموذج انتخابات 93) وتنشأ في ظل هذا النمط من الفوز حكومات ائتلافية.

2- الفوز بالأغلبية المطلقة وهي خمسين زائد واحد وهذه النسبة تجعل أي حزب حاكم قادرا على تشكيل الحكومة منفردا ويستحوذ على السلطة دستوريا بكل مفاصلها فقط ،ويظل الشركاء الآخرين موجودين في الدولة والنظام السياسي .

3- الفوز بالأغلبية الخاصة وهي ثلاثة أرباع مجلس النواب حيث يستطيع الحزب الحاكم من تعديل النظام السياسي والسيطرة الشمولية على :( 1- الدولة 2- والسلطة 3- والنظام السياسي )وتصبح المعارضة السياسية خارج الملعب السياسي ويكون حضورها للفرجة وإضفاء الشرعية، وهذه الحالة هي جوهر الصراع السياسي الحالي في اليمن منذ انتخابات 1997.

الحل باختصار : أن يبدي الحزب الحاكم استعداده للتخلي عن الأغلبية البرلمانية الخاصة عبر انتخابات حرة ونزيهة حتى وإن تمكن من الحصول على هذه النسبة بعدئذ فلا ضير في ذلك - فهذا حقه - والمؤكد أنه لن يستطيع الحفاظ عليها وهذا هو جوهر الصراع، ومن المحتمل أن يتراجع إلى الأغلبية المطلقة التي تمكنه من احتكار السلطة وتشكيل الحكومة كما يشاء، في المقابل على المعارضة أن لا تمانع من تعديل النظام السياسي لصالح تمديد فترة رئاسية للرئيس علي عبد الله صالح في انتخابات 2013 الرئاسية، وأن تتخلى عن المنازعة السياسية للحزب الحاكم خارج نطاق مقدرتها، بمقابل إقرار قانون الانتخابات المعدل والعودة إلى تاريخ 18 أغسطس وهذا يقتضي تأجيل موعد الانتخابات إلى حين اكتمال إجراءات استصدار القانون وما يترتب عليه.

1- اضطرار السلطة للتنازل : استجابة الحزب الحاكم لمطالب المعارضة لا يمكن أن يؤهلها للحكم أو المشاركة فيه ، بسبب أن المعارضة ليست محل جذب للفئات المستفيدة من السلطة التي بيدها وحدها الوظيفة العامة والترقي الوظيفي والمال السياسي والمنافع الشخصية، في حين ليس بيد المعارضة سوى تسويق الوعي في أفضل الحالات أو تسويق الوهم في أدناه ، وبالتالي فإن الحزب الحاكم على المدى المنظور سيظل متقدما على جميع الأحزاب بأغلبية مطلقة تمكنه من تشكيل حكومته منفردا وبشكل شرعي لا غبار عليه. والعقبة الكأداء هي خسارة الأغلبية الخاصة المتمثلة بثلاثة أرباع المجلس النيابي بهدف قدرته على تعديل النظام السياسي في كل مرحلة حسب التطور السياسي ليضمن لنفسه الاستفراد السياسي عبر الانتخابات وهذا هدف يتناقض مع جوهر الديمقراطية وهو الهدف السياسي المسكوت عنه.

المطلوب : تنازل الحزب الحاكم عن هذه الرغبة غير المعلنة حفاظا على نفسه أولا وحفاظا على الوطن ثانيا وحفاظا على العيش المشترك في ظل دولة يمنية واحدة غير مهددة بالتجزئة والأفول. صحيح أن الحزب الحاكم بما يمتلك من قوة عسكرية وأجهزة أمن ومؤسسات إعلامية والهيمنة على الدولة والثروة يجعله مطمئنا دوما ويمنحه الثقة بالسيطرة ، لكنه ينسى بأن الانفلات العام إن حصل بما ليس في الحسبان فإن هذه الوسائل تفقد فاعليتها ومقدرتها على السيطرة.

2- اضطرار المعارضة للتنازل : مأزق المعارضة يكمن بأن الاستجابة للسلطة على بياض يؤدي إلى نتيجة قاتلة وهي الموت السياسي أو فقدان مبرر وجودها، وبالتالي تشعر أن ليس عندها ما تخسره، وليست بعيدة عن تبني مقولة علي وعلى أعدائي، وبالتالي فإن رصيدها الشعبي سيتحول إلى الصفر بمجرد قبولها شروط السلطة، وهي إنما تتصلب على اعتبار أن الحل بيد الحزب الحاكم الذي بيده الدولة والسلطة وهو مسؤول عن الحفاظ عليهما وعلى نفسه.

المطلوب : لا بد من مرونة تحقق للمعارضة شرط المنافسة الحقيقية وحسب، بينما لن تخسر السلطة سوى مسالة الأغلبية الخاصة، وباعتقادي فإن السلطة عليها أن تضحي بهذه الأغلبية مقابل استمرار الدولة.

إن خيارين سيئين يلوحان في الأفق ينتظران اليمن، وهما خيار المواجهة وانهيار الدولة، كما هو النموذج الصومالي، أو خيار المواجهة والحفاظ على الدولة، ولكن بسفح نهر من الدماء، كما هو حال النموذج الجزائري، مع فارق أن الدولة الجزائرية لها مقومات اقتصادية كبيرة جدا ساعدها على التغلب والصمود وتجاوز المصيبة ولا تزال آثارها قائمة لم تنته بعد 18 سنة من العنف الداخلي، والمجتمع لم يتعاف منها حتى الآن، ونحن في اليمن لنتذكر المواجهات الداخلية في الشمال سابقا بين الدولة والجبهة الوطنية الديمقراطية التي شكلت عبئا اقتصاديا وتنمويا وعائقا نهضويا على الوطن ولم تحسم القضية عسكريا بل بالحوار.

وبدلا من السماح لأنفسنا أن ندخل في أحد الخيارين بإمكاننا البحث عن بديل ثالث وهو الحوار وتسوية الملعب السياسي بحيث يخرج الجميع رابحين :

الحزب الحاكم يربح ببقائه متقدما سياسيا ومحتكرا للسلطة فقط وهذا حقه مقابل رفع يده عن السيطرة على الدولة والنظام السياسي باعتبار أن الكل شركاء فيهما، والمعارضة تتقدم سياسيا بالفوز الانتخابي الذي يمكنها من المشاركة في صياغة القرار السياسي عبر الرقابة البرلمانية والتشريع القانوني وهذا حقها.

إن ارتفاع رصيد المعارضة في البرلمان إلى مائة عضو هو رصيد كاف بالنسبة لها، وفقدان الحزب الحاكم للأغلبية الخاصة واحتكاره للسلطة أيضا هو خيار أفضل من الاستفراد (على الدولة والنظام السياسي والسلطة السياسية) الذي يدخله في مواجهة مع قطاع واسع من شرائح المجتمع الموالية لأحزاب المعارضة والشرائح الصامتة والمترقبة.

الحل يكمن بيدهما معا: الحزب الحاكم بالتخلي عن الأغلبية الخاصة ليس عن طيب خاطر وإنما بمشاركة انتخابية شفافة ستخرجه من الأغلبية الخاصة حيث الاحتكار الشمولي إلى ألأغلبية المطلقة التي تسمح له باحتكار السلطة ، ولحل هذا اللغز أشدد على أن المخرج الممكن هو المناقشة العلنية لإمكانية التجديد الانتخابي للرئيس علي عبد الله صالح في الترشح لفترة ثالثة في العام 2013 مقابل إقرار قانون انتخابي يرتضيه الجميع.

إن الهدف النهائي لهذه التنازلات هو الحفاظ على الذات أولا ( سلطة ومعارضة) وعلى الوطن ( أمة وجغرافيا وتاريخ وهوية وعيش مشترك) وانجازات محسوبة للرئيس علي عبد الله صالح.

إننا أما سياسة الاضطرار وليس سياسة الممكن ، فسياسة الاضطرار تتجلى في ظل أزمات وصراعات خطيرة ، بينما سياسة الممكن تكون في الظروف العادية حيث يكون الملعب السياسي وقواعد اللعبة السياسية متاحة للجميع ومحل رضا. قد لا اتفق مع سيادة الرئيس علي عبد الله صالح بنفيه وجود أزمة سياسية. لماذا لا نسمي الأشياء بمسمياتها ليسهل علينا معالجتها وتشخيصها وفهمها وعدم الوقوع بالأخطاء القاتلة، ألا تعبر هذه المؤشرات عن أزمة : حرب صعدة، والحراك الجنوبي مهما كان ثقل من يتحركون فيه، والصراع السياسي مع أحزاب المعارضة، والأزمة الاقتصادية العالمية وأثرها على اليمن، مع العلم بأن اليمن تعاني من أزمة اقتصادية بدءا من شح الموارد وتناقصها منذ قيام الوحدة اليمنية، والعبء المكلف لعملية التوحد التي كلفت ألمانيا عندما توحدت نصف ترليون دولار. إذا كانت هذه الأحداث ليست أزمة فما هي الأزمة إذا ؟.

عودا إلى سياسة الاضطرار: لقد مارس اليمنيون بعد الوحدة سياسة الاضطرار بعد انتخابات 1993 حين ظهرت بوادر الأزمة السياسية بين الحزب الاشتراكي والمؤتمر الشعبي العام وهما الشركاء في الوحدة والسلطة، وتجلت سياسة الاضطرار السياسي بقبول الطرفين على مضض بالتوقيع على وثيقة العهد والاتفاق في العاصمة الأردنية عمان ( فبراير 1994) وعندما فشلت سياسة الاضطرار انتقل الصراع من السلمي إلى العسكري الذي أنتج حرب 1994خسرت فيه اليمن إنسانيا دماء ومواجع، وخسرت اقتصاديا وإقليميا وحدوديا، وبدون تلك الحرب لم يكن اليمن ليوقع مع السعودية اتفاقية الحدود وإلغاء اتفاقية الطائف والتنازل عن الأرض دون مقابل.

أخشى إذا لم يقبل الطرفان سياسة الاضطرار حفاظا على اليمن أن نخسر حضرموت والمهرة وشبوة لصالح المطامع السعودية في اليمن وتدخل البقية الباقية من اليمن في أتون حرب أهلية واستمرار اللادولة. لنفكر معا من أجل اليمن أولا وأخيرا، وسنربح في ظلالها مصالحنا الخاصة.

د. فيصل الحذيفي

hodaifah@yahoo.com