عم عبدالملك الحوثي يعترف بالوضع الحرج الذي تعيشه قيادات الصف الاول ويحذر من مصير بشار الأسد العالم مدهوشا ... الكشف عن مقبرة جماعية تحوي 100 ألف جثة على الأقل بسوريا دولة عظمى ترسل أسطولاً بحرياً جديداً إلى خليج عدن لحماية سفنها التجارية لوكمان يتربع على عرش الكرة الافريقية أول تحرك عاجل للبنك المركز السوري لكبح انهيار الليرة منظمة الصحة العالمية تعلن للعالم.. الأوضاع شمال قطاع غزة مروعة أردوغان يكشف عن الدولة الوحيدة في العالم التي هزمت داعش على الأرض عاجل إجتماع رفيع المستوى مع سفراء مجموعة بي 3+ 2 وبحضور كافة أعضاء مجلس القيادة الرئاسي قيمتها 4 ملايين دولار.. ضبط كميات كبيرة من المخدرات كانت في طريقها لمناطق الحوثيين طهران تايمز تحذر الحوثيين .. أنتم الهدف الثاني بعد بشار الأسد
يستوقفني كثيرا الفهم المغلوط لمعنى السياسة, والتي هي عبارة عن الحقل الذي يقتحمه القائمون بشكل أو بأخر على شؤون الحكم أو المهتمين بأي جانب من جوانبه, ويبدو أن اقتحام هذا المجال قد صار مطلباً للجميع, فالتاجر صار يستخدم قوة المال لاقتحام تحصينات السياسة, وسرعان ما ينجح في اكتساب تأييد الآخرين ليس بالتأثير العاطفي فحسب أو باستخدام الكاريزما الشخصية أو الخطابية, وإنما بتجنيد المال لشراء الإعجاب والشهرة وتحسين الصورة أمام جمهور الناس, وتراه ينجح بصورة سريعة كونه يستخدم المادة التي عزت على الكثيرين وهي المال, ولكنك تجد هذا السياسي التاجر يعتمد في تكوين مواقفه السياسية على حسابات الربح والخسارة, ولذا تراه يرفض تأييد السياسات التي تقلم أظافر أصحاب المال والأعمال وينبري للدفاع عن مبادئ الديمقراطية والاقتصاد الحر, وهو يعلم تمام العلم بأنه يستطيع في هذا المناخ "الديمقراطي الحر" أن يسيطر أكثر ويجني أكثر ويكون بمأمن من المساءلات الراديكالية (من أين لك هذا).
ولكن أليس من حق كل فرد أن يسعى إلى تحقيق الكسب الشخصي ما دام لا يخالف الأنظمة والقوانين, والإجابة نعم إنما الكسب السياسي يجب أن يمارسه السياسي بالأدوات السياسية وهي لا تتعدى ممارسة فن التأثير على الناس وإقامة المهرجانات وتدبيج المقالات والكتابات والاجتماعات مع جمهور الناخبين وعقد الندوات والمؤتمرات وإصدار الكتب والبرامج الحزبية والنشرات والصحف الحزبية, حيث إنها أدوات يمكن أن يمارسها السياسي "الفاضي والمليان", أما أن يقوم السياسي التاجر باحتكار السلطة واحتكار تقديم المشروعات العامة لمؤيديه, مع منعها عمن لا يؤيده, فهذا استخدام فاضح لآلة المال, حيث أن بعض مقتحمي السياسة من التجار يشترون الذمم الانتخابية ويستخدمون الآلة الإعلامية من صحف وقنوات فضائية ومواقع انترنت من أجل تلميع صورهم وضرب خصومهم, ولذا فأكاد أجزم أن التجارة والسياسة لا ينسجمان, ومع تقريري لهذه الحقيقة أدرك تماماً إني أقول ما يجعلني أبدو سابحاً بعكس التيار, حيث إن السياسة والأعمال في عالمنا أصبحا صنوان متلازمان, ولكن عزائي أن هذه الحقيقة نبعت من السياسة في العالم الغربي (العالم المادي), والذي تقوم دوله على ضرائب الشركات والتجارة, فيما الوضع مختلف في عالمنا العربي, حيث إن إيرادات دولنا عبارة عن ثروات طبيعية ليست بيد تاجر أو شركات أعمال, وإن كانت قد بدأت تزيد من نسبة إسهامها في الموازنات العامة.
ويمكن أن نبني على ما تقدم إن التجارة مهنة مثلها مثل أي مهنة حيث تميز صاحبها, ولكن ما نخشاه من أصحاب هذه المهنة أن يستمروا في التعامل مع قضايا الوطن من منطلق الربح والخسارة, فقد انتشرت عادة سيئة في وقتنا الحالي حيث يعمد التجار إلى اقتحام ميدان السياسة واستخدام المناصب التي يتمكنوا من الوصول إليها أو المقاعد التي يشغلونها في المجالس النيابية وذلك لتحقيق مزيد من الأرباح والمكاسب تصب كلها في خانة شركاتهم ومجموعاتهم.
الأمر الذي يثير الفزع أن ينظر الجميع إلى السياسة من وجهة نظر بعض هؤلاء التجار, من حيث السعي الحثيث لتحقيق هذه الأرباح المادية, حيث نلاحظ في ظل محاولة الحكومة لعدم فقدان الشارع الذي تهدد المعارضة باستمالته إليها عن طريق الدعوات إلى الإصلاح والقضاء على "الفساد", نلاحظ إنها تقوم بالاستجابة إلى "الضغوط المؤدبة" والتي تتمثل في معالجة أوضاع صحفيين مقابل أن يسلموا الحكومة شر أقلامهم, واستمالة مفكرين مقابل عدم استخدام تأثيرهم في تشويه صورة الحكومة, واستمالة الشخصيات الاجتماعية التي يمكنها الانتقال بسلاسة من صفوف أنصار الحكومة إلى صفوف المعارضة بدون خجل, ولا شك أن كل هؤلاء يقومون بابتزاز الحكومة عن طريق الأقلام والألسن والمواقف ويبقى الخاسر الوحيد هو الوطن, حيث يمكن للصحفي الذي يسب الحوثيون أن يتحول إلى متباكي على الحوثيين "أبناء هذا الوطن" إذا لم يتم تسليمه منصباً أو تم قضاء بغيته, ويصبح الأستاذ الجامعي مثل حنفي الجامع يمكن لأي شخص أن يفتحه ويمكن أيضاً لأي كان أن يغلقه, وأصبحت الشخصيات الاجتماعية ترتهن لمن يلبي طلباتها من توظيف وتجنيد وترقية وحوالات وتذاكر, وبمجرد أن يوصد باب دونهم تراهم يجأرون بمن يمارسوا الفساد والمجاملة والعصبية القبلية والمناطقية, وترى إبن المناطق الجنوبية من هؤلاء يزأر بالظلم الواقع على رؤوسهم, وترى أبناء المناطق الساحلية يتهمون السلطة بعدم احترامهم مثل غيرهم, وترى أبناء محافظة العز تعز يصيحون بأنهم مهمشون, وترى أبناء القبائل من حاشد وبكيل ومأرب يتهمون الدولة بأنها مقصرة معهم رغم أنهم السباقون إلى الدفاع عن اليمن ووحدته وبلادهم هي بلاد الخير, ...الخ.
واعتقد أن هذه الاتهامات لها ما يبررها إضافة إلى أن الحكومة قد استمرأتها وتعاملت معها دون أن تضع حداً لمن يقوموا بابتزازها من تجار وصحفيين وأساتذة جامعة, ويحضرني كثير من الأمثلة لأناس كانوا يحسبون على المعارضة ويتحدثون ليل نهار عن الفساد الذي تعيشه اليمن, ولكنهم ويا للأسف لما تقلدوا مناصب كبيرة مارسوا الفساد بأبشع صوره, وأصبحوا يسبحوا بحمد الحكومة ليل نهار, بحيث إن البسط والسذج رأوا في تعيينهم دليلاً على أن الحكومة تخضع لمن يبتزها وتحترم من يجاهر بمخالفتها, حتى إن البعض ممن يلتمسون للحكومة المعاذير في سياستها أصبح يفكر في الالتفاف من باب الابتزاز لكي يدخل إلى قاعة التشريفات, وهذا يجعلنا نفكر في البون الواسع الذي أصبح يفصل بين السياسة والوطنية, فما صارت لهذه المصطلحات معاني محددة وواضحة, فالكل أصبح يمارس السياسة, ليس التاجر فحسب, بل الشيخ, والعامل, والموظف, والمدرس في مدرسته, والأستاذ في جامعته, والصحفي في صحيفته, والإمام في جامعه, والمرآة في خدرها, حتى اللاجئ في مخيمات صعده تراه ينتحل شخصية السياسي بحيث تزيد حصته من مآكل ومشرب وفرش للنوم.
يجب على الحكومة أن تعامل الناس بحسب معيار عز استخدامه في حاضرنا, وهو معيار الوطنية, وهو معيار سهل يمكن بواسطته أن نقدر عالياً من يناصر الوطن وقضاياه, ونحاول أن نفهم وجهة نظره, أما من يضع العربة أمام الحصان, ويجعل هدفه أن ينتقد الحكومة ليس إلا لمجرد الانتقاد ويسب موظفيها ويتهمهم بأقذع الصفات, فيجب أن يُحتقر ولا يلقى له بالاً, حيث إن الابتزاز هو من أحط الصفات وأسوء الأخلاق, ومرتكبي هذا المرض العضال هم من يجب أن يخافهم أبناء اليمن, فما هم سوى تجار شر يريدون أن يبيعوا شرهم مقابل الحصول على مكسب وهو الوظيفة العامة, رغم أن الوظيفة العامة ليست مطمع, ولا يمكن لعاقل أن يجهد نفسه للسعي وراءها إلا إذا كان ممن يسعون وراء الكسب غير المشروع, فمن المعروف أن شاغلي الوظيفة العامة مستورين الحال, وليس لديهم دخل يجعل خالي البال يسعى وراءه, وأنا طبعاً لا أقصد من يكسبون بالطرق غير المشروعة.
إن صفة التاجر السياسي صفة يحملها الكثيرين ولكن لا تظهر بصورة واضحة إلا حينما يتم إقصاءه أو استبعاده من وظيفة أو مشروع أو منصب يشغله, حيث تراه يتحدث عن الفساد المستشري وعن الجهود التي كان يزمع بذلها للقضاء على الفساد لولا أنه تم معاجلته بالعزل, وتراه في المقيل يتحول بصورة فجة وغريبة من الدفاع عن الحكومة إلى التهجم عليها, وكمثال على السياسي التاجر يحضرني احدهم كان يتهم رئيس الجمهورية بالخيانة العظمى على إيقاف الحرب في صعده قبل القضاء على الحوثي والمفارقة أنه انبرى بداية الحرب السادسة للمطالبة بإيقاف الحرب ضد الحوثي كون الحوثي هو من أبناء اليمن, وكأن الحوثي لم يكن يمنياً عندما اتهم قبل الحرب رئيس الجمهورية بالخيانة العظمي.
ما أتمنى أن يحسن تدبره من كل طامح وطامع أن الأخلاق والمثل والمواقف المبنية على أساس مصالح اليمن وعدم التفريط فيها, والوطنية النزيهة الصادقة القائمة على أساس حب الوطن, هي أحسن سياسة, يجب أن يتم إتباعها, لان المواقف المتناقضة لا تقود سوى إلى فقدان احترام وتقدير أبناء هذا الوطن الذين هم من التمييز والفهم والتبصر بحيث يميزوا بين الغث والسمين, ورغم بساطة الشعب اليمني فإني اجزم بأنه أذكى شعب, حيث يتظاهر بتصديقه لأصحاب المشاريع السياسية - التجارية إما أدباً وإما لقضاء مصلحة وقتية, ولكنه عندما يختلي بنفسه وفي يده ورقة اقتراع فإنه ينتقم من كل هؤلاء الذين لا يحترمون ذكاءه وفطنته.