آخر الاخبار

بعد سيطرتها على حلب وكامل إدلب.. قوات المعارضة السورية تتقدم نحو حماة .. انهيارات كبيرة لقوات النظام مؤتمر في إسطنبول يناقش السرديات الإعلامية الدولية حول اليمن ويطرح رؤى جديدة لتصحيح الصورة النمطية مليشيا الحوثي تفرض جمعية تعاونية على المواطنين في الضالع. مليشيات الحوثي تجبر طلاب المدارس على الطواف حول مجسم الهالك حسن نصر الله .. احياء تقديس الاصنام - فيديو اختتام بطولة الشهيد حسن فرحان بن جلال لكرة القدم بمأرب. قوات دفاع شبوة تعلن ضبط خلية حوثية في مدينة عتق وتتوعد بالضرب بيد من حديد الفريق علي محسن: علم الاستقلال في 30 نوفمبر هو ذات العلم الذي يرفرف في كل ربوع اليمن علما للجمهورية الموحدة بن عديو: على مدار التاريخ كانت عدن مطمعا للغزاة وفي ذات الوقت كانت شعلة للثورة والمقاومة والانتصار التكتل الوطني للأحزاب يوجه طلبا لكافة القوى السياسية والجماهيرية في اليمن كيف حصل الملف السعودي على أعلى تقييم لاستضافة مونديال 2034؟

صناعة الإرهاب
بقلم/ د.رياض الغيلي
نشر منذ: 17 سنة و 11 شهراً و 3 أيام
الأربعاء 27 ديسمبر-كانون الأول 2006 07:59 ص

كلما حاول نظامنا الرشيد إغلاق بابٍ من أبواب الإرهاب فُتحت أمامه أبوابٌ أخرى ، ذلك لأن للإرهاب مسببات ، ولفلان من الناس دوافع تجعله يلتحق بقافلة الإرهاب ، والأجهزة الأمنية التابعة للنظام تستخدم في حربها على الإرهاب –حسب زعمها- أساليب أكثر إرهابيةً وأكثر وحشيةً تطال المواطن وذويه وأصدقاءه وجيرانه وهو لا زال في دائرة الاشتباه ، ولعل أبرز تلك الممارسات الإرهابية التي تنتهجها الأجهزة الأمنية : 1. التجسس على التحركات ، والتنصت على المكالمات والاتصالات والأحاديث ، وتحليل الآراء والأنشطة بأسلوب استخباراتي يُشعر المواطن بالضيق والحصار والكبت والخوف . 2. وضع كثيرٍ من الناشطين السياسيين والحقوقيين والصحفيين في القائمة المشؤومة (القائمة السوداء) ومنعهم من السفر للخارج ، وإيقافهم في المطارات ، واحتجازهم بدون مبررات . 3. الملاحقات الأمنية التي تتحول في كثيرٍ من الأحيان إلى حرب عصابات في شوارع المدن المكتظة بالمارة والسكان ، وغالباً ما يذهب ضحية هذه الملاحقات من لا ناقة لهم ولا جمل من المارة والسكان ليُجروا قسراً إلى قوافل الإرهاب عندما تضيع دماؤهم دونما أي جريرة .

4. اقتحام المنازل فجأة في هدوء الليل بطريقة (المارينز الأمريكي) لاعتقال مواطن في دائرة الاشتباه ، هذه الطريقة الوحشية في الاعتقال التي تروع النساء والأطفال وتترك في نفوسهم جرحاً عميقاً قد يجرهم ذات يومٍ إلى قوافل الإرهاب بدافع الانتقام ، هذه الطريقة الإرهابية في الاعتقال جديدة على مجتمعنا ، وغريبة على قيمنا الدينية والاجتماعية ، ومخالفةٌ لأعرافنا ودساتيرنا السماوية والوضعية . وهنا أتساءل : هل يمكن أن يتواجد إرهابيٌ في منزله وسط النساء والأطفال ويلبس ملابس النوم ليستحق الاعتقال بهذه الطريقة ؟ هذه الطرق الإرهابية لا

 تصلح في وسط الحارات والأحياء السكانية وإنما نسمع عنها ونقرأ أنها تحدث للمختبئين في الثكنات والكهوف وقمم الجبال وخلف أسوار المزارع البعيدة . 

5. الاعتقال التعسفي لعدة أشهر أو لعدة سنوات لمجرد التحفظ الأمني أو لأسبابٍ واهية ، أو لمجرد الاشتباه ، ويكفي أن يُذكر اسم مواطن في أي محضرٍ من محاضر التحقيق (حتى ولو بخير) ليُعتقل بطريقة تعسفية غير دستورية ولا قانونية ، ويُقذف في زنزانة ضيقة لعدة شهور . 6. الاختطاف الوحشي على طريقة (المافيا الدولية) ، ومن ثمَّ الإخفاء القسري ، وإنكار العلم بالخاطف والمخطوف ودوافع ومكان الإخفاء ، ليتضح بعد أيامٍ أو أسابيعٍ أو أشهرٍ أن الخاطف هو الأمن ، وأن مكان الإخفاء هو الأمن ، وأن دوافع الإخفاء أيضاً (دوافع أمنية) . 7. التعامل الوحشي مع المعتقل أثناء التحقيق معه بعصب عينيه ، وتقييد يديه ، وانتهاك إنسانيته أثناء التحقيق بالضرب والشتم والتهديد ، وإرهاق ذاكرته بالتحدث عن دقائق حياته منذ ولادته حتى مماته ، واستفزاز مشاعره بالسؤال عن ذويه وأصدقائه ، إخوانه وأخواته ، أعمامه وعماته ، أخواله وخالاته ، أسماءهم .. عناوينهم .. أعمالهم .. حالاتهم الاجتماعية .. عدد أولادهم وأسماءهم ...إلخ ليمتد التحقيق ساعات طوال في أبشع تعذيبٍ نفسي وجسدي . 8. تعذيب المعتقل نفسياً من خلال :

- عزله في زنزانة انفرادية لعدة أشهر ، وإخفائه من أسرته ومنعهم من زيارته أو الاتصال به حتى يشعر المعتقل أنه في عداد المنسيين والأموات لا يعلم ماذا حل بأسرته خاصةً إذا كان هو العائل لهم ، ولا يعلم ما تفعل أسرته من أجله .

- حجب الأخبار عنه ومراقبته أثناء الزيارة عندما يسمح له بالزيارة ، وذلك لمنعه من التحدث لأهله عما يحدث له من تعذيب وتنكيل ، وحتى لا يسمع أنباءً تسره عن وضعه ومستقبله كمعتقل .

- تلفيق الاتهامات الكاذبة إلى درجة قد يصدقها المعتقل مما يؤدي به إلى الهذيان أو الجنون أو محاولة الانتحار .

- إلزام السجانين بالقسوة في التعامل والغلظة في القول مع المعتقل وسبه وشتمه وضربه إن رفع صوتاً أو طلب شيئاً .

- إهمال المعتقل لعدة أشهر دون تحقيق أو توجيه اتهام أو محاكمة أو إطلاق حتى يحلم بأن يستدعى يوماً للتحقيق لكسر الشعور النفسي داخله بأنه أصبح في عداد المنسيين . 9. تعذيب المعتقل جسدياً -خلافاً لأنواع التعذيب أثناء التحقيق- من خلال :

- الضرب بأنواعه إذا رفع صوتاً أو أظهر تبرماً أو طلب حقاً .

- الحرمان من أهم متطلبات الحياة اليومية كالملابس وأدوات الكتابة وأدوات الحلاقة والنظافة ، والاختلاط بالآخرين ، والخروج إلى دورة المياه في غير المواعيد المحددة والمحدودة ، ...إلخ .

- تقديم الأكل الرديء الذي لو قدم للحيوانات لتعففت من أكله ، والذي يسبب للمعتقل أمراضاً متعددة كالإسهال ، والانتفاخ ، والأميبيا الحادة ، والحموضة المزمنة ، وتسوس الأسنان ، والتهاب اللثة .

- حشر المعتقل إما في زنزانة ضيقة أو في غرفة جماعية مكتظة بالزحام تحد من حركة المعتقل وتحبسه في وضعية معينة تسبب له أمراضاً مزمنة كالبواسير ، والتهابات المفاصل ، والعمود الفقري ، وحساسية الجلد ، وانتقال الأمراض المعدية كالجرب والقمل والزكام .

- حرمان المعتقل من الشمس والرياضة إلا لعدة دقائق في الأسبوع مما يؤدي إلى إصابة المعتقل بضعف النظر ، والتعفن .

- حرمان المعتقل المتزوج من الخلوة بزوجه لعدة أشهر أو لعدة سنوات ، مما يؤدي إلى أمراض مزمنة في الجهاز التناسلي كالتهاب البروستاتا ، وقد يؤدي إلى العقم بسبب ضعف الحيوانات المنوية التي يُحرم جهاز إنتاجها من النشاط الجنسي إضافة للمثبطات الجنسية التي تضاف إلى الأكل .

- حرمان المعتقل من غسل جسده سوى الوضوء ، وحرمانه من تبديل ملابسه في الأسابيع الأولى من اعتقاله حتى تتعفن ملابسه . 10 . وأخيراً إزهاق الأرواح بدمٍ باردٍ أثناء الملاحقات والاعتقالات واقتحام المنازل كما 

 حدث مؤخراً في مسيك ، وكما حدث من قبل في أكثر من حالة . كل هذه الممارسات الإرهابية تجري بدعوى (محاربة الإرهاب) يُداس من خلالها على الشرع والدستور والقانون والعرف والتقاليد ، ويُحط من كرامة المواطن وآدميته ، فتولد إرهاباً على الإرهاب ، وتزيد من تفاقم المشكلة ، وتسهم في استشراء المرض حتى يتحول إلى داء مزمن يصعب علاجه ، ويصدق في هذه الممارسات المثل القائل (وداوها بالتي كانت هي الداء) . لا أدعي أن هذه الممارسات وحدها هي التي تزيد من استفحال الإرهاب ، فهناك أسباب أخرى ، ربما تكون أكثر دافعية لتبني الفكر الانتقامي الذي يسمى (الارهاب) ولعل من أهم هذه الأسباب : أ‌. الفقر والبطالة والحرمان الذي يدفع بالمرء للالتحاق بقوافل الإرهاب لسد جوعه ، وإشباع حاجاته ، وتحقيق رغباته ، فالمعتقلين والسجناء سواءً المتهمين بالانتماء للقاعدة أو المتهمين بتهم جنائية مختلفة معظمهم شباب عاطل عن العمل ، ينتمون إلى أسر فقيرة معدمة محرومة ، وجدوا في محاضن الإرهاب ملاذاً من الفقر والجوع والحرمان . فالشباب عندما يجد نفسه عاطلاً عن العمل ، يمر به قطار العمر ، طموحه متوقف ، في الوقت الذي يرى فيه آخرين قفزوا على ثروات الوطن فأجهزوا عليها نهباً واستنزافاً ، ليس أمامه في هذه الحالة إلا خيارين أحلاما مر : إما الالتحاق بالعصابات الإجرامية المنظمة أو الالتحاق بالتنظيمات المسلحة . ولأن نظامنا فشل في الحد من اتساع الفقر فقد تفاقم الإرهاب ، وهذه نتيجة حتمية ، فالمجتمعات التي يتسع فيها الفقر يتسع فيها الإرهاب ، وعلى العكس من ذلك ترى المجتمعات التي يقل فيها الفقر يقل فيها الإرهاب ، فدولة الإمارات ودولة قطر اللتان سجل فيهما الفقر الرقم (صفر) لم تُسجل في أي منهما أي حادثة يمكن تصنيفها في خانة (العمليات الإرهابية) !! ب‌. الظلم الاجتماعي ، فهناك تسيُّد من قبل أناسٍ لا يمتلكون أي مؤهلات للسيادة أو النفوذ سوى الإرهاب والسلب والنهب والبسط والتهديد والغش والتدليس ... أناسٌ لا زالوا يعيشون في زمن "السيد والعبيد" ... إقطاعيون يصادرون الحريات ، وينهبون الممتلكات ، ويهتكون الأعراض دون وازعٍ ديني ولا قيميٍ ولا إنساني ، ودون خوف من سلطان ، ودون رادعٍ من قانون . إن أي مواطن يقوم شيخٌ أو نافذٌ أو جهةٌ بحجز حريته ، أو انتهاك عرضه ، أو حط كرامته ، أو جرح إنسانيته ، أو سلب حقه ثم لا يجد ناصراً من دولة ، ولا عوناً من مجتمع ، سوف تنمو في داخله قنبلة مدمرة يزداد مداها كلما سُدّت في وجهه أبواب العدالة ، وكلما صُمّت من سماع صوته آذان الحق ، فيتحول هذا المواطن إلى إرهابي من الدرجة الأولى .

- فمن يلوم مواطن الحسينية (درسي) إذا تحول إلى إرهابي ؟

وهو الذي انتهكت آدميته ، ودِيست كرامته ، وهتك عرضه من قبل إقطاعي متوحش لا يشكل أي قيمة أو إضافة لمجتمعنا تستحق السكوت عنه وعن أمثاله من ذئاب الغاب الخارجة عن نطاق الدستور والقانون .

- ومن ذا يلوم المواطنة المجروحة (أنيسة أحمد) أن تتحول إلى إرهابية ؟ وهي التي اتهمت زوراً وبهتاناً ، واعتقلت لتسعين يوماً ، ذات خلالها صنوف العذاب والمهانة والإذلال من قبل جهازٍ يُفترض فيه أن يكون حامياً لأعراض الناس ومدافعاً عن إنسانيتهم ، يقف مع المظلوم ضد الظالم !!

- أو من يلوم طفليها (هارون ذي الأربع السنوات) (وريم ذات الثلاث سنوات) عنوان البراءة إذا نما فيروس الانتقام مع نمو عمريهما وجسديهما ليتحول إلى غول إرهاب ؟ وهما اللذان عاشا المحنة مع أمهما لحظةً بلحظة ، ويوماً بيوم ، شاهدا وذاقا ما ذاقت أمهما من العذاب والذل والقهر !!

- ومن يلوم أسرة الرديني بجميع أفرادها إذا صاروا إرهابيين ؟

وهم الذين تعرضوا في ساعاتِ (تنزُّلِ الرحمن) إلى الترويع والتخويف والتنكيل والاعتقال والقتل ، بغض النظر عن الدوافع والأسباب . إن المجتمع الذي تتحقق فيه العدالة ويضمحل فيه الظلم لا يمكن أن يشكل بيئة صالحة لنمو الإرهاب ، وصدق الله أصدق القائلين ( الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون ) . فيا قوم : قبل أن تحاربوا الإرهاب (حسب زعمكم) عالجوا نوازع الإرهاب في أنفسكم ، تخلصوا من ممارسة الإرهاب في أجهزتكم ، اقتلعوا أصنام الإرهاب من إقطاعياتهم .. إضمنوا لي مجتمعاً آمناً عادلاً .. خالياً من الفقر .. أضمن لكم مجتمعاً خالياً من الإرهاب . و(إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت ، وما توفيقي إلا بالله ).