رئيس لجنة الأحمر لمعالجة الثأر: 50 قضية ثأر تم حصرها بمحافظة حجة
بقلم/ مأرب برس
نشر منذ: 14 سنة و أسبوعين و 5 أيام
الأربعاء 10 نوفمبر-تشرين الثاني 2010 05:37 م

يظل مقياس ومستوى توحد وانسجام النسيج الاجتماعي لأي بلد من أهم وأبرز المرتكزات الأساسية التي تقوم عليها أمن واستقرار الدول ،وكلما اتسعت فجوة الاختلاف والتباين الطبقي المبني على أسس عنصرية صفوية كلما زادت من عمق التناحرات بين المجتمع التي تؤدي بدورها إلى اللاسلم وبالتالي ينتشر معها الخوف بدلا من الأمن ، الأمر الذي يؤدي إلى انهيار الحياة برمتها لغياب عنصر الأمن فيها .

قضية الثأر بين القبائل اليمنية والحروب التي تنفجر بين الفينة والاخرى بين القبائل شغلت حيزا كبيرا من حياة عدد من مناطق الجمهورية ومنها ما يجري في بعض مناطق المحافظة "حجة" من توسع لقضايا الثأر بين عدد من القبائل والتي بلغ عمر بعضها لأكثر من خمسين سنة لم تجد من يوقف سيل الدماء الذي تتسبب فيه رسميا أو شعبيا سوى تدخلات بعض القبائل المحيطة بها بين الحين والآخر التي لا تتعدى عمل صلح لفترة ثم تعود الحروب مجددا .

تلك القضايا وغيرها من القضايا الاجتماعية التي تعيشها المحافظة وتأثر النسيج الاجتماعي بالأحداث المحيطة به محليا ووطنيا وغيرها من المستجدات نتناولها في هذا اللقاء مع الشيخ ناصر ناصر دعقين رئيس الدائرة الاجتماعية للتجمع اليمني للاصلاح بحجة ورئيس فرع لجنة الشيخ الأحمر الخاصة بحل قضايا الثأر والحروب القبلية بالمحافظة ، الذي قال " قضايا الثأر والحروب قتلت العشرات من المواطنين وأعاقت المئات وشردت الأسر وأقلقت الأمن والسلم الاجتماعي والتغاضي عنها يزيد من تفاقمها"

مأرب برس /حوار/علي حسن:

*كيف تقيمون الوضع الاجتماعي لمحافظة حجة من مختلف الجوانب؟

- تعد محافظة حجة من أكثر المحافظات اتجاها نحو السلم والجنوح إليه ، كما أن ما يميز المجتمع فيها أن هناك انسجاما بين مختلف القبائل وفئات المجتمع إلى جانب وجود ما يسمى بالتكافل الاجتماعي بينهم بشكل جيد مقارنة بباقي مناطق الجمهورية ، إلا أن هناك نتوئات وممارسات سيئة من قبل البعض لا ترقى لأن تكون ظاهرة عند الأغلب .

ومما يؤسف له رغم هذه المميزات التي يمتلكها أبناء محافظة حجة إلا أن هناك من يعمل على إضعاف هذا التكاتف الاجتماعي وينخر في النسيج الاجتماعي المتناغم وهم للأسف يلبسون صفة رسمية من خلال ممارستهم بغرض إضعاف وإجهاض أي تكتل اجتماعي قبلي يريد خدمة المجتمع بصورة شبه مؤسسية على الأقل ، كما ان السلطة تعد غائبة حتى الآن عن دعم عدد من التوجهات الجيدة في هذا الإطار ، إلى جانب ما نلحظه من ضعف للسلطة في التخفيف من معاناة المواطنين سواء في غلاء المعيشة أو توفير فرص العمل أو غيرها من الجوانب التي تعزز البناء الإجتماعي المتناسق الآمن ، إلا أننا نؤمل في وعي المواطن بما يدور حوله من فساد وتبديد لثروات البلاد وعبث بقضايا الناس لما لقضية الوعي من أهمية في مساعدة الناس لحل كافة القضايا العالقة والتي بحاجة لحل كقضية الثأر ولنا في المبادرات الإيجابية الناجمة عن وعي الناس بأهمية التعاون بينهم ما قامت به بعض القبائل من مبادرات في حل بعض قضايا الثأر وإيقاف توسعها وأخرها إيقاف الحروب على الأقل وهي مبادرات إيجابية تستحق الإشادة في ظل تقاعس الجهات الرسمية والدولة عن حل هذه القضايا القبلية التي أثرت على النسيج الاجتماعي بشكل عام .

 

*قضايا الثأر.. يلاحظ ان هناك صمت رسمي وحزبي حولها وما يجري بين القبائل ،ما حجم هذه القضايا وما مخاطرها المستقبلية على المجتمع ؟

- لا يستطيع أن ينكر أحد ما يجري من قضايا ثارات قبلية في عدد من مديريات المحافظة والتي في مقدمتها(قارة ووشحة وكشر والجميمة )والتي تعد من أكثر المديريات المتأثرة بهذه الآفة الإجتماعية ، وأؤيدك الرأي بأن هناك صمت رسمي نوعا ما إلا أنه بدأت قيادة المحافظة في النظر لهذه القضايا مؤخرا من خلال تشكيل لجنة لمعالجة قضايا ثارات قارة برئآسة الوكيل المساعد للمحافظة الشيخ اسماعيل مهيم والتي أتمنى لها النجاح ، على اعتبار أن لتفاقمها عواقب وخيمة على السلم الاجتماعي ومعيشة الناس ، وللأمانة حققت هذه اللجنة بوادر نجاح أولية والتي منها قيامها بعمل صلح بين قبائل ذو مطر والسودة والتي خلفت الحرب بينهم حوالي إحدى عشر قتيلا إلى جانب أن اللجنة تواصل بقية مهامها بين باقي القبائل .

*ما أبرز الجهود التي بذلتها لجنة الشيخ الأحمر خلال الفترة الماضية منذ تأسست في هذا الشأن ؟

- حقيقة بدأت لجنة الشيخ عبدالله بين حسين الأحمر لإصلاح ذات البين بالمحافظة مهامها في النظر إلى قضايا الثأر بالمحافظة وذلك بالتعاون مع عدد من الوجهاء والشخصيات الاجتماعية وقد تم أولا حصر القضايا خاصة المعقدة منها والتي بلغت أكثر من خمسين قضية ثأر في عدد من المديريات ذهب ضحيتها عشرات القتلى معظمهم من الأبرياء كما خلفت مئآت الجرحى الذي أصبحوا معاقين في غالبيتهم إلى جانب ما زرعته من العيش بخوف وفزع للصغير والكبير ، وقد عملت اللجنة بعد ذلك على إيقاف الحروب في ثلاثة عشر قضية ثأر كانت قائمة بين القبائل –هذا منذ أن تأسست اللجنة العام الماضي – من خلال النزول الميداني إلى مناطقهم والتواصل المباشر مع الأطراف المتنازعة ومن ثم بدأنا في مناقشة أسباب الخلاف خاصة في القضايا التي بدأت مؤخرا بين القبائل وقد عملنا على حل بعض القضايا والآن نحن بصدد معالجة مختلف القضايا على واحدة واحدة والتي تتطلب وقت في حلها كما أن بعض القضايا بحاجة إلى إمكانات كبيرة قد لا تستطيع اللجنة توفيرها لكن الأمل معقود على كافة المتعاونين والخيرين في التعاون معنا في إيقاف نزيف الدماء الذي يذهب سدى ، ومن أبرز القضايا التي تم معالجتها من قبل لجنة الشيخ الأحمر(الخلاف الذي نشب بين محافظتي عمران وحجة في منطقة القمة والأشمور العام الماضي ، والخلاف الذي حصل بين بني جديلة من عمران والمغربة من حجة ، وإنهاء قضية ثأر بشكل نهائي كانت قائمة بين قبائل تابعة لمديريتي المفتاح والجميمة) وأمام مختلف القضايا التي تم إيقاف الحروب فيها أو حلها بشكل نهائي كان لنا تواصل مستمر مع الأخ المحافظ والوكيل الشيخ وليد شويط وغيرهم من قيادة المحافظة والذين ساهموا بشكل كبير في حل هذه القضايا ، إلى جانب الدعم والمساندة التي تلقاها اللجنة بالمحافظة من قبل لجنة الشيخ الأحمر بالجمهورية .

*كيف تقيم مستوى تفاعل المواطنين والجهات الرسمية والوجهاء مع ما تقوم به اللجنة من جهود ؟

- على المستوى القبلي نجد هناك مبادرات وتفاعل كما ذكرت سواء مع اللجنة أو فيما بينهم البين من قبل والناس في انتظار من يبادر في حل المشاكل العالقة بينهم ،والأصل في هذا الشأن أن تكون مسألة حل قضايا الثأر من أولويات واهتمامات الحكومة وقيادة المحافظة بحيث تضع دراسة شاملة لمختلف القضايا وحلول مناسبة تعمل على اجتثاث جذور المشاكل القبلية التي وسعت في ثقافة الثارات بين الناس ، ومن أجل توفير مناخ آمن يعيش في ظله المواطنين بأمان ، ونحن على استعداد للتعاون مع السلطة في وضع حد لسيل الدماء الذي يجري منذ عشرات السنين ولازال في استمرار ، ومن هنا أدعوا الحكومة وقيادة السلطة المحلية بالمحافظة إلى ضرورة الإسراع في معالجة هذه القضايا وتقديم كافة المعالجات اللازمة لها وترسيخ ثقافة سيادة القانون بين المجتمع من خلال تطبيق القوانين كل الكل دون تمييز او مجاملات ومحسوبية ومن أبرز ... وبالنسبة للجنة الشيخ الأحمر في اعتقادي أنها لا تستطيع حل كل القضايا لكن سنسعى لحل ما أمكن وقد حققت نجاحات في ذلك .

*مرت اليمن على مر السنوات الأخيرة بعدد من المشاكل والحروب والتي كان من أبرزها حرب صعدة ... هل لهذه الحروب من تأثير على النسيج الاجتماعي بالمحافظة ؟كيف تنظرون لذلك ؟

- بلا شك تأثر مجتمع المحافظة بهذه المشاكل والتي كان لها تأثيرات في زرع أبعاد طائفية وعنصرية بين المجتمع مما أثر سلبا على مستوى التكافل الاجتماعي إلى جانب تأثيرها على ثقة الناس فيما بينهم البين .

*ماذا عن إسهامات ودور الإصلاح ممثلا في دائرته الاجتماعية التي ترأسها في سبيل الحد من هذه الظواهر السيئة ؟

- مما لاشك فيه تواجد كوادر الاصلاح على مستوى واسع من مناطق المحافظة والذين من خلالهم يسهم الإصلاح بالمحافظة بشكل فاعل في إرساء عدد من القيم النبيلة وفقا لخطة وأهداف الإصلاح المنبثقة من روح ديننا الاسلامي الحنيف كما أن للاصلاح بالمحافظة دور في التكافل الاجتماعي وتعزيزه بين المجتمع من خلال عدد من المؤسسات الخيرية التي يديرها كوادره بصورة جيدة تعكس مدى شعورهم بمعاناة الناس في الأوضاع المعيشية الصعبة التي تعيشها اليمن ويشهد بذلك الواقع ، كما أن الاصلاح ومن منطلق المسؤلية الوطنية الملقاة على عاتقه ساهم بشكل كبير في لم شمل الصف الوطني وتوعية الناس بأهمية الالتفاف حول الوحدة الوطنية ودعم هذه التوجهات الوطنية وبالمقابل العمل على نبذ كل ما من شأنه زرع التفرقة والشحناء بين المجتمع .

*القبيلة ..برأيك في تركيبتها الاجتماعية الثقافية هل تعد عائقا أمام تطبيق القانون ؟

- نحن في محافظة حجة جزء من المجتمع اليمني الذي يغلب عليه الطابع القبلي إلا أن القبلية في اعتقادي على مستوى محافظتنا ذات طابع مدني أو تميل إلى التوجه المدني وتدعم القانون غير أن ما يجعل البعض من المناطق تلجأ لوسائل عنف او بعيدة عن القانون عندما لا يجدون من ينصفهم في مظالمهم أو حل لمشاكلهم التي يعانون منها ، ولنا في المواقف التي ضربها مشائخ المحافظة أثناء متابعتهم قضية بين نهشل خلال الفترة الماضية والتي اتسمت فعالياتهم المختلفة بالطابع السلمي المدني ولم يلجأ أبناء حجة لوسائل عنف أو ما شابه ذلك رغم ما واجه أسرة بين نهشل وأهالي خيران المحرق من ظلم وإجحاف من قبل الدولة والتي نتمنى أن ينظر لها بعين الاعتبار ، وأريد أن أشير هنا إلى أن نظام عرف القبيلة فيه من المميزات والإيجابيات الكثير والتي من شأنه مساعدة الدولة في إرساء النظام والقانون ، كما أؤكد بأننا في محافظة حجة لن نحيد عن النهج السلمي حتى يتحقق المجتمع المدني السلمي الآمن في ظل سيادة القانون والنظام على الجميع ، وأدعوا الدولة من هنا إلى التجاوب والاستجابة من أي نداءات سلمية للمواطنين حتى نعزز هذه التوجهات بدلا من تكريس ثقافة العنف والتمسك بغير القانون ..

*أخيرا ما أبرز المشاكل التي تعاني منها محافظة حجة ؟

- من أهم ما يعانيه المواطنين على مستوى اليمن بشكل عام وفي المحافظة على وجه الخصوص ضعف القضاء و الانفلات الأمني المنتشر في مختلف مناطق المحافظة مما يتسبب في تفاقم المشاكل وانتشارها واخر تلك المشاكل مشكلة بني دهشوش بالجميمة وبني عرجلة بصوير عمران التي راح ضحيتها 10قتلى و8جرحى الى الان ومازالت المشكلة تتسع وكذلك ضياع الحقوق وعدم الإنصاف ،لذا لابد من أن تقوم الجهات الأمنية بواجبها بحزم ، وفي اعتقادي بأن المحافظ مطالب في أن يعطي هذه القضايا أولوية من حيث الاهتمام بحيث يتم ضبط المتلاعبين من أفراد الأمن أو المسؤلين في المديريات والمحافظة ومحاسبة المخطئين والعابثين بأمن واستقرار الناس.