معركة زواج الصغيرة في سياق جدلية فقه الحرية وولاية الاستبداد
بقلم/ مجيب الحميدي
نشر منذ: 14 سنة و 7 أشهر
الخميس 29 إبريل-نيسان 2010 05:02 م

يرى كثير من المتابعين للجدل المحتدم في اليمن في الأشهر الأخيرة حول شرعية منع زواج القاصرات،أن هذا الجدل عديم الجدوى، ويرجح البعض أن هناك من يحاول استثمار الجدل لأهداف سياسية،لا سيما وأن الجميع يعرف أن الحزب الحاكم في اليمن يملك الأغلبية التي تخوله حسم هذا الجدل العقيم من وجهة نظرهم،وأنه يتلكأ في إصدار هذا القرار رغبة في توريط عدد أكبر من مشايخ الإصلاح،في الدفاع عن شرعية زواج القاصرات، ويؤكد آخرون وجود تحالف ما بين بعض مشايخ الدين وأرباب السلطة لشغل الرأي العام بهذه القضية وصرفه عن القضايا المطلبية الضرورية، ويستدلون ببيان بعض العلماء الذي تم تسليمه إلى الرئاسة الذي همّش القضايا المطلبية للمواطنين،وأشار إليها إشارة عابرة في ذيل قائمة البيان،الذي أكد بشكل أساسي على خطورة تشريع قوانين جديدة,وأهمها قانون تحديد سن الزواج، ومن الغريب أن يحتشد بعض علمائنا لإسقاط هذا القانون والحيلولة دون إقراره، ويهدد البعض بالمسيرات المليونية،مع أن هذا القانون أكد جواز تزويج الصغيرات في حالة وجود المصلحة المعتبرة، ومع أن عدداً كبيراً من علماء المدرسة السلفية وعلماء مدرسة الإخوان يؤكدون عدم شرعية زواج الصغيرة وشرعية منعه منعاً مطلقاً ورفض التقييد بالمصلحة، كما أكد ذلك ابن عثيمين والقرضاوي وابن منيع ومصطفى السباعي وغيرهم،ويتفق هؤلاء العلماء، مع ما ذهب إليه الأصم وابن شبرمة والبتي، في حين يذهب جمهور الفقهاء الذي يقولون بجواز تزويج الصغيرة إلى كراهته،وإلى ضرورة تقييده بالمصلحة المعتبرة،ويعتبرون أن تزويج الصغار بدون مصلحة، باطلٌ شرعاً ويؤكد الإمام الشوكاني شرعية منع الحاكم لتزويج الصغيرات بدون مصلحة،بل يرى أن هذا المنع واجب شرعي،فلماذ يصر بعض علماء جامعة الإيمان على منع الحاكم من أداء واجبه الشرعي؟؟ وهذا رأي الإمام الشوكاني في وجوب تقييد زواج الصغيرة بالمصلحة المعتبرة،وأنه يجب على الحاكم منع هذا الزواج يقول الشوكاني:\" أمّا مع عدم المصلحة المعتبرة، فليس للنكاح إنعقادٌ من الأصل،فيجوز للحاكم بل يجب عليها التفرقة بين الصغيرة ومن تزوجها، ولها الفرار متى شاءت،سواء بلغت التكليف أم لم تبلغ،ما لم يقع منها الرضا بعد تكليفها،\" إلى أن يقول\"فإن قلتَ:إذا كان تزويج الصغيرة غير منعقدٍ،فما حكم الوطء والولد إذا حدث بينهما؟قلتُ حكمه حكم النكاح الباطل...فمن أدعى أن غير هذا أولى منه فعليه الدليل؟\"(وبل الغمام على شفاء الأوام،ص33المجلد الثاني،القاهرة مكتبة ابن تيمية،الطبعة الأولى،1416ه،تحقيق محمد صبحي حلاق).

وهذا هو نص القانون الذي يرفضه بعض علمائنا مع موافتقه لأراء جماهير الفقهاء \" لا يجوز تزويج الطفل الذي لم يتم الثامنة عشرة من عمره ذكراً كان أو أنثى ما لم يكن في ذلك مصلحة للطفل يقرها القاضي\"

وهذا النص غير شرعي من منظور ابن عثيمين وغيرهم ممن يؤكدون أنه لا مصلحة في تزويج الطفل ،ويؤكدون على أهمية المنع المطلق،فتأملوا ذلك!!!

أنا شخصياً اتضح لي بعد الوقوف على نص التعديل الذي قدمته الحكمومة لتحديد سن الزواج،أننا كنّا ندافع عن مجرد وهم كبير،فالتعديل في حقيقته يجيز تزويج القاصرات وحتى الرضيعات،بذات المبرر الذي يستخدمه بعض الفقهاء-المصلحة المعتبرة-.وإنطلاقاً من هذه الحيثية فهو قانون غير شرعي،لأن المصلحة في تزويج الصغيرة مصلحة وهمية لا حقيقة لها،فضلاً عن كون هذا الزواج قائم على شرعية ولاية الإكراه والاستبداد،التي تتجاوز قوله تعالى(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا)وقوله عليه الصلاة والسلام(البكر تستأذن) وأي قانون يتعارض مع هذا الغهم لكتاب الله وسنة ورسوله فهو قانون غير شرعي-والله أعلم-،وليس هناك مصلحة في تزويج الصغيرة مطلقاً يقول ابن عثيمين رحمه الله:\"

\"أي فائدة للصغيرة في النكاح؟! وهل هذا إلا تصرف في بضعها على وجه لا تدري ما معناه؟! لننتظر حتى تعرف مصالح النكاح، وتعرف المراد بالنكاح ثم بعد ذلك نزوجها، فالمصلحة مصلحتها\". ( الشرح الممتع لزاد المستقنع ج 12 ص/57،58 ).

ويقول رحمه الله\"من يكره ابنته الصغيرة على الزواج برجل كبير من أجل المال فهذا حرام والصحيح أن النكاح لا يصح وأن هذا الرجل يطأها وهي حرام عليه والعياذ بالله لأن النكاح غير صحيح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنكح البكر حتى تستأذن وهذا عام للأب وغير الأب وفي صحيح مسلم أنه قال \"البكر يستأذنها أبوها\" وهذا نص في البكر ونص في الأب \"

إذا كان نص القانون الذي يرفضونه، يسمح بتزويج الطفل القاصر في حالة وجود المصلحة-حسب تأكيد النائب عارف الصبري- فأين هي المخالفة الشرعية لمذاهب جماهير الفقهاء،ومعظم المذاهب تقيد شرعية زواج الصغيرة بالمصلحة وتفتي بحق الحاكم في منع تزويج الصغيرة دون مصلحة، ويرى الشوكاني أن هذا المنع واجب عليه.

التعديل الذي قدمته الحكومة بالصيغة التي قرأناها في كتاب -النائب الصبري- تتفق مع ما ذهب معظم الفقهاء السابقون واللاحقون الذين قيدوا زواج الصغيرة بالمصلحة، ومنهم الإمام الشوكاني الذي يرى أن زواج الصغيرة لغير مصلحة باطل من أساسه!!!.

و هذه الصيغة لا ترقى إلى مستوى فقه ابن عثيمين وغيره من الفقهاء السابقين الذي يؤكد عدم وجود مصلحة معتبرة في تزويج الصغيرة، وأن العقد على الصغيرة غير شرعي لأنه قائم على ولاية الإكراه والاستبداد، ويؤكد ابن عثيمين أن من دخل على إمرأة معتمداً على أراء الفقهاء في ولاية الإكراه الخاصة بالصغيرة فقد دخل عليها في حرام والعياذ بالله!!. وأنا شخصياً ممن يعتقد أن مشروع الحكومة في التقنين غير شرعي لأنه يفتح الباب لتزويج الصغيرات تحت ذريعة المصلحة.

فما أسباب الثورة على هذا المشروع التقليدي الذي لا ينسجم مع فقه ابن عثيمين والقرضاوي الرافض لولاية الإكراه والاستبداد.

وإذا كان الدخول على المرأة في هذا الزواج يتضمن شبهة التحريم،حسب رأي ابن عثيمين وغيره من المعاصرين والسابقين، كان الأصل ألا تفتح الدولة باباً للوقوع في الفاحشة المقنعة، على الأقل من باب إتقاء الشبهة!!؟.

وإذا كان معظم فقهاء السنة والشيعة القدماء والمعاصرين يرون أن زواج الصغيرة مكروه مذمومٌ على إباحته، فلماذا لا تقوم الدولة بواجبها في منع هذا المكروه؟؟ فهذا الإمام النووي في شرح صحيح مسلم ينقل كراهية الشافعي وأصحابه لزواج الصغيرة قال النووي:اعْلَمْ أَنَّ الشَّافِعِيّ وَأَصْحَابه قَالُوا : وَيُسْتَحَبّ أَلَّا يُزَوِّج الْأَب وَالْجَدّ الْبِكْر حَتَّى تَبْلُغ ، وَيَسْتَأْذِنهَا لِئَلَّا يُوقِعهَا فِي أَسْر الزَّوْج وَهِيَ كَارِهَة\"( شرح صحيح مسلم ج5 ص128) ونقل ابن حجر احتجاج بعض الشَّافِعِيَّة على كراهية زواج الصغيرة بِحَدِيثِ \" لَا تُنْكَح الْيَتِيمَة حَتَّى تُسْتَأْمَر \" أي تبلغ السن الذي تكون فيه أهلاً للاستئمار، وزواج الصغيرة الثيّب محرمٌ في مذهب الإمام الشافعي وأصحابه، فهذا أبو الليث السمرقندي ينقل عن الإمام الشافعي قوله في الصغيرة الثيب\"\"وَإنْ كَانَتْ صَغِيرَةً، لَمْ يَجُزْ تَزْوِيجُهَا، حَتَّى تَبْلُغَ وَتَأْذَنَ؛ لاًّنَّ إذْنَهَا مُعْتَبَرٌ فِي حَالِ الْكِبَرِ، فَلاَ يَجُوزُ الاِفْتِيَاتُ عَلَيْهَا فِي حَالِ الصِّغَرِ\"\"

وينقل عن بعض علماءه الشافعية قولهم \"فَلَا يُزَوِّجُ الصَّغِيرَةَ الثَّيِّبَ حتى تَبْلُغَ لِعَدَمِ اعْتِبَارِ إذْنِهَا\"\" وجاء في الإقناع للشربيني\"\" فإن كانت الثيب صغيرة غير مجنونة وغير أمة لم تزوج سواء احتملت الوطء أم لا ( إلا بعد بلوغها وإذنها ) لأن إذن الصغيرة غير معتبر فامتنع تزويجها إلى البلوغ\"\" وجاء في حاشية ابن عابدين عن الصغيرة الثيب\"\"وعند الشافعي : أنه لا يجوز إنكاحها للحال ويتأخر إلى ما بعد البلوغ فيزوجها الولي بعد البلوغ بإذنها صريحاً لا بالسكوت،ولأن النكاح في جانب النساء ضرر قطعا\"ً.

وإذا ذهبنا بعيداً عن مذاهب أهل السنة وجدنا الشعية في أشهر مذاهبهم يؤكدون على كراهية تزويج الصغيرات، فهذا صاحب كتاب الكافي يؤكد إتفاق الإثنى عشرية مع الشافيعة في كراهية تزويج الصغيرات ويضع في باباً في كتابه تحت عنوان\" باب أَنَّ الصِّغَارَ إِذَا زُوِّجُوا لَمْ يَأْتَلِفُوا وجاء في كتاب\" وسائل الشيعة الي تحصيل مسائل الشريعة (الجزء الاول من المجلد السابع) \"باب كراهة زواج الصغار\" فزواج الصغيرة مكروه غير مستحب في حالة توهم المصلحة كما يرى ذلك جمهور الفقهاء، ومشروع القانون الذي قدمته الحكومة اليمنية إلى مجلسنا الموقر يتفق مع ما ذهب إليه جمهور الفقهاء في تجويز زواج الصغيرة لمصلحة يقدرها القاضي،مع كراهية ذلك، و زواج الصغيرة محرمٌ باطلٌ في حالة انعدام المصلحة كما يرى ذلك جمهور الفقهاء و كما أكد ذلك الإمام الشوكاني في وبل الغمام، وزواج الصغيرة محرمٌ في جميع الأحوال، كما يرى ذلك ابن عثيمين وابن شبرمة والأصم والبتي وغيرهم ممن لم نعلم أقوالهم، فإذا كان الأمر كذالك فما الداعي الشرعي لهذا الحشد وجمع التوقيعات و إخراج المظاهرات والتهديد بالمسيرات المليونية للمطالبة بإطلاق تزويج الصغيرة دون تقييده بالمصلحة، ونحن أن نعرف أن هذا الإطلاق محرمٌ عند جمهور الفقهاء؟ لماذا يحرص بعض علمائنا على إجبار الدولة على التشريع لارتكاب الحرام، ويرفضون ما أوجبه الإمام الشوكاني على الحاكم من منع لتزويج الصغيرات دون مصلحة،ويقدمون صيغة بديلة للتعديل الحكومي تتضمن الإذن بتزويج الصغيرة دون تقييد ذلك بالمصلحة،ودون الإشارة إلى إلى الإذن اعتماداً على ولاية الاستبداد،ودون إشارة إلى كون الصغيرة بكراً أو ثيباً،وفي إغفال هذه الإشارة،إهمالٌ لموقف الإمام الشافعي،في تحريم زواج الصغيرة الثيب،مع أن الملايين من اليمنيين يدينون بالمذهب الشافعي؟.

جميع هذه التساؤلات تؤكد أن الثورة المتأججة ضد مشروع تحديد سن الزواج غير طبيعية،وأن وراء الأكمة ما وراءها، ومع ذلك فإني لا أرى أن التشريع لتزويج القاصرات دون تقييد ليست مسألة ثانوية،لأن هذا التشريع لا يعد فقط إهداراً للطفولة،وتعريضها لمخاطر طبية واجتماعية متعددة.

فهو بالإضافة إلى ذلك تشريع لزواج باطل شرعاً كما يؤكد ذلك الإمام الشوكاني، و حسب رأي الشافعي في بعض حالات هذه الزواج\"القاصرة الثيب\"و حسب رأي ابن عثيمين والقرضاوي والسباعي وغيرهم.

الحاجة إلى إسقاط ولاية الاستبداد

وهذا التشريع يقوم أساساً على ولاية ابتدعها بعض الفقهاء ويسمونها \"ولاية الاستبداد وولاية الإجبار والإكراه\" وقد جاء الوقت لإسقاط ولاية الاستبداد.

وعندما نوافق على قيام الأسرة المسلمة على قاعدة الاستبداد والاكراه، فإن حياتنا كلها ستترتب على هذه القاعدة، فالمسألة مرتبطة بجدلية فقه الحرية والتوحيد، وهي في صميم المعركة مع فقه الاستبداد، السياسي والديني والأسري والانتصار لفقه الحرية الانتصار ،فقه \" لا إله إلا الله\"وإسقاط كافة أنماط الطاغوتية التي تتحكم بحياتنا.

نحن اليوم مطالبون بإحياء الدور الذي بذرته الخلافة العثمانية لإسقاط ولاية الاستبداد في مجلة الأحكام العدلية التي صاغها فقهاء الدولة العثمانية في عهد السلطان عبدالعزيزعام 1876م.وجاء في المادة(1572)ما يلي:\"لا يصح اقرار الصغير والصغيرة والمجنون والمجنونة والمعتوه والمعتوهة ولا يصح على هؤلاء اقرار اوليائهم واوصيائهم\"

التحديد القانوني للبلوغ:بالسن لا بالعلامات

يدرك جميع المختصصين أن مدار الخلاف الفقهي حول تحديد سن الزواج يتمحور حول شرعية زواج القاصرات، فإذا اتفقنا على شرعية منع زواج القاصرات واعترفنا بضرورة البلوغ حسب أدلة ابن عثيمين وغيره من الفقهاء المعتبرين، نأتي إلى كيفية تحديد البلوغ،والفقهاء يحددونه بطريقتين، العلامات أو السنوات، ومن المعلوم أن ضابط العلامات لا ينضبط، نظراً للتفاوت ولهذا يرى القانونيون أن يكون التحديد بالسنوات لا بالعلامات لأنه الأقرب إلى ضبط الناس وعدم النزاع.

و الفقهاء مختلفون في تحديد سن البلوغ وأقرب المذاهب إلى روح العصر هو المذهب الحنفي الذي حدد سن البلوغ والتكليف،ب18عاماًو17 عاماً للإنثى وذهب الشافعي ومالك إلى تحديد السن بخمسة عشر سنة وتوسط القرضاوي من المعاصرين فحدده بستة عشر عاماً وهو يرى أن هذا هو الأصوب والأنسب لمجتمعنا اليمني، أما التحديد بالعلامات فلم يعد مقبولاً في لغة القانونين والقضاء المعاصر الذي يحتاج إلى معيار واحد منضبط، ولا مانع من اعتماد معيار العلامات في مجتمعات ما قبل الدولة المعاصرة، ولكل وقت حكمه كما يؤكد ابن عثيمين.

فتاوى جديدة لكبار علماء السلفية والإخوان في رفض زواج القاصرة

الفتوى الأولى

فتوى الإمام الشوكاني في بطلان زواج الصغيرة بدون مصلحة

:\" أمّا مع عدم المصلحة المعتبرة، فليس للنكاح إنعقادٌ من الأصل،فيجوز للحاكم بل يجب عليهالتفرقة بين الصغيرة ومن تزوجها، ولها الفرار متى شاءت،سواء بلغت التكليف أم لم تبلغ،ما لم يقع منها الرضا بعد تكليفها،\" إلى أن يقول\"فإن قلتَ:إذا كان تزويج الصغيرة غير منعقدٍ،فما حكم الوطء والولد إذا حدث بينهما؟قلتُ حكمه حكم النكاح الباطل...فمن أدعى أن غير هذا أولى منه فعليه الدليل؟\"(وبل الغمام على شفاء الأوام،ص33المجلد الثاني،القاهرة مكتبة ابن تيمية،الطبعة الأولى،1416ه،تحقيق محمد صبحي حلاق).

الفتوى الثانية

فتاوى الإمام الشافعي وفقهاء الشافعية في تحريم زواج الصغيرة الثيِّب

\"قالَ: وليسَ لأحدٍ غيرِ الآباءِ أنْ يزوِّجَ بكراً ولا ثيِّباً صغيرةً، لا بإذنِها ولا بغيرِ إذنِها، ولا يزوِّج واحدةً منهما حتى تبلُغَ؛ فتأذَنَ في نفسِها\"

المرجع: كتاب الأم للإمام الشافعي الجزء الخامس ص3 دار الكتب العلمية

ويقول الإمام النووي من فقهاء الشافعية معززاً فتوى الشافعي \"وَإنْ كَانَتْ صَغِيرَةً، لَمْ يَجُزْ تَزْوِيجُهَا، حَتَّى تَبْلُغَ وَتَأْذَنَ؛ لاًّنَّ إذْنَهَا مُعْتَبَرٌ فِي حَالِ الْكِبَرِ، فَلاَ يَجُوزُ الاِفْتِيَاتُ عَلَيْهَا فِي حَالِ الصِّغَرِ\"\"

المرجع المجموع شرح المهذب ، ج17ص322 دار احياء التراث العربي الفتوى الثالثة

فتاوى الشافعية في كراهية زواج الصغيرة البكر اعْلَمْ أَنَّ الشَّافِعِيّ وَأَصْحَابه قَالُوا : وَيُسْتَحَبّ أَلَّا يُزَوِّج الْأَب وَالْجَدّ الْبِكْر حَتَّى تَبْلُغ ، وَيَسْتَأْذِنهَا لِئَلَّا يُوقِعهَا فِي أَسْر الزَّوْج وَهِيَ كَارِهَة\"( شرح صحيح مسلم ج5 ص128) والمجموع في شرح المهذب ونقل ابن حجر احتجاج بعض الشَّافِعِيَّة على كراهية زواج الصغيرة بِحَدِيثِ \" لَا تُنْكَح الْيَتِيمَة حَتَّى تُسْتَأْمَر \" أي تبلغ السن الذي تكون فيه أهلاً للاستئمار

الفتوى الرابعة

الشيخ عبدالله بن منيع عضو هيئة كبار علماء السعودية:زواج القاصرات يقوض بناء الأسر المسلمة في الوقت الذي مازالت فيه هيئة حقوق الإنسان في انتظار رد هيئة كبار العلماء في المملكة لإصدار فتوى لتحديد سن زواج القاصرات بعد رفعها عدة خطابات بهذا الشأن من الهيئة منذ سنتين، فإن عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبد الله المنيع يرفض مقارنة زواج القاصرات المنتشرة في الفترة الأخيرة بزواج عائشة، رضي الله عنها، من النبي صلى الله عليه وسلم وهي في التاسعة من عمرها، مبينا أن أبي بكر، رضي الله عنه، عندما أرد أن يزوج عائشة لم يجد أفضل من الرسول صلى الله عليه وسلم لتزويج ابنته، مشيرا إلى أنه «لا يمكن أن يقاس تزويج الأطفال اليوم بزواج أمنا عائشة رضي الله عنها؛ لعدم تطابق الشروط والمناخ». وأكد المنيع في حديثه لـ «عكاظ» أن زواج الأطفال أو القاصرات تترتب عليه مضار نفسية واجتماعية، مطالبا العلماء والدعاة القيام بواجبهم بالنصح والتوعية بخطورة مثل هذه الزيجات والمضار العديدة المترتبة عليها والتي تؤدي إلى تقويض بناء الأسر المسلمة. موضحا أنه «ينبغي لأولياء الأمور أن يتقوا الله في أطفالهم ولا يقدموا على تزويجهم وهم ما زالوا صغارا؛ لأن الزواج مسؤولية ومن الخطأ تحميل الطفلة مسؤولية أكبر منها، وبالتالي تترتب على هذا الزواج مضار نفسية واجتماعية عديدة، لذلك ينبغي أن تؤجل الزيجة حتى تبلغ الزوجة وتنضج عقليا وبدنيا وتستطيع تحمل المسؤولية».

ويؤكد الشيخ عبد الله بن سليمان المنيع، عضو هيئة كبار العلماء، في تصريح صحفي : \"أن القاصرة من الفتيات هي في الواقع في مستوى لا تستطيع فيه أن تعرف ما ينفعها مما يضرها في الغالب ولهذا كان على وليها مسؤولية كبرى في أي تصرف يعجل بزواجها وهي في سن الطفولة مع ملاحظة أنّ سن الطفولة يصل إلى حد التكليف، فمتى كانت قاصرة عن التكليف الشرعي فهي في حكم الطفلة، وبناء على هذا فلا يجوز لولي القاصرة أن يتصرف أو يؤثر عليها بأي لون من ألوان التأثير لتزويجها بمن لا تتحقق مصلحتها بالارتباط به، وحيث إنّ تزويج القاصرة بواسطة الولي قد يكون فيه مصلحة لها كما كان الأمر بالنسبة لعائشة _رضي الله عنها_ وغيرها من فتيات الصحابة، وحيث الأمر كذلك فإنّ أمر تزويج القاصرة بواسطة وليها ينبغي أن يكون تحت نظر القضاء الشرعي بحيث يتأكد القاضي من تحقيق الغبطة من تزويجها وهي قاصر بمن تثبت مصلحتها بالارتباط به\"...

المرجع صحيفة عكاظ في تاريخ23/1/2010

الفتوى الخامسة

فتوى الشيخ مصطفى السباعي رحمه الله من جمعية علماء سوريا وكبار علماء الإخوان المسلمين في تحريم زواج الصغيرة:

في سياق نقله لأراء العلماء في تزويج الصغير يذكر السباعي أن هناك من العلماء من يرى أن الأصل عدم جواز تزويج الصغيرة مطلقاً ً فليس لأحد من الأولياء تزويج الصغار ذكوراً كانوا أو إناثاً حتى لو كان الولي هو الأب أو الجد فزواج الصغار باطل ولا يترتب عليه أثر من أثار الزواج وهذا رأي ابن شبرمه وأبي بكر الأصم وعثمان البتي. ودليل ذلك قوله الله تعالى: { وَابْتَلُواْ الْيَتَامَى حَتَّىَ إِذَا بَلَغُواْ النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُواْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ }.

ووجه الدلالة من الآية: لو جاز التزويج قبل البلوغ لم يكن لذكر هذه الغاية فائدة فقد دلت الآية على أن بلوغ سن النكاح هو علامة انتهاء الصغر فمعنى هذا أن قبل بلوغ هذا السن لا يجوز النكاح وإلا فقد التحديد معناه وكان ذكره لا معنى له هذا من ناحية ومن ناحية أخرى فإن الولاية على الصغير تكون لحاجته ولذلك لا ولاية عليه فيما لم يكن حاجة ومصلحة كالتبرعات مثلاً فلا ولاية لأحد في التبرع من مال الصغير لأنه لا مصلحة له بذلك وكذلك فلا حاجة ولا مصلحة لنكاح الصغار لأن مقصود النكاح طبعاً هو قضاء الشهوة وشرعاً التناسل والصغر ينافي كلا المقصودين مقصود الطبع ومقصد الشرع لأنه لا شهوة ولا تناسل ثم أن عقد الزواج يعقد للعمر وتلزم الصغيرين أحكامه بعد البلوغ وليس لأحد أن يلزمهما ذلك إذ لا ولاية لأحد عليهما بعد البلوغ.

وقد ردوا على من استشهد بزواج عائشة رضي الله عنها وهي صغيرة بان ذلك خاص بالرسول صلى الله عليه وسلم ثم أن زواجها كان مثل المعجزة وقبل تشريع استئذان البكر واستئمار الثيب فليس في زواج عائشة دليل على جواز تزويج الصغار.

يقول الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله في ترجيح هذا الرأي ا: \"ولا شك في أن حكمة التشريع من الزواج يؤيد هذا الرأي وليس للصغار مصلحة في هذا العقد بل قد يكون فيه محض الضرر لهم إذ يجد كل من الفتى والفتاة نفسه بعد البلوغ مجبراً على الزواج بشخص لم يؤخذ رأيه في اختيار وقد لا يتفق معه في المزاج والأخلاق والطباع وقد يكون أحدهما سيء الأخلاق إلى غير ذلك مما يقع كثيراً، والذي يحمل الناس وخاصة في الريف على إجراء مثل هذه العقود رغبة الوليين –وقد يكونان أخوين- في ربط أسرتيهما برباط المصاهرة لمصلحة عائلية أو مادية أو شخصية ومثل هذه المصالح لا يقيم لها الشرع وزنا ولم تعد في حياتنا الحاضرة محل اعتبار بالنسبة للسعادة الزوجية لقد كان الأمر قديماً في مجتمعنا أن الفتاة لا رأي لها في اختيار الزوج بل أبوها يزوجها بمن يريد أو تريد أمها وما دام كذلك فمن السهل عليهم أن يزوجوها وهي صغيرة فإذا كبرت وجدت نفسها ملزمه بهذا الزواج لا تستطيع أن تبدي عليه اعتراضاً وإلا كان نصيبها التأنيب والإهانة وقد يصل الأمر إلى القتل إذا أصرت على الرفض والامتناع وهذا أمر لا تقره الشريعة ولا تبيحه مصلحة الأسرة والمجتمع وفيه عدوان صارخ على حق الفتى والفتاة في اختبار كل منهما من يشاء لبناء حياته الزوجية المرتقبة وقد أيدت التجارب فساد مثل هذا النوع من الزواج وفشله وكثيراً ما ينتهي بجرائم أخلاقية أو عدوانية

المرجع كتاب (المرأة بين الفقه والقانون، د. مصطفى السباعي، ص 58 ).