ما يجهله اليمنيون والعرب ..لماذا لا يجب ترك شاحن الهاتف موصولاً بالمقبس الكهربائي بشكل دائم؟ من هو الأفضل في 2024 بحسب الأرقام؟ كريستيانو رونالدو أم ليونيل ميسي.. عاجل تحسن هائل في سعر الليرة السورية مقابل الدولار .. اسعار الصرف شاحن هاتف ينهي ويوجع حياة 7 أفراد من نفس العائلة في السعودية توافق دولي عربي على الوضع في سوريا جدل بشأن عودة السوريين اللاجئين في أوروبا إلى بلادهم بعد سقوط الأسد وزير الدفاع التركي يكشف عن عروض عسكرية مغرية قدمتها أنقرة للحكومة السورية الجديدة ماذا طلب الرئيس العليمي من واشنطن خلال اجتماع عقده مع مسئول كبير في مكافحة الإرهاب؟ قرارات واسعة لمجلس القضاء الأعلى القائد أحمد الشرع يتحدث عن ترشحه لرئاسة سوريا
مأرب برس – خاص
لا مناص من القول رغم قسوته، أن القادم ربما لن يكون إلا أسوأ من الحاضر، وإنْ كان يحلو للبعض وصف المستقبل باوصاف لا تخضع للحقائق كما هو حاصل مع منظري (يمن الجديد) و(مستقبل أفضل).
ففي حين يتلاشى العمل السياسي والحزبي ويُصاب بالشلل، إن بسبب عزوف الجماهير وإنْ بسبب التطفيش الرسمي، تطل القبيلة بقرنيها كبديل يفرض نفسه بقوة في مجتمع تحكمه الاعراف القبلية بنسبة تفوق الـ80% في حين تغيب الدولة تماماً عن ثقافة الناس وحل مشاكلهم وتفاصيل حياتهم، وفي احسن الأحوال تُشعر الناس _ من خلال تصرفات معينة _ انّ لا امل في الاحتكام للدستور والقانون اللذين باتا يشكلان عبئاً تتخلص منه الدولة اليمنية الحديثة (شكلاً وليس مضموناً) رويداً رويداً نحو تطبيق الحكم المستبد والفردي المستند إلى قوة القبيلة وليس قوة الدولة وذبح ثيران أمام الرئاسة خير دليل على مرض الدولة إنْ لم نقل وفاتها .
التحركات العشائرية والقبلية التي نلحظها بين الفينة والأخرى وعلى اكثر من صعيد واكثر من محافظة ومديرية هي بديل فعلي (ليس بالضرورة ان يكون ايجابياً) للحزبية في اليمن بعد ان فقدت احزابنا زمام الأمور حتى على مستوى الحزب ذاته، وبدأ الجميع، قيادات وقواعد، يبحثون عن دور لهم خارج فروع الأحزاب ومقارها .
ولنكن صرحاء، فجميع الأحزاب بلا استثناء بدأ يتسرب إليها الفتور من العمل الحزبي وتبعاته أو لنقل بسبب خذلان جماهيرها لها لا سيما بعد الانتخابات التي جرت في سبتمبر من العام الفائت، ما جعل هذه الأحزاب تلجأ لاستعمال الخيارات الصعبة التي كانت يوماً من الأيام من أشد المحاربين لها، بل والداعين للتخلص منها وابدالها بالتنظيم، لكن (الضرورات تبيح المحظورات) فلا مفر من "العصبية القبلية" التي رأت فيها هذه الاحزاب السياسية أنها القادرة على استرجاع حقوق الناس، وعلى اقل تقدير، ستسترد ولو بعضاً من الفيد من خلال التلويح بها كـ " فزّاعة " في وجه سلطة اقصائية استغلها الحزب الحاكم ايّما استغلال، حتى بدون ضجيج العمل الحزبي الذي يعتبر المؤتمر الشعبي العام من اقل الاحزاب اهتماماً به خاصةً إذا ما قورن باحزاب كالاصلاح والناصري والاشتراكي.
ومع احتدام "القوى العشائرية" في البلد يضيع صوت العقل وتبدو الأمور كما لو كانت " ثأر قديم" يجب قضاءه في اقرب سانحة، بغض الطرف عن النتائج المترتبة على ذلك فـ(الحجر من الأرض والدم من رأس القبيلي) .
النظام الحاكم لا يهمه ذلك، كون مثل هذه المظاهر هي مكوّن اساسي من مكوناته، بل يرى منها سر بقاءه وديمومته التي كان من نتائجها تحوّل الناس نحو هذه " الموضات " على الأقل من أجل البقاء أو لاثبات الوجود احياناً، ومن ينكر دور القبيلة في التوظيف ومراكز القوى وترجيح نتائج الانتخابات النيابية والمحلية !!
قد يقول البعض أن الدولة اليمنية ثبّتت مداميكها منذ 45 عاماً،ً هو عمر الثورة اليمنية، وأن نكران وجود الدولة غير صحيح، لكن هذا القول مجافياً للصواب، فمنذ سبتمبر1962م بقي هاجس الثورة والتخلص من الآخر هو ديدن النظام الحاكم وتاريخنا الحديث مليء بالشواهد وتصفيات الغير كان آخرها حرب صيف 94م التي كانت سبباً في إقصاء الشريك في تحقيق الوحدة اليمنية (اعني الحزب الإشتراكي اليمني) حتى يتمكن طرف أوحد من إدارة البلاد وهو ما حدث بالفعل بصرف النظر عن (الشراكة المزيّفة) بعد الوحدة، والتي أراد النظام أن تكون ضمن (علبة المساحيق) التي يطلي وجهه بها كل مرّة .
مدرسة وخط اسفلت ومئات الوزارات واللجان والشعارات لا تعني لا من قريب ولا من بعيد وجود دولة بمفهومها العصري الحديث، التي تعني ان يتساوى الناس وتعطى لهم حقوقهم دون انتقاص ولا مِنّة من احد، والتبادل السلمي للسلطة وحرية التعبير والكلمة وتمكين الصحافة من لعب دورها وتقسيم عادل للمشاريع التنموية، وقبل كل ذلك الاستثمار في الانسان الذي تركز عليه الدول الحديثة كركيزة من ركائز التنمية .
وخلاصة القول : أنه عندما تغيب الدولة ومؤسساتها فإن لا بديل لها في اليمن سوى القبيلة بما يكتنفها من تعقيدات، وما سواهما وهم وخيال لا جدوى منه .