عندما تكون السخرية مفتاحاً لبناء وطن..من يحكم من ؟!
بقلم/ طارق فؤاد البنا
نشر منذ: 12 سنة و 11 شهراً و 10 أيام
الجمعة 30 ديسمبر-كانون الأول 2011 05:27 م

tarekal.banna@yahoo.com

بن عمر..السفير الأمريكي..السفير السعودي : من يحكم اليمن ؟!

بعد الضغوط الشعبية ومن ثم الضغوط الدولية وقَّع صالح على المبادرة الخليجية ، وفوض صلاحياته إلى نائبه ، غير أن من يتابع بواطن الأمور وخفاياها يدرك أن السلطة ومعها الصلاحيات لم تنتقل بعد إلى النائب ، غير أن المحير هو السؤال الكبير : من يحكم اليمن حالياً ، ورغم أن الخيارات تبدو محصورة في أضلاع مثلث مشبوه ، يشكل جمال بن عمر المبعوث الأممي الضلع الأول فيه ، خاصة مع عودته الأخيرة إلى اليمن ، وتجوله بين عدد من المحافظات ، والتصعيد من لغته الخطابية ، والتقاءه بكبار مسؤولي الدولة الذين ظهروا في موقف المتودد له ، أما الضلع الثاني فهو السفير الأمريكي في اليمن ، والذي قام ولا يزال بأدوار رهيبة ، حتى في الفترة التي سبقت توقيع المبادرة ، فعدا عن لقاءاته المتكررة مع قادة الأحزاب والساسة ومنظمات المجتمع المدني ، فإن (بريمر) اليمن يقوم بزيارات عدة إلى محافظات مختلفة ، بينها محافظات قبلية ، ويلقي الخطابات ، ويوزع المعونات ، ويوقع على الاتفاقيات التي لا تعلم عنها الدولة المشغولة بقمع شعبها شيئاً ، أما الضلع الثالث فهو السفير السعودي ، حيث يتحكم (أبو عقال) بالكثير من المجريات السياسية نتيجة إمساك بلاده بالملف اليمني برمته ، فأصبح هو الآمر الناهي ، وغدا أحد صُناع القرار اليمني رغم أنه مجرد (سفير) .

وفي حقيقة الأمر ، من يتمعن في كل هذه الأطراف إضافة إلى النائب الذي تم تفويض الصلاحيات له يستنتج أن أضلاع المثلث الثلاثة هم أصحاب الصلاحيات الحقيقية ، وأن عبده ربه – إلى الآن – هو على الأكثر سعادة السفير !. 

صالح...رئيس منازل !!

دخل (القِمر) بين علي صالح وبين شعبه حداً لا يطاق ، حيث استمات صالح في الدفاع عن مطالب عجيبة تحقق له جزءاً من رغباته وتُرضي غروره الذي خسفت به الثورة إلى باطن الأرض ، وتجعله يشعر بزهو مصطنع ناتج عن شعوره بنصرٍ وهمي ، وذلك من خلال إصراره على البقاء كرئيس (شرفي) – بعيداً عن الشرف – لمدة 90 يوماً ، ورغم أن هذه المدة اليسيرة لا تقارن بشيء أمام الشهور والسنين والعقود التي قضاها صالح على ظهور اليمنيين إلا أن ذلك يبين أن (القِمر) لعب دوراً كبيراً في استماتة (الفندم) في الحفاظ على الكرسي ولو لساعات زيادة! ولأن المنصب الذي يمسك به صالح ما هو إلا منصب شرفي ، فإن صالح أصبح (رئيس منازل) ، لا يملك من الأمر شيئاً ولو ظاهرياً ، ولعلها فرصة عظيمة لصالح كي يقضى أوقاتاً حميمية مع أفراد أسرته بعيداً عن (عباد ومعياد والبركاني والجندي والآنسي ومقولة واليماني وبن دغر..) ، وإن حدث وعادت (نوبة) الحكم ، أو ظهرت (خرمة) السلطة ، أو جاء (الدُكاك) السلطوي فليجلس على كرسي كبير في صالة منزله ، ويصيح ، ويهنجم ، ويصدر قراراً (أسرياً) وليس (جمهورياً) بطرد شغالة المنزل لأنها تشاهد قناة سهيل ، ويصدر قراراً آخر تقضي المادة الأولى منه بتحويل محافظ (نظافة البستان) إلى محافظة (المطبخ) ، وتقضي المادة الثانية بإعادة محافظ المطبخ إلى البستان ، والمادة الثالثة تقضي بأن يعمل بالقرار من تاريخ صدوره ويُنشر على (حبل الغسيل) ، وإمعاناً في تذكر الأيام الخوالي لصالح ليصرخ : هذه هي سياستنا الرجل المناسب في المكان المناسب ، حتى لو قام الطباخ الجديد الذي كان مسؤولاً عن نظافة البستان بتحضير أكلة جديدة بطعم (الحشيش) ويقوم بطهوها وتحريكها بـ(المكنسة) وليس بالملعقة ، ويضيف إليها قليلاً من التراب بدلاً من الملح ، كل ذلك ليس غريباً ، فقد أدار لعقود وطن بأكمله على هذه الطريقة (المعصودة) !!   

(الأحمر) وبقية ألوان الطيف :

علي صالح الأحمر ، علي محسن الأحمر ، صادق الأحمر ، حميد الأحمر ، أحمد علي الأحمر ، مذحج الأحمر ، حمير الأحمر ، يحيي محمد الأحمر ، عمار محمد الأحمر ، حسين الأحمر...أسماء كثيرة رغم اللون الموحد الذي يجمعها إلا أن حجم التناقض والاختلاف بينها جداً ، فقد قسمت الثورة آل الأحمر إلى جناحين ، أحمر (غامق) بزعامة علي صالح وأولاده وأولاد أخيه ، وأحمر (فاتح) بزعامة علي محسن وصادق الأحمر ، ورغم اختلاف وجهات نظر الجهتين ، واختلاف ما قدمه كل طرف لليمن إلا أن البعض يلخص المشكلة في اللون (الأحمر) بالتحديد ، ويقول أن الحل في إبعاد هذا اللون عن الحياة السياسية ، وربما إذا حصل في يوم ما وتحول عبده الجندي إلى ناطق باسم هذه الفئة سيقترح أن يتم إلغاء اللون الأحمر من (قوس قزح) ، ورغم أن صالح كان قد نادى برحيل جميع (الحُمر) اليمنيين وليس الهنود ، إلا أنه تراجع عندما لقى استجابة من علي محسن وصادق وحميد الذين أكدوا أن الوطن فوق أي مصالح ، فإذا كانت مشكلة اليمن انحصرت في أبناء هذا اللون ، فإننا ننادي فيهم حق (القبيَّلة) و(بجاه الله) ، خلوا لنا حالنا ، وباعدوا من طريقنا ، فجنة الحكم حقنا ، حق الشعب بأكمله ، وليس حق (لون) واحد مقابل تهميش ألوان الطيف الأخرى ، اتركوا فرصة للشعب كي يرى المستقبل بألوانه الجميلة ، بعد أن رآه دهراً بلون الدم الأحمر ، خلونا نبصر لنا لون ثاني ، أو حتى نرجع إلى ماضي الزمان ، إلى أيام (الأبيض والأسود) فقط ، طُز بـ(المُلون) ما دام فيه الأحمر ، المهم نتخااااارج!! 

المعارضة..مقعد فارغ (الكل سُلطة) :

 

بعد أن ظل مقعد المعارضة لسنوات طويلة يزدحم بالأحزاب المختلفة ، فحينما كان الاشتراكي على تحالف مع المؤتمر كان الإصلاح معارضة ، وحينما تحالف الإصلاح مع المؤتمر كان الاشتراكي معارضة ، وبينهم بقية الأحزاب الأخرى ، إلا أن الثورة اليمنية أتت بحالة عجيبة ، وهي صعود الجميع إلى السلطة ، فظل مقعد المعارضة شاغراً لم يجد من يسد فراغه !.

حكومة (الوِفاق) الوطني برئاسة باسندوة قفزت بالجميع مع الجميع إلى السلطة ، فأحزاب المشترك بتكويناتها المختلفة أصبحت في السلطة ، والمؤتمر وحلفاءه (الديكوريين) بما فيهم قاسم سلام والجندي أصبحوا في السلطة ، بينما يرتاح مقعد المعارضة لأول مرة من وطأة الجالسين عليه لعقود عدة ، ولكن الأمر الذي يفرض نفسه هو أن الواجب على الحكومة التوافقية الآن العمل بخطوات حثيثة للتخفيف من معاناة المواطن اليمني ، ما لم فإن مقعد المعارضة سيتم تعبئته بطرف قوي لا يمكن الاستهانة به ، وهو الشعب المُعاني ، وبالتأكيد سترجح حينها كفة المعارضة على كفة السلطة ، ولو كانت في كفة السلطة جميع الأحزاب !!  

الكرسي (المُذَحِّل) !!

لا شك أن المسؤوليات الملقاة على عاتق النائب عبده ربه منصور كبيرة وثقيلة جداً ، لا سيما مع (الترِكة) البغيضة التي خلفها نظام الفساد والإفساد والبغي في الأرض ، ولأن طول أمد بقاء النظام على الكرسي (المشؤوم) قد سبب للشعب الكثير من المتاعب ، وراكم عليه الخسائر ، وقربه كثيراً من دائرة الأخطار ، ودفع به نحو الهاوية السحيقة والنفق المظلم ، وجعل البلد معرضة للانهيار بكل ما تعنبه كلمة الانهيار من معنى ، وحسب التقارير الدولية التي لا تُحابي أحداً ، إلا أن هناك مسؤولية جديدة ستُضاف إلى قائمة المسؤوليات الثقيلة لعبده ربه ، وهي تنظيف الكرسي (المُذحِّل) والذي اعتراه الصدأ مع بقاء صالح عليه 33 عاماً مارس فيها جميع أنواع (الذَحَل) السياسي و(الصدأ) الاقتصادي و(النتن) الثقافي والأخلاقي والقيمي ، وهذا من الأمور التي تجعلنا نشفق على عبده ربه ، فكم ستكون قدرته ، هل سيهتم ببناء اليمن الجديد ، أم بتنظيف اليمن القديم من بقايا (المذحلين) !!

بن عمر قال هذي مسألة :

وبن عمر قال هذي مسألة ... والحل يا (صالحي) كيف بايـكونْ

علي رئيس ما عاد شعبه يقبله ... وهو ولا يفهم ولمقداره يصونْ

هم رسلوني وانا ذاك الدَبُورْ ... فاصبحت كالطير (اتْنَبَعْ) في الغصونْ

جالس أراضي به وقِّع يا خبيرْ ... لكن كما الأهبل يلفت لك عـيونْ

هددته بالمجلس والا بالأمم ... ولما افتجـع وقَّـع واختار السُـكون

لكن صالح عمره ما هَجَع ... طلّـَع لـي الحامض وجَنَّني جنـون