يا شباب الثورة خذوا حذركم .. لم يكن سوى توقيع
بقلم/ عبدالله ياسين المغارم
نشر منذ: 13 سنة و 4 أيام
الإثنين 28 نوفمبر-تشرين الثاني 2011 06:18 م

إن المتمعن في ما يحصل على أرض اليمن من مستجدات يجد أن الثورة قد بدأت تؤتي أكلها وبدأت تسير في دروب تحقيق أهدافها وخاصة عندما يرى العزيمة والإصرار من شبابها ويرى كل طيف من أطيافها يبذل قصارى جهده لكي يحدث شيئاً يكون سبباً في تسريع عجلة الثورة ويكون سبباً في إيقاف ساعة إيقاف هذا النظام الفاسد التي بدأت عدها التنازلي منذ انطلاق الثورة واندلاع شرارتها ..

والناظر في ثورة اليمن يرى قواماً متكاملاً في هيكلها وأساليب عملها حينما يرى هناك مساراً ثورياً يقوم به الشباب ومساراً سياسياً يقوم به المجلس الوطني ومساراً قبلياً يقوم به قبائل اليمن الحرة التي تواجه بكل ما لديها من قوة كل من يتعدى على أبنائها في الساحات , ومساراً عسكرياً متمثلاً بالجنود البواسل الذين انشقوا عن القوات العائلية وانضموا لجيش الشعب .. ولا تعارض بين أي من تلك المسارات فكلها قوى تكمل بعضها بعضاً عند حدوث أي قصور أو تعثر في أحد المسارات المؤدية إلى هدف واحد ألا وهو تحقيق أهداف الثورة وبناء الدولة المدنية الحديثة المنشودة .

ولكن .. تكمن المشكلة في حالة إذا تراخى طرف من تلك الأطراف اعتماداً على طرف أو ركن إليه , فالذي حصل بالأمس عندما وقع علي صالح على المبادرة الخليجية رأينا كثيراً من شباب الثورة ـ إن لم يكن أغلبهم ـ فرحوا كثيراً بتوقيع هذا الرجل وظنوا أن الأمر سينتهي عند هذا المنعطف , مع أن هذا المنعطف خطير يستوجب علينا فتح أعيننا وعقولنا بشكل أكبر مما كنا عليه لإن غدر هذا الشخص لم يعد غريباً بل صار ديدناً يسلكه عند شعوره بهزيمة أو قرب نهاية , فلو درنا مع عجلة التأريخ إلى الوراء لوجدنا أنه عندما وقع على اتفاقية الوحدة بينه وبين البيض رجع ونقض بكل ما ورد بتلك الوثيقة والذي خلف حروباً طاحنة من أجل استعادة الوحدة وذلك بسبب غدره وخداعه وقد بانت ملامح نواياه الخبيثة في خطابه بعد التوقيع إن لم يكن ذلك الخطاب عاطفي توديعي لأنصاره و عاطفي استفزازي لخصومه .

أنا لا أقصد من كلامي هذا تعكير الفرحة التي يعيشها ثورانا في الساحات بل هو يوم تاريخي وقع فيه علي صالح على نهايته ولكن أقصد من كلامي هو أن أوان فرحتنا الحقيقة لم يبدأ بعد وأن أمامنا الكثير لننجزه في الأيام القادمة , ولا بد أن تزداد وتيرة التصعيد الثوري أكبر من أي شكل مضى وذلك برفض الضمانات المعطاة لصالح وضرورة محاكمته ومحاكمة كل القتلة واحداً واحداً وتطهير البلاد من كل الفاسدين والوقوف في وجه كل من يريد الإضرار بالثورة أو يحرف مسارها حتى نبني يمننا الجديد على أسس ثورية تضمن لنا بناء دولتنا المدنية .

أيها الثوار ..!! لا بد أن نؤمن أن المسار السياسي يصب في مصلحة الثورة وأنه بمثابة ذروة سنامها وبتقديري الآن وصل قمة أهدافه المنشودة وبقي علينا نحن شباب الساحات أن نقومه في اعوجاجه وأن نحرص على بقائه في القمة بثباتنا وإصرارنا على موقفنا المعروف , فلو ضعف مسارنا الثوري وتهالك المسار السياسي فإنه سيتدحرج من القمة ويسقط ويصبح وبالاً على الثورة كصخرة كبيرة سقطت من أعلى جبل وتدحرجت وصعب علينا بعد ذلك تحطيمها أو الوقوف في طريقها ..

يا شباب الثورة !!!

إن بذرتكم التي غرستموها في ساحات ثورتكم ورويتموها بدماء شهدائكم ولقحتموها برياح سلميتكم قد نمت وكبرت وصارت شجرة لها وتدها وثباتها في الأرض وقد بدأت ثمارها تولد في أغصانها وما هي إلا أيام حتى تبرز وتخرج تلك الثمار يانعة حلوة وتتمكنوا من قطفها وأنتم بكامل النشوة والسعادة والرضا , فما عليكم سوى أن تتعهدوا شجرتكم بالصون والرعاية والحذر من أي شيء يريد الفتك بها .

يا شباب الحرية والكرامة .. يا من رفضتم الذل ونفضتم غباره .. يا من خرجتم لنبذ الظلم والقهر .. وعقدتم العزائم وشحذتم الهمم .. وصبرتم في ساحاتكم قرابة العشرة أشهر دون كلل أو ملل وأذهلتهم العالم بسلميتكم النقية وثباتكم المشهود .. اثبتوا على ما أنتم عليه وواصلوا النضال حتى تتحقق كامل أهداف ثورتكم وإنها والله منصورة وها قد بدأت ملامح نصرها تتجلى , واحرصوا على نبذ ما يفرق جمعكم وينفث العدواة بين صفوفكم فإن أعدائكم كثر فلا تتركوا لهم أي مجال لتنفيذ رغباتهم ومخططاتهم , واحرصوا على لم الشمل وتوحيد الكلمة وتوجيه السهام إلى كل من يتربص بثورتكم العظيمة , وعليكم بالرجوع إلى الله سبحانه بالدعاء والإنابة حتى يعجل بالنصر المبين وهلاك الظالمين فأنتم دعاة الحق وأنصاره ولا بد من يوم تكون لكم فيه الغلبة والفوز إن شاء الله .

وأود أن أعرج في نهاية هذه الخاطرة على الفئة الصامتة .. أقول :

يا أبناء وطننا الحبيب .. إن الشخص الذي ربما كنتم تخافون منه انتهى , والنظام الفاسد الذي أوهمكم بشرعيته قد تقهقر وسيسقط قريباً بإذن الله , وأنتم لا زال الخوف يخيم على قلوبكم , فأروا الله من أنفسكم رغبة في التوبة والرجوع والحقوا بركب الثورة قبل أن يفوتكم فالثورة ماضية في تحقيق أهدافها ولن يعيقها صمتكم , وحتى لا يأتي على أحدكم يوم يقول فيه : " يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزاُ عظيماً " .

الثورة ليست لطائفة معينة أو فئة معينة بل هي للشعب بأكمله وهي عنوان رغدكم ورغد أبنائكم إن شاء الله فكونوا من صناع اليمن الجديد بوقوفكم معنا والشد على أيدينا ولا تكونوا من هادمي هذا الوطن بسكوتكم على من يعبث فيه وبمكتسباته .