خلال نوفمبر فقط.. حياة 47 شخصًا إنتهت بسبب الحوادث المرورية مجاميع تابعة للانتقالي تقتحم فعالية شبابية في المكلا وتعتدي على المشاركين من هو مسعد بولس؟.. نسيب ترامب الذي اختاره ليكون مستشاره للشؤون العربية والشرق الأوسط طُريق سفيراً غير مقيم لليمن لدى أذربيجان دخول فصائل شيعية إلى سوريا لإنقاذ جيش الأسد بعد عمل رونالدو المذهل والكبير .. تعرف على أشهر 10 نجوم دخلوا الإسلام غارات روسيا ونظام الأسد تقتل نحو 56 شخصاً بينهم 20 طفلاً في إدلب وحلب واتساب لن يعمل على هذه الإصدارات من آيفون في 2025 القيادة الأمريكية تعلن عن عمليات جديدة في البحر الأحمر نحو 100 قتيل في اشتباكات عنيفة بين مشجعين خلال مباراة كرة قدم
عندما يفقد أي نظام حكم مشروعيته السياسية، وشرعية وجوده جراء تدهور الأوضاع الاقتصادية والأمنية وعلى كافة الأصعدة، يعمد إلى استبدال الإجماع الشعبي بمركز دائرة العصابة المغلقة في الاستحواذ على السلطة والاستئثار بالثروة، حينها يتحول ذلك الإجماع الشعبي إلى محيط، لا من أجل إسقاط ذلك النظام، لأنه تعبير مجازي لشعار طوباوي غير موجود أصلاً في الواقع الفعلي، وإنما بدائل جديدة لإضفاء مشروعية على واقع الأزمة القائمة، وسواء كان ذلك باستبدال العاصمة السياسية للبلد بعاصمة سياسية أخرى، أو من خلال إعادة إنتاج الوعي المأزوم الذي جعل الشرعية الدستورية حالة مرضية مصابة بداء العمى السياسي، ولعلاج تلك الحالة المزمنة كان من الطبيعي أن يفكر النظام المتهاوي بالدين ويلجأ إليه لأنه أحد أهم العوامل المفقودة في نظام العصابة المغلقة.
ولهذا السبب أوحت السلطة لجهة محسوبة عليها تلجأ إليها في مثل هذه الظروف تسمى (جمعية علماء اليمن) لإصدار بيان، ولا أستطيع أن أطلق عليه هنا حتى صفة البيان وإنما (إصحاح) دموي خاص، في محاولة منه لاستنهاض عامل الدين لدى تلك الجمعية، متجاهلة في الوقت ذاته البيانات السابقة التي أصدرتها هيئة علماء اليمن بخصوص الأوضاع التي يمر بها الوطن اليمني، والتي لم تأتِ بطلب من النظام، ولا بتوجيه من أجهزته الأمنية.
ولو افترضنا جدلاً أن الموقعين على البيان الصادر بتاريخ 28/9/2011م المنسوب لتلك الجمعية ليسوا بالتأكيد أسماء نكرة ولا يمكن وصفهم بأنهم دجاجلة، ولا هم أيضاً زنادقة، وإنما علماء حسب تسمية الإعلام السلطوي لهم، فإنّ السلطة ومن خلال ذلك البيان ـ الذي لا يمكن وصفه بالبيان بل بـ (الإصحاح) الدموي الأول، لا تعترف بفسادها فقط وإنما تقدم دليلاً واضحاً على نفسها بأنها من أوجد الانقسام السياسي بين علماء اليمن، ولا تتورع هذه السلطة مقابل ذلك من الحديث عن أهمية توحيد الصف الوطني، في تناقض واضح بين القول والفعل، فالفعل قتل ودمار وسفك للدماء، وإزهاق للأرواح، وتشريد للسكان، وهدم للمساكن، والأحياء.
ولا نتهم هنا ما تسمى بجمعية علماء السلطة بأنها قد شرعت لما أسمته في بيانها بـ (الفتنة)، ولكن السلطة التي جاءت بهؤلاء، تكون في الحقيقة هي من زرع الخلاف بين اليمنيين لإيجاد تلك الفتنة، طبقا لمفهوم السلطة حتى أوصلت ذلك إلى العلماء أنفسهم ولذلك فإن بيان علماء السلطة بقدر ما هو إدانة لها فإنّه في الوقت ذاته يكذب إدعاءاتها عن توحيد الصف ويؤكد فسادها الديني.
إنّ النظام لم يكتفِ بالفساد السياسي والأمني والاقتصادي، بل عمل على إشاعة الفساد الديني، وذلك من خلال دعم ومؤازرة هؤلاء المفتين الذين يتبعون الأجهزة الأمنية، وتقديمهم للرأي العام على أنهم علماء، بينما هم في حقيقة الأمر يعملون مع السلطة برواتب ورتب عسكرية، ومهمتهم الأساسية خدمة النظام في نشر الفساد وتشويه صورة العقيدة الإسلامية.
إنني ومع إحترامي الشديد وتبجيلي لكل عالم دين لا يتجرأ على الفتيا وخصوصاً الإفتاء في الدماء والأموال، من أي طرف كان وفي أي موقع هو، فإنني أرفض أن يستخدم الدين لقتل الأبرياء ولشرعنة قتل الناس إلى الطرقات والمنازل، والتضييق عليهم في ضرورات حياتهم، كما أنني ضد استخدام الدين في كبت الحريات الشخصية وحق الناس في التعبير والمطالبة بحقوقهم المشروعة، وعليه لا أرى فيمن يقدم على إباحة دماء الأبرياء من أي طرف كان إلا في الاستثناءات التي حددها الشرع وبينّها في مواضعها وهي الدفاع عن النفس ودفع الصائل، ورد العدوان، فإنني أرى من يقدم على هكذا فتاوى تبيح دماء الآخرين في سبيل مصلحة شخص على حساب 25 مليون إنسان، أن من يقوموا بذلك لا أستطيع وصفهم بالعلماء بل هم أقرب ما يكونوا إلى الحاخامات والكرادلة الذين يبيحون قتل الآخرين ممن يخالفونهم الديانة، لكن هؤلاء(علماء الجمعية) قد بدوا أكثر تطرفاً من أولئك وأكثر انحرافاً فهم يفتون بقتل إخوانهم في العقيدة والدين واللغة والوطن، فماذا ننتظر من أمثال هؤلاء في قادم الأيام، وهم يفتون بسفك دماء الناس بغير وجه حق وهم يعلمون أن خروج الناس كان خروجا ضد الظلم وعلى الظلم الذي جثم على اليمن ردحاً من الزمن، فهلاّ علم أولئك الحاخامات أنهم يدافعون بذلك البيان الأمني عن الظلم والظلام، وعن الجوع والقتل، والتخلف والمرض، والتقهقر والضعف، والخنوع والاستكانة، والذل والهوان؟!
إن المرء ليعجب مما جاء في ذلك (الإصحاح) الدموي، وهو يقرأ محاولات لي عنق الآيات والأحاديث النبوية، وتجييرها لصالح فئة، والأعجب من هذا تشدقهم بطاعة ولي الأمر، مستندين على نص قرأني لم يفهموه بعد حق فهمه، ويجتزؤنه، على غرار من يقرأ (ولا تقربوا الصلاة) وهذا هو نهج علماء السلطان، طوال التاريخ ونسي هؤلاء أو تناسوا أن القرآن الكريم أجمل في سورة النساء قواعد وبنود التعاقد بين (الرعية) وبين (الرعاة)وبين (الأمة) وبين (أولي الأمر) فيها قال تعالى: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا، يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً) إلى قوله تعالى: (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا) (النساء: 65).
فهل أدى أولو الأمر في اليمن الأمانات، أمانات السلطات التي أوكلت إليهم والتي فوض إليهم الناس أمر القيام بها نيابة عنهم؟ وهل أدوا هذه الأمانات إلى أهلها المستحقين لها؟، كل الأمانات، وكاملها، في كل ميادين السلطات، ورغم الشمول الذي يدل عليه مصطلح (الأمانات) خصت الآية بالذكر (الحكم بالعدل بين الناس)، وفي مقابل وفاء أولي الأمر بأداء الأمانات إلى أهلها والحكم بالعدل بين الناس، تكون طاعة الرعية.
إن العدل الذي رأيناه من أولو الامر في اليمن هو الدماء والأشلاء والظلم والظلام الدائم والفقر المستشري والقنص والإختطاف ، وقصف المدن والأحياء وعسكرة المنشآت التعليمية والصحية والوعد والوعيد والتهديد والإغتيالات فهل هذا هو العدل الي إجتمع علماء صالح لمباركته؟!!
على أن اللافت للنظر في هذه الآيات، وهذا ما لم يتنبه له حاخامات الكنسيت الصالحي، أن الطاعة الواجبة على الرعية ليست لمطلق (أولي الأمر) فالطاعة أصلاً إنما هي لله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ) ثم للرسول، فيما يبلغ عن الله..(وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ) ثم تأتي الإشارة إلى طاعة أولي الأمر، فتذكرهم الآية بصيغة الجمع، تأكيداً على نفي الاستبداد والإنفراد بالسلطة والسلطان – فهم (أولوا الأمر) لا (ولي الأمر)؟! وعند التنازع والخلاف يكون الرجوع والاحتكام لله ورسوله (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ).
إلا أن يؤمروا بمعصية الله تعالى فإن أمروا بمعصية فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق، فهلاّ أجاب علماء الجمعية عن ماهية القتل الذي يرتكب بحق العزل في شوارع ومحافظات الجمهورية الذين خرجوا سلميا معلنين انتهاء العقد بينهم وبين السلطة الفاسدة؟!
وهل أجاب علماء السوء عن تدمير المنازل في تعز وأرحب ونهم والحصبة، وصوفان وحي النهضة والحيمة وأبين؟ ثم لماذا لا يجيب علماء صالح عن حكم معاقبة الشعب وحرمانه من أبسط مستلزمات الحياة؟
إنهم علماء السوء وعلماء الطغيان يكررون أنفسهم بنسخ أكثر دموية، وبشاعة في تشويه الدين الإسلامي، وهم بهذا - إن لم يتراجعوا ويكفوا عن مثل هذه الفتاوى التي تعطي الجلاد شرعية تزيد من إجرامه وجنونه يصبح لا فرق بينهم وبين الكرادلة والحاخامات الذين يفتون بقتل المسلمين وبقتل الفلسطينيين بهدف إقامة (دولة إسرائيل) وبناء هيكل سليمان المزعوم، وإذا كان لأولئك هدف، فلا هدف لهؤلاء سوى مناصرة الظلم والطغيان والجهل والتخلف، وحقد أسوداً منهم تجاه كل من يطالب بحقه.
ولقد بات من الواجب علينا كشف وتبيين من هم العلماء الحقيقيون، وذلك حتى لا نطلق هذه اللقب(عالم) على من لا يستحقه ونظلم الإسلام عندما نمنحه لمن لا يقدره ويفهم دوره ونخدع المجتمع عندما نتهاون في حجبه عن المدعين والمتكسبين منه وإذا كان المثل العامي يقول «ليس كل من ركب الخيل خيال» فإن الحقيقة تؤكد «ليس كل من تعمم عالماً ولا شيخا ولا كل من قرأ كتابا فقيها».
إن صالح اليوم بات يتكأ على ذلك الإصحاح الدموي الذي أصدره أولئك الكرادلة والحاخامات وهو يشن حرباً ضروساً على الشعب، بعد أن رأى إرادة فولاذية لدى المطالبين بتغييره، ورحيله، رغم انه حاول ثنيهم عن هدفهم ومقصدهم السامي بكل الصور والأشكال، لكن إرادتهم كانت أكبر من كل تلك الممارسات والسلوكيات البشعة التي ترتكب بحقهم يوميا في صنعاء وتعز وفي كل مكان.
ولكن هذه التسمية هانت على البعض فأصبح يطلقها على كل «من هب ودب» فليس كل من تعلم عالما وليس كل من حفظ شيئا من القرآن وقرأ كتبا في الدين أصبح فقيها، حتى لو تعمم أو لبس الجبة ولبس ملابس العلماء، وذلك حتى لا يحول أمثال هؤلاء ما قرءوه وعرفوه إلى قنابل يفجرونها في وجوه الشباب السلميين، وفي وجه كل من يخرج مطالبا بحقه وفي وجه كل من يرفع صوته رافضاً للظلم الذي طاله والحيف الذي وقع عليه، وألغام تجعل خطواتنا إلى المستقبل مرتعشة كأننا مصابون بكساح ليس له من علاج إلا وضع هؤلاء المدعين في أماكنهم الصحيحة والعادلة وتسمية الناس بأسمائهم، احتراما لماضينا المليء بالعلماء العظام وحاضرنا الذي تغطيه السحب ومستقبلنا الغامض الذي يشع بؤسا وإحباطا بسببهم، وحتى لا يتأثر بسطاء الناس الذين لا يملكون المنطق السليم في تقييم الأمور بمثل تلك البيانات والكتابات التي تجعلهم يقبلون بكل صور الإذلال والهوان، ولو علم علماء صالح من يروج لبياناتهم ومن يوجههم من وراء الكواليس وخصوصا في المطبخ الأمني والإعلامي للسلطة لتوقفوا عن المشاركة في ذلك المحفل الدموي الذي شملت قراراته الإجرامية كل الناس حتى النساء والأطفا ولا حول ولا قوة إلا بالله.