القطاعات النفطية تفتح شهية الطامعين: نافذون يسعون للسيطرة على قطاع 5 النفطي وسحبه من شركة بترومسيلة الحكومية لصالح شركة تجارية جديدة توكل كرمان: لم ينهب بيت واحدة في حلب ولم تحدث عملية انتقام واحدة هذا أمر مثير لاعجاب العالم هناك جيش وطني حر اخلاقي يعرف مايريد وكيف يحكم سوريا بريطانيا تحمل الرئيس السوري مسؤلية ما يحدث حاليا من تصعيد عسكري عاجل:بشار الأسد يطلب المساعدة من إسرائيل وتل أبيب تشترط طرد إيران من سوريا أول رد من الإدارة الأمريكية على المجزرة الحوثية بحق مدنيين في أحد الأسواق الشعبية هل يواجه الحوثيون مصير الميليشيات الإيرانية في سوريا؟ ما حقيقة مغادرة قادة حركة حماس وعائلاتهم قطر النشرة الجوية: ''طقس بارد في 11 محافظة وأمطار محتملة على هذه المناطق'' مليشيا الحوثي تستهدف منازل المواطنين بقذائف الدبابات جنوب اليمن جمرك المنطقة الحرة ومطار عدن يضبطان أجهزة مراقبة عسكرية وأدوية مهربة
صوت أقدامي وخوفي - أيضا - هما من رافقاني فقط حين توجهي من شارع التحرير وحتى ساحة تغيير صنعاء ذات ليلة يكسوها الرعب الشديد.. تبا؛ كيف تحولت صنعاء لهذا الفراغ الذي يوشي المناطق المحيطة للساحة فقط..
للمرة الأولى التي يفارقني بها ظلي اللعين بعد أن ظننت أنه الوحيد الذي يلازمني منذ أن بدأت أعي الأمور من حولي.. يا الله يُوشك إيماني بوجودك حولي أن ينتهي؛ وحتما أنت تعرف أنني الآن أمشي وحيدا ولا أحد يشاركني حتى استنشاق الهواء..
أقدامي تُصدر صوتا مقلقا، وقلبي أصبَحت دقاته كأنها تطعنني من الخلف؛ لا شعوريا أزيد من سرعتي حتى لا يصيبني شيء – طعنة مثلا أو رصاصة غير طائشة – اللعنة لا أرى شيئا أمامي؛ سوى أنياب الموت الذي يسخر مني وكأنه يأمرني بالرجوع إلى الخلف أو الوقوف بمكاني حتى يلج الصباح، أشعر برغبة شديدة في الصراخ؛ لكني أخشى أن يعرف القناصة مكاني فتنتهي حياتي التي لم أحقق بها أياً من أحلامي الإنسانية "مازلتُ طالبا في الجامعة.. مازلتُ لم أمارس حظي مع النساء والتجارة.. مازالت هناك ثقافات في العالم أعرفها في الكتب وأتمنى زيارتها.. ببساطة مازلت لم أرتقي لمرحلة الإنسان المحترم التي تناديني منذ زمن"..
التفكير في الأشياء الجميلة يزيد من نسبة إفراز هرمون الأدرينالين الذي يكاد يفقدني صوابي والتحكم بجسدي الذي يتصبب منه كميات هائلة من العَرَق.. الوقت يمر بطيئا للغاية، والمسافة هي الأخرى لا تريد أن تنتهي.. ويح هذا النظام وحاكمه اللاإنسان الذي قاد البلاد لهذه المرحلة من الرعب.. ويحهم؛ فالشوارع لم تعد تضج بأصوات السيارات وقهقهات المارة.. حتى الكلاب الضالة والقطط المشردة نزحت باتجاه اللامعروف، تباً لهم فمخططاتهم القبيحة لزج البلاد لأتون حرب أهلية تمضي باتجاه ما يريدون، ونزع الأمان من المواطن اليمني بدأ في مرحلة التنفيذ؛ ليتحجج الحاكم بأنه من يزرع الأمان؛ مع أن مخططاته اللاإنسانية تطبخ في عقر داره!.
يدرك الحاكم جيدا أن الإنسان بطبيعته يبحث عن احتياجات بيولوجية متمثلة في السكن والغذاء - والماء والكهرباء أيضا - ومن ثم يبحث عن احتياج الأمان فالحب فالعاطفة ليصل إلى رفاهيته البسيطة.. ومن أجل ذلك يعمل الحاكم على إقلاق الناس في جميع احتياجاتهم ليشعروا باللاوعي لديهم أنه – أي الحاكم – القادر فقط على جعلهم يتمتعون بالحياة – حاش لله – ومن هنا كانت الفكرة لديهم لنشر الرعب وقطع احتياجاتهم، وكانت النتيجة صراخ الناس "أنتم تشتو ثورة" وكأن الظلم والقهر واللاحرية واللاكرامة واللاوطن كان من نصيبنا فقط!.
حتى رغم هذا التفكير الطويل مازلت لم أصل إلى داري، ومازالت الأجواء من حولي تشعرني بأني في مثلث برمودا ولكن الاختلاف الوحيد أنني على اليابسة وبين الفينة والأخرى أجد نقطة تفتيش لعساكر النظام ويسألوني بهمس "إلى أين" فأجيبهم بأني أعيش بالداخل فينهالون عليّ بالتفتيش وينصحوني أخيراً بعدم إصدار أي صوت وإطفاء هاتفي الخلوي وخلع قبعتي وأي شيء يُصدر أو يعكس ضوءاً، وأن أمشي سريعا وعلى الرصيف أيضا!. وعلى الرغم بأني أدرك أن هذه النصائح هي لإخافتي لا أكثر لكني لا أخفيكم بأن توتري تكاثر كالبكتيريا..
دقائق أو ساعات – لا أدري بالضبط – حتى سمعت أصوات أغان وضجيج مدوٍ للغاية.. ابتسمت أخيرا وانتبهت لساعتي التي تشير إلى التاسعة، وبدأتُ أشعر أني لست وحدي وبأني اقتربت كثيرا من منزلي.. تسارعت خطواتي وبدأتُ أركض باتجاه بيتي.. استوقفني عساكر مجدداً ولكن لا يهم، فتشوني سريعا أو طويلا لا أتذكر بالضبط.. كل ما أتذكره بأن أنفاسي كانت محبوسة وآن لها أن تطلق، حينها وجدتني أجمع قواي وأخبرني أني في أمان فقد وصلت إلى داري..
أخيرا أنا الآن بين أحضان ساحة التغيير؛ المكان الوحيد في صنعاء برمتها المليء بالأمان.. ضحكتُ كثيراً وصرختُ عاليا "الشعب يريد إسقاط النظام" شعرت بالإحراج لكوني أصرخ وحيدا؛ فأطرقت وجهي نحو الأسفل لأفاجئ بأن ظلي اللعين عاد يلاحقني؛ فهو الآخر شَعر بالأمان في هذا المكان..