الرئيس ينتخب المعارضة للسلطة؟
بقلم/ جمال محمد الدويري
نشر منذ: 13 سنة و 3 أشهر و 6 أيام
الخميس 25 أغسطس-آب 2011 12:48 ص

لماذا الرئيس يرشح المعارضة للسلطة هل هو حقدا عليها أم حبا لها؟ وهل المعارضة لها أهلية الاستحقاق للسلطة وقادرة على تحمل المسئولية وإدارة الدولة وتحقيق الوحدة والأمن والاستقرار؟ وكيف يكون ذلك؟

أسلفنا فيما سبق اختلاف المتغيرات الاقليمية والدولية والتركيبات الحزبية والاجتماعية والسياسية والنفسية والشعبية للجماهيرية الليبية والجمهورية اليمنية واظهرنا فيها الاشكاليات المعيقة لمسيرة الثورتين ونجاحهما، وأبرزنا أهمية الجانب العقائدي واشكالية التوفيق العام للعقيدة الجمعية في قضية اسقاط النظام السياسي الذي هو مطلب الغالبية من الشعب اليمني المطحون. وابرزنا من قبل القرارات الثورية للمجلس الانتقالي واللقاء المشترك والمسيرات التى اظهرت للعالم تحركات الشباب اليمني من مختلف الاطياف للمدافعة عن حقوقه.

والفرق بين الثورة اليمنية والثورة الليبية يذكرني بالسمكة والدجاجة، فالدجاجة تكثر من الزفة للبيضة الواحدة بينما نجد السمكة تخرج آلاف البيض بصمت وهدوء، والحكمة من ذلك ان نكون كالسمكة.. دعونا نعمل والانجازات هي التى ستتحدث عنا لا كما نتحدث عن أنفسنا.

وقد سبق الحديث عن ازمة القيادة الثورية وفشلها في المفاوضات ورغبتها في السلمية التي قد تسمى ثورة وتتناقض السلمية بالثورة مطلقا فالثورة في عرف التاريخ تحركات صفوية بقوى مادية تنال رضا الغالبية الشعبية وقد تحرك من الشعب المصري للثورة 3% وفي تونس 5% بينما تحرك في الشعب الليبي بقيادة ثورية بما نسبته أقل من 1% وتتميز هذه التحركات بإرادة شعبية والمتميز في الشعب اليمني انه خرج الى ساحات الاعتصام بما يقارب 50% متحديا ارادة الحاكم في البقاء نتيجة للتراكمات النفسية والاقتصادية من الاستبداد السياسي والاجتماعي ، فالثورة اليمنية هي ثورة المستضعفين في الارض ولم تخرج بتعبئة حزبية كما يروج لها النظام السياسي وانما خرجت تشتكي ظلامتها الى الله مستلهمة الثورة التونسية طريقا والمصرية نهجا متناسية المتغيرات والتركيبات والتعقيدات الدولية والاقليمية والمحلية مما حدا بها ان تسير بركب الثورات متناسية السنة الكونية ومغالبة القدر بقدر مثله والفرار من قدر الله الى قدر الله بالعمل والاجتهاد، فقالو سليمة وسلموا شبابهم الى الموت بمظاهرات عدة كنا نخرج حينها الى مسالخ النظام وفي قلوبنا لو ان لنا قوة او نأوي الى ركن شديد، وقدمنا مقترحاتنا في انتهاج الطريقة الليبية الى قيادتنا الثورية من الشباب والقينا محاضراتنا كي نؤسس الوعي الجمعي ولم نجد منهم الا انهم يعاودوا بنا مرة اخرى لنخرج في مظاهرات الموت مرات عديدة.

لعل الورع الشديد لاحزاب اللقاء المشترك وخطباء الثورة هو الذي منعنا من الدفاع عن انفسنا مع انهم يعلمون ان على صالح ظالم غاشم مع ان الخروج الى المظاهرات هلكة لانفسنا وهذه الفتوى تخالف راي العلماء الذين يرون الاحجام عن الحاكم الظالم واستبداله بالقوة المادية والدفاع عن النفس.

الشعب المصري تقدم بسلميته وتحركت فيه النخوة الانسانية وتنازل مبارك لانه يعلم بوعيه ان الشعب المصري لن يتراجع عن ثورته ولن يعود من الميدان فتنازل عن حكمه ، الشعب التونسي عندما خرج علم رئيسه ان القدر الشعبي يلاحقه وان بقاءه في تونس سيوبقه فرحل بنفسه ، القذافي اعلن التحدي وقرر استبدال الشعب بشعب جديد فاصبح مطاردا مطلوبا بما قدمت يداه، البحرين استخدمت قوات ردع الجزيرة واحتمت بمجلس التعاون لإخماد المطالب الشعبية وهي نار تتوقد ستعود قريبا بنار التحدي والابتعاث لأنها ارادة الغالبية الشعبية ، علي صالح وجد له شعب كريم سخي جواد تركه يتمادى في غيه ونهبه وسامحه في عرضه ودمه ، فما هي النتيجة...؟

اليوم رجوع الناس صعبا الى بيوتهم والاصعب منهم ان تخمد الثورة وفي كلا الامرين يحتاج الامر الى صبر وعزم وحزم فبينما تتحلى الثورة بالصبر والعزم تفتقد الى الحزم وبينما تهدد تحتاج الى تنفيذ وهو خيارها الأوحد و والأقل تكلفة والتاريخ يؤكد ان تنبؤ العنسي وابن مكشوح المرادي لم تخمد بالسلمية كما أن قضية صعدة لم تخمد بالمفاوضات وهو نهج الجنوب في الحركات المسلحة ضد النظام وان الدويلات اليمنية الايوبية والزريعية والزيدية والزيادية والرسولية و النجاحية... الخ لم تكن نتيجة ارهاصات سلمية . فما هو الحل؟

المشكلة هي البداية في كل شيء وعندما كنت في احدى السفارات الاجنبية لإحدى الدول العظمى قالوا : ان قرارات الثورة اليمنية تعاني من ازمة التنفيذ لما قالوه حتى فقدت مصداقيتها محليا ودوليا واقليميا.

ولعل اخواننا في الثورة لهم تبريراتهم المنطقة ومع انها ايضا ليست منطقية فيجب عليهم التصعيد المادي في كل مكان ووضع الخطط المسبقة لاحتمالات الرجوع و والرحيل من الكلام الى مرحلة الصمت و ترك الانجازات تتحدث عن نفسها محليا ودوليا واقليميا.

فالمواجهات البرية بين الشعب المسلح ونظامه سيكون لصالح الشعب كما ان التخطيط لأسقاط الضربات الجوية هو الاساس الاول لبداية الثورة وان طلعات الناتو لن تكون في اليمن لأسباب وظروف تعلمها المعارضة ويجب معرفة الضوء الاخضر لبداية الانطلاق من جهاته المعلومة بخططها المرسومة.

الرئيس بتحديه للثورة يدعوا المعارضة لتولي السلطة لكن في ميدان القتال ويسعى الى تطبيق نظرية دارون وهي النظرية القائمة بين الشعب والسلطة في الوطن العربي خلال العقود الماضية غير ان نظرية المستضعفين اذا اكتملت مقولاتها واركانها ستكون هي الحاسمة والغالبة ﴿وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ﴾.